-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هؤلاء المسلمون لا تعنيهم محنة غزّة!

سلطان بركاني
  • 1193
  • 0
هؤلاء المسلمون لا تعنيهم محنة غزّة!

كان المفترض في دول المسلمين، خاصّة القريبة من فلسطين، كمصر والأردن وسوريا، إن لم تهبّ لنصرة المرابطين، أن تهبّ لنصرة سكّان القطاع الذين يحاصرون ويجوّعون ويقصفون ويحرّقون وتقطّع أجسادهم. لكنّ الذي حصل -مع كلّ أسف- هو الخذلان الذي قلّ أن يعرف التاريخ له نظيرا، وبلغ إلى حدّ البطش بكلّ من تسوّل له نفسه أن يفكّر في دعم المقاومة في غزّة، وقد تابعنا بكلّ حسرة وأسى ما حصل في الأردن المسلم قبل أيام، حين حوكم بعض المتطوّعين ولبّست لهم التهم وأودعوا السّجون، لا لشيء إلا لأنّهم أرادوا دعم المقاومة في فلسطين!

أمّا في مصر الإسلام والعروبة، المجاورة لغزّة، فقد اجتمع بعضٌ من سقط المتاع يوم 8 أفريل الماضي على الجانب المصريّ من معبر رفح بين مصر وغزّة، ليس ليبكوا إخوانهم، ولكن ليدقّوا الطّبول ويرقصوا، وكأنّهم فرحون بما يجري على أهل غزّة من أهوال! أحد سكان غزة، قال: “حين رأينا المشهد خلف أسوار معبر رفح من الجانب المصري، شعرنا بمرارة الخذلان؛ خذلان أمةٍ كنّا نظنها سنداً، فإذا بالبعض يرقص على دمائنا، كيف يصحّ أن تُقرع الطبول وتهزّ الخصور، بينما في الجهة المقابلة تُنتشل جثث الأطفال من تحت الركام؟”.

ليس هذا فحسب، بل إنّ مصر الأزهر وصلاح الدّين الأيوبيّ فاجأت الأمّة بعرض انتشى له الاحتلال الصهيونيّ، يقضي بنزع سلاح المقاومة! بمعنى أن تَرفع الطائفة المنصورة الراية البيضاء، أمام من؟! أمام محتلّ يهوديّ لا يملك ذمّة ولا شرفا ولا عهدا ولا ميثاقا.. فهل عرف التاريخ أمّة نالت حريتها واستقلالها بتسليم سلاحها لعدوّها، حتى تناله فلسطين من اليهود؟! ‏لا يوجد مثال واحد في التاريخ لشعبٍ سلّم سلاحه لعدوّه، فنال استقلاله وحريته، ويريدون لأبناء “أحمد ياسين” أن يسلّموا أسلحتهم للعدوّ الذي يحتل أرضهم! العدوّ –بمعية عملائه- يحاصر غزّة ويمنع عنها الطّعام والماء، ويجوّع ويروّع أطفالها ونساءها وشيوخها، ليضطرّ المقاومة إلى إلقاء أسلحتها!

هذا ما رأته فلسطين من جيرانها المسلمين في الأردن ومصر، فماذا عن الجار الثالث سوريا؟ سوريا أضحت منكفئة على همومها، ترمّم ما تمّ نقضه في عقود بدت كأنّها سرقت من تاريخ سوريا الحافل بالمواقف والبطولات. لكن مع ذلك فما تقدّمه لفلسطين هو دون الحدّ الأدنى المرجوّ في مثل هذه الظّروف، ولهوان موقفها أمسى الصّهاينة يصولون ويجولون في أرضها.

ثمّ ماذا عن دول المسلمين في جزيرة العرب التي يعقد عليها مسلمو العالم آمالا كبيرة؟ أمّا الإمارات، فعلاوة على مواقفها المخزية من محنة غزّة؛ فقد فتحت أبوابها يوم 7 أفريل الماضي، لمغنٍ صهيونيّ يقيم حفلاته في دبيّ تحت الحراسة اللصيقة! وأمّا بلاد الحرمين، فإنّ فعاليات الغناء والطّرب والفكاهة لا تزال مستمرّة من دون مراعاة لمحنة الأرض المقدّسة؛ ففي خضمّ الأهوال التي يعيشها المسلمون في غزّة، استضافت هيئة الترفيه يوم السّبت الماضي (19 أفريل 2025م)، وللمرة الثانية، وفي أشهر الحجّ، المغنية الأمريكية الماجنة “جنيفر لوبيز” بمدينة جدّة بوابة الحجيج القريبة من مكّة المكرّمة، لتحيي حفلات راقصة على هامش فعاليات جائزة “سباق الفورمولا 1”!

في بلاد الحرمين: لا يزال كبار العلماء منشغلين بالحديث عن النية في صيام الستّ من شوّال، ويبُتّون في مسألة “هل يجوز الجمع بين نية القضاء ونية صيام الستّ من شوّال؟”، في وقت يصول فيه الصهاينة في الأرض المقدّسة ويدنِّس فيه وزير الأمن القوميّ الصهيونيّ الحرم الإبراهيميّ، وترتكب أبشع الجرائم في غزّة.

الحمد لله أنّ هذا الصّنف من العلماء ما عادوا قدوة إلا للمغرّر بهم من شبابنا، وما عاد لكلمتهم وزن عند علماء الأمّة الذين أعلن المئات منهم أنّ الجهاد في الأرض المقدّسة أصبح واجبا على بلدان المسلمين جميعا، حكاما وجيوشا ومحكومين.

الأمّة بدأت تعرف وجهتها وقبلتها، وما عادت تخدعها أكاذيب الإعلام، ولا عادت تنطلي عليها تحريفات المخلِدين إلى الأرض الذين قال الله في أمثالهم: ((وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ)).. الطّائفة المنصورة لن تلقي سلاحها، والأمّة لن تأخذ دينها بعد الآن ممن خانوا أمانة الدّين والعلم واشتروا بآيات الله ثمنا قليلا.. الأمّة ستأخذ دينها من المرابطين وأهل الثغور، وإن لم تستطع أن تكون معهم بالأيدي والأقدام، فهي معهم بقلوب أبنائها ودعواتهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!