-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أمين سر اللجنة المركزية جبريل الرجوب لـ"الشروق":

فتح أخطأت… وهذه رؤيتنا لما بعد الحرب على غزة

فتح أخطأت… وهذه رؤيتنا لما بعد الحرب على غزة
ح.م
أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" الفريق جبريل الرجوب

يستعرض أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح” الفريق جبريل الرجوب، وضع القضية الفلسطينية في ظل حرب الإبادة الصهيونية على غزة والجزء الثاني من الوطن –الضفة الغربية- ويؤكد أن عملية السابع أكتوبر –طوفان الأقصى- هي رد فعل طبيعي على ممارسات الاحتلال الفاشي.
ويقول المسؤول الفلسطيني الكبير إن “طوفان الأقصى” قدم حركة حماس كجزء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني ببعد إسلامي وبعيدة عن قرارات حركة الإخوان المسلمين. ويتحدث الرجوب عن الأخطاء التي وقعت فيها “فتح” ونظرتها لليوم التالي للحرب.

14 شهرا من حرب إبادة في غزة، آلاف الشهداء والمصابين، وتحويل القطاع لبقعة غير صالحة للعيش، كيف تتابعون في “فتح” ما يحدث؟
منذ اليوم الأول لتشكيل حكومة الاحتلال عملت باتجاهين، الأول باتجاه تصفية القضية الفلسطينية كقضية سياسية والثاني بهدف تعزيز مكانة إسرائيل كقوة إقليمية، ولكن جاء السابع من أكتوبر وأدى إلى تحطيم الهدفين، وجدد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وأفشل أي محاولة لدمج إسرائيل في الإقليم أو التطبيع معها دون إيجاد حل للقضية الفلسطينية.

هنالك علامة استفهام كبرى عن دور السلطة بشكل عام، في وقف هذه الحرب؟
منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر كان موقف حركة فتح أن ما حدث هو جزء من الحرب الدفاعية التي يخوضها أبناء شعبنا ضد الظلم الواقع علينا من قبل الاحتلال منذ 1948 وحتى اليوم، وكان لدينا في اللجنة المركزية لحركة فتح عدة قرارات تتمثل أولا أن الأولوية هي لوقف إطلاق النار والعدوان، والإغاثة ثانيا، ومنع التهجير ثالثا، وخلق فرصة من هذه المأساة لإنهاء معاناة أبناء شعبنا وإقامة الدولة الفلسطينية والذي لن يتحقق إلا بإنهاء الانقسام.
وفي هذا السياق، تعمل القيادة الفلسطينية مع كافة الدول الصديقة والشقيقة وفي كافة المحافل الدولية للوصول إلى وقف عاجل لإطلاق النار وإنهاء هذا العدوان الأحادي الجانب على أبناء شعبنا.

ماذا عن مواجهة وإجهاض مخططات إسرائيل لتفريغ شمال القطاع من سكانه أو إعادة احتلاله؟
كما أسلفت من ضمن القرارات التي اتخذتها اللجنة المركزية هي منع الهجرة والتهجير، وبالتالي كان موقفنا هو مقاومة التهجير، والعمل على تعزيز صمود أبناء شعبنا في قطاع غزة رغم حرب الإبادة من خلال العمل مع كافة الجهات لتوفير المساعدات والإغاثة.
وفي هذا الإطار، نتوجه بالشكر لكافة الدول التي ساهمت في توفير المساعدات لأبناء شعبنا في القطاع وعلى رأسها الجزائر، كما نشكر مصر برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي كان لها موقف حازم ورافض للتهجير.

