-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سيناء وأموالٌ عربية بدل القدس!

حسين لقرع
  • 536
  • 0
سيناء وأموالٌ عربية بدل القدس!
أرشيف

قبل أسابيع قليلة من كشف الإدارة الأمريكية لـ”صفقة القرن” التي طالما روّجت لها كحلّ سحري للقضية الفلسطينية، قامت هذه الإدارة بتسريب أهمّ بنودها كبالون اختبار لقياس ردود الأفعال الفلسطينية والعربية، وهي بنودٌ تصبّ كلها في صالح الاحتلال.

تنصّ الصفقة على قيام “دولةٍ فلسطينية” في غزة ومعظم أراضي الضفة على أن تبقى مستوطناتُها، الكبيرة منها والمعزولة، خاضعة لسلطة الاحتلال، كما أن مدينة القدس لن تُقسَّم ويُرحَّل الفلسطينيون منها إلى “الدولة الفلسطينية” لتكون “أورشليم” خالصة لليهود، ولا يجوز أن تملك هذه “الدولة” جيشا مسلحا، باستثناء سلاح الشرطة الخفيف، وتُجرّد فصائلُ المقاومة في غزة من سلاحها، حتى المسدسات الشخصية لقادة حماس، مقابل مرتَّباتٍ يتلقونها من الدول العربية، كما تُسقِط الصفقة حق 6 ملايين فلسطيني في العودة ولا تذكرهم تماماً!

أكثر من ذلك، تتخلى مصر عن أراض في سيناء للفلسطينيين لإقامة مطار ومشاريع صناعية وتجارية وزراعية، وثمن هذه الأراضي تدفعها الدولُ “المؤيّدة” للاتفاق، وهي دول الخليج المنتِجة للنفط والولايات المتحدة وأوربا، ويُرصَد مبلغ 30 مليار دولار لإقامة مشاريع في المنطقة تدفع منها دولُ الخليج 70 بالمائة؛ أي أن تمويل “شراء” الأراضي من مصر للتعويض عن ضياع القدس وكذا إقامة مشاريع عليها سيقع على عاتق العرب أكثر من غيرهم، لينطبق عليهم المثلُ الجزائري الشهير “من لحيتو بخّرلو”!.

وإذا رفضت السلطة الفلسطينية هذه “الصفقة”، فستقوم الولايات المتحدة بإلغاء دعمها المالي للفلسطينيين، وتضمن عدم قيام أيّ دولة في العالم بتحويل الأموال إليهم، وإذا رفضتها حماس والجهاد، فستدعم الولايات المتحدة اغتيال قادتهم بحجة أنه “من غير المعقول أن تحدد مجموعة من عشرات الأشخاص حياة ملايين الأشخاص”!

هذه أهمّ بنود “صفقة القرن” الأمريكية، ويمكن لأيِّ متتبّع أن يُدرك بسهولة مدى الانحياز الأمريكي الصارخ لربيبته الصهيونية، ومدى حيف الذين صاغوها وظلمهم وجبروتهم وعجرفتهم، وكأنّ من كتبها هو نتنياهو نفسه وليس ترامب وكبار مساعديه المتصهْينين.

الوثيقة الأمريكية تُعبّر عن قمّة الاحتقار للفلسطينيين، فهي تجرّدهم من كل شيء، وتمنحهم “دولة” هزيلة بلا جيش مليئة بالمستوطنات، وتُحوّلهم إلى شعبٍ عاجز يعتاش من صدقات الآخرين، وتحاول فرضَ “سلام” ذليل عليهم، وإذا لم يقبلوا الاستسلام حاصرتهم الولاياتُ المتحدة وجوّعتهم وضمنت أن لا تصل أيّ مساعدات عربية إليهم؛ أي أنها ستنقل إليهم تجربة “صفر تصدير للبترول” المتعقلة بإيران، فتتحوّل إلى “صفر مساعدة مالية”عربية ودولية لإخضاعهم تحت وطأة الجوع والحاجة.

في سنة 1901، عرض اليهود بقيادة هرتزل على السلطان العثماني عبد الحميد الثاني أن يبيعَ فلسطين لهم بمبالغ كبيرة، فأجابهم “لن أتخلّى عن شبر واحد من الأرض، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية التي جاهدت في سبيلها وروتها بدمائها…”، ودفع سلطانَه ثمنا لذلك في 1909. أما الآن، فالصهاينة لا يعرضون دفع دولار واحد مقابل القدس بل يأخذونها بالقوة ويهوِّدونها، ثم يوعز ترامب إلى حلفائه العرب بشراء أراض من سيناء المصرية ومنحِها للفلسطينيين تعويضاً لهم عن القدس، ولا يجد بينهم من يتصدّى له ويقول له إن هذه الأراضي المقدّسة ليست ملكا لهم بل هي ملكٌ للمسلمين جميعاً، وفي مقدّمتهم الفلسطينيون الذين رووها بدمائهم ولا يزالون يقدّمون التضحيات الجسيمة لتحريرها. هل رأيتم أيّ درجةٍ من الهوان وصل إليها العرب؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!