-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أبدعوا بمشاريع لخدمة الأمن الصحي والغذائي

قصص نجاح ملهمة.. هؤلاء هم المتوّجون بجائزة “الباحث المبتكر”

إلهام بوثلجي
  • 1837
  • 0
قصص نجاح ملهمة.. هؤلاء هم المتوّجون بجائزة “الباحث المبتكر”

أثبت الباحثون الجزائريون، أن النجاح يمكن أن يولد في بيئة جزائرية، وسط مخابر وحاضنات مؤسسات التعليم العالي الجزائرية، وأن الإبداع والتميّز لا يحتاجان إلا إلى الدعم والإيمان بمقدراتهم، وهو ما تحقق من خلال التحفيزات والعناية التي أولاها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، لقطاع البحث العلمي والتعليم العالي.
شهد قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، خلال السنوات الأخيرة، حركية متسارعة من حيث الإصلاحات والإمكانات المسخّرة من أعلى هرم في الدولة، لجعل الجامعة قاطرة للتنمية والاقتصاد الوطني، ولأن المستحيل ليس جزائريا، فالنتائج المحققة في هذا المجال تثبت أن ما كان بالأمس حلما صعب المنال، أصبح اليوم واقعا معاشا، تترجمه الأرقام المعلن عنها، سواء في مجال إنشاء المؤسسات الناشئة أو المؤسسات المصغرة، أو حتى براءات الاختراع المسجلة.
وفي هذا السياق، جعل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قطاع البحث العلمي أولوية الأولويات في برامج الحكومة، من خلال دعم إنشاء المدارس العليا في التخصّصات الحيوية والأكثر أهمية عالميا، على غرار الرياضيات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وتكنولوجيا النانو، فضلا عن تشجيعه للبحث العلمي في مجالات البحث ذات الأولوية، وصولا إلى تكريسه لمبدأ المنافسة بين الباحثين وتشجيع البحث العلمي والابتكار، من خلال إقرار “جائزة الباحث المبتكر لرئيس الجمهورية”، التي تمنح للباحثين المتميّزين الذين يقدّمون مساهمات علمية أو تكنولوجية ذات أثر إيجابي على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

الذكاء الاصطناعي لتشخيص واكتشاف السرطان
وبالموازاة مع هذا التوجّه، وجد الشباب الجزائري الطموح طريقه للإبداع، فكانت النتيجة بقدر الحلم والتفوّق، وقصة الشاب إلياس بن سالم أحمد نموذج لذلك. كيف لا، وهو الشاب الطموح ذو الأربعة والعشرين ربيعا، الذي افتك المرتبة الثانية في الطبعة الأولى لـ”جائزة رئيس الجمهورية للباحث المبتكر”، باختراعه جهازا لاكتشاف وتشخيص السرطان بالذكاء الاصطناعي، إذ استطاع أن يحقق حلما راوده منذ الصغر، بعد التحاقه بالمدرسة العليا للإعلام الآلي بسيدي بلعباس، حيث درس تخصّص الذكاء الاصطناعي، وهو اليوم بصدد التحضير لتخرجه. وقد سبق أن كرّمه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، العام الماضي لإنجازه طائرة مسيّرة، ليتوّج من جديد في “جائزة الباحث المبتكر” لاختراعه جهاز تشخيص وعلاج السرطان.
وقال إلياس في حديثه لـ”الشروق” عن هذا الإنجاز، إن الفكرة تولّدت لديه من خلال احتكاكه بزملاء في مجال الطب، ولاحظ النقائص المسجلة في مجال التشخيص، ما دفعه إلى التفكير في إيجاد حلول علمية مبتكرة لداء السرطان باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. والمشروع عبارة عن عمل تخرّج، تحت تأطير البروفيسور رحمون عبد اللطيف من المدرسة العليا للإعلام الآلي بسيدي بلعباس، والبروفيسور مليكة بودريس من جامعة “هارفارد” بالولايات المتحدة الأمريكية.
وشرح المتحدث، أن الجهاز الذي ابتكره يحتوي على ثلاثة أنظمة: الأول مدرّب على التقاط الصور المجهرية للخلايا السرطانية، والثاني مدرّب على جهاز الرنين المغناطيسي، أما الثالث، فيحوي قاعدة بيانات معرفية طبية للتشخيص. وأشار إلى أن هذا الجهاز سيقلّل من زمن انتظار النتائج المختبرية، وسيساعد الجراحين خلال العمليات الجراحية لنزع الورم بدقة، كما من شأنه تقديم تقرير مفصّل عن حالة المريض واقتراحات بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي. وذكر أن هذا الجهاز خضع للتجريب في انتظار تسويقه، ووجّه إلياس رسالة للباحثين والطلبة قائلا: “عليكم أن تؤمنوا بأفكاركم، والكفّ عن التفكير في السفر للخارج أو البحث عن وظيفة”.