ما التصور الذي تقدمونه حول ما يسمى “اليوم التالي” للحرب؟
يجب أن يتم البناء على تداعيات العدوان المتواصل على أبناء شعبنا وآخره السابع من أكتوبر والتركيز على أن مسؤوليتنا الوطنية هي تحقيق الوحدة الوطنية كونها هي الضامن والحامي للقضية بالارتكاز على النأي بقضيتنا بعيدا عن التجاذبات والأجندات الإقليمية، إضافة للحفاظ على أحد عناصر قوتنا الثابتة وهو العامل الديمغرافي وتعزيز صمود شعبنا، إضافة، والعمل على بناء جسور تواصل مع المجتمع الدولي للحفاظ على حيوية القضية كقضية دولة واستقلال.
وبناء على هذه الأمور يجب قبل نهاية الحرب أن يتم تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وأن يكون في اليوم التالي للحرب إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على كافة الأراضي المحتلة عام 1967 والقدس الشرقية عاصمتها وفقا لقرارات الشرعية الدولية، مع ضمان التواصل الجغرافي بين كافة أراضي الدولة الفلسطينية، لديها قيادة واحدة يتم اختيارها عبر انتخابات حرة ونزيهة، وفيها قانون واحد وجاهز أمني واحد وجهاز خدماتي واحد في كافة المناطق.

كان هنالك بعض التحفظ حيال بعض التصريحات الصادرة عن مسؤولين في السلطة، تُحمل “حماس” مسؤولية حرب الإبادة ولا تربطها بواقع الاحتلال الإسرائيلي والذي تعانيه حتى الضفة الغربية؟
من يتحمل مسؤولية هذه الحرب هو الاحتلال، والسابع من أكتوبر هو رد فعل طبيعي على ممارسات الاحتلال الفاشي الذي يقتل ويدمر ويصادر الأراضي ويتوسع استيطانيا ويعمل على تهويد القدس، وما حدث في السابع من أكتوبر قدم حركة حماس كجزء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني ببعد إسلامي وبعيدة عن قرارات حركة الإخوان المسلمين.
ونحن كفتحاويين، لا يمكن، ولا نقبل أن نعمل على نتائج موازين قوى يمليها العدوان الإسرائيلي والحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وهي حرب على الشعب وليست على حماس.
ومن هنا قناعتنا في حركة فتح أن صندوق الاقتراع هو الممر للناس لمحاكمتنا، ونحن نترك للتاريخ أن يحكم ما هو صحيح أو خاطئ، ونترك للشعب الفلسطيني أن يقرر من خلال صندوق الاقتراع، أما استباق الأمور فمن شأنه أن يكرّس الانقسام وأن يسمم الأجواء، فلماذا نعمل على النتائج؟ ونحن نؤمن بأن من يتحمل مسؤولية 7 أكتوبر هم الإسرائيليون وسياساتهم وهذه هي قناعاتنا وتفكيرنا في حركة فتح.

ما الذي عطل المضي نحو انتخابات فلسطينية؟
السبب الرئيسي كان السياسات الإسرائيلية التي لها علاقة بالاستيطان، بفرض حقائق، وبأسرلة الأراضي الفلسطينية في محاولة لنفي فلسطين أرضا وشعبا وتاريخا ومقدسات من الخارطة السياسية، والمدعومة من بعض الأطراف وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، إضافة حالة الشلل العربي.
الموضوع الآخر هو موضوع الانقسام الفلسطيني الذي يساعد على خلق بيئة تتلاعب بالأولويات عند الفلسطينيين، ورأيي الشخصي وقناعتي أن قرار تأجيل الانتخابات عام 2021 كان خطأً استراتيجيا.

