-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
القانون لا يعترف بالأدلة الرقمية لفضح جريمة الزنا

متورطون في الخيانة بلا عقاب!

وهيبة. س
  • 1758
  • 0
متورطون في الخيانة بلا عقاب!
أرشيف

رغم التطور التكنولوجي ووسائط الرقمنة والكاميرات، لم يستطع الأزواج الذين يقعون ضحية خيانة من أحد الطرفين، أن يثبتوا ذلك أمام المحاكم.. عشرات الشكاوى المصحوبة غالبا بصور وفيديوهات أو رسائل نصية رقمية، ضد نساء اتهمن بـ”الخيانة الزوجية” أو العكس، لم يعتد بها، لأنها أدلة خارج إذن وكيل الجمهورية ومصالح التحقيق، كما أنها من الناحية الشرعية، لا تقف عند فعل الزنا وشهادة أربعة شهود!
ويؤكد الكثير من المحامين والحقوقيين، لـ”الشروق”، أن ظاهرة انتشار الخيانات الزوجية في المجتمع الجزائري لا تعكسها قضايا الجنح، ولكن تعريها، أقسام شؤون الأسرة، في طلب الطلاق أو الخلع.

القانون لا يعترف بالأدلة الإلكترونية لإثبات الزنا
وفي هذا الإطار، أكد المحامي نجيب بيطام، ان الخيانة الزوجية قضية حساسة جدا باعتبار أن مجتمعنا محافظ، غير أن “السوشال ميديا”، كشفت عن انتشار هذا النوع من الخيانة، ورغم أن المشرع قرر تجريم فعلها بموجب المادتين 339 و341 من قانون العقوبات، إلا انه لم يطلق عليها تسمية “الخيانة الزوجية”، وإنما قام بتسميتها “جريمة “الزنا”، وتعتبر حسب المادة 339 من قانون العقوبات كل طرف في علاقة زوجية يخون الطرف الٱخر، بعد مرتكبا للزنا.
وأوضح بيطام، أن الخيانة العادية إي تلك المعروفة خارج الهواتف والوسائط الجديدة، في العالم الواقعي صعب إثباتها، حيث أن 60 بالمائة منها تحول إلى قضايا طلاق، فما بالك بالتي تحدث في العالم الافتراضي، مشيرا إلى ان القانون الجزائري لا يعترف بالأدلة الالكترونية في إثبات فعل الزنا.
وقال المحامي بيطام، أن الأدلة التي يحضرها الزوج ضد شريكة حياته ليتهمها بالخيانة الزوجية، ولو كانت فيديوهات التقطت بالكاميرا تبين ممارسة فعل الزنا مع شخص ٱخر، لا يعتد بها إلا بإن قضائي، كما أن التهمة لا تكون موجهة من طرف القاضي، إلا بإقرار أمامه من طرف الزوجة او الزوج الخائن، كما لا يعترف بإقرار أمام وكيل الجمهورية.
وحسب ذات المحامي، فإن من شروط المتابعة القضائية بتهمة الخيانة الزوجية، أن يكون الشريك من جنس ٱخر، وأن ترفع الدعوى القضائية من أحد الزوجين، وليس قبل أو بعد الزواج، وأن يكون ما وقع ليس تحت وطأة الإكراه والتضليل أو التهديد أو الاغتصاب، فلا يمكن أن يقدم الزوج ضد الزوجة تهمة الخيانة وهي مغتصبة.
وأكد بيطام، أن الشريعة الإسلامية اشترطت أربعة شهود لإثبات فعل الزنا والذي يقترن بقيام فعل العلاقة الجنسية بين الطرفين، حفاظا على الحياة الأسرية، وتفادي رمي المحصنات بالباطل، مضيفا أن الخيانات الزوجية الالكترونية، يمكن إثبات وجود علاقة زنا قانونيا من خلال الرسائل المتبادلة وأن يكون اعتراف من الطرفين وبشكل صريح، أو إقرار أمام قاضي الجنح، كما لا يمكن قبول تراجع الزوج المتضرر من هذه الخيانة، في اتهامه الزوجة بعد صدور حكم نهائي يدينها عن فعلتها.

