-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أثر القوة القاهرة على المواعيد الإجرائية

الشروق أونلاين
  • 1589
  • 0
أثر القوة القاهرة على المواعيد الإجرائية
ح.م

يجتاح وباء الكورونا دول العالم ومنها الجزائر، وقد أحدث تأثيرا بالغا في جميع الميادين، وأمتد تأثيره إلى الميدان القانوني. ولذلك يبقى السؤال مطروحا حول مدى تأثيره على التصرفات القانونية والخصومات القضائية ؟ وإذا كان الأصل المنصوص عليه بالمادة 107 من القانون المدني، يقضي أن العقد شريعة المتعاقدين، فيجب تنفيذه طبقا بما اتفق عليه، ولايجوز لأحدهما أن ينقضه.

غير أنه قد تقع حوادث في المجتمع غير المتوقعة ويجعل تنفيذ الالتزام مرهقا للمدين، بل يهدده بخسارة جسيمة، وهذا ما يعرف بالظروف الطارئة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة المذكورة أعلاه. وتؤدي هذه الظروف إلى تعديل الالتزام و لا تلغيه. وقد تقع حوادث تؤدي إلى إعفاء المدين من تنفيذ التزامه، وأحيانا قد توقف تنفيذه ولا يتوقف أثر القوة القاهرة على التصرفات القانونية، بل يمتد إلى المواعيد الإجرائية.

وتبعا لذلك، سأتطرق إلى تعريف القوة القاهرة وأثرها على المواعيد الإجرائية، ثم تحديد هذه الأخيرة التي تؤثر فيها القوة القاهرة، والشخص إذا لم يمارس حقه الإجرائي خلال الميعاد القانوني تعرض إلى السقوط، وقد تقع حوادث لا تؤدي إلى سقوط الحق الإجرائي، بل تؤدي إلى وقف الميعاد، وقد يحدث أن يقع النزاع حول سقوط الحق الإجرائي، ومن ثم يجب الفصل في هذا النزاع.

وتبعا لذلك، سأتطرق إلى دراسة هذه المسائل على الوجه التالي:

أولا: التعريف بالقوة القاهرة:

أن كثيرا ما تقع الحوادث في المجتمع ويرتب عليه القانون أثارا قانونية، ومن ثم يبقى السؤال مطروحا حول متى يكون الحادث قوة قاهرة، تترتب عليها الآثار القانونية، فإذا رجعنا إلى التشريع، فلا نجده يعرف القوة القاهرة وعادة ما يصف المشرع القوة القاهرة بالسبب الأجنبي لا يد للشخص فيه، ومن ثم قد ترك أمرها لاجتهاد القضاة والفقهاء.
ويشترط في الحادث الذي يشكل القوة القاهرة، أن يكون غير ممكن التوقع ومستحيل الدفع، وهما الشرطان الواجب توافرهما في القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ، وبتوافرها يتوافر السبب الأجنبي، ويؤدي إلى قطع علاقة السببية التي يعفي المدين من المسؤولية ووقف المواعيد الإجرائية.
ومن الأمثلة على القوة القاهرة الحرب، لأنها مستحيلة الدفع وغير ممكن التوقع، وإضراب قطاع المواصلات أو حدوث وباء طارئ.
ويترتب على القوة القاهرة، إعفاء المدين من تنفيذ التزامه، بل قد تؤدي إلى وقف تنفيذه لحين زوال الحادث.
ويبقى السؤال مطروحا حول الوباء الذي يجتاح المجتمع الجزائري منذ عدة شهور، والمعروف بفيروس الكورونا، فهل يشكل هذا الوباء القوة القاهرة، تؤثر على التصرفات القانونية وعلى سريان مواعيد الطعن ؟
مما لا شك فيه أنه وعلى إثر اجتياح هذا الوباء الجزائر قد ترتبت عليه آثار مست جميع أوجه النشاط في المجتمع وامتدت هذه الآثار إلى العلاقات القانونية، وبعد إعلان حالة الحجر الصحي، توقفت المواصلات عبر الوطن، بل وداخل الولاية الواحدة، وغلق المؤسسات والإدارات العمومية في وجه الجمهور، وامتد هذا الغلق إلى المؤسسات القضائية.
وإذا كانت النتيجة التي يمكن التوصل إليها أن وباء الكورونا يشكل حالة نموذجية للقوة القاهرة، وتتوافر في هذا الحادث الشروط المشار إليها أعلاه، وهي غير ممكن التوقع ومستحيل الدفع.
وفي هذا المقام لنا أن نتطرق إلى تحديد مواعيد الإجراءات التي تؤثر فيها القوة القاهرة، وذلك على الوجه التالي:

