-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
السيدة نادية طالبي للشروق العربي:

أباؤنا لم يتركوا لنا شيئا لكنهم تركوا لنا المبادئ والأخلاق والتربية

الشروق أونلاين
  • 8085
  • 0
أباؤنا لم يتركوا لنا شيئا لكنهم تركوا لنا المبادئ والأخلاق والتربية

لم أزلني أراها حنونة وهي أم الرجال، ولم أزلني أراها متواضعة وهي من طينة الكبار ولم أزلني أراها متفاخرة وهي سيدة الإبداع، ولم أزلني أراها صامدة على خطى الأسلاف.السيدة نادية طالبي التي مسرحت جلسة مسائية تواصلت معها استثناءا حتى السابعة مساءأ، لتفرغ ما في جعبتها من حكايات الزمن الجميل.

قدمت طلبا للعمل في محكمة وهران

   *استهلت سيدة المسرح الجزائري جلستنا بالحديث عن البدايات التي كانت قبل إمضاء أول عقد مع محمد بودية ومصطفى كاتب في سنة 1964 مع المسرح الوطني. وذلك بعد الاستقلال مباشرة حين التقيت في معهد الموسيقى لوهران مع عبد القادر علولة.فبعد أن كنت طالبة عند الاخوات قبل الاستقلال اتجهت بعده مباشرة لطلب عمل بمحكمة وهران وقبل طلبي وكنت آنذاك افكر فقط في مساعدة أهلي ومد العون لهم  خاصة وأنهم كانوا فقراء هم لم يتركوا لنا رصيدا في البنك وأموالا لكنهم تركوا لنا الدين والمبادئ والأخلاق وهذا ما أحاول انا ترسيخه وتربية أولادي عليه.كنا نعيش في أسرة كبيرة ثماني إخوة وأخوات وجدتي وأعمامي، وأبي كان مسؤولا على هذه العائلة الكبيرة فبدأ العمل في سن مبكرة 11 سنة وكان يعمل في الميناء.

أمي كانت فخورة بي لأني كنت ممرضة

*عادت السيدة نادية طالبي سليلة ولاية مستغانم، إلى وضعية الفن سابقا إذ كانت عنده سمعة سيئة واقترن بالراقصات اللائي يرقصن ويغنين أمام الرجال وفي أماكن معينة، وحتى السبعينات بدأ الفن يقترن بالبطولات والأمجاد.وأول مرة شاهدتني عائلتي في التلفزيون كنت متزوجة ب السيناريست بن عمر بختي وهو والد أولادي وعمري 18 سنة في مسلسل”الخالدون” وكانت مسرحية ثم صاغها على شكل ويتكلم عن بطولات الثورة وشارك فيه الكثير من الوجوه الفنية على غرار كشرود، مصطفى شقراني يحي بن مبروك، بوعلام رايس. وجسدت دور ممرضة وكانت أمي فخورة بي لأنها شاهدت ابنتها “بطلة“.

مرسلو غاتي عاد لبلاده لأن صحراوي كان متميزا

*عبرت أم نجيب صاحبة الثامن والستين ربيعا عن أسفها لوضعية الجيل الثالث للاستقلال إذ لا يوجد عندهم مراجع ولا يجدون بمن يحتكوا من فنانين من أمثال كلثوم، نورية لطيفة، وهيبة لأنهم عانوا كثيرا مثلا “بشطارزي” كان دائما في السجن و”حبيب رضا” كان محكوم عليه بالإعدام أعطوا عصارة أبداعهم ولا يزالون يحبون المسرح ويشاهدون مسرحيات.هذا الجيل الكثير منهم لا يحترمون الفنانين الذين سبقوهم في الميدان.ويقولون أن الوقت لهم هو لهم فعلا لكن يجب أن تكون هناك دعامة وأساس صحيح. فزمان لم توجد إمكانيات واليوم توجد الإمكانيات ولا يوجد إبداع وهذا راجع لعدم وجود سيناريوهات جيدة فمن هب ودب يكتب السيناريو ويستعمل نفوذه لتمريره لا يوجد من يكتبون السيناريو ومن ثمة يسقطون في فخ الاستسهال.كنا نتعلم ونبدع ونعمل بدون نص نعتمد على الارتجال وهذا الإبداع في كل الميادين وأذكر حادثة شهدتها ف”يوسف صحراوي” مدير التصوير وتعامل مع لخضر حمينة، ولما ظهرت تقنية Pana vision جلب حمينة “مرسيلو غاتي”وهو مدير تصوير مهم جدا وتعامل مع أوسيليني وكوستا غفراس لأجل أن يعلم التقنيين الجزائريين، ولكن يوسف صحراوي كان يضع تقنيات الصورة من إضاءة وغيرها ولما يأتي “غاتي” لا يجد ما يصححه حتى أنه اختار العودة لبلاده لأنه كان يقول أن يوسف صحراوي في المستوى ولا يحتاج لأي مساعدة وأن كل شيء Bene .

