-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وزير التعليم العالي… يمجّد التخلّف!!

وزير التعليم العالي… يمجّد التخلّف!!
ح.م
وزير التعليم العالي الطاهر حجار

بعد كل ما نسمع ونرى حول ما أصيبت به الجامعة من تردٍّ في أوضاعها سواء في جانب تسييرها الإداري أو أدائها البيداغوجي أو البحث العلمي فيها أو تعامل طلابها ونقاباتهم مع مسؤولي القطاع تفاجئنا من حين لآخر، بل تذهلنا، تصريحات هؤلاء المسؤولين أمام الملأ عند الإجابة عن الأسئلة أو التعقيب عليها.

وما الفائدة من جائزة نوبل؟!!

وآخر ما تناقلته وسائل الإعلام تصريحات السيد وزير التعليم العالي خلال الندوة الصحفية التي عقدها بمناسبة انطلاق المرحلة الثانية من التسجيلات الجامعية. وبطبيعة الحال، فما يركز عليه مسؤولونا في كل الندوات الإعلامية هو إحصاء أعداد المقاعد البيداغوجية والغرف والأسرّة في الأحياء الجامعية التي توفرها الدولة، وكذا تزايد أعداد الطلبة في المؤسسات التعليمية ومخابر البحث فيها. وإذا كانت الإشارة إلى هذه الأرقام مهمة لتقييم بعض جوانب أوضاع التعليم العالي والبحث العلمي في البلاد مقارنة ببلدان أخرى، فهذا لا يمثل المعيار الأساسي في تقييم جامعتنا وأداء مهامها الجوهرية.
فلو اكتفى المسؤول الأول عن التعليم العالي بهذه الإحصائيات لقلنا إننا متعوّدون على هذا الأسلوب لدى سلطاتنا التي تؤسس منطقها على الكمّ، ولا تولي الأهمية اللازمة للكيف عند مخاطبة الجمهور. لكن السيد الوزير راح يشرح الوضع للصحفي السائل عن سبب عدم ظهور جامعاتنا في ترتيب جامعات العالم… علما أن هناك عدة تصنيفات سنوية لهذه المؤسسات، وأبرزها ذلك الذي صدر منذ بضعة أيام.
ومن المعلوم أن الجامعات عبر العالم تبذل جهودا مذهلة لكي تظهر وتبرز في هذا الترتيب. لنتصوّر مثلا أن دولا متقدمة أعادت هيكلة كل جامعاتها مراعية في ذلك معايير التصنيف العالمي ليتحسن ترتيبها بين الجامعات الأخرى… وأن دولا أخرى تستضيف خبراء التسويق الإلكتروني والشؤون الجامعية ليقدموا دروسا لموظفي جامعاتها حتى تفوز بتصنيف أفضل ويُرفع شأن البلد في الحقل العلمي.
هذا يبيّن أن التصنيف العالمي ليس بالدقة التي يعتقدها البعض، وأنه يمكن التأثير قليلا في عامل من عوامل التقييم ليتغيّر نسبيا هذا الترتيب. ومع ذلك، فما من شك بأن التصنيف العالمي للجامعات يعطي صورة قريبة من الواقع لجامعات كل البلدان. ولذا فمن يطعن في دقة التصنيف فهو محق، وأما من يطعن فيه كمؤشر ذي دلالة على مكانة الجامعات والبلدان في مجال العلم والتعليم والبحث فهو مغرض أو جاهل.
قال وزير التعليم العالي بعظمة لسانه أن وزارته قادرة على أن تجعل جامعة الجزائر ضمن المائة الأولى في ترتيب جامعات العالم لو أرادت!!! كيف؟! هذا ما أردنا أن نعرفه لكن المتحدث لم يبح بهذا السر! بل تساءل بكل جدية : ما الفائدة من أن ينتسب لجامعة الجزائر حتى 10 فائزين بجائزة نوبل؟ وأضاف : الأهم هو : ماذا سيكون انعكاس ذلك على التعليم؟! وقد استهل إجابته بإبداء بعض الاستغراب من كوْن كبريات الجامعات تعتمد على جوائز نوبل ومراكز البحث والجوائز الأخرى.
ولم يوضح المتحدث لماذا حَرمت وزارةُ التعليم العالي جامعةَ الجزائر من أن تكون من بين الـ100 الأولى!! ألم يرى أن ذلك سيكون –لو حدث- مفخرة للبلاد… كما يفخر الشعب وقادته بتألق فريق من فرقنا الرياضية عندما يفوز في ألعاب عالمية؟!
عندما يطرح وزير للتعليم العالي مثل هذه الأسئلة أو يعقب بتلك التعقيبات فهذا يعني أنه يمزح مع السائل أو يستخف به… أو أن ذلك هو فكره وأن بلده في خطر لأن المسؤول عن التعليم لا يحرص على أن يتميّز الأساتذة المكونون في جميع مراحل التعليم، ولا يحرص على تألّق الباحثين العلميين!
ومن ثمّ نستخلص أن ما يهمّ الوزير لا يتجاوز، في أحسن الأحوال، العمل على توفير مقعد لطالب حتى يجلس أمام حامل شهادة يمنحه بدوره شهادة… ليتوظّف هو الآخر بها، ويكرر عملية منح شهادات مماثلة في وقت لاحق لمن سيجلس أمامه على كرسي الدراسة من الأجيال القادمة! وهي عملية من شأنها تكريس الرداءة ما لم يرافق منح تلك الشهادات من حين لآخر تميّز في الحاصل عليها. وهل نسأل بعد ذلك عن أسباب تخلفّنا في المجال العلمي بوجه خاص؟ ذلك هو وضع جامعتنا.

