-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مقترحاتٌ لحل مشكلة الدكاترة البطالين

محمد بوالروايح
  • 1418
  • 0
مقترحاتٌ لحل مشكلة الدكاترة البطالين

لا يخوض هذا المقال في المشاكل التنظيمية للدكاترة البطالين، فهذا من اختصاص الهيئات الرسمية والوصية، وإنما يقترح حلولا علمية وعملية لما تعانيه هذه الفئة التي هي نخبة المجتمع والتي من حقها عليه أن يكون لها منصب عمل، تعفّ به نفسها وتؤمِّن به مستقبلها.
إن تصوري لحل مشكلة الدكاترة البطالين يتركز على 13 مقترحا:

أولا: أن يتفهم الدكاترة البطالون بأن هذه المشكلة هي نتاج تراكمات تعود إلى فترة طويلة من حكم النظام السابق، ميزها على وجه الخصوص عدم وجود سياسة جامعية ومجتمعية واضحة المعالم ومحددة الأهداف والمقاصد، توازن بين دور الجامعة في التكوين ودور مؤسسات الدولة في التكفل بالمتخرجين من خلال وضع مخطط وطني شامل يقوم على إحصاء دقيق واستشراف عميق للخريطة الجامعية. إن حل مشكلة عدد لا يستهان به من الدكاترة البطالين لا يمكن أن يتحقق بين عشية وضحاها بل يحتاج إلى مهلة ضرورية على الأقل لتقدير حجم المشكلة وتوصيف الحلول الممكنة.

ثانيا: أن يكون للوصاية استعدادٌ لسماع انشغالات هذه الفئة وأن تمتلك القدرة على الإقناع ووصف الحلول والسعي لتجسيدها في الميدان، ويمكن في هذا الصدد تشكيل لجنة حوار ومتابعة تضم إلى جانب الأعضاء الممثلين للوصاية أعضاء آخرين ممثلين للدكاترة البطالين ثم تتم صياغة ميثاق التفاهمات والتوافقات في محضر يرفع إلى صناع القرار لاتخاذ القرارات المناسبة.

ثالثا: يمكن حل مشكلة الدكاترة البطالين بإقرار التقاعد الإجباري بالنسبة للأساتذة الذين بلغوا سنا متقدما وتعويضهم بأساتذة جدد. أعتقد أن الاستخلاف ( la relève (سنَّة كونية وتطبيقه يمكن أن يشكل حلا ناجعا لمشكلة الدكاترة البطالين. في اعتقادي أن هذا الحل إجراء لا مناص منه رغم اعتراض البعض عليه بدعوى حاجة الجامعة الجزائرية إلى الأساتذة من ذوي الخبرة الطويلة والمتميزة، فهذه الحاجة ينبغي أن تقدَّر بقدرها لا أن تكون قاعدة عامة يستحوذ من خلالها الأساتذة القدامى على الوظائف فلا تصل إلى غيرهم.

رابعا: توزيع الدكاترة البطالين حسب تخصصاتهم على مراكز البحث الجامعية من أجل تقليص نسبة البطالة أو توظيفهم في مؤسسات إدارية واقتصادية واجتماعية في إطار الاتفاقيات التي تبرمها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مع المؤسسات الوطنية المختلفة.

خامسا: وقف العمل بنظام الساعات الإضافية التي تصل في بعض الأحيان إلى مستويات غير مقبولة واستبدال هذا النظام بنظام التوظيف المباشر للطلبة البطالين، وبهذه الطريقة يتم القضاء على مشكلة الأساتذة المؤقتين التي تحولت إلى ظاهرة لافتة للنظر ومقلقة في أغلب الجامعات الجزائرية.

سادسا: يجب إعادة النظر في خريطة التكوين الجامعي التي لا توفق بين المناصب المفتوحة في مسابقات الالتحاق بمرحلة التكوين في الدكتوراه وبين الاحتياجات الحقيقية للجامعات. لقد سبّبت هذه المشكلة خللا كبيرا كان من نتائجه السلبية زيادة أعداد المتكونين وأعداد المتخرجين وبالتالي تقلص حظوظ التوظيف بشكل ملحوظ.

سابعا: أن تقوم الوصاية المتمثلة في وزارة التعليم العالي البحث العلمي بتكليف رؤساء المؤسسات الجامعية بالتكفل بخريجيهم في حدود الإمكانات والمناصب المتاحة. إن هذه الطريقة من شأنها أن تؤدي إلى تكريس لا مركزية القرار بما يسمح بتقاسم الأعباء بين الإدارة المركزية والمؤسسات الجامعية وتفادي تحول مشكلة الدكاترة البطالين إلى مشكلة وطنية يصعب التعامل معها.

