-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أبواب الجنّة لم تُغلق بعدُ

سلطان بركاني
  • 572
  • 0
أبواب الجنّة لم تُغلق بعدُ

عند غروب شمس يوم السبت الماضي، رحل النّصف الأوّل من رمضان، فواحسرتنا كم فرّطنا فيه وكم تكاسلنا! 15 يوما أي 360 ساعة -ليست ككلّ السّاعات- مضت.. ساعات أغلى من الذّهب والفضّة والألماس، كان يمكن أن نحصّل فيها جبال الحسنات، من الحرص على صحّة الصيام باجتناب الصخب والخصام والجدال والنظر إلى الحرام وقول الزور والكلام في النّاس، ومن تلاوة كلام الله آناء الليل وأطراف النّهار، ومن مجاهدة النفس على الخشوع في صلاة القيام، ومن مدّ الأيدي بالصّدقات…

هذا ما كان مفترضا في حقّنا أن نحقّقه في أيام رمضان، لكنّنا إلا من رحم الله منّا ضيعنا أيامه الغالية في المقاهي والسّهر مع الهواتف وفي النّوم الزّائد على الحاجة وفي الاهتمام المبالغ فيه بمائدة الإفطار، وأنقصنا أجور صيامنا باللغو والغيبة وإطلاق العنان للنّظر، وتكاسلنا في صلاة القيام، وأصبح كثير منّا يقنعون منها بالركعتين والأربع وينصرفون! بدأت صفوف التراويح تتناقص وبدأت النفوس تتقاعس.. سبحان الله! كأنّنا نطبّق برنامجا سنويا نسطّره لرمضان كلّ عام لا نحيد عنه! نجتهد في العشر الأوائل، ونفتر في العشر الثانية، فإذا جاءت العشر الأواخر تركنا المساجد وانطلقنا إلى الأسواق، وبدأنا نعدّ الأيام لرحيل رمضان وحلول العيد.. فلماذا يا ترى تتكرّر معنا هذه الحال كلّ عام؟!

لننظر في أحوالنا ولنسأل أنفسنا: لماذا يضيع رمضان من بين أيدينا كلّ عام؟ لماذا يرحل رمضان كلّ عام وهو يشكو حالنا إلى الله ويتحسّر على تقصيرنا في حقّ ضيافته؟ لنسال أنفسنا ولنقف معها وقفة حزم ومحاسبة، ولنراجع حساباتنا، فإنّنا لا ندري ولا نضمن، لعلّ رمضان يعود العام القادم ونحن من أهل الآخرة، ونحن في قبورنا نتحسّر ونعضّ أصابع النّدم، ويتمنّى الواحد منّا لو يردّ إلى الدّنيا ليعيش يوما واحدا وليلة واحدة من رمضان.

النّصف الأوّل من رمضان قد طوي، لكنّ عزاءنا أنّ هناك بقية باقية من أيام رمضان ولياليه الغالية، وكلّ يوم وكلّ ليلة منها يمكن أن تعتق فيها رقابنا ونظفر فيها بعفو الله وفضله.. يقول الإمام ابن رجب -رحمه الله- وهو يحث على اغتنام النصف الثاني من رمضان: “عباد الله، شهر رمضان قد انتصف، فمن منكم حاسب نفسه فيه لله وانتصف، من منكم قام في هذا الشهر بحقه الذي عرف؟ من منكم عزم قبل غلق أبواب الجنة أن يبني له فيها غرفًا من فوقها غرف؟ ألا إن شهركم قد أخذ في النقص فزيدوا أنتم في العمل فكأنكم به وقد انصرف، فكل شهر عسى أن يكون منه خلف، وأما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف:

تنصف الشهر والهفاه وانهدما * واختص بالفوز بالجنات من خدما

وأصبح الغافل المسكين منكسرا * مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما

من فاته الزرع في وقت البدار فما * تراه   يحصد إلا الهم والندما

طوبى لمن كانت التقوى بضاعته * في شهره وبحبل الله معتصما”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!