تمجيد التخلف!

سؤال: هل يدرك المسؤول هذا الوضع؟ إذا كان الجواب بنعم، فردّه على الصحفي لا يخلو من الاستخفاف والإستغباء حيال السائل. وإن كان المسؤول لا يعلم فالكارثة أعظم لأن من حقّ رجل الشارع غير المتتبع للشأن الجامعي ألا يعلم وألا ينشغل بهذا الداء… وأما أن يمرّ عليه وزير التعليم العالي مرّ الكرام ويغض عنه الطرف فهذا يعتبر من الكبائر!
وقد قرأنا فيما بعد أن الوزير استدرك، إثر الضجة الإعلامية التي أثارتها هذه التصريحات، مشيرا إلى أن كلامه في الندوة فُهم خطأً وأن “الجزائر ليس لديها مدارس متخصصة وطنية يمكنها أن تضمن تعليما جيدا للنوابغ”! فرُبَّ عذر أقبح من ذنب! ما الذي منع الجزائر المستقلة منذ 56 سنة من فتح مثل هذه المدارس؟؟ هل هو عجز في الميزانية أو في التأطير المتميّز؟ لا… بل هو سوء تدبير صارخ دام أكثر من نصف قرن!
منذ متى والزملاء الجزائريون في الداخل والخارج (“النوابغ” و”غير النوابغ”) يطالبون بإلحاح بتخصيص أقسام داخل بعض الجامعات للنخبة إن عجزت الدولة عن فتح معاهد لهم كما تفعل الدول المتقدمة وكذا الدول المتجهة فعلا نحو التقدم؟!!
ومنذ متى والسلطات تتكلم عن معهد بحث (تأوي إليه، بوجه خاصة، النخبة) في العلوم الأساسية ولم تحرك وزارة التعليم العالي ساكنه، لا من قريب ولا من بعيد؟!!
وأي دور تؤديه الآن الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيا؟ وأية مهمة تقوم بها هذه المؤسسة وقد مضى على ميلادها أزيد من سنتين؟!! ومن المسؤول عن “الولادة الميتة” لها؟ أليست الأكاديمية من المؤسسات التي كان ينبغي أن تولي الاهتمام بالنوابغ وترافع للمطالبة بحقوقهم؟
آثم كل من لم ولا يستنكر هذا التقاعس للسلطات في حق المواهب من الشباب. أليس من الإثم ألا نفتح كل الأبواب التي تبعث الأمل في نفوس هؤلاء، وتزيد في قدرات النخبة على التألق والعمل على الفوز بجائزة نوبل وميدالية فيلدز وغيرها من الاستحقاقات الإقليمية والعالمية؟ أي مجد سيرفع راية البلاد إن لم تكن رايته العلم؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
20
  • سرحان أحسن

    أولا أود أ ن أشكر سي الطيب على تعليقه الذي جاء في الصميم و ملخصا لعشرات التعاليق بتاريخ 10أوت 2018 . أما تعليقي أنا فلا أجد ما أقوله في هذه الحال إلا ما قاله الأستاذ الراحل مهري رحمه الله <> فلا تنتظر من الجاهل ياأستاذ أن يكون عالما ولا من الصعلوك أن يكونا كيسا ولا من الغبي أن يكونا ذكيا. والحديث قياس

  • شخص

    إنسان دئماً عدو ما يجهل !

