-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق" تنقل يوميات سائق سيارة إسعاف في زمن كورونا

أتعامل مع الفيروس يوميا وراتبي لا يتعدى مليوني سنتيم

سيد أحمد فلاحي
  • 2600
  • 10
أتعامل مع الفيروس يوميا وراتبي لا يتعدى مليوني سنتيم
ح.م

قد تراودك في يوم من الأيام فكرة مزاولة مهن خطيرة ومحفوفة بالصعوبات، لكن من الصعب أن تتخيل نفسك وراء مقود سيارة إسعاف، تحمل فيها موتى توفوا بسبب فيروس كورونا، وهي المهمة التي تطوعوا لها. السيد عبد الرحمان أسامة، 33 سنة، والعامل بمستشفى بن زرجب بوهران، بعد أن رفض المهمة الكثير من زملائه، تقرَبنا من السائق الشجاع، فوجدنا شخصا وطنيا متشبَعا بالإيمان، وقيم التضحية، وسرد لنا الكثير من الحقائق والخلفيات الغامضة لوظيفته الخطيرة.

روى لنا أسامة كيف قبل بالمهمة بعد ما رفضها الكثير من الزملاء نظرا لخطورتها، فهو من ينقل عينات الدم الملوث بالفيروس الذي ينفر منه الجميع، في حين يقبل أسامة بالمهمة، لينقله إلى المخابر من أجل إخضاعه للتحاليل، فيكون يومها مثل الذي يحمل قنبلة موقوتة قد تنفجر في أية لحظة، لأن أي خطأ قد يؤدي لوقوع الكارثة، كان يقطع المسافة بين وهران والعاصمة من أجل نفس المهمة، لكن بعد ما تم تدشين مخبر باستور بحي الصديقية بوهران، ارتاح من مشقة التنقل، لكن بقي الخطر قائما، أسامة حسب ما صرح لنا يعلم علم اليقين أنها مهمة صعبة قد يرفضها أي إنسان على وجه الأرض حتى لو تم اغناءه بالملايير، فكيف هو الذي يتقاضى راتبا متواضعا لا يتعدى الـ20 ألف دينار، لكن إيمانه بالرسالة النبيلة التي يحملها جعله في حكم  المجاهد في سبيل الله والوطن، يعمل من أجل إنقاذ المواطنين من موقعه كسائق.

في مصلحة حفظ الجثث

روى أسامة لنا يومياته، مند أن تطأ قدماه المؤسسة الاستشفائية، وارتدائه البزة الخاصة والقناع الذي لا يفارقه، ثم يقصد الحظيرة بخطى ثابتة يراقب المحرك، ويقوم بتعقيم الشاحنة التي صارت صديقه الوفي في غياب الأصدقاء الذين باتوا يتحاشونه، وهو أمر عادي يقول أسامة، ثم يجلس بداخلها وينتظر الأوامر، وما هي سوى لحظات حتى يطلب منه التقرب من المصلحة لنقل كميات من المحاليل من أجل نقلها للمخبر، والتي تكون داخل ثلاجة صغيرة. يحملها مباشرة إلى المخبر، وغالبا ما يكون قد هم بشق طريق العودة حين يتلقى اتصالا عاجلا، يخبره بضرورة العودة إلى المستشفى من أجل نقل أحد المرضى المصابين بكوفيد 19 من مصلحة الأوبئة إلى الجناح رقم 14، لمواصلة العلاج،  فيكون أسامة عند الموعد ويقوم بحمل المريض، وفي الطريق يحادثه ويخفَف عنه، ويطلب منه الثبات. وبمجرد أن تنتهي المهمة الثانية، حتى يتم الاتصال به مجددا وهذه المرة المهمة أصعب، فالمأمورية هي تحويل جثة مريض قضى عليه الفيروس، ونقلها إلى مصلحة حفظ الجثث، ويواصل أسامة بكل حزم مهمته النبيلة وينقل الجثة بمساعدة بعض العمال إلى المصلحة، هناك يجد في انتظاره صديقه الشيخ عبد القادر مغسل الأموات، ويتعاونان على حمل الضحية ووضعه على طاولة معدنية، لتبدأ بعد لحظات عملية تغسيله، ثم وضعه داخل تابوت خشبي، وترقب الضوء الأخضر لدفنه بمقبرة العين البيضاء، وكما يقول محدثنا فهي الخطوة الأصعب، لأنهما كثيرا ما يواجهان مواقف جد مؤثرة مع أقارب الضحية.

حادثة لا تنسى!