ثامنا: إن وجود أعداد كبيرة من الدكاترة البطالين يؤشر على عمق المشكلة ويقتضي وبصفة عاجلة إحداث تغيير في نمط التسيير داخل المؤسسات الجامعية واستحداث نظام تسيير جديد وفعال يتبنى سياسة واضحة المعالم يميزها التخطيط المحكم والاستشراف المسبق لخريطة التكوين والتوظيف الجامعي، راهنها ورهاناتها المستقبلية حتى نصل إلى تحقيق التوازن المفقود بين المقاعد البيداغوجية المفتوحة للالتحاق بمرحلة الدكتوراه وبين الاحتياجات الحقيقية للجامعات من الأساتذة المؤطرين.

تاسعا: اعتماد سياسة التباعد بين مسابقات الالتحاق بمرحلة الدكتوراه من أجل تجنب مشكلة تراكم الدفعات المتخرجة مما يترتب عنه بالضرورة عجزا في التوظيف، وبالتالي بقاء مشكلة الدكاترة البطالين من دون حل. من غير المقبول أن تجد سباقا محموما بين الجامعات لفتح مسابقة الالتحاق بمرحلة الدكتوراه عند كل دخول جامعي من غير دراسة للوضعيات السابقة العالقة وللعواقب والسلبيات التي تنجر عنها ومنها وجود عدد معتبر من الدكاترة البطالين ومثلهم أو يزيد من حملة الماجستير ممن تابعوا تكوينهم الجامعي في النظام الكلاسيكي.

عاشرا: دأبت الجامعات على إعطاء الأولوية في التوظيف لذوي الخبرة ممن مارسوا تدريسا بصفة أستاذ مؤقت وهذا لا يتيح لكثير من حملة الدكتوراه الحصول على منصب عمل لعدم استجابتهم لهذا الشرط الذي له إيجابيات كثيرة منها الحرص على توظيف الإطار العلمي المتمرس الذي سيؤثر إيجابا على أداء الجامعة الجزائرية، ومن سلبياته أن نسبة من يستجيبون لهذا الشرط قليلة جدا مقارنة بالعدد الهائل من الحاصلين على الدكتوراه وعليه يمكن تعويض شرط الخبرة الميدانية بالتكوين البيداغوجي الذي يخضع لها الموظفون الجدد بتأطير من الأساتذة من مصف الأستاذية، وبهذه الطريقة يمكن امتصاص البطالة تدريجيا.

حادي عشر: يمكن تعديل الحجم الساعي للأساتذة الذين هم في الخدمة واقتطاع ساعة واحدة من حجمهم الساعي واستثمار هذا الحجم المحصل لفتح مناصب عمل جديدة للأساتذة الجدد، كما يمكن إعفاء بعض الأساتذة الذين هم في الخدمة من تدريس بعض المواد وإسنادها للأساتذة الجدد.

ثاني عشر: يمكن اللجوء إلى إجراء استثنائي يتمثل في تقليص النفقات المخصصة للتربصات طويلة المدى (التكوين الإقامي) والتربصات قصيرة المدى وخاصة أن كثيرا من هذه مجالات هذه التربصات يمكن أن توفرها الجامعات الجزائرية، ثم يتم استثمار هذه النفقات المقتطعة لفتح مناصب عمل جديدة لصالح الدكاترة البطالين.إن هذا الإجراء يتقاطع مع مسعى الوصاية المتمثلة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي -في إطار ترشيد النفقات- لإعادة النظر في نظام التربصات بحيث تشكل قيمة مضافة ولا تتحول إلى وسيلة لاستنزاف الاعتمادات المالية المخصصة لقطاع التعليم العالي.

ثالث عشر: إن المشكلة في ارتفاع نسبة البطالة سواء بالنسبة للدكاترة أو غيرهم ليس في قلة الاعتمادات المالية ولا في غياب القوانين المنظمة وإنما في سوء تسيير الموارد البشرية، وعليه فإن القضاء على البطالة بالنسبة للدكاترة من دون عمل أو تقليصها إلى الحد الأدنى يمر حتما عبر إعادة تنظيم الموارد البشرية داخل الجامعات والكليات بما يحقق الأهداف المسطرة، وأعتقد في هذا الصدد أن الجزائر الجديدة المنتظرة والتي تميزها تعهُّدات والتزامات السيد رئيس الجمهورية لإصلاح الجامعة الجزائرية إصلاحا جذريا وهيكليا ستشكل مرتكزا ومنطلقا لإصلاح الموارد البشرية بما يحقق التوازن في توزيع المناصب الذي يراعي نصيب كل فئات ومكونات المؤسسة الجامعية من الطاقم العلمي العامل أو الباحث عن منصب عمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!