ثانيا: تحديد المواعيد الإجرائية:

تنقسم الحقوق إلى حقوق موضوعية، ينظمها القانون المدني والتجاري وقانون الأسرة وغيرها وحقوق إجرائية ينظمها قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
وهذه الحقوق سواء كانت حقوقا موضوعية أو حقوقا إجرائية، ليست حقوقا أبدية، بل يحدد القانون لكل حق ميعادا معينا فإذا لم يستعمل صاحب هذا الحق حقه خلال ميعاد معين أو أهمل في استعماله تعرض للزوال، ويخضع كل نوع لقواعد خاصة ينظم هذا الانقضاء.
وتبعا لذلك، يجب التمييز بين مواعيد التقادم ومواعيد السقوط، وتخضع الحقوق الموضوعية لميعاد التقادم، في حين أن الحقوق الإجرائية تخضع لميعاد السقوط.
وفي هذه المناسبة، ستقتصر دراستنا على المواعيد الإجرائية مستبعدين مواعيد التقادم لأن دراستها تدخل ضمن القواعد الموضوعية.
وتبعا لذلك سأتطرق إلى مواعيد سقوط الحقوق الإجرائية وذلك على النحو التالي:

ثالثا: سقوط الحقوق الإجرائية:

قد يخول القانون الشخص حقا إجرائيا كحق الطعن بالاستئناف أو النقض أو إلتماس إعادة النظر أو الطعن بالمعارضة وغيرها من الحقوق الإجرائية الأخرى، فيجب على صاحب الحق الإجرائي القيام بالعمل الذي يستند إليه هذا الحق خلال هذا الميعاد، فإذا لم يقم بهذا العمل خلال هذا الميعاد ترتب عليه سقوط الحق وليس البطلان، ومن الأمثلة على ذلك فإذا لم يرفع المستأنف استئنافه خلال ميعاد الاستئناف المحدد بشهر واحد ترتب عليه سقوط حق الشخص في الاستئناف ووجب على جهة الاستئناف أن نقضي في الاستئناف بعدم القبول وليس بعدم القبول شكلا، لأن الدفع بعدم القبول. يخضع لأحكام تختلف عن أحكام الدفوع الشكلية.
وترتيبا على ما تقدم، فإن السقوط جزاء، يترتب على عدم استعمال الشخص لحقه الإجرائي خلال الميعاد المحدد، ومن ثم لا يتحقق السقوط إذا تعلق الأمر بالحق الموضوعي، فإذا رفع الدائن الدعوى على المدين بعد انقضائها بمرور الزمن، فمن حق المدين أن يدفع بعدم قبولها لانقضائها بالتقادم.
ويتحقق السقوط كجزاء لانقضاء الميعاد الذي يجب القيام بالعمل خلاله وكذلك يتحقق السقوط كجزاء لعدم القيام بالعمل وفق الترتيب الذي يقتضيه القانون كالتمسك بالدفوع الشكلية بعدما خاض الخصم الكلام في الموضوع.
ويستخلص مما تقدم، فإن قانون الإجراءات المدنية والإدارية يمنح للخصوم مجموعة من الحقوق الإجرائية ويحدد لها ميعادا يجب على صاحب الحق أن يستعمل حقه خلال هذا الميعاد و إلا سقط حقه.
والمشرع يسعى من خلال تنظيم المواعيد لاستعمال الحقوق الإجرائية إلى استقرار المراكز القانونية للخصوم، ومن ثم تتعلق هذه القواعد بالنظام العام ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
والمواعيد الإجرائية تبدأ في سريان ابتداء من الواقعة التي يحددها القانون ولا تتوقف، غير أنه قد تقع حوادث في المجتمع تمنع صاحب الحق من استعمال حقه خلال هذا الميعاد، فهل تؤدي تلك الحوادث إلى إلغاء تلك المواعيد أو إلى انقطاعها أو إلى وقفها، وهي المسألة التي أتطرق إليها فيما إليها:

