-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
منحت عن طريق منح الامتياز لرجال أعمال وأبناء مسؤولين وضباط سابقين

أراضٍ فلاحية وسياحية تحولت إلى محميات “محظورة”

نوارة باشوش
  • 5854
  • 0
أراضٍ فلاحية وسياحية تحولت إلى محميات “محظورة”

تحوّلت جلسة اليوم الأول من محاكمة الوزير السابق للسكن، عبد الوحيد طمار، إلى مناظرة في القانون العقاري، حيث واجه قاضي القطب الجزائي الاقتصادي والمالي، طمار بحقائق تعديه على أراض ذات طابع غابي وفلاحي والأملاك العمومية البحرية المحمية، لتصبح مناطق  ” cap.ivi، الصابلات، خط غرينيش، سوق الليل بولاية مستغانم، إلى محمية “محظورة، “يسري عليها قانون “الأقربون أولى بالمعروف”، لمنح الامتياز لذوي النفوذ وأفراد أصحاب مسؤوليات عليا في البلاد..

إلا أن المهندس المعماري والخبير العقاري المعتمد من طرف القضاء لأزيد من 15 سنة، الوزير طمار، استجمع واستظهر كل الأدلة والقرائن، لإسقاط تهم المساس بأملاك الدولة التي قال عنها إنها “خط أحمر”، وإن غايته كانت استحداث ولاية “نموذجية” والخروج من النمط البيروقراطي الذي كان يسير عليه ولاة الجمهورية.

طمار: لو مازلت في المنصب لما سرت على نفس النهج

ويتابع المتهمون في ملف الحال بوقائع خطيرة، حيث وجهت إليهم 10 جنح ثقيلة، تضمنها قانون مكافحة الفساد والوقاية منه 01 / 06، تتعلق بالتزوير في المحررات العمومية بإحداث تغيير في المحرر، التبديد والاستعمال غير الشرعي لأموال عمومية عهدت إلى موظف بحكم وظيفته، منح امتيازات غير مبررة للغير، مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية، استغلال النفوذ، استغلال الوظيفة، تغيير الطابع الفلاحي لأرض مصنفة فلاحية، المساس بالأملاك الوطنية والمساس بوضعية الساحل الطبيعية.

وزيرة التربية السابقة نورية بن غبريط تغيب عن جلسة المحاكمة

وفي حيثيات وقائع الحال، فإن وزير السكن السابق، طمار عبد الوحيد، بصفته الوالي السابق لمستغانم، قام بمنح قرارات منح الامتياز في إطار الاستثمار السياحي بمنطقة التوسع السياحي cap.ivi  ببن عبد المالك رمضان، بولاية مستغانم، ولعدة مستثمرين من أصحاب المال والنفوذ وأبناء ضباط سابقين وسياسيين، بطرق غير قانونية، بناء على توصيات، على غرار منح قطعة أرضية لرجل الأعمال كونيناف طارق نوا، لإنجاز مركب سياحي، في حين استفاد نجل الوزير الأول الأسبق، سلال فارس، من قطعة أرض لإنجاز مصنع لصناعة البسكويت والشوكولاكة، بالمنطقة الصناعية “البرجية”، إلى جانب مؤسسة الاستثمار الفندقي لمسيرها ملزي، بمساحة تقدر بـ 63765 متر مربع لإنجاز فندق للمعالجة بمياه البحر، وspa  لمسيرها عبد المالك صحراوي، بموجب محضر دون رقم مؤرخ في 27 جويلية 2017 بمساحة تقدر بـ 59763 متر مربع لإنجاز إقامة سياحية وغيرهم.

هذا، وقد انطلقت الخميس، بمحكمة القطب الجزائي الاقتصادي والمالي لسيدي أمحمد، محاكمة الوزير السابق للسكن، عبد الوحيد طمار، بصفته والي ولاية مستغانم، و42 متهما من رجال الأعمال وأبناء المسؤولين وضباط متواجدين في السجون المدنية والعسكرية و14 شركة متهمة في الملف كأشخاص معنويين، كما تضمن الملف 29 شاهدا، أغلبهم لم يحضروا جلسة أمس خلال المناداة على أسمائهم من قبل القاضي، على رأسهم الوزيرة السابقة “نورية بن غبريط” ورجل الأعمال متيجي حسين، إلى جانب ممثلين عن عدة بنوك، منها بنك الفلاحة والتنمية الريفية والبنك الوطني الجزائري.

