-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أمازيغية قالت: "أنا عربية ولغتي حكم عليها أن تكتب بالفرنسية"

“آسيا جبار ماتت وهي مشتاقة إلى أن تترجم رواياتها إلى العربية”

عثمان سعدي
  • 5226
  • 12
“آسيا جبار ماتت وهي مشتاقة إلى أن تترجم رواياتها إلى العربية”

فارقت الحياة آسيا جبار، الكاتبة الجزائرية المغتربة، والجزائر تعيش في داخلها لم تفارقها أبدا، محترمة اللغة العربية التي لم تتمكن الكتابة بها، مشتاقة إلى أن ترى رواياتها تترجم إليها. أوصت بأن تدفن في مسقط رأسها شرشال. بينما أوصى محمد ديب بأن يدفن في باريس، وقبل أشهر من وفاته أوصى الكتاب الجزائريين بأن يتخلوا عن اللغة العربية الميتة وأن يكتبوا باللغة الفرنسية الحية.

 فقد نـشرت صحيفة الشرق الأوسط التي تصدر بلندن، في عددها الصادر في 20/1/2003 ، تصريحا لمحمد ديب، ضمّـنه الكاتب حسونة المصباحي مقالا له عنوانه [ثقافات العالم]، قال فيه محمد ديب: “على الكتاب الجزائريين أن يخجلوا من الكتابة باللغة العربية، هذه اللغة القديمة الكلاسيكية التي تضاهي اللغة اللاتينية الميتة وأن يكتبوا بالفرنسية“. وعند وفاته أمر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بأن ينقل جثمانه ليدفن في تلمسان مع إقامة مناسبة كبيرة لتأبينه، لكن زوجة محمد ديب اتصلت بالسفارة الجزائرية بباريس وأخبرتها بأنه أوصى بأن يدفن في باريس. مع الملاحظة أن محمد ديب ينتمي إلى أسرة عربية لكنه يكره العربية، لكن آسيا جبار تنتمي إلى أسرة أمازيغية اسمها الأصلي فاطمة الزهراء إيمالاين   وهي تعشق العربية ولم ترفع شعار الأمازيغية في حياتها وتقول أنا عربية ولغتي العربية حكم عليها أن تكتب بالفرنسية.


الحس الوطني في كتابات آسيا جبار:  

إذا استعرضنا رواياتها منذالعطشالمنشورة عام 1957 إلى غاية روايتها الأخيرةلا مكان في بيت أبي” (Nulle part dans la maison de mon père، 2007) وجدنا أنها كانت تتابع الأحداث التي مر بها وطنها، وكأنها كانت تعيش بين الجزائريين، يشعر القارئ أن عين الكاتبة لم تفارق شرشال ومجتمعات شنوة. كانت تعبر عن حبها للغة العربية وعن حزنها لأنها لم تكتب بها، قائلة: “إني أكتب بلغة العدو“. وقد ساعدها على ذلك كونها ابنة معلم كان يحب العربية، جالبا احترام زملائه له.

كانت وهي تكتب بالفرنسية تحس بأن هواجس من العربية تتملكها فتحاول أن تصوغها في إرهاصات، فتكتب سنة 1999 نصا تقول فيه: “هذه الأصوات التي تحاصرني على هامشفرانكوفونيتي” (Ces voix qui m_assiègent: En marges de ma francophonieثم أتبعته بنص آخر سنة 2003 عنوانهاختفاء اللغة الفرنسية ـ في الجزائر المستقلة طبعا ـ” (La Disparition de la langue française)

عبرت عن شعورها في هذين النصين بالانفصام اللغوي الذي تعيشه بين لغة أصلها وذاتها ولغة أجنبية فرضها عليها وضع الاغتراب، في مرحلة تاريخية انتهت فيها اللغة الفرنسية في وطنها الأصلي.

الكاتبة أستاذة التاريخ، وترى أن اللغة الفرنسية التي تكتب بها ملطخة بالدم، تقول عندما استعرضت العلاقة بين الضباط الفرنسيين والإقطاعيين الجزائريين وجدت أن العنف هو المسلط على الجزائريين العاديين، وهو الشاهد عند كاتب التاريخ فتقول: “أنا وريثة هؤلاء القتلى، لقد حاولت من خلال هذا الكتاب أن أثبت أن هناك دماء في ميراث اللغة