الخيانة الالكترونية تفجر قضايا الطلاق
وبدوره قال المحامي إبراهيم بهلولي، أستاذ الحقوق بكلية بن عكنون، في تصريح لـ”الشروق”، إن الارتفاع اللافت للطلاق في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، من بين أهم أسبابه “الهاتف الذكي”، حيث يقف هذا الأخير وراء نسبة 50 بالمائة من حالات الطلاق أو الخلع التي انطلقت دعوتها من تهمة “الخيانة الزوجية”.
وأوضح بهلولي، أن اتهامات الزوجة أثناء طلب الطلاق بالخيانة الزوجية، يكون بتقديم أدلة سواء تسجيل كاميرا أو الهاتف ورسائل الكترونية مطبوعة أو صور أو فيديوهات استخرجت من “الفايسبوك”، وقد توفرت حسبه، فعلا هذه الأدلة في الكثير من قضايا الطلاق، لكنها لا يعترف بها في أقسام الجنح، لأنها لم تتم بإذن من وكيل الجمهورية، ولا تحمل دليل فعل الزنا، وإن وجد هذا الدليل فإن القانون الجزائري لا يعترف بالدليل الرقمي في إثبات هذه الأخيرة.
وأكد المحامي إبراهيم بهلولي، أن حوالي 30 بالمائة من أسباب الطلاق في الجزائر منذ 4 سنوات الأخيرة هو “الفايسبوك”، خاصة وسط الأزواج الشباب، علما أن وزارة العدل كانت قد كشفت خلال 2022، عن تسجيل 44 ألف حالة طلاق في غضون 6 أشهر، بمعدل 240 حالة طلاق يوميا في الجزائر.

الرسائل والصور والفيديوهات لا تعتبر دليلا
وفي السياق، قالت المحامية لدى مجلس قضاء الجزائر، مهدية سعاد مقراني، أن أقسام شؤون الأسرة تفضح حالة “الشك” التي تسببت فيها الهواتف الذكية، ومنصات التواصل الاجتماعي، بين الأزواج، حيث النسبة الأكبر في حالات الطلاق وراءها تهمة الخيانة الزوجية الالكترونية والتي تكون المرأة في الغالب هي المتهمة.
وتكشف المحاكم الجزائرية في أقسام شؤون الأسرة، عن الكثير من غرائب الخيانات الزوجية الالكترونية، وخاصة التي يجتهد الرجال في تقديم أدلة مادية يرونها كافية لإسقاط حقوق زوجاتهن بعد تطليقهن، حيث رغم أن الرسائل والصور المقدمة ضد بعض الزوجات – حسب المحامية مهدية سعاد مقراني – حقيقية، إلا أنها لا تثبت فعل الزنا، وهي علاقات عاطفية او صداقة وقد تضم كلاما خادشا للحياء، أو تشير إلى قبول فكرة العلاقة الجنسية، أو الحديث عنها، ولكن لا ينجح الزوج في النهاية لإثبات الخيانة.
ويلجأ الكثير من الأزواج إلى اختراق “الفايسبوك” الخاص بشريكة حياته أو بريدها الالكتروني وهاتفها المحمول من اجل الحصول على أدلة تدينها بالخيانة الزوجية، غير أن ذلك، حسب المحامية مقراني، يواجه بحيل من طرف بعض الزوجات اللواتي كانت لديهن فعلا علاقة مع شخص ٱخر، حيث ينفي بعضهن أن يكون حساب “الفايسبوك” التي أخذت منه الصور آو الرسائل، لها فقد يحمل معلوماتها ولكنه ليس حسابها الخاص، وهي تصريحات لا تتطلب تحقيقا بحكم أن الزنا غير موجود، كما انه لا يحق للرجل اختراق خصوصيات زوجته المتمثلة في الهاتف ووسائط التواصل الاجتماعي والتطبيقات.
وفي محكمة رويبة شرق العاصمة، تقدم شاب بدعوى طلاق ضد زوجته، بسبب خيانتها له مع شخص ٱخر، وجاء برسائل من “المسنجير” الخاص بحسابها على “الفايسبوك” بعد التقاط هذه الرسائل بتقنية “كابتير ديكرو”، حيث نفت تماما ان يكون “الفايسبوك” يخصها، رغم ان تبادل الرسائل بينها والطرف الٱخر كانت تحمل عبارات الحب والغرام بينهما ومواعيد لعدة لقاءات.
واستبعد القاضي في جلسة الصلح، تهمة الخيانة ضد الزوجة، واعتبر أدلة صاحب دعوى الطلاق، غير مقنعة ولا كافية لمنعها من حقوقها وتطليقها على انها خائنة.

