-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أزمة‭ ‬الديون‭ ‬الأمريكية‭ ‬والفقر‭ ‬يغيّر‭ ‬مكانه

بشير مصيطفى
  • 9691
  • 14
أزمة‭ ‬الديون‭ ‬الأمريكية‭ ‬والفقر‭ ‬يغيّر‭ ‬مكانه

أبدى الرئيس الأمريكي في آخر ظهور له، الاثنين الماضي، تشاؤما واضحا بخصوص مستقبل الديون العمومية على كاهل أقوى اقتصاد في العالم على الاطلاق.

  • وقال رجل الديقراطيين الأول بأن استمرار حالة التجاذب بين الحزبين الكبيرين في مجلس الشيوخ لغاية الثاني من شهر أوت المقبل يعني تعثر واشنطن عن سداد ما عليها من ديون سيادية تجاه كل من الصين واليابان والعربية السعودية ودول أخرى وتجاه أسواق المال التي قامت بضبط تصنيفها للاقتصاد الأمريكي نحو الأدنى لأول مرة في التاريخ.
  •       وتبلغ ديون أمريكا حتى الساعة 14.3 ترليون دولارا ما يعني 75 بالمائة من إجمال الناتج القومي وهو الحد المسموح به في إطار القانون الأمريكي، ولجأت الخزانة الأمريكية مؤخرا إلى التصرف في فوائض صناديق التقاعد التي طالت جزءا منها أزمة االرهن العقاري في سبتمبر العام 2008 مما عقد من وضعية مالية الدولة، حيث أمست في مواجهة داخلية وأخرى خارجية. فماذا تخفي الأيام لاقتصاد حجمه يلامس 19 ألف مليار دولار ولكنه مثقل بالديون؟ وماهي الآثار المتوقعة على الاقتصاديات المرتبطة بالدولار ومنها الجزائر التي تحتل العملة الخضراء من‭ ‬صادراتها‭ ‬نسبة‭ ‬97‭ ‬بالمائة‭.‬
  •  
  • ملاذ‭ ‬القرار‭ ‬التنفيذي 
  •  إذا استمرت وضعية التجاذب بين أطراف الصراع الحزبي في واشنطن تحسّبا لربح معركة الرئاسيات العام 2012 فلن يقرّ مجلس الشيوخ أيّ قانون جديد يرفع من سقف الاستدانة من جديد  مما يرشح أمريكا لحالة التعثر عن سداد ديونها، ويضع الناخب الأمريكي وجها لوجه أمام صعوبات التمول سواء تعلق الأمر بأجور الموظفين أو منح المتقاعدين أو التحويلات الاجتماعية أو مخصصات الرعاية الصحية أو مستحقات القروض العمومية. وفي نفس الوقت ستتوقف الخزانة الأمريكية عن سداد أقساط الديون وفوائدها مما يجعلها عرضة لإعادة الجدولة بأسعار فائدة أعلى أو تعلن‭ ‬إفلاسها‭ ‬وهذا‭ ‬مستبعد‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬المركز‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬مازالت‭ ‬أمريكا‭ ‬تحتله‭ ‬عالميا‮. ‬
  • من الناحية التقنية يمكن لأوباما استخدام جزء من صلاحياته في التشريع بالقرارت التنفيذية دون المرور على الكونجرس أو مجلس الشيوخ لأجل الرفع من نسبة الديْن العمومي الى الناتج القومي إلى سقف 80 بالمائة أو 85 بالمائة ولو أن ذلك يؤدي إلى العودة مرة ثانية لأسواق المال وطرح سندات الخزانة بأسعار فائدة أعلى مما سيؤثر سلبا على قيمة الدولار ويحد من نجاعة السياسة النقدية الأمريكية في حفز الاستثمارات الداخلية، وفي الخارج سيعصف بالقيمة الحقيقة للتوظيفات الأجنبية في سندات الخزينة الأمريكية ـ ومنها مدخرات الجزائر وحجمها يقترب من 48 مليار دولار ـ مما سيدفع بالدول المستثمرة في تلك السندات إلى طرحها للبيع لقاء خسائر كتلك التي تكبّدتها البنوك وصناديق الاستثمار والمدخرون الصغار في حالة تدافعها لبيع الأسهم بين عامي 2007 و2008.
  •  
  • اللوبي‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬نجدة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي
  • وفي نفس الوقت تطبق واشنطن خطة تقشف عاجلة في المصاريف العمومية دون المساس بمصالح الشركات والمستثمرين الذين يجدون دعما مستمرا من الحزب الجمهوري. ويمكن لأوباما الاستنجاد باللوبي الصهيوني الذي يستحوذ على ذهب أمريكا والأوراق المالية في »وول ستريت« لقاء أوراق سياسية أخرى تدخر لإدارة الصراع في الشرق الأوسط مستقبلا. وهناك نافذة صغيرة يمكن للإدارة الأمريكية الاستئناس بها وتخص الصناديق السيادية في دول الخليج في مقابل السهر على حماية تلك البلدان من أي ثورة محتملة في ظل »الفوضى الخلاقة« التي أسست لها »كوندوليزا رايس‮«‬‭ ‬وتعيش‭ ‬يومياتها‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬‮»‬الربيع‭ ‬العربي‮«. ‬
  • وغير ذلك بوسع أمريكا تكرار مشهد خطة »بولسن« الشهيرة في نوفمبر 2008 وتعني ضخ السيولة بواسطة خلق الائتمان واشتقاق الدولار، وفي هذه الحالة سيتعرض الاقتصاد الأمريكي لصدمة تضخم  وركود لا أحد يستطيع التكهن بآثارها، خاصة وأن نفس الاقتصاد لايزال يعاني من تداعيات الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬الأخيرة‮. ‬
  •     وفي كل الحالات الممكن تصورها سيدفع المواطن الأمريكي الثمن غاليا بسبب سلوكه الاستهلاكي الذي جعله ينفق ما حجمه 5 مرات ما ينتج، وبسبب أخطاء المنظرين الاقتصاديين للبيت الأبيض في مقايضة الأهداف السياسية ـ وعلى رأسها الفوز بمنصب الرئيس ـ بسياسة التوسع في الإنفاق‭ ‬خارج‭ ‬دائرة‭ ‬القيود‭ ‬المالية‭ ‬أي‭ ‬الموارد‭ ‬المحلية‮. ‬
  •  
  • ما‭ ‬يقوله‭ ‬الإسلام
  • وَرَدَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله الشريف: »اخشوشنوا فإن الحضارة لا تدوم«، ويتداول في كلام المسلمين: »عش في حدود يومك«، ومعنى ذلك أن أي إنفاق للعون الاقتصادي في ظل الهدي الإسلامي يظل مقيدا بالامكانات الحالية أو المستقبلية المضمونة حقا. ولهذا تشتق الصكوك الاسلامية بناء على ما يقابل قيمتها من الأصول المضمونة فعلا، ويحرم في الإسلام اشتقاق الديون أو بيعها لأن ذلك يعني سيولة نقدية غير مضمونة المقابل، وهو عيْن ما وقع فيه الاقتصاد الأمريكي منذ أن فتحت واشنطن على نفسها أبواب جهنم خارج حدودها أي في كل من العراق‭ ‬وأفغانستان‭ ‬وفي‭ ‬قواعدها‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القارات،‮ ‬كما‭ ‬فتحت‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬أبواب‭ ