هذه قصة “غرينلاند” التي يريد ترامب “اختطافها” من الدنمارك

منذ اليوم الأول لتوليه منصب الرئاسة لم يكف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الحديث عن غرينلاند والتفكير بضمها وتاريخيا لم يكن هو أول المطالبين بذلك.
ونشر موقع “بي بي سي” تقريرا عن غرينلاند وتاريخها الطويل مع محاولات الاستيلاء عليها وكشفت أن ترامب لم يكن أول من فكر في شراء جزيرة غرينلاند، فالفكرة تعود إلى ستينيات القرن التاسع عشر، عندما كان أندرو جونسون رئيساً للولايات المتحدة.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تسعى فيها الولايات المتحدة إلى شراء أرض في القطب الشمالي من دولة أخرى، ففي عام 1867، اشترى الرئيس أندرو جونسون، ألاسكا من روسيا مقابل 7.2 مليون دولار.
وعاد التقرير للإشارة إلى أنه لم يحدث تحرك أمريكي رسمي نحو شراء غرينلاند حتى عام 1946، عندما عرض الرئيس الأمريكي هاري ترومان على الدنمارك 100 مليون دولار مقابل الجزيرة، وكان قد عرض في وقت سابق مقايضة أراض في ألاسكا مع مناطق استراتيجية في غرينلاند، حيث اعتقد المسؤولون الأمريكيون في ذلك الوقت أن السيطرة على غرينلاند “ضرورة عسكرية”.
وكان من المفترض أن يظل هذا العرض الذي قدم في عام 1946 سرياً، ولم يتم الكشف عنه على نطاق واسع إلا في عام 1991، عندما نشرت إحدى الصحف الدنماركية وثائق رفعت عنها السرية.
كما جاء في مقال بعدد مجلة “تايم” الصادر بتاريخ 27 جانفي من عام 1947: “هذا الأسبوع، بينما كان الاستراتيجيون الأمريكيون يدرسون خريطة القطب الشمالي، اعتقد العسكريون في واشنطن، أنه ربما قد حان الوقت المناسب لشراء غرينلاند، إذا استطاعوا”.
ورافق المقال خريطة بعنوان “الدوائر القطبية الشمالية”، والتي تظهر دوائر متحدة المركز تنبعث من ألاسكا وغرينلاند، ولم تكن هناك أي كلمة عن العرض السري بقيمة 100 مليون دولار، الذي قدمه المسؤولون الأمريكيون قبل عام للدنمارك، لكن مجلة “تايم”، أشارت إلى أنّ “رجال الجيش” فكروا في إلغاء ديون الدنمارك البالغة 70 مليون دولار مقابل غرينلاند.
غرينلاند.. ميزة عسكرية
وأشار مقال “تايم”، إلى أنّ شراء غرينلاند سيكون أفضل وسيلة لحل هذه المشكلة، كما أنه من شأنه أن يمنح الولايات المتحدة ميزة عسكرية كبيرة ذلك، أن مساحتها 2 مليون كيلومتر مربع، ممّا يجعلها أكبر جزيرة وحاملة طائرات ثابتة في العالم.
وأشارت تايم إلى أن قيمة غرينلاند لن تقدر بثمن سواء في حرب تقليدية أو غير تقليدية، كما أنها سوف تكون موقعاً متقدماً لمواقع إطلاق الصواريخ في المستقبل.
وبالإضافة إلى أهميتها العسكرية، فإن غرينلاند مهمة لرصد الطقس في شمال غرب أوروبا، حيث يتعين تسجيل العواصف في أقرب مكان ممكن من المصدر.
ماذا نعرف عن غرينلاند؟
غرينلاند هي أكبر جزيرة في العالم، وتبلغ مساحتها 2 مليون كيلومتر مربع، وهي تتمتع بالحكم الذاتي في ظل السيادة الدنماركية حيث أن لها حكومتها وبرلمانها.
ورغم حصولها على الحكم الذاتي من الدنمارك في عام 1979، تظل غرينلاند معتمدة على الدنمارك في الشؤون الخارجية والأمن والشؤون المالية.
وتتمتع الجزيرة بثروات طبيعية كبيرة بما في ذلك اليورانيوم والذهب والأحجار الكريمة واحتياطيات النفط والغاز، وهي منطقة مغطاة بالكامل بالجليد باستثناء المناطق الساحلية الصغيرة في الجنوب والغرب.
وتساهم الدنمارك بثلثي ميزانية غرينلاند، بينما يساهم نشاط الصيد البحري في تمويل بقية الميزانية. وتجذب الثروات المحتملة من غاز ونفط ومعادن الشركات العاملة في هذه المجالات إلى الجزيرة.
وتتمتع الجزيرة بنهار دائم لشهرين في العام، وقد أثار الاحتباس الحراري المخاوف من ذوبان سريع للثلوج في القطب الشمالي.
ويبلغ عدد سكان الجزيرة 57 ألف نسمة فقط، والمسيحية هي ديانتهم الرئيسية، وهم يتحدثون الدنماركية والغرينلاندية.
وكانت غرينلاند، قد وقعت تحت حماية الولايات المتحدة، أثناء الاحتلال الألماني للدنمارك في الحرب العالمية الثانية، وأُعيدت إلى الدنمارك في عام 1945.
“غرينلاند”.. جزءاً لا يتجزأ من مملكة الدنمارك
وبعد الحرب، استجابت الدنمارك لشكاوى سكان غرينلاند بشأن إدارتها للجزيرة، حيث تم إلغاء احتكار شركة غرينلاند التجارية الملكية في عام 1951، وبعد أن أصبحت جزءاً لا يتجزأ من مملكة الدنمارك في عام 1953، تم إجراء إصلاحات لتحسين الاقتصاد المحلي وأنظمة النقل والنظام التعليمي، ومنحت الدنمارك الحكم الذاتي للجزيرة في الأول من ماي من عام 1979.
وكان سكان غرينلاند حذرين من نوايا واشنطن، لأن الولايات المتحدة كانت تخزن قنابل نووية على الجزيرة أثناء الحرب الباردة دون علم غرينلاند، وعلى الرغم من الحظر الدنماركي على مثل هذه الأسلحة، بالإضافة إلى ذلك، في عام 1968 تحطمت طائرة عسكرية أمريكية تحمل 4 قنابل هيدروجينية بالقرب من ثولي.
مع دعوات للاستقلال.. مزيد من الحكم الذاتي
وكانت هناك دعوات لاستقلال غرينلاند، وحققت الأحزاب التي كانت تطالب بمزيد من الحكم الذاتي انتصارات انتخابية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وقد صوت أهالي غرينلاند في عام 2008، في استفتاء لصالح المزيد من الحكم الذاتي، والمزيد من السيطرة على موارد الطاقة ومنح لغة الكالاليسوت أو لغة غرينلاند الغربية وضع اللغة الرسمية بدلاً من الدنماركية.
الأراضي التي اشترتها أمريكا من قبل
وللتذكير فإن محاولة شراء الأمريكيين لغرينلاند من الدنمارك ليست الأولى فقد حاولوا شراءها من قبل، كما أنهم اشتروا من الدنمارك تحديداً أراضٍ من قبل هي جُزر الهند الغربية الدنماركية أو جزر فيرجن (العذراء) الأمريكية في الكاريبي، بل إن ما يقرب من 40 في المائة من أراضي الولايات المتحدة الحالية، حسب التقرير تم شراؤها من القوى الاستعمارية والدول الإقليمية المختلفة.