  • مسعود درامشي-الجزائر

    دكتور ابو بكر، شكرا على مقالتكم وارجوكم عدم النزول الى معالجة مثل هذه الترهات العابرة فهي كسحابة الصيف، الفجر ات لا محالة وسيظهر في البطاع وتعم الانوار ونحن لسنا انبطاحيين لمجرد نزوة من نزوات هذا الوزير او غيره. هل نتائج الترقية الى مصاف الاستاذية فيها حكمة؟ هل المقاييس الموضوعة والمخيطة كسروال هي من يخرج لنا مبدعين؟ هل الترتيب الذي تقوم به منظمات مستقلة او غير مستقلة سليم؟ منذ 8سنوات، تناقشت مع زميل لي حول الترقية الى الاستاذية، فاجدابني: لا عليك، سترى بعد سنتين عدد البروفيسورات في تخصصات معينة اكبر من عدد المقاييس المدرسة بكل الجامعات الجزائرية حتى نوهم العالم الخارجي بانا لدينا نخبة استاذية

  • حيران

    لماذا يحارب علم البيولوجيا في الجزائر ....؟؟ ربما لكي لا تحلل ما تأكل و تعرف تركيبة مشروب أستثمار الجووو أنتع غادر......

  • المخ لص

    كتابنا يصنعون من الاحداث العابرة مصيدة لكتابات عابرة. ما قاله حجار استهلك على مستوى كل الاصعدة و الاقلام بغض النظر عن صوابه من عدمه.. اعتقد ان هناك مواضيع كثيرة هي اولى بسيولة الحبر و اولى بالاثراء و النقاش و هي ادوم في الطرح . واقعنا المعيش لا ينحصر في كلمة وزير . اقلامنا تحولت الي مجرد ظاهرة صوتية و الاجدر بها اليوم ان تقيم التحدي و الا فما الفرق بينها و بين تصريح الوزير اذا اتفقنا على ان تصريحه لم يكن في محله.

  • ahmed

    نحن الجزائريون ايضا نقول : الخضرة ماهيش قع حشيش والحديث قياس

  • الجيولوجيا

    لم يذهلني رأي الاسناذ حجار بقدر ما اعجبتني صراحته!!!!
    عندما قرر السيد الوزير الغاء شرط نشر مقال علمي في مجلة عالمية لكي يتسنى لطالب الدكتوراه بمناقشة اطروحته، عرفنا ان تصنيف الجامعات الجزائرية ضمن جامعات العالم ليس من اولوياته.
    بالرغم من ان بعض مسؤولي القطاع تذمرو وحاولو المقاومة، واعادو الشرط لكن في بعض العلوم فقط!!!! وايضا بعض المؤسسات العريقة .
    عندما اصبح عندنا اساتذة التعليم العالي لم ينشرو مقالا واحدا في مسيرتهم المهنية ، ماذا بقي لنا من جامعات وماذا تضيف نوبل؟ هل يستطيع باحث جزائري نشر مقال مصنف A لوحده دون ان بشاركه اجنبي؟ لا اضن ، بسبب السيطرة الغربية وانعدام المخابر.

  • الجيولوجيا

    لم يذهلني رأي الاسناذ حجار بقدر ما اعجبتني صراحته!!!!
    عندما قرر السيد الوزير الغاء شرط نشر مقال علمي في مجلة عالمية لكي يتسنى لطالب الدكتوراه بمناقشة اطروحته، عرفنا ان تصنيف الجامعات الجزائرية ضمن جامعات العالم ليس من اولوياته.
    بالرغم من ان بعض مسؤولي القطاع تذمرو وحاولو المقاومة، واعادو الشرط لكن في بعض العلوم فقط!!!! وايضا بعض المؤسسات العريقة .
    عندما اصبح عندنا اساتذة التعليم العالي لم ينشرو مقالا واحدا في مسيرتهم المهنية ، ماذا بقي لنا من جامعات وماذا تضيف نوبل؟
    هل يستطيع باحث جزائري نشر مقال مصنف A لوحده دون ان بشاركه اجنبي؟ لا اضن ، بسبب السيطرة الغربية وانعدام المخابر.

  • أبو يونس

    السلام عليكم
    يا استاذ وهل توقعت أن يتفوه بالعكس؟
    تحياتي

  • سمير DZ

    بكل بساطة غبي من الأغبياء الذين يسييرون مؤسسات الدولة، و يحاولون إستعباء المواطن البسيط بشتى الطرق للأسف.

  • kamal kaddour

    هل يعرف حجار ماذا تعني جائزة نوبل؟ اين نحن من هذا العالم

  • د/ إسماعيل معاش

    بعيدا عن جائزة نوبل التي استغنى عنها هذا السيد، فإن من أهم الشروط التي تتحكم في أي تصنيف عالمي للجامعات:
    أولا: الفرص التي تقدمها سوق العمل لخريجي تلك الجامعات (البطالة التي يرزح فيها طلبة جامعاتنا نموذجا)
    ثانيا: تنوع الجنسيات بالنسبة لأعضاء هيئة التدريس (لا وجود لأي أستاذ أوروبي أو أمريكي أو حتى عربي بجامعاتنا) كأن أمريكا لا تستطيع أن تأمرك جامعاتها وفرنسا لا تستطيع أن تفرنس جامعاتها من حيث هيئة التدريس كما جزر أمثال حجار جامعات الجزائر.
    ثالثا: عدد الجنسيات من الطلبة المسجلين بالجامعة محل التصنيف، بالنسبة لجامعات حجار بعض طلبة الصحراء الغربية لا يكفي لتصنف جامعة باب الزوار مثلا.