الداخل الفلسطيني وحتى في ظل حرب الإبادة، يتسم بالفرقة، ورغم عدة لقاءات تمت ومن ذلك لقاء الجزائر في نوفمبر 2022، وبعدها بكين والقاهرة، لا يزال المشهد على حاله، ما الذي يعيق تحقيق المصالحة الوطنية؟
الوحدة الوطنية الفلسطينية كانت دائما هي الحامي لشعبنا، بعيدا عن التجاذبات والأجندات الإقليمية، فلم تكن فلسطين يوما مع محور ضد محور آخر في هذا الإقليم، وحدة وطنية ترتكز على وحدة الأراضي الفلسطينية، ووحدة القيادة الفلسطينية، ووحدة القرار الفلسطيني، ووحدة الهدف الفلسطيني.
وإنهاء الانقسام لا يعتمد على حسن النوايا ولا على النصوص، هناك عوامل أخرى، هل نحن نتحدث عن القضية نفسها والمشكلة نفسها؟ هل كلانا قادر على تجاوز الترسبات السياسية، الأيديولوجية، الاجتماعية الموجودة؟ هل كلانا مستعد أن يتعاون، منطقيا نحن كقوتين أساسيتين، ولضبط أي إيقاع داخلي وتحقيق الالتزام الداخلي بالرؤى الإستراتيجية التي يمكن أن نتوافق عليها، ولكن العنصر الأهم، هل نحن قادرون على أن نواجه مصالح سياسية، أمنية، اقتصادية لأطراف إقليمية، وعلى رأسها إسرائيل وكافة الدول التي لا تريد أن يتم إقامة دولة فلسطينية؟
ويجب أن تكون هناك في هذه المرحلة خارطة طريق تبدأ بحوار فتحاوي حمساوي يحقق ثلاث مقاربات رئيسية:
– مقاربة سياسية لها علاقة بمرجعية قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة لحل الصراع الذي يقود إلى دولة فلسطينية على حدود 67، وحل قضية اللاجئين حسب قرار 194، وأن تكون القدس عاصمة هذه الدولة. وهذا توافق ممكن بين فتح وحماس في هذه المرحلة.
– مقاربة نضالية يكون فيها توافق وطني على مفهوم الصدام مع الاحتلال، على أن يكون الصدام خيارا استراتيجيا للجميع. فقرارات الأمم المتحدة تجيز النضال بكل أشكاله، ولكن يجب أن نقرر بالإجماع شكل هذا النضال.
وفي هذه المرحلة ولأسباب عدة نرى أن المقاومة الشعبية الشاملة التي تشتمل على بُعد جغرافي وبُعد اجتماعي وبُعد سياسي، وتكون المؤسسات الدولية جزءا منها، ممكن أن تكون ناجحة.

– مقاربة تنظيمية لها علاقة بتنظيم الوضع الفلسطيني الداخلي في منظمة التحرير الفلسطينية التي تعد مظلة يجب أن يدخلها الجميع، ولكن الدخول للمنظمة يجب أن يكون للحفاظ عليها ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني، والقبول بالالتزامات التي قدمتها على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، دون أن تخضع لأي نقاش.
وفي حال تحقيق هذه المقاربات سيكون هناك مجال للتوافق بعيدا عن أي أجندات أو إملاءات لأيٍّ كان. ومن هنا يتم تشكيل حكومة تكون هي المفتاح الأساسي لوحدة الأراضي الفلسطينية، ووقف العدوان الإسرائيلي الأحادي الجانب في شرق القدس، وغزة، والضفة الغربية، وبنفس الوقت توفير أفق سياسي، و”خطة مارشال” لإعادة إعمار غزة.
في حال نجح هذا التوافق بين حركتي فتح وحماس، يجب الاتفاق مع حماس على أربعة عناصر، تبدأ بمهمة الحكومة التي يجب أن تعمل على إنجاز وحدة الأراضي والمؤسسات، والخدمات والرعاية لكل أبناء الوطن بمعايير واحدة، ثم السقف الزمني للحكومة، ثم مرجعية الحكومة، وأخيرا المعايير التي بموجبها يتم اختيار الوزراء. من هنا يبدأ الحوار الوطني الشامل، الذي أعتقد أن من أجل إنجاحه يجب أن يكون في جمهورية مصر العربية، وأن يحظى بتأييد كل الدول العربية، وعلى العالم تشجيعنا من أجل الوصول إلى هذا التوافق”
والحوار يجب أن يحقق أربعة عناصر أساسية هي: وحدة مفهوم حول مشروع الدولة، وقرارات الأمم المتحدة، إضافة إلى وحدة مفهوم لشكل المقاومة في المرحلة المقبلة، ووحدة مفهوم لشكل الدولة التي نريد إقامتها، ووحدة مفهوم حول آليات بناء الشراكة في النظام السياسي الفلسطيني من خلال صندوق الاقتراع.