وبعد أن قام قاضي القطب الجزائي الاقتصادي والمالي، الفرع الثالث، بالمناداة على المتهمين والشهود والأطراف المدنية، أفسح المجال هيئة الدفاع حتى تقدم دفوعاتها الشكلية، التي أجمعت على ضرورة بطلان إجراءات المتابعة وإسقاطها بقوة القانون، نظرا إلى تقادم الوقائع.

ومن جهته، فإن محامي الدفاع عن الوزير السابق للسكن، عبد الوحيد طمار، الأستاذ أحمد جوهرة، ركز خلال تقديمه الدفع الشكلي على ضرورة إسقاط المتابعة ضد موكله، لكون الوقائع تحركت بناء على رسالة مجهولة، وهو ما يتعارض مع تعليمة رئيس الجمهورية رقم 05 المتعلقة بمعالجة التبليغ عبر الرسائل المجهولة.

وأوضح جوهرة أن بداية الملف كانت على معلومات مدونة في رسالة مجهولة المصدر، غير أن التحقيق سار عكس ذلك، كما أن الوقائع التي أسست عليها المتابعة كانت بناء على الرسالة المجهولة ومعطيات كاذبة. وهذا ما هو ثابت من خلال محاضر الضبطية القضائية، قائلا: “سيدي الرئيس، في إطار وضع حد للرسائل المجهولة الموجهة من إطارات الدولة، وبموجب تعليمة رئاسية رقم 05 المؤرخة في 2020، فقرتها الثانية، أصدر رئيس الجمهورية هذه التعلمية التي مفادها الفصل بين أخطاء التسيير الناجمة عن سوء التقدير والتصرفات العمدية التي تستوجب إجراء التحريات اللازمة بشأنها “.

وعلى هذا الأساس، طلب المحامي بطلان إجراءات المتابعة ضد موكله، عبد الوحيد طمار، فيما رد عليه وكيل الجمهورية بأن التعليمة صادرة في سنة 2020 والتحقيق انطلق في 2019.

ومن جهتها، فإن هيئة الدفاع عن رجل الأعمال طارق نوا كونيناف، أكدت أن مؤسسة الترقية العقارية “TRACKX ” لم يتم تعيين ممثل قانوني لها، ومع هذا وجهوا إليها الاتهام.

وبعد الفراغ من تقديم المحامين للدفوعات الشكلية، شرع قاضي القطب الجزائي الاقتصادي والمالي، الفرع الثالث بسيدي أمحمد، في استجواب المتهمين. والبداية، كانت من المتهم الرئيسي في ملف الحال، الوزير السابق للسكن، عبد الوحيد طمار.

طمار: لم يضغط علي أحد أو “خلصلي قهوة”

  • القاضي: السيد طمار.. أنت متابع بجنح التزوير واستعمال المزور في وثائق تصدرها الإدارة واستغلال النفوذ وتبديد أموال عمومية ومنح امتيازات غير مبررة للغير والتعدي على الملكية العقارية وتغيير الطابع الفلاحي والمساس بوضعية الساحل. ما ردك..؟

طمار: شكرا سيدي القاضي.. بعد سنتين من تواجدي في السجن، أغتنم هذه الفرصة لأوضح نقطتين هامتين. الأولى وقبل أن أخوض في الحديث يجب أن أعرف بنفسي.. فأنا طمار عبد الوحيد، إطار جزائري، خريج الجامعة، اختصاص الهندسة المعمارية، في سنة 1996 تحصلت على شهادة عليا في التعمير، وفي 2009 تحصلت على شهادة تسيير المدن في ماليزيا”.

وأضاف: “في مساري المهني، كخبير، أنا مثلت الجزائر في عدة محافل دولية، على سبيل المثال: أجريت عدة مداخلات وأبحاث في مدينة وهان بالصين الشعبية ونابولي في إيطاليا وفي تونس والرباط وباريس وإسنطبول، كان آخر لقاء في ليفربول في ديسمبر 2018. هذا من ناحية الخبرة الدولية، أما خبير قضائي لأكثر من 15 سنة، معتمد من طرف العدالة وخبير في المجال العقاري، كان لي شرف على الإشراف على تربص القضاة من 2005 إلى 2011 اختصاص عقاري، وعالجت عدة قضايا بطلب من القضاء، كما ألقيت عدة محاضرات في النزاعات العقارية والتعدي على العقار في وهران”.

