الرأي

أبو تريكة “إرهابي”؟!

تجاهل الانقلابيون المصريون، ربيع الفرح، الذي عاشوه بفضل تغريد شحرور كرة القدم المصرية، اللاعب محمد أبو تريكة، الذي تمكّن من أن يدمج الرياضة بالأخلاق، في مشهد أعاد لمصر ملامح رجالاتها التاريخيين، وراحوا يتهمنوه بالفتن التي تقطّع شرايين أم الدنيا، وقد ينسى عامة الناس أن محمد أبو تريكة قاد الأهلي المصري للفوز برابطة أبطال إفريقيا بهدف في سوسة التونسية، وانتزع كأس أمم إفريقيا في غانا ضد الكاميرون وتوّج بلقب أحسن لاعب في إفريقيا في العام الماضي، ولكنهم لن ينسوا بناءه لمسجد في غانا وتوجّهه إلى كاميرات العالم بقميص يحمل دموع غزة، وسجوده في اليابان وفي مختلف الأقطار وموقفه الرجولي في أزمة الكرة بين الجزائر ومصر، عندما رفض الاستجابة لجمال مبارك الذي طلب منه وصف الجزائريين بـ”البلطجية”، فناء عنه وعن زمرته بجانبه.

وإذا كان من إرهاصات “الثورة” كما يسمّونها، أو الانقلاب كما يسميه كل العالم، سقوط مظلومين وأبرياء، فإن ما يحدث للاعب محمد أبو تريكة في مصر، لم يحدث لأي رياضي في العالم من طرف أهل بلده، فقد اعتنق محمد كاسيس كلاي الدين الإسلامي، ورفض أداء الخدمة الوطنية في لهيب الحرب الأمريكية على فيتنام والحرب الباردة، ومع ذلك بقي الملاكم الكبير، كبيرا في بلاده الولايات المتحدة الأمريكية، وتعاطف نور الدين مرسلي مع الحزب المحل، وبقي العداء الكبير، كبيرا في بلاده الجزائر، وثار الطائر الشهير بالزانة، بوبكا على الاتحاد السوفياتي، وبقي كبيرا في بلاده الحالية أوكرانيا وبلاده السابقة روسيا، بينما يتحوّل محمد أبو تريكة إلى إرهابي، بجرة قلم رصاص، إلى درجة أن عمودا في أكبر صحيفة في مصر وصفه بالتابع لأيمن الظواهري، وطالب الاتحاد الدولي، وليس المصري لكرة القدم، بحذف اسمه من أي مشاركة دولية، ومنها كأس العالم التي قد يتأهل إليها المنتخب المصري بقيادة محمد أبو تريكة.

تستعين مختلف القنوات المصرية، برجال دين وفن وأدب وحتى بمهنيين وحرفيين، من كل شرائح المجتمع، من الذين انضموا لطابور مساندة الانقلاب على حكم الإخوان المسلمين، وعندما قال محمد أبو تريكة رأيه، ثار عليه الذين سمّوه في سنوات سابقة بالقديس والملك، وكانوا يتصارعون لأجل استضافته في حصصهم التلفزيونية، وربما لأجل التقاط صورة رفقته.

يعرف المصريون مثل السيسي، أن الذين يبايعون فرادى وجماعات الانقلابيين، إنما يفعلون ذلك من أجل مآرب دنيوية ومصالح مادية أو خوفا من بطش محتمل، كما كان يحدث في زمن فرعون مصر، استجابة لصيحته الشهيرة.. ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد، ومع ذلك يفضلون نفاق الرجال لهم، ويرفضون ثبات الرجال على آرائهم حتى ولو كانت “خاطئة” كما يتوهمون.

 يبقى الفارق الكبير بين عهد فرعون الزمن القديم، وفراعنة العصر الحديث الذي أروا الناس بالفعل وليس بالقول، مارأوا، أن لفرعون القديم موسى، وليس لفراعنة العصر الحديث، لا موسى ولا هارون ولا حتى سحرة يقولون له على الأقل وذاك أضعف الإيمان .. إقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا.   

مقالات ذات صلة