-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ماكرون يعترف بتعذيب المجاهدة بوباشا

“لجنة التاريخ المختلطة”… فرنسا في ورطة كشف الأسماء

محمد مسلم
  • 6296
  • 0
“لجنة التاريخ المختلطة”… فرنسا في ورطة كشف الأسماء
أرشيف
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون

واصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مساره الرامي إلى تهدئة “حرب الذاكرة” بالتقسيط مع الجزائر، بالإقرار بتعرض المجاهدة جميلة بوباشا للتعذيب من قبل الجنود الفرنسيين، فيما تحدث عن قرب تنصيب اللجنة المختلطة الجزائرية الفرنسية، المعنية بدراسة ملف الاستعمار الفرنسي في الجزائر، في الفترة الممتدة ما بين 1830 و1962، التي أعلن عن إنشائها في شهر أوت من السنة المنصرمة.
وجاء اعتراف ماكرون، الأربعاء، بباريس بمناسبة تكريم الناشطة والمحامية جيزيل حليمي التي رافعت لصالح المجاهدة جميلة بوباشا إبان الثورة التحريرية، حينما حكم عليها بالإعدام في سنة 1960 لنشاطها إلى جانب المجاهدين (وضع قنبلة في مقهى يرتاده الفرنسيون)، كما اعترف بمسؤولية الجنود الفرنسيين في تعذيبها.
ونجحت المحامية الفرنسية المكرمة، في الترويج لقضية جميلة بوباشا من خلال تسليط الضوء على أساليب التعذيب التي استعملها الجيش الفرنسي إبان الثورة الجزائرية، بشكل هز الرأي العام في فرنسا، الأمر الذي ساعد حليمي التي كانت خائفة من تصفية المجاهدة بوباشا في السجن بالجزائر، على نقلها إلى “سجن الصحة” في فرنسا لتأمين حياتها، قبل أن يتم الإفراج عنها قبل الاستقلال.
ويعتبر اعتراف ماكرون بتعذيب المجاهدة بوباشا من قبل جيش الاحتلال الفرنسي، ثالث خطوة على هذا الصعيد، بعد المبادرة الأولى التي خصت أستاذ الرياضيات بجامعة الجزائر، المناضل من أجل القضية الجزائرية، موريس أودان، الذي تمت تصفيته من قبل مظليي جيش الاحتلال، وكذا المبادرة الثانية التي تمثلت في اعتراف الرجل الأول في فرنسا بمسؤولية الجيش الفرنسي عن اغتيال محامي الثورة، علي بومنجل، بعدما أشاع جيش الاحتلال حينها خبر انتحاره داخل السجن، مثلما روج السردية ذاتها عن موريس أودان قبل ذلك.
وفي النشاط ذاته، أعلن الرئيس الفرنسي عن قرب تنصيب اللجنة المختلطة الجزائرية الفرنسية المكونة من المؤرخين والتي ستكون مسؤولة عن العمل على تاريخ الاستعمار في الجزائر من 1830 إلى 1962، وهي اللجنة التي أعلن عنها خلال زيارته إلى الجزائر في أوت 2022، وجاءت هذه اللجنة على أنقاض المهمة التي أوكلت إلى كل من مدير الأرشيف الوطني عبد المجيد شيخي، والمؤرخ الفرنسي بجامان ستورا، وهي المهمة التي انتهت إلى الفشل، كما هو معلوم، بسبب عدم تحمس الجانب الجزائري للمبادرة التي اقتصرت على سنوات الثورة التحريرية فقط (1954/ 1962).
واستغل الرئيس الفرنسي المناسبة ليدافع عن مشروعه المتعلق بالذاكرة، عندما قال إن “جيزيل حليمي حملت قضية استقلال الجزائر. يجب أن تأخذ الحرب الجزائرية الآن مكانها الكامل في ذاكرتنا هنا في فرنسا والجزائر”، وكان يشير إلى قرب “تنصيب اللجنة المختلطة الجزائرية الفرنسية المكونة من المؤرخين والتي ستكون مسؤولة عن العمل على تاريخ الاستعمار من 1830 إلى 1962”.
ولم يتم التوصل لاتفاق بين الطرفين لإنشاء لجنة مختلطة لبحث ملف الذاكرة، إلا بعد أن فرض الطرف الجزائري رؤيته بخصوص معالجة هذا الملف، فالفرنسيون حاولوا حصر الفترة في سنوات الثورة التحريرية الثماني فقط، وكان الهدف واضحا من وراء ذلك، وهو البحث عن مشاجب لتبرير باريس هروبها من تقديم الاعتذار للجزائر، من قبيل اتهام جيش التحرير بانتهاك حقوق “الحركى” والأقدام السوداء (المعمرين) غداة وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962، فيما أصر الرئيس عبد المجيد تبون، على ضرورة أن تشمل الفترة المعنية بالدراسة جميع سنوات الاحتلال الـ132 سنة، والتي شهدت تصفية ما يناهز السبعة ملايين جزائري، وفق الأرقام التي ساقها مؤرخون جزائريون.
وعلى الرغم من الإعلان عن إنشاء هذه اللجنة في الصائفة المنصرمة، إلا أنها لم يتم تنصيبها بعد، وفي الوقت الذي أعلن الجانب الجزائري عن تشكيلة لجنته والتي تضم كلا من المؤرخين محمد لحسن زغيدي ومحمد القورصو وعبد العزيز فيلالي وجمال يحياوي وإيدير حاشي في بيان رسمي، إلا أن الجانب الفرنسي لم يعلن بصفة رسمية عن أسماء لجنته، غير أن صحيفة “لوموند” التي باتت شبه ناطق رسمي باسم قصر الإيليزي في الأشهر الأخيرة، سربت أسماء اللجنة من الجانب الفرنسي، وهم كل من بنجامان ستورا بصفته رئيس، وترامور كيمينور ( Tramor Quemeneur) بصفته الأمين العام، وجاك فريمو (Jacques Frémeaux)، وفلورونس إيدوفيتس (Florence Hudowicz)، وجان جاك جوردي (Jean-Jacques Jordi).
ووفق مصادر “الشروق”، فإن الجانب الجزائري متحفظ على عودة بنجامان ستورا للعمل في اللجنة المختلطة، بالنظر لطبيعة التقرير الذي قدمه للرئاسة الفرنسية في جانفي 2021، لكونه لم يتضمن ما كان يتطلع إليه الجزائريون، فضلا عن ورود أسماء أخرى معروفة بعداوتها لكل ما هو جزائري، بحكم أن غالبية أعضاء هذه اللجنة هم من “الأقدام السوداء” أو أقاربهم، الأمر الذي من شأنه أن يلغم عمل اللجنة المختلطة، وهو السبب المرجح وراء تأخر تنصيبها رسميا، علما أن تقريرها النهائي سيقدم في غضون سنة، كما جاء في الإعلان عنها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!