-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل ينهي كليجدار أسطورة الرئيس الذي لا يُهزم؟

هل ينهي كليجدار أسطورة الرئيس الذي لا يُهزم؟

“كليجدار أوغلو” ليس بالمنافس الهيّن للرئيس طيب رجب أردوغان، فهو مرشح “الطاولة السداسية”، التي تنتظم فيها قوى المعارضة التركية المناهضة لسياسة أردوغان ولسياسة حزب العدالة والتنمية المهيمن على المشهد السياسي في تركيا منذ عام 2002.

يبدو لبعض المهتمين بالشأن التركي – حسب القراءات الأولية لنتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التركية- أن نهاية الهيمنة السياسية لحزب العدالة والتنمية قد باتت قاب قوسين أو أدنى بالنظر إلى كثير من المعطيات:

1- فرصة أردوغان في الفوز بعهدة رئاسية جديدة من غير بأس ولا صداع رأس كانت مأمولة  بنسبة كبيرة في حالة الفوز من الجولة الأولى، أما وقد اتجهت المنافسة إلى جولة ثانية، فإن هذا سيعقّد المهمة على أردوغان لأن كليجدار سيستفيد في الجولة الثانية من دعم تيار المعارضة التركية وفي مقدمتها المعارضة الكردية. هذا المعطى مهم في تقدير المهتمين بالشأن التركي لأن المعارضة الكردية تحمِّل التيار الإسلامي ممثلا في حزب العدالة والتنمية وتحمِّل أردوغان شخصيا ما تسميه “التهميش والقمع السياسي والاجتماعي الممارس ضد الأكراد”. ولم يخف جليدار أوغلو حتى قبل أن يتضح الخط البياني للمنافسة الانتخابية حرصه على التواصل مع القيادات الكردية التي يعتبرها عاملا مؤثرا في حسم نتيجة الانتخابات.

وفي ظل هذا المعطى، فإن التحدي الأكبر أمام أردوغان في جولة الإعادة هو تعويض الخسارة الانتخابية التي سيواجهها بالتأكيد في جنوب وجنوب شرق تركيا معقل المعارضة الكردية.

2-  سيستغل كليجدار الدعاية الإعلامية المناهضة لأردوغان بعد الزلزال الأخير التي تتهمه بالتقصير في القيام بالواجب القومي تجاه المتضررين والمنكوبين من أجل استغلالها في حملته الانتخابية للجولة الثانية. ويصف مراقبون بأن ما يقوم به كليجدار تصرفٌ مخالف  للقانون الانتخابي التركي الذي ينص على أخلقة المنافسة الانتخابية  وإلزام المتنافسين باحترام قواعد العملية الانتخابية.

3- نشاط التيارات العلمانية في أوساط الفئات الشبابية في تركيا أصبح أمرا لافتا للنظر، فالدعم الذي تحظى به هذه التيارات من جهات خارجية داعمة لما تسميه “عودة الديمقراطية في تركيا” قد يصنع الفارق، وبالتالي سيكون له تأثيرٌ واضح في حسم نتيجة جولة الإعادة.

4- يتهم بعض المعارضين السياسيين أردوغان بالتفرُّد بالسلطة، ويصفون النظام الرئاسي الذي أرساه عام 2017 بـ”النظام الديكتاتوري المتستر بشعارات قومية” وبالطاقية الشعبية التي يقولون عنها إنها وسيلة اعتمد عليها أردوغان للتغطية على المنحى السلطوي المطلق الذي يسلكه منذ مدة، والذي أضر –كما يزعمون- بصورة تركيا الديمقراطية في الداخل والخارج، وضيّق كثيرا على عمل المؤسسة البرلمانية من خلال اللجوء المتكرر وغير المبرر إلى التشريع بأوامر.

بحسب استطلاعات الرأي، فإن أردوغان لن يضمن الفوز السهل أمام  منافسه كليجدار، ولكن الكاريزما السياسية وحجم التأييد الشعبي الكبير التي يحظى بها سيمكّنه من البقاء في سدة الحكم لعهدة رئاسية جديدة، فلدى أردوغان  طريقة عجيبة في حشد التأييد الشعبي مما يقوي احتمالات فوزه في هذه الانتخابات.

5-  وعد كليجدار أوغلو الأتراك بالعمل على إحياء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وحمَّل أردوغان  وحزب العدالة والتنمية مسؤولية توقف هذه المفاوضات من خلال ما سماه “توجس المجموعة الأوروبية من التوجّهات القومية ذات الصبغة الدينية” التي يؤمن بها أردوغان.