تتناول آسيا جبار في كتاباتها فظائع الاستعمار الفرنسي بالجزائر ففي روايتهاالحب والفروسية” (l’Amour et la fantassia). تعرض بدقة أفظع عمل إجرامي قام به جيش الاحتلال الفرنسي حيث قاموا بحشر خمسمائة قروي رجالا ونساء وأطفالا مع حيواناتهم في مغارة الظهرة سنة 1845 وأشعلوا النار في مدخليها فمات الجميع مختنقا بالدخان ويرويها الأمير دو لاموسكووا De la Moskowa أمام البرلمان الفرنسي فيقول: “إنه قتل عن سابق إصرار وترصد يسلط على عدو بلا دفاع وينبغي إدانة ذلك برعب من أجل شرف فرنسا“. ويروي الجنرال كاروبير: “في الصباح وصلنا مدخل المغارة، جمعنا قشا وفي المساء أشعلنا النار ومات خنقا النساء والأطفال“. ويروي ماريشال المعسكر: “قمت بسد كل الفتحات بالمغارة بحيث حولتها إلى مقبرة واسعة فتدفن الأرض وإلى الأبد جثث هؤلاء المتعصبين، إن داخلها خمسمائة قاطع طريق [عين مرو 15/8/1845 ]”. ويكتب ج.ب.ل. بيرار سنة 1864: “لقد علمنا من ثلاثة أشخاص نجوا بأن البقر الذي كان مع الناس بالمغارة صار بسبب الاختناق متهيجا فرفس الكثير من الناس فقتلهم. لقد بقيت هذه المقبرة الضخمة مغلقة وداخلها الرجال والنساء والأطفال والمواشي“. تروي الكاتبة آسيا جبار في روايتها هذه القصة وتعلق بأن اللغة الفرنسية التي تكتب بها معفرة بالدم.

 تقول آسيا جبار: “تعلمت الفرنسية كلغة كتابة وليس سوى ذلك (أي إنها لم تكن تحبها).. تعلمتها كي أسرق شيئا من عدو الأمس…” كتبتْ في مجلة اليوم السابع فقالت: “لأننا لم نكن قادرين على الكتابة مباشرة بالعربية، فقد بذلنا جهدنا لكي يصار إلى ترجمة أعمالنا سريعا إلى هذه اللغة التي نحبها. وأسفر الأمر عن ظاهرة غريبة. أن أدبنا، إن تحول إلى العربية، لن يحقق النجاح المرتجى. والذنب هو ذنب عملية العبور هذه أكثر مما هو ذنب نوعية الترجمة. فالجمهور لا يحب هذا النوع من التأقلم. الجمهور الذي يقرأ أبدى الكثير من الحذر، لأنه يفضل أن يكشف الكتاب المغاربة عن نصوصهم مباشرة وبلغتهم الأصلية“.

كرست آسيا جبار قسما من كتاباتها لخدمة المرأة الجزائرية، وأنتجت أفلاما عن ذلك، أشهر فيلم عنوانهنوبة نساء جبل شنوةعن النساء الأمازيغيات اللاتي تنتمي آسيا إليهن. وقد حصل هذا الفيلم على جائزة النقد العالمي في مهرجان فينيسيا سنة 1979. لقد ترجمت روايات آسيا جبار إلى عشرات اللغات.

ونختم هذا المقال بما قاله الناقد والمترجم المصري محمود قاسم فيها وهو ينعيها: “إن آسيا جبار قامة أدبية كبيرة، رحلت من دون أن تترجم أي من رواياتها إلى اللغة العربية، وهي الكاتبة التي ظلت ثقافتها عربية طوال عمرها ولم يكن لجوؤها إلى اللغة الفرنسية سوى سبب قهري ليس لها دخل فيه“.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
12
  • ramadan

    ما لاحظته على كتابتك انك تتصيد كل الكتابات التي تتناول الامازيغيةخاصة من يقلل من شاءنها . اليس لك اهداف اخرى في الحياة
    لماذا كل هذا الحقد

  • ali

    ما لاحظته على الكتاب الفرنكفونيين أنهم لا يريدون أن يتهموا بأنهم يحسنون اللغة العربية .فرأس مالهم هده الجملة" نأسف لعدم قدرتنا على الكلام بالعربية" وهم في دواخلهم يشعرون بالفخر الأمر معكوس عند الكتاب الفرنسيين فانت إدا تكلمت مع أحدهم تجده متفتحا ولا توجد لدية أي عقدة لو استطاع الكلام بأكثر من لغة
    بالنسبة لأسيا جبار عاشت ما شاء الله .والمنطق يقول أنها مادامت أستادة جامعية وباحثة في التاريخ كان من المنطقي أن تتعلم الكتابة باللغة العربية لتحقق التواصل مع قسم كبير من الجزائريين .ترى لمادا لم تفعل؟

  • Leila

    اللوحة التاريخية التي تبدأ بعملها الروائي "الحب والفنتازيا" تستمر إلى "ظل سلطاني" وتكتسب من خلالها آسيا جبار وعيا بأمازيغيتها وجزائريتها
    يا سى عثمان سعدى الذى قال هذه الكلمات هو صديقها المحترم احمد طالب الابراهيمى