وواصل طمار: “بالنسبة لمساري المهني، فإنني تقلدت عدة مناصب من أبسط مهندس معماري إلى منصب مدير عام في وزارة السكن، مرورا بوالي الجمهورية لولاية مستغانم، وصولا إلى منصب وزير السكن من تاريخ 1 أوت 2015 إلى غاية 19 أوت 2017. سيدي الرئيس، من المفروض أن ألتحق بمنظمة الإسكان بالأمم المتحدة وإلى حد الساعة، أنا أتلقى رسائل في البريد الإلكتروني.. لكن، تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن.. فاحتراما لبلدي، “حشمت نجاوب مديرة المنظمة، بأنني في السجن. ولأول مرة، في هذا المنصب، يتم تعيين جزائري بالاسم الشخصي، لكن، للأسف، سنتان وأنا في السجن، لا أستطيع رؤية ابني ذي 10 سنوات، كما أنني مريض جدا، فمنذ يومين فقط خرجت من المستشفى”.

وتابع المتهم: “عام 2015، تم تعييني من طرف وزير الداخلية كوالي ولاية مستغانم. وبعد 4 أيام من مباشرة عملي على رأس الولاية، استدعيت من طرفه “وزير الداخلية”، الذي شدد علي من خلال تعليماته على ضرورة إخراج ولاية مستغانم من النمط البيروقراطي، التي كان يسير عليها باقي الولاة، وفقا لخريطة الطريق التي سطرها. وبعدها، بدأت عملي في شهر أوت، وحاولت معرفة حوصلة الولاية، كما أن الوقت أخذ تقريبا 3 أشهر، وقمت بعملية التشخيص لمعرفة الاستثمار في الولاية”.

وفصل الوزير السابق للسكن بخصوص طبيعة الاستثمار قائلا: “بالنسبة للاستثمار الصناعي، سجلت لأول وهلة افتقاد الولاية مناطق صناعية، اللهم إلا بعض المناطق ذات النشاطات الصغيرة المشبعة وليس فيها عقار، أما بالنسبة للاستثمار السياحي، فإن الولاية تتوفر على 120 كلم، فيها 16 منطقة توسع سياحي فيها قدرات تفوق 185 ألف هكتار، كما أن الولاية منذ مرسوم 1988 لم تعرف الاستثمار في هذا المجال، ماعدا منطقتي cap.ivi والصابلات، مع أن الولاية سياحية ذات مناظر خلابة، لكن للأسف تفتقد تماما الاستثمار، بل الأكثر من ذلك، فهي تتضمن أفقر البلديات في الجزائر، رغم أن برنامج الحكومة كان فيه 50 منطقة صناعية، ومستغانم لا توجد فيها، لكن الاستثمار بالمفهوم الجديد من إنتاج الحليب والصناعات التحويلية لا يوجد استثمار”.

وعلى نفس الشاكلة، بالنسبة للاستثمار الفلاحي، يقول طمار: “سيدي الرئيس.. الولاية لا تتوفر أيضا على الاستثمار الفلاحي بالمفهوم الجديد على غرار غرس الأشجار المثمرة وإنتاج الحليب”.

  • القاضي: ما هي مؤهلات الولاية وكيف تستغلونها؟

طمار: ولاية مستغانم تتوفر على ميناء شبه منعدم الحركة، وسكة حديدية متوقفة تماما.. وحدث ولا حرج بالنسبة لمدرج المطار، الذي تم إهماله تماما لسنوات عدة، كما أن الولاية فيها مشروع طريق السيار على طول 66 كلم لكن تم تجميده، كانت هناك يد عاملة شبانية قوية، لكن لم يتم استغلالها “.

وأردف قائلا: “بعد التشاور، سطرنا ورقة الطريق وكان لابد من خلق المنطقة الصناعية، ولهذا السبب، اخترنا منطقة “البرجية”، لكن يعيق ذلك إشكال التهيئة، ودافعنا مع ذلك مع وزارة الأشغال العمومية والداخلية من أجل حل هذا المشكل، أما بالنسبة للاستثمار السياحي، سجلنا عدم تواجد مناطق سياحية في الولاية إلى منطقة عبد المالك رمضان، ولما لاحظت أن الدراسات كانت ناقصة من الطابع القانوني طلبت من مدير مسح الأراضي أن يزودنا بمخططات، حتى يتم أخذ القرارات الصحيحة التي لا تحتمل الخطأ، ونفس الشيء بالنسبة للاستثمار الفلاحي.. سيدي الرئيس، فأنا خططت لمشروع إنتاج الحليب أو ما يعرف بـ “حوض الحليب” بـ 10 آلاف رأس بقرة لإنتاج 20 مليون لتر من هذه المادة الأولى المستهلكة من طرف الجزائريين، ما سيقلص فاتورة الاستيراد من 10 إلى 15 بالمائة”.