خيانات “فايسبوكية” بأسماء مستعارة
وفي هذا الصدد، أكد المحامي سليمان لعلالي، أن اتساع مجال العلاقات والتعارف خلف شاشات الهواتف المحمولة أو جهاز الكومبيوتر، وعبر تطبيقات الرسائل المختلفة، وفي ظل اختلاف مجال الحرية بين الواقع والعالم الافتراضي، وعدم التكافؤ بين الأزواج في المستوى المعرفي والثقافي وطرق التحكم في الرقمنة، كرس العلاقات مع الجنس الٱخر خارج دائرة الزواج، وسمح للنساء المتزوجات بأن يحافظن على علاقاتهن السابقة مع عشاقهن أو التعرف عبر “الفايسبوك” أو الوسائط الأخرى على الرجال وحتى الأجانب، حيث تحولت مثل هذه الخيانات إلى قضايا طلاق.
وكشفت قضية ضرب وجرح ضد امرأة أربعينية في العاصمة، من طرف زوجها الذي أدين بالحبس غير النافذ شهر جانفي الماضي أمام هيأة المحكمة، عن خيانتها له منذ 6 سنوات مع تاجر من ولاية سطيف، كان يملك هذا الأخير حساب “فايسبوك”، و”واتساب” باسم امرأة، حيث لاحظ الزوج المتهم بالضرب ضد زوجته، في الٱونة الأخيرة عندما بدأ يتفحص بنظرة خاطفة هاتفها النقال، وجود في كل مرة الاسم نفسه الذي تحدثه زوجته من خلال الرسائل عبر “المستجير” او “الواتساب”، والمرفوق بصورة تحمل ٱيات قرٱنية، ولكن لم يكن حسب ما أكده أمام قاضي الجنح، يشك أن زوجته أم أولاده الثلاثة تخونه.
وقال إنه لاحظ أن ملامح وجهها تتغير في كل مرة يدخل عليها فجأة ويجدها منهمكة في كتابة رسائل على هاتفها المحمول.
ومرة همّ لفتح باب غرفة النوم وسمع صوت رجل، وانقطع هذا الصوت بمجرد ان دخل على زوجته ووجدها تحمل الهاتف في يدها، فعرف انها كانت تتحدث عبر تقنية “المسنجير”. وفي المساء بينما هي مشغولة بأمر ما، انتهز الفرصة وتفحص هاتفها، فوجد اسم تلك المرأة التي تحدثها زوجته في مقدمة قائمة الصديقات والأقارب المسجلين عندها، وهنا بدأ الشك يلعب برأسه.
وفي يوم حادثة ضربه لزوجته وحسب تصريحاته، كانت قد نسيت الهاتف في سيارته، ودخلت مركزا استشفائيا أين أخذت ابنهما للطبيب، واتصل عبر “المسنجير”، بالسيدة المجهولة، مغيرا نبرة صوته، واصطدم عندما رد عليه رجل، غير انه وبكل برودة أعصاب أوهمه انه وجد الهاتف المحمول الذي يتحدث منه مرميا في الأرض، وراح التاجر يترجاه أن يأخده إلى الحي الذي تسكنه صاحبة هذا الهاتف، وأعطاه اسمها.
وخلال يومين، قام الزوج المخدوع بالتحري حول الشخص الذي يتواصل مع أم أولاده عبر “الفايسبوك”، باسم امرأة، وانتهت القضية بضرب زوجته ضربا مبرحا، ولم يستطع ان يثبت ضدها تهمة الخيانة الزوجية التي تدينها أمام القضاء.
وأوضح المحامي سليمان لعلالي، ان بعض الزوجات التي يتم ضبطهن مع رجل غريب او اكتشاف وجود علاقات غير شرعية لهن مع شخص ٱخر عن طريق رسائل الهاتف المحمول، او وسائط التواصل الاجتماعي، او بمراقبتهن في المنزل عن طريق الكاميرا، يؤكدن بأنهن هددن أو أكرهن للقيام بالعلاقات الجنسية خارج الزواج، حيث كانت علاقاتهن عبر هذه الوسائل عفوية، ولكن غرر بهن، بينما ينفي بعضهن وجود العلاقة أصلا، متهمات أزواحهن باستغلال هواتفهن لفبركة قضية الخيانة بهدف التخلص منهن.

الرقمنة تفضح مكبوتات المجتمع
ويرى المختص في علم النفس والتنمية البشرية، عبد الحليم مادي، أن زيادة الخيانات الزوجية تعكس مكبوتات المجتمع الجزائري التي ظهرت في ظل الرقمنة وولوج العالم الافتراضي، وتبين مدى وجود خفايا مجتمعية مثل خيانة الزوجات الموجود حسبه، منذ القدم وفضحتها الوسائط الجديدة.
وقال مادي، إن الكثير من النساء المتزوجات، وجدن اليوم، مساحة من الحرية في العالم الرقمي، حيث ان الخيانة لأزواجهن تكون صعبة في العالم الواقعي، وتتطلب جهد، وتضحية، عكس تلك الموجودة في العالم الافتراضي، هذا إلى جانب سهولة التواصل وسرعته وانتشاره وفرص التعارف. ودعا عبد الحليم مادي، إلى ضرورة تعليم الثقافة الجنسية ومهارات التعامل الأسرية وتدريب الأزواج الجدد على أساليب العيش في حياة زوجية وبناء الأسرة الحكيمة والناجحة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!