في بلاد الناس راني قبطان وفي بلادي راني راعي

*تعاملت أم أمين مع لخضر حمينة في 03 أعمال وهي “وقائع سنين الجمر،  ” le vent de sable وفيلم “آخر صورة”.وتكلمت السيدة طالبي كثيرا عن حمينة الذي لقبته ب”مجنون السينما” السينما تسري في عروقه، فبعد أن أتم “وقائع سنين الجمر” وأراد أن يشارك في مهرجان كان في سنة 1975 سخر منه الكثيرون واستهزؤوا به وقال”قيموني في كان، ولم يعيروني اهتمام في بلدي”على رأي مقولة كاتب ياسين”في بلاد الناس راني قبطان، وفي بلادي راني راعي” وكانت المفاجأة وتحصل على السعفة الذهبية.

قالوا لعلولة رؤيتك لا تتماشى ورؤيتنا

*أفضت جدة محمد يانيس وآية عن ما تحمله جعبتها من كثير الذكريات، وهي التي تمتلك 45 عملا في رصيدها، وبدأت بأن الكثير لا يعرفون أن”عبد القادر علولة” كان أول مدير لمعهد برج الكيفان، تعاملت معه في”العلق” و”الدهاليز” “الخبزة”كنا صغار أنا 18 سنة وهو 25 سنة، ولكنه بدأ يكتب أشياء تزعجهم فأبعدوه إلى وهران ولكن هذا الإبعاد زاد من إبداعه وقدم الكثير من المسرحيات المتميزة على غرار “الأجواد “وتواصل السيدة نادية طالبي وهناك شيء آلمني كثيرا حين كنا نتدرب على مسرحية “الدهاليز”وهي مأخوذة عن رواية ل”غوركي” وزارنا الصحفي “جلفاوي عبد الرحمن” كان يعمل في التلفزيون الجزائري وقال لعلولة بالحرف الواحد:”مادامك حي أريد أن أعمل شريط وثائقي عن كيف تعمل؟ وطلب أن يصور البداية والنهاية من العمل، وسيعتمد عليه مستقبلا المسرحيين والأجيال القادمة.” فوافق علولة وبقينا ننتظر03 أيام، وجاء في اليوم الرابع يحمل ورقة في يده ورأسه مطأطأ لأن طلبه مرفوض وفي الورقة سبب الرفض وهو:”لآن رؤيتك لا تتماشى مع رؤيتنا”.وقد تأثر علولة ونحن معه بهذا الرد كثيرا.

مصطفى كاتب طرد من المسرح بسبب اوركسترا وردة الجزائرية

*كشفت أم سفيان أن “مصطفى كاتب” طرد من المسرح الوطني بسبب أوركسترا وردة الجزائرية بقرار من “أحمد طالب” لأن الأوركسترا دخلت المسرح وبدأت تتدرب دون إذن منه وهو مدير المسرح الوطني آنذاك فطلب منهم الخروج ليجد نفسه بعد دقائق موقف.مضيفة، “كاتب” كانت عنده هيبة كبيرة ويحظى باحترام الجميع كان انسان بسيط وهادئ ولا يتكلم كثيرا، يلبس “لباس الدوكارى” “البلو تونشنقاي” حتى انه يوم استقبله الرئيس بومدين لتكريمه لم يملك لباسا كلاسيكيا، حتى أنه لمّع حذائه بالزيت واستلف لباسا كلاسكيا، ويوم زرته في بيته بل في نصف غرفة مع صحفي “عبد الكريم جعاد” احترت كيف لهذا الشخص الذي ذاع صيته في العالم أن يعيش في ظروف مماثلة؟؟.