  • فتح الله

    تصريحات المسؤولين في بلدنا، تؤكد بما لايدع مجالا للشك ، اننا نعيش زمن الجنون بجدارة.
    فيكفي ان نذكر اسماءا كبنغبريط، حجار، سلال، اويحيى ، و ولد عباس كي نصاب بكل الامراض و العاهات.

  • محمد الصالح

    لما كنا ندرس الرياضيات في المؤسسات التربوية كان الاساتدة يقولون لنا انتم الشي الصعيب درتوه في حل المعادلة والشي الساهل مادرتوهش لي هي النتيجة الصحيحة هكدا انتم الشي الساهل لي مابين ايدينا مانديروهش قال تطوير الاقتصاد والتعليم والرقي الاجتماعي للناس ورايحين لي جائزة نوبل في العلوم حنا بلادنا مازال ماعندناش مؤسسات اقتصادية على اسس ومعايير اق علمية لي تقدر تنافس علىالمستوى الخارجي وتدخل للبلاد العملة الصعبة بمعنىحنا دركماقدرناش نديرو رقم اعمال سنوي مستقر من العملة الصعبة خارج قطاع المحروقات ومحوسين على جوائز نوبل

  • RG

    ربما لأنه يعلم بأن مقولة ~ فاهم ولا لا قرى ~ صحيحة
    فجائزة نوبل في الحقيقة أنتهى زمنها وبقيت مجرد رمزية لجائزة علمية
    ولـ أكون واضح أكثر سـأعطيك مثال حتى تتضح الرؤية أكثر وأكثر
    العلوم التي تدرس اليوم هي علوم خاضعة لبرنامج سياسي عالمي
    وهذا البرنامج يعمل على طمس العلوم الحقيقية التي تهدد الأهداف السياسية
    مثال ليس هناك علاج للسراطان لأن السراطان لا يجب أن يعالج
    وهو نتيجة لأهداف سياسية التي تحققت بفعل برنامج يطمس (حقيقته الغير إنسانية )
    فقبل هذه الإختراعات و الكيماويات لم يكن هناك مرض السرطان
    كانت الطبيعة لاتزال نقية تنتج مادتها الصحية والأجساد بها قوية
    فالعلماء هددوا حتى تسيسوا
    ربما

  • abu

    لقد قلتها...يمجد التخلف..فالجاهل يمجد منبعه ومنبته وأصله...وما أكثر الجهال الممجدة للمسار الجهلي منذ1962.......................

  • عيش تسمع

    قالوا:
    - قادرين على أن نجعل جامعة الجزائر ضمن المائة الأولى في ترتيب جامعات العالم لو أرادت
    - ما الفائدة من أن ينتسب لجامعة الجزائر حتى 10 فائزين بجائزة نوبل؟
    - الجزائر احسن من سويسرا
    - فقاقير
    و قالوا ...وقالوا......... عيش تسمع..... هذا الزمن هو لنشهد على الجهل

  • جزائري - الجزائر

    نحن، الجزائريون، نعبر عن مثل هذه الحالات بهذا المثل : " قالك الذيب لما شاف عنقود عنب ...عالي....ماقدرش يلحق ليه.....قال ....حامض..."

  • ahmed

    هناك خلط بين العلم وبين الشهادات , بما فيها جائزة نوبل اللتي هي شهادة في نهاية المطاف , واحيانا كثيرة تتحكم فيها السياسة اكثر من اي شيئ اخر. احسب من زمن ارسطو الى اديسون مرورا بالخوارزمي الى تورين , ولا احد تحصل على جائزة نوبل . النتيجة حسب منطق الالتيزم هو ان هؤلاء لاشيئ لانهم ليسو نوبليون

  • الطيب

    يا أستاذ هل نسيت أنّ هناك مَن فتح عينه و وجد نفسه مسؤولاً بقدرة قادر ليقول لنا التعليم قطاع غبر منتج !!!!؟
    صاحب هذه المقولة في البلدان التي تحترم نفسها يُعزل و يُحرم من الكهرباء و التكنولوجيا و الحق في العلاج و الأدوية و السيارة و كل وسائل النقل .....إلى غاية أن يعترف بخط يده بنعمة العلم .