رابعا: وقف المواعيد الإجرائية:

يحدد القانون الواقعة التي تبدأ منها المواعيد، وسواء تعلق الأمر بالمواعيد المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية والإدارية أو المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية. وطبقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية، فإن مواعيد الطعن يبدأ سريانها من تاريخ تبليغ الحكم أو القرار سواء كان حكما غيابيا أو حضوريا ما لم يرد نص يقضي خلاف ذلك.
أما في قانون الإجراءات الجزائية، فهو يميز بين نوعين من الأحكام والقرارات، فالأحكام الصادرة حضوريا في مواجهة المتهم. فيبدأ سريان ميعاد الطعن فيها من تاريخ
النطق بالحكم أو القرار وبين الحكم الحضوري أو الغيابي فيبدأ سريان الميعاد من تاريخ تبليغ الحكم أو القرار.
والسؤال الذي يبقى مطروحا حول ما إذا بدأ سريان الميعاد في ظل أوضاع مستقرة، وقبل انقضاء الميعاد وقفه حوادث شلت الحياة الاجتماعية ومنعت الشخص من الحركة مثل الإضراب العام أو ووقوع زلزال أو حدوث وباء عام مثل وباء الكورورنا، وقد منعت تلك الحوادث صاحب الحق الإجرائي من استعمال حقه خلال هذا الميعاد، فهل يؤدي ذلك إلى سقوط حقه لانقضاء الميعاد رغم وقوع تلك الأحداث، أم أن تلك الأحداث تؤثر في سريان المواعيد وتؤدي إلى وقفها أو انقطاعها ؟ وهل كل الحوادث تؤدي إلى هذا الأثر ؟
وقد أجابت على ذلك المادة 322/1 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فقد جاء فيها ما يلي: ” كل الآجال المقررة في هذا القانون من أجل ممارسة حق، أو من أجل حق الطعن، يترتب على عدم مراعاتها سقوط الحق، أو سقوط ممارسة حق الطعن، باستثناء حالة القوة القاهرة أو ووقوع أحداث من شانها التأثير في السير العادي لمرفق القضاء “.
ويستخلص من هذا النص أن كل الاحذاث التي تقع في المجتمع لا يرتب ليها القانون أي أثر إلا إذا كان يوصف الحاذث بالقوة القاهرة او الحاذث المفاجئ، والأصل أنه وفي حالة عدم استعمال صاحب الحق الإجرائي حقه خلال الميعاد المحدد قانونا، يترتب عليه سوط الحق كقاعدة عامة، غير أنه يرد استثناءا على هذه القاعدة، وذلك في حالة القوة القاهرة.
غير أن المشرع لم يبين الأثر المترتب على حالة القوة القاهرة، فقد نص على
سقوط الحق الإجرائي إن لم يتم استعماله خلال الميعاد المحدد، وأستثنى من سقوط الحق الإجرائي قيام حالة القوة القاهرة، ولم ينص ما إذا كان يترتب على القوة القاهرة انقطاع الميعاد أم وقفه.
ولذلك يجب التمييز بين انقطاع الميعاد، فإذا بدأ الميعاد في السريان وانقطع، فإن المدة السابقة تزول ولايعاد سريان الميعاد إلا بعد إعادة تبليغ الإجراء إلى صاحب الصفة، وذلك كما عليه الحال في فقد الشخص أهليته بعد ما تم تبليغ له الحكم أو القرار فبفقد أهليته ينقطع الميعاد، ولا يعاد سريانه إلا بعد إعادة تبليغ الحكم إلى الوصي أو القيم، ويبدأ الميعاد من جديد، كذلك إذا تم تبليغ الحكم إلى المحكوم عليه، وأثناء سريان ميعاد الطعن توفي فينقطع الميعاد، ولايعاد سريانه إلا بعد تبليغ الحكم من جديد إلى الخلف العام.