بورقيبة جاء ليعرف سرنا ومطاوع قال المسرح في الجزائر

*تذكرت  والدة ربيع مسرحية “الكلاب” التي أبلت فيها بلاءا لقد حضرها رئيس تونس”بورقيبة” وزوجته “وسيلة” وقال لها سأذهب بنفسي لأشاهد الجزائريين وأعرف لماذا كل عام يأتون ويحصدون الجوائز؟وكان في لجنة التحكيم كل من “كرم مطاوع”، “سعد الأردش” و”الفراد فراج”، وهم مدارس في المسرح وقال لهم “كرم مطاوع”:” المسرح لا يوجد في أي دولة عربية يوجد فقط في الجزائر”، وقال لي لو كانت هناك جائزة لأحسن ممثلة أكيد أنها كانت ستكون من نصيبك وقد جلبهم “مصطفى كاتب” لمعهد برج الكيفان في السبعينات وبقوا 04 سنوات وتدربوا نخبة من الممثليين منهم مجوبي ودليلة حليلو وصونيا حميد رماس، أحمد بن عيسى.والتقيت ب”سعد الاردش” في تونس وكنا قدمنا مسرحية “قالوا لعرب قالوا”مع سفير بلاده وعندما قام بتحية الممثلين، قال:”هؤلاء كلهم كانوا طلابي ولكن السيدة طالبي كانت محترفة آنذاك“.

السؤال لغير الله مذلة

*تحدثت أم مهدي الشغوف بالفن والدارس للقانون عن التزامها وقالت، أنا مقتنعة بالحجاب جيدا وأكيد انني لم أخمن يوما في أن الالتزام قد يكون سبب في عدم عملي أو ما شابه، “الرزق على ربي” وقد التزمت في وقت الإرهاب بعد أن كان الفنان بين مطرقة الموت وسندان مواصلة المسيرة، ولقد تعرضت للتهديدات ولمواقف رهيبة في حي “La cite diplomatique”بدرقانة الذي أقطنه منذ سنة 1982 ووصل الامر بهم أن كتبوا إسمي في القائمة التي ستقتل وعلقوها في باب المسجد.والقنصلية الفرنسية عرضوا عليّا الفيزا ومازالت أحتفظ بالأوراق، لكني رفضت مغادرة البلاد، وعملت ولم أتوقف وقدمنا “رقصة الأبرياء”مع عبد القادر تاجر، و”الغولة” و”البوابون” مع رويشد،وعملت في مسلسل “دليلة” مع دليلة حليلو.كما أجابت السيدة طالبي عن سؤالنا لم أسع لنيل أي منصب هم لم يعرضوا عليّا ف”السؤال لغير لله مذلة” أنا لا أعرف كيف أطرق أبواب المسؤولين وأعرف إلا الطابق الأول من وزارة الثقافة والكثير من أقاربي يقولون لي كيف لم تحصلي على أي منصب أو مسؤولية رغم خبرتك وتميزك؟أكثر ما يحز في نفسي هو الاحترام والحب الذي يكنه لي الجمهور والشعب الجزائري.

الشادلي كرمني ولا املك اي مسرحية مصورة لي


 

*ختمت سيدة الركح حديثها معنا بذكرياتها وقالت رغم أني عملت في التلفزيون والسينما إلا أني أحسب نفسي على المسرح، وأكثر التكريمات التي بقيت راسخة في ذهني هو تكريم الرئيس الشادلي في قصر الثقافة في الثمنينات مع رويشد وسيد علي كويرات نورية ونخبة من الممثلين وكذا ذكريات المشاركة في “كان” والبساط الأحمر ثم الولوج للقاعة وينهضوا 1000 متفرج كلهم ويصفقون ويعلوا الصوت Algeria مع الراية.وتمنت أن يهتم المخرجون بتوثيق أعمال عمالقة الفن في الجزائر على غرار كلثوم، نورية وأردفت:للأسف أنا لا أملك أي مسرحية مصورة لي ولا أحتفظ بأي منها في مكتبتي الخاصة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!