وكان الوالي في كل مرة يستظهر لهيئة محكمة القطب نماذج من مخططات الوكالة الوطنية لتطوير وتنمية السياحة ANDT، تخص مناطق التوسع السياحي بطابعها القانوني، كما استظهر مخططا آخر يثبت فيه أنه استعمل نسبة ضئيلة في منح قرارات الاستثمار بالنسبة للمساحة التي تمتلكها الدولة، موضحا أنه عندما غادر الولاية ترك وراءه غلافا ماليا خاصا بالاستثمار الصناعي، كما تمكن من انتزاع مبلغ 500 مليون دينار من وزارة الداخلية لإنشاء ما يعرف بـ “حوض الحليب”. وقد قدمت جميع المخططات لوزراء الداخلية، السياحة والفلاحة وفعلا أردت أن أصنع من ولاية مستغانم ولاية “نموذجية”.

  • القاضي: وقائع الحال تقول إنكم منحتم عدة قطع أرضية..؟

طمار: سيدي الرئيس.. نحن لم نمنح القطع الأرضية، بل منحنا الامتياز لاستغلالها، لأن الأرض تبقى ملكا للدولة، زد على ذلك، فإن مراقبة العقار من صلاحيات مديرية مسح الأراضي، التي تقوم بتحديد المعطيات الخاصة بالأرضية على شاكلة المساحة، ثم تأتي المرحلة الثانية التي تعود على مديرية أملاك الدولة باعتبارها موثقا عموميا للدولة، وعلى مديرها أن يتحقق بأن هذه الأرضي فعلا ملك للدولة، قبل أن يوقع المستثمر على رخصة الاستغلال لتأتي المرحلة الأخيرة التي تتعلق بالإجراءات التي يقوم بها المحافظ العقاري”.

وأوضح الوزير السابق للسكن، أن الاستثمار يمر بـ 3 مراحل.. أولا إيداع الملف للحصول على العقار، والتحضير لإنجاز المشروع ثم الاستغلال، لكل قبل هذا الأخير، يجب أن يقوم المستثمر بشراء أو استيراد الآلات، وتوفير اليد العاملة حتى نقول إن هذا الاستثمار قد تحقق. وقال: “سيدي الرئيس.. كنت أسهل الإجراءات إلى أبعد الحدود. لكن، هناك متابعة لصيقة للمشروع. بالمقابل، لا يوجد هناك إقبال للمستثمرين، كانوا جميعهم يتوجهون نحو ولاية وهران. وعلى هذا الأساس، قمت بالدعاية عبر التلفزيون الجزائري، ناهيك عن نشر وتوزيع الملصقات بأموالي الخاصة”.

وأضاف المتهم: “عندما كنت واليا نجحت في إعادة الحركة لميناء مستغانم، من خلال فتح خط بحري من الولاية في اتجاه فالونسيا، أليكانت، برشلونا. وكنت على وشك فتح خط بحري يربط مستغانم بمرسيليا، وكنا بصدد إنشاء محطة للمعالجة بمياه البحر بين قطر والجزائر”.

أما بالنسبة للسكك الحديدية، يقول طمار: “فقد أعدت بعثها بعد توقف دام 20 سنة، من خلال تفعيل الخط الرابط بين مستغانم ووهران. ولم أتعرض لأي ضغط من أي طرف ولا أحد “خلصلي قهوة”، كنت أستقبل المستثمرين، لكن لا أقبل الرداءة.. سيدي الرئيس.. الخبرة القضائية أثبتت أن جميع الاستثمارات التي خططت لها كانت الأحسن بامتياز، خاصة “حوض الحليب”، وكان شعاري دائما “على كل واحد أن يتحمل مسؤوليته”، وأنا لم ولن أندم على ما قدمته لبلدي، ولو مازلت كوال لما سرت على نفس النهج”.. “السكر والضغط حكمني في ولاية مستغانم”.

  • القاضي: من بين الأعباء والأشياء السلبية التي تقع على عاتقك، منح أزيد من 100 قرار منح الامتياز دون مرورها على ” DRAG “، فما هي شروط التي تتأكد منها أنت، والواجب توفرها من ناحية الاستثمار..؟

طمار: سيدي الرئيس.. هناك مخطط للاستثمار الفلاحي، السياحي والصناعي. ولعلمكم، يمكن إقامة مشاريع سياحية خارج مناطق التوسع السياحي، على غرار “غريوس وإبيز”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!