يعي كليجدار أهمية ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، ولذلك جعله أحد مرتكزات حملته الانتخابية في الجولة الأولى وسيعززه أكثر في الجولة الثانية الفاصلة لإيمانه –كما صرح لبعض وسائل الإعلام- بأن أغلبية الشعب التركي مع فكرة الانضمام في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها تركيا والتي لا يمكن تجاوزها إلا بخروج تركيا من العزلة الداخلية والإقليمية بترسيم انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي الذي يعدّ في نظر كليجدار ضرورة لا غنى عنها.

6- إن النسبة التي حصل عليها كليجدار في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والتي لا تبتعد كثيرا عن تلك التي حصل عليها أردوغان  قد تكون مؤشرا –حسب بعض المحللين- على خسارة محتملة لأردوغان، وهناك معطيات كثيرة ترجِّح هذا الاحتمال وأهمها أن المرشح “سنان أوغان” مرشح “تحالف الأجداد” لم يخفِ إمكانية دعمه لكليجدار في حالة التوجه لجولة ثانية، ولكن هذا الدعم مشروط بالتزام جليدار بعدم تقديم أي تنازلات للطرف الكردي. ويرى محللون أن توجُّه سنان أوغان توجُّهٌ قومي تراثي وهو المحافظة على ما يسميه “تراث الأجداد” وبالتالي فهو يتبنى سياسة براغماتية، وقد يكون داعما أيضا لأردوغان في حالة التزامه بعودة اللاجئين ومحاربة الإرهاب. ومما يقلل من تأثير سنان أوغان على نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية هي النسبة الضعيفة التي حصل عليها وهي 5.2 بالمائة والتي يمكن لأردوغان تجاهلها لوجود مصادر دعم بديلة.

7-  راهن كليجدار أوغلو على الانتخابات البرلمانية المتزامنة مع الانتخابات الرئاسية من أجل إرباك أردوغان في حالة فوزه بالرئاسة لعهدة جديدة إذ سيجد نفسه في مواجهة حقيقية مع البرلمان. ولكن يبدو أن رهان كليجدار على الانتخابات البرلمانية رهانٌ خاسر، وخاصة بعد النتائج المحصلة والتي تؤكد فوز تحالف الجمهور الذي يضم حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وأحزابا أخرى على نسبة تقترب من خمسين بالمائة مقابل 35.12 بالمائة لتحالف حزب الشعب المعارض بقيادة كليجدار.

وبقراءة سريعة لهذه النتائج يمكن الجزم بأن نتيجة الانتخابات البرلمانية ستخدم أردوغان ولن تخدم منافسه كليجدار أوغلو حتى في حالة انضمام تحالف العمل والحرية والأجداد إلى حزب تحالف الشعب لأنهما لم يحققا مجتمعين سوى نسبة 13 بالمائة، وهي نسبة غير كافية لإحداث التوازن داخل البرلمان ناهيك عن تشكيل أغلبية منافسة لأردوغان.

8-  يرفع كليجدار أوغلو شعار تركيا العلمانية لمواجهة التيار الإصلاحي الذي يتبناه أردوغان، ولكن يبدو أن إقحام العلمانية في العملية الانتخابية لن يخدم جليدار لأن العلمانية كمبدأ أيديولوجي قد تضررت قليلا ولكنها كمبدأ سياسي ستبقى مرجعية قومية في تركيا سواء بفوز أردوغان أو فوز جليدار، فكلاهما ملتزمٌ بالخط الأتاتوركي، فأردوغان رغم توجُّهاته الدينية المحافظة، إلا أنه أكد في أكثر من مناسبة أن تركيا مدينة ووفية للمبادئ القومية التي أرساها مصطفى كمال أتاتورك. ويدين كليجدار من جهته بنفس مشاعر الولاء لمؤسس الدولة التركية الحديثة أتاتورك.

9-  بحسب استطلاعات الرأي، فإن أردوغان لن يضمن الفوز السهل أمام  منافسه كليجدار، ولكن الكاريزما السياسية وحجم التأييد الشعبي الكبير التي يحظى بها سيمكّنه من البقاء في سدة الحكم لعهدة رئاسية جديدة، فلدى أردوغان  طريقة عجيبة في حشد التأييد الشعبي مما يقوي احتمالات فوزه في هذه الانتخابات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!