في داخل الحركة تحدثت عن مرحلة مخاض، وصياغة تجري للمشهد السياسي، ماذا تقصد بهذا؟
نحن في مرحلة حرجة من تاريخ قضيتنا، ونحن الآن في مرحلة مخاض؛ إما أن نصلح داخليا بإرادتنا، أو يفرض علينا من الخارج، لذلك يجب حماية إرادتنا الفلسطينية من احتلالها من قبل التدخلات الإقليمية والدولية.
ومن هنا نؤمن أن النظام السياسي الفلسطيني، ورغم كل ملاحظاتنا عليه، فإننا يجب أن نعتبره إنجازا نسعى للحفاظ عليه، ونعمل على إصلاحه من خلال ممارسات ديمقراطية وأخلاقية وقيمية لها علاقة بإرثنا ومصلحتنا.
ومن هنا نؤكد على ضرورة الدعوة لعقد جلسة طارئة للمجلس الوطني، وقبل ذلك يجب أن يكون هناك حوار بين فصائل منظمة التحرير والمجتمع المدني لبناء توافق سياسي تنظيمي، وحوار ثنائي بين فتح وحماس لبناء توافق سياسي تنظيمي، وعلى الجميع أن يرحب بذلك.
والتوافق على مخرجات المجلس الوطني يؤسس للبرنامج السياسي، وشكل مفهوم الصدام مع الاحتلال، وشكل الدولة ذات الطابع الديمقراطي والتعددي ووحدة الشراكة من خلال صندوق الاقتراع. وهذا يشكل بداية لحوار وطني شامل يترتب عليه إعادة تشكيل مجلس وطني توحيدي يشارك فيه الجميع.
وأشير إلى أن المسار الآخر هو مساعي نتنياهو إلى تفكيك القضية وتكريس الانقسام، وواضح أن هناك أطرافا إقليمية إما عاجزة أو شريكة في ذلك، بالتالي يجب أن ترتكز استراتيجيتنا في المرحلة القادمة على ثلاثة أهداف، أولا وقف كل أشكال العدوان الإسرائيلي في غزة والضفة وضد الأسرى، وثانيا توفير إمكانيات إعادة الإعمار، وثالثا إعادة الأمل للشعب الفلسطيني، وهذه يجب أن نحملها للمجتمع الدولي لكنها بحاجة لقرار وطني.
ورؤيتنا لما سبق يجب أن ترتكز على ثلاثة مبادئ، وهي وحدة الأراضي، ووحدة النظام السياسي، ووحدة الخدمات الأساسية. ويجب أن تكون خيارات استراتيجية لنا جميعا.

هل من الضروري القيام بمراجعة داخلية للحركة؟
نحن في فتح في حالة مراجعة داخلية، وأكثر ما نعتز ونعتد به في حركة فتح هو تمتعها بدرجة عالية من الفهم الديمقراطي، وإشاعة الحياة الديمقراطية، وأنها تعتبر الديمقراطية هي الطريق للحكم، وهي الطريق للحسم، وللتباينات، وللتناقضات، وللتجاذبات في ساحتنا الوطنية.
وهذا كان ممكنا أن يكون على جدول أعمال المؤتمر الثامن لحركة فتح، الذي كان يجب أن يُعقد في شهر ديسمبر الماضي، ولكن لأسباب لها علاقة بالعدوان على غزة، تم إرجاؤه، ونحن نؤمن أن فتح ما زالت كفكرة بالمفهوم الوطني، وبعقيدتها الوطنية، وممارساتها، وإرثها، هي الأقدر على التعبير عن طموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني.

تقديرك ما هي الأخطاء التي وقعت فيها “فتح” ووجب إعادة النظر فيها؟
أحد الأخطاء التي ارتكبتها الحركة هي انخراطها بالسلطة وعدم الحفاظ على موقعها بأن تكون على يسار السلطة الوطنية الفلسطينية، ودفعنا فاتورة عدم تمايزنا عن السلطة، والخطأ الثاني كان بالسماح للسلطة بالتغول على المنظمة والاستحواذ على قرارها ودورها، والخطأ الثالث كان بالسماح باستمرار النظام البطريركي في الحكم، بحيث يكون أكثر من منصب بيد شخص واحد، هذا النظام الذي كان صالحا في عهد الشهيد ياسر عرفات وبعد استشهاده كان يجب التغيير، وأخيرا عدم الحفاظ على الوظيفة العمومية خارج التجاذبات الفصائلية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!