ويذكر أسامة أنه عاش حادثة لن ينساها ما دام حيا، تخص شابا في الـ23 ربيعا، الذي كان رفقة شقيقته بالحجر الصحي بعد ما أصيبا بفيروس كوفيد 19، وسمعا بنبأ وفاة والدهما بنفس الداء، في مستشفى آخر، لتنفجر عيون الولدين بالدموع ويطلقان العنان للصراخ ودخلا في حالة هستيرية، تأثر بها كل من كان بالمصلحة، حيث كانت أمنية الشاب الوحيدة أن يحضر جنازة والده، بعد تشاور وتفكير من طرف المصالح الأمنية والطبية تقرر السماح للابن بالتنقل على متن سيارة إسعاف مرفقة بسيارات الشرطة إلى المقبرة، وقد تعمد أسامة – يقول – أن يترك للابن حرية تامة في الجلوس أمام تابوت والده المغلق، لتوديعه وما أصعب تلك اللحظات، ثم حمل الجثمان مع المشيَعين وهو يرتدي بذلة وقائية حتى لا ينقل العدوى للآخرين، ووضعوه في الحفرة، ثم رمى عليه التراب، فبعث الله في روح الشاب طمأنينة وثباتا وتلاشت علامات التوتر والاضطراب وعاد للمصلحة بقلب صبور ورزين، ولعلها أكثر المواقف الحزينة التي عاشها أسامة ومرافقوه، كما حكى لوعة الفراق مع عائلته التي لا يراها سوى عبر كاميرا الهاتف، لأنه يقيم منذ بداية الأزمة الصحية في الفندق، حفاظا على سلامة عائلته، فكلما حادث والديه إلا ويبذل جهدا لإخفاء دموعه حتى لا يحسا بما يعانيه، مصرا على مواصلة المهمة لغاية القضاء نهائيا على الكورونا، إما النصر وإما الشهادة.. مثل ما حدث لزميله شهيد الواجب سائق سيارة الإسعاف بمستشفى بوفاريك يقول أسامة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • Aziz

    نائم في البرلمان ثلاثين مليون سنتيم و كلش خالص . و زيد شوماج و خالص .
    لا تحزن خويا خاين ربي . راك في الجزائر

  • zino

    نقل الدم من وهران الى الجزائر بسيارة الاسعاف !!!!!??? وراهم المروحيات تع الحماية والمدنية والطائرات الصغيرة.....لربح الوقت

  • حسين

    هؤلاء هم الوطنيين الذين يستحقون الإعانة و الوقوف معهم و ليس من يأكل الغلة و يسب الملة ناكرو الجميل وهم كثر

  • حماده

    الله أكبر ، هؤلاء هم رجال الجزائر الشجعان

  • Mohamed

    Ce que le gouvernement doit faire d'augmenter son prime de risques vers 15000 Dinard

  • ابو نوفل

    والله لا نملك لك ولأمثالك المخلصين إلا الدعاء، وأوله نسأل الله لك العفو والعافية، وان تكون ومن مثلك في الجنة، مع النبئين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا... امين

  • كلمة انصاف

    اللهم احفظه و جميع اخواننا و اخواتنا الذين لم يولوا ادبارهم فارين. اقترح مراجعة اجور هؤولاء الشجعان و فتح صندوق تبرع وطني لفائدة الدخل المحدود و كل يتبرع بما استطاع لباس لعب مال الات اكل توزيعها بكرامة و كرم على اخواننا هؤولاء و اعطائهم حقوقهم كاملة في السكن النقل العلاوات المعاش. و الله المستعان.

  • عبد الرحيم خارج الوطن

    عيب والهل عامل يومي يتلقى ٢٠٠٠٠ دينار، ماذا تفعل له، انا هنا اتكلم للناس تفهم، ساعطي قاعدة عامة تفصل في آلاف الصفحات، القاعدة السليمة، السياسة يجب أن تعمل على الرفع من الضروريات و الخفض من الكماليات، فبدل من ان يتمتع واحد بشراء كل كماليات العالم سيارة من ألمانيا و هاتف من كوريا و رخام من اسبانيا... و يعاني واحد في اكل الخبز و الحليب، يجب ان تعكس الاية، سيارات ما سديس اقل و حافلات وطنية اكثر،... الحل سهل جدا جدا، لكن هناك علوم زائفة ادت إلى هلاك الأمم،الاقتصاد ليس علما، و ان احتوى بعض العلوم و استعان بها، لو كان علما كان كل الملياردير ات علماء و لما تحول جهلة و محدودي التعليم الي أثرياء.

  • Omar one dinar

    Un million de centime pour un chauffeur dembillance sa va comme meme...cest bien le prix dune coiffure pour une femme dun haydraouist

  • ديار الغربة المرة

    والله غلبتني الدموع لم أجد ما أقوله الاٌ
    جعل الله عز و جل عملك سبب في دخولك الجنة بغير حساب و سابقة عذاب ...الله يحفظك بحفظه و يسترك بستره ❤