  • Salwa

    عليك بقراءة ما كتبه صديقها احمد طالب الذى يؤكد باعتزازها بامازيغيتها

  • عثمان سعدي

    من أراد التأكد من حب آسيا جبار للغة العربية وشعورها بالعروبة وليس بالأمازيغية فما عليه إلا قراءة ما كتبته عنها كاتبة فرنسية عنوانها :
    élodie gaden(novembre2005)
    L'Amour, La fantasia, Assia Djebar

  • فاروق

    ان كانت اسيا تريد تترجم اعمالها للعربية لكان لهاما تريد لكنها كانت تعاديالعربية وتمقتها وهكذا دخلت الاكادمية الفرنسية وعاشت في فرنسا فلا تبالغوا بتصويرها مواطنه مسكينة احبت الجزائر وناضلت من اجلها...لا تخدعونا احكوا لنا التاريخ كما هو دون تنميق او تزويق يا من لكم دراية بعالم الثقافة والعلاقات الدولية.

  • ابو سامر

    عثمان سعدي لعب دور العدو اللدود لكل من يكتب بالفرنسية في الجزائر و الان مع وفاة المرحومة اسيا جبار يريد ان يكرمها بصك غفران بالادعاء انها طالما إشتاقت أن تكتب بالعربية و كأن التعبير بالفرنسية جريمة لا تغتفر ٠ ليعلم الكاتب أن الأعمال الجادة و الناجحة توجد بنسبة كبيرة عند الذين يكتبون بالفرنسية بالنسبة للكتاب الجزائريين ٠

  • Zarfa

    اللوحة التاريخية التي تبدأ بعملها الروائي "الحب والفنتازيا" تستمر إلى "ظل سلطاني" وتكتسب من خلالها آسيا جبار وعيا بأمازيغيتها وجزائريتها.
    الكلام للسيد احمد طالب الذ ى يعرف اسياجبار شخصيا
    " وهي تعشق العربية ولم ترفع شعار الأمازيغية في حياتها وتقول أنا عربية ولغتي العربية حكم عليها أن تكتب بالفرنسية.
    هذا كلام عثمان سعدي الذى لم يلتق يوما اسيا جبار
    احمد طالب يتكلم بصدق وعثمان ايحاجى

  • عربي اللسان..

    هذا هو الانسلاخ الفكري .يستعلمون الفرنسية بأقلامهم و افواهم ظنا منهم انها لغة حضارة ولكن الحقيقة انهم يعانون من مرض نفسي يسمى عقدة الدونية .اي انهم مقلدون لما يأتي من وراء البحار اما ألادباء منهم فأغلبهم مرتزقة للفرنسيس.

  • بدون اسم

    ما شاء الله سوف تعم البركه علينا و تصبح العربيه عالميه بعد ترجمه اعمال آسيا جبار . ! كثير من الكتاب العالميين يجدون بالعربيه اكثر اللغات ثراء في الاعمال الادبيه و يتمنون لو كتبوا فيها . لذلك لن تنقص العربيه ان لم تترجم اعمال آسيا جبار . بل ازيدك ان ترجمه اعمالها ليس في صالحها لان الادب الروائي العربي له معايير في الذوق و الحرفيه اكبر بكثير من الادب الفرنسي فغالب الاعمال الروائيه المترجمه خاصه من الفرنسيه تعتبر ضحله عند مقارنتها بكتاب الروايه العربيه المعاصره

  • بدون اسم

    عاشت اسيا جبار اكثر من 50 عاما بعد الاستقلال و خلال هذه السنين الطوال لو كانت تحب العربيه و الكتابه بها لتعلمتها و برعت فيها.انه نصف قرن مضى من عمر آسيا وهي تكتب بلغه المستعمر دون ان تجد حرجا الا كلمات تعبر عن اسفها ليس لعدم كتابتها بالعربيه و انما لان قصصها لم تترجم للعربيه ! هو الاصرار على لغه فولتير و ازدراء العربيه ليس الا.و اذكر اسيا جبار ومن على شاكلتها ان الادب الروائي العربي المعاصر غني جدا بل اكثر غنى من الادب الانكليزي و الفرنسي و من العربيه تترجم للغات الاخرى مئات الاعمال و ليس العكس

  • بدون اسم

    قد نشرت جريدة الشروق بعد حادثة كمال داود مقالا للمتحزب سلطان بركاني يتهم فيه آسيا جبار ببغض اللغة العربية وأنها أوصت بألا تترجم رواياتها إلى العربية أبدا؟؟
    صوِّبوني إن كنتُ مخطئا