أنظمة متطوّرة لدعم الفلاحة الصحراوية
وغير بعيد عن إلياس، قصة نجاح أخرى جسّدها الباحث بمركز البحث العلمي والتقني حول المناطق القاحلة ببسكرة، الأستاذ خمري زين الدين، الذي نال وبجدارة واستحقاق الجائزة الثانية لمسابقة رئيس الجمهورية لـ”الباحث المبتكر 2025″، من خلال اختراعه مشروعا مبتكرا في المجال الفلاحي، وهو عبارة عن مجموعة من الأنظمة المتطوّرة بالذكاء الاصطناعي للمساهمة في الري والتسميد ومعالجة النباتات.
وشرح الأستاذ خمري لـ”الشروق”، أن فكرة هذا النظام المبتكر انطلقت منذ سنة 2018 مع مجموعة من الباحثين، لدراسة الإشكاليات التي تعرقل المستثمرين الفلاحين، وإيجاد حلول لها. وقد تبلورت بعد عدة خرجات ميدانية، من خلال إنجاز أنظمة الري الذكي للمساهمة في الاستدامة الفلاحية. “وتحصلنا سنة 2020 -يقول الباحث- على جائزة أحسن نظام مبتكر في اقتصاد المياه، وبعد تطويره، نلنا أيضا جائزة أحسن مشروع مبتكر في الأمن الغذائي في الفلاحة الصحراوية، لنتوّج من جديد بعد تطويره ضمن مجموعة أنظمة متكاملة ذكية بـ”جائزة رئيس الجمهورية للباحث المبتكر”.
وقال الأستاذ خمري، إن هذا النظام المبتكر طبّق في مستثمرة فلاحية في صحراء ولاية ورقلة على مساحة 30 هكتارا، “واستطعنا من خلاله اقتصاد نسبة 47 بالمئة من المياه، وخفض تكاليف الإنتاج إلى 50 بالمئة، فضلا عن تحسين نوعية التربة وخصوبتها، حيث أعطت مردودا بـ80 قنطارا في الهكتار”، وتحصل الجهاز -يضيف- على ثلاث براءات اختراع.
وأكد المتحدث، أن النظام حاليا في السوق جاهز لمساعدة جميع المتعاملين الاقتصاديين في المجال الفلاحي، حيث تم إنشاء مؤسسة اقتصادية فرعية تابعة للمشروع، عقدت عدة اتفاقيات مع شركات كبرى للاستثمار. وشكر الباحث خمري رئيس الجمهورية على دعمه المطلق للباحثين الجزائريين وتشجيعهم على الابتكار من خلال هذه المسابقة. ولفت إلى أن سياسة تشجيع البحث العلمي من شأنها أن تساهم في تطوير الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي، لاسيما أن سياسة الدول ومكانتها مرهونة بتحقيق الأمن الغذائي وإيجاد حلول له في ظل التغيّرات المناخية التي يمر بها العالم.

بعد 20 سنة في الغربة.. عودة لتطوير البحث
ومن جهة أخرى، كتب الباحث عمار عزيون قصة نجاحه الملهمة بأحرف من ذهب، حيث فضّل العودة إلى الجزائر سنة 2014 لخدمة بلده، بعد قضائه 20 سنة كباحث في مخابر أوروبية، ليقدّم خلاصة خبرته وتجربته كباحث في البيوتكنولوجيا من أجل تطوير البحث العلمي في الجزائر. وهو اليوم يشغل منصب مدير بحث في البيوتكنولوجيا بالمركز الوطني للبحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة.
وانطلقت مسيرة الباحث عمار من خلال التدريس بالمدرسة العليا للبيوتكنولوجيا، حيث أشرف على العديد من الطلبة في مرحلتي الماستر والدكتوراه، ليكرّس علمه وبحثه من أجل تطوير مشروع نقل وتطوير تكنولوجيات جديدة تعتمد على الرقاقات الحيوية من أجل تطبيقات طبية وبيوتكنولوجية.
وقال الباحث عمار، المتوّج بـ”جائزة رئيس الجمهورية للباحث المبتكر”، إن اختراعه عبارة عن مشروع لنقل وتطوير تكنولوجيات جديدة تعتمد على الرقاقات الحيوية من أجل تطبيقات طبية وبيوتكنولوجية، حيث يحاكي الوسط الطبيعي للنسيج الخلوي في جسم الإنسان. وأكد أنه اختار العمل في الجزائر بعد 20 سنة قضاها في أوروبا، وكان قد أنشأ مؤسستين ناشئتين رائدتين في السوق الأوروبية، مشيرا إلى أنه غادر الجزائر من أجل متابعة الدراسة، حيث اشتغل في مخابر عريقة مثل مخبر “ماري كوري”، إلا أنه لم يكن يحلم إلا بالعودة للعيش في الجزائر، قائلا: “أنا أؤمن بالجزائر وأتنفس الجزائر، ولا يمكن العيش بعيدا عنها، كما أنني أحمل اسم الشهيد عمي عمار عزيون، رحمه الله”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!