وبين وقف الميعاد، ففي هذه الحالة وبعد زوال حالة القوة القاهرة، يعاد سريان الميعاد ويؤخذ بعين الاعتبار المدة السابقة على الوقف، ويستأنف الميعاد سيره في حدود ما تبقى من الميعاد، فيجب أن يرفع الطعن خلال المدة المتبقية من الميعاد.
ومن المتفق عليه فقهاء وقضاء أن قيام حالة القوة القاهرة، يترتب عليها وقف المواعيد التي بدأت في السريان أم المواعيد التي لم يبدأ في السريان بعد فلا تخضع لهذا الأثر.
إن اثر القوة القاهرة تخضع لها جميع المواعيد الإجرائية، سواء تعلقت بالمواعيد المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية والإدارية أوقانون الإجراءات الجزائية، مع
أن هذا الأخير لم يرد فيه نص يشير إلى القوة القاهرة بالنسبة لسريان المواعيد المنصوص عليها فيه.
ومادام لم يرد نص في قانون الإجراءات الجزائية، يخضع المواعيد الإجرائية لأثر القوة القاهرة، حينئذ يجب تطبيق أحكام المبادئ العامة في القانون، ذلك أنه ليس من العدل والإنصاف، ألا تخضع المواعيد الإجرائية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية، إلى أثر القوة القاهرة، ومن ثم وجب تطبيق الفقرة الأولى من المادة 322 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على المواعيد المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية باعتبار أن هذه الفقرة تشكل أصلا من أصول القانون، خاصة وأن قانون الإجراءات الجزائية قد أحال على قانون الإجراءات المدنية والإدارية فيما يتعلق بمواعيد التكليف بالحضور والتبليغات. ومنثمفإنالقوةالقاهرةتؤثرفيسريانالمواعيدالإجرائيةالمنصوصعليهافيقانونالإجراءاتالجزائية.
ويجب أن تبدأ المواعيد الإجرائية في السريانه قبل وقوع الحادث المشكل للقوة القاهرة، وقبل انقضاء سريان الميعاد حدثت القوة القاهرة، فيترتب عليها وقف الميعاد، ومن الأمثلة على ذلك، أن يبلغ الحكم في مادة من المواد المدنية، وبالتالي يبدأ الميعاد في السريان.
إن ميعاد الاستئناف محدد بشهر واحد وقد انقضى على سريان مدة 15 يوما وحدثت القوة القاهرة وقد بقي من الميعاد 15 يوما، فيجب أن يرفع المستأنف استئنافه خلال المدة المتبقية تحسب من تاريخ زال القوة القاهرة أي من تاريخ رفع حالة الحجر الصحي.
وتبعا لذلك، فإن القوة القاهرة لها تأثير على سريان مواعيد الطعن، فتؤدي إلى وقفها، وتحسب في هذه الحالة المدة السابقة على الوقف. وتباشر إجراءات الطعن بعد زوال القوة القاهرة خلال المدة المتبقية من الميعاد وهي 15 يوما، ويتكون الميعاد من المدة السابقة على الوقف والمدة الباقية التي يجب أن يرفع فيها الطعن، فإذا بدأ سريان الميعاد، ولم يستعمل صاحب الحق الإجرائي حقه خلالهولم تقع حوادث تؤدي إلى وقفه ترتب عليه السقوط.
غير أن السؤال سيبقى مطروحا حول كيفية التمسك بالقوة القاهرة التي تمنع السقوط، فهل يتم التمسك بها كدفع أم يتمسك بها بواسطة الدعوى أو يتم تقديم الطلب طبقا لإجراءات العمل الولائي ؟ وهي المسألة التي أتطرق إليها فيما يلي:

خامسا: كيفية التمسك بالقوة القاهرة:

تنص الفقرة الثانية من المادة 322 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، على
ما يلي: ” يتم تقديم طلب رفع السقوط إلى رأسه الجهة القضائية المعروض أمامها النزاع، يفصل فيه بموجب أمر على عريضة غير قابل لأي طعن، وذلك بحضور الخصوم أو بعد صحة تكليفهم بالحضور “.
ويستخلص من هذا النص، أن طلب رفع السقوط يقدم إلى رئيس الجهة القضائية المعروض أمامها النزاع طبق الإجراءات العمل الولائي.
ومع ذلك يطرح التساؤل التالي متى يتم تقديم هذا الطلب، فهل يتم تقديمه قبل مباشرة إجراءات الطعن أم يتم تقديمه بعد مباشرتها ؟
إجابة عن ذلك، نقول: أنه من حق صاحب المصلحة أن يباشر حقه في الطعن، ويتمسك في عريضة الطعن بالقوة القاهرة ويبين فيها أنه يباشر حقه في الطعن خلال الأجل المتبقي من الميعاد بعد زوال حالة القوة القاهرة؛ وهذه الأخيرة تفد واقعة مادية تقبل إثباتها بكافة طرق الإثبات بما فيها القرارات الإدارية التي أعلنت حالة الحجر الصحي، والقوة القاهرة باعتبارها مسألة موضوعية تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع، فلا يخضع لرقابة المحكمة العليا.
فإذا دفع المطعون ضده بعدم قبول الطعن لرفعه خارج الأجل القانوني، ففي هذه الحالة، يجب على الجهة القضائية المعروض أمامها النزاع أن توقف الفصل في القضية، وتحدد أجلا للطاعن لتقديم طلب رفع السقوط أمام رئيس الجهة القضائية وهذه الأخيرة ستفصل في الطلب بموجب أمر على عريضة غير قابل لأي طعن، أما برفع السقوط وفي الحقيقية ان الحقالاجرائياذاتعرضللسقوطفلايعودللحياة٫وبالتاليلايمكنرفعهوإنماالمقصودمنذلكاذاوقعنزاعبينالطرفينحولسقوطالحقالاجرائيسيفصلفيهبالرجوعماإذارفعالطاعنطعنهخلالالاجلالمتبقىفيكونمقبولا٫أماإذارفعهخارجالاجلفيحكم برفض الطلب، غير أن المشرع قد خرج عن المبادئ العامة في القانون بدون مسوغ، وعن قواعد المنطق السليم، ذلك أن مسألة قيام حالة القوة القاهرة التي يترتب عليها وقف المواعيد، تطرح أمام الجهة القضائية التي تفصل في النزاع في شكل دفع، وإن الفصل بين النزاع والدفوع التي تثار بشأنه، هو فصل لا يستقيم مع طبيعة العمل القضائي، حيث يتم الفصل في أصل النزاع من جهة قضائية تختلف عن الجهة التي تفصل في هذا الدفع، وبذلك يتم تقطيع أوصال النزاع الواحد، وهذا ما يتناقض مع المبدأ العام الذي ينص على أنقاضي الأصل هو قاضي الدفع.
وأن الأمر الذي يصدر في هذه الحالة غير قابل لأي طعن، وبذلك يكون المشرع باب الاجتهاد القضائي، وهذا ما يجعل الفقرة الثانية من المادة 322 تتناقض مع أحكام المادة 171 من الدستور، حيث جاء فيها ما يلي: ” تضمن المحكمة العليا ومجلس الدولة توحيد الاجتهاد القضائي في جميع أنحاء البلاد، ويسهران على احترام تطبيق القانون “.
والمحكمة العليا لا تستطيع توحيد الاجتهاد القضائي أو تعمل رقابتها على احترام تطبيق القانون إلا عن طريق الطعون المرفوعة إليها في الأحكام والقرارات والأوامر الصادرة عن المحاكم والمجالس القضائية.
وبالتالي أصبحت الفقرة المشار إليها أعلاه غير دستورية، لأنها تمنع المحكمة العليا من حقها في الرقابة القانونية على أحكام وقرارات المحاكم والمجالس القضائية.
ولإزالة التناقض بين المادة 171 من الدستور والفقرة الثانية من المادة 322 من قانون الإجراءات المدنية فعلى صاحب المصلحة عندما تفصل الجهة القضائية في طلب رفع السقوط. أن يطعن في هذه الفقرة بعدم دستوريتها، تأسيسا على منع المحكمة العليا من حقها في توحيد الاجتهاد القضائي ومن ممارسة حقها في الرقابة القانونية على أعمال القضاة ويتم طرح القضية على المجلس الدستوري للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة المشار إليها أعلاه، وهذا هو الحل القانون لحل هذه القضية لإعادة الاختصاص لقاضي الأصل أن يفصل في الدفع انسجاما مع ما أستقر عليه في الفقه والقضاء أن قاضي الأصل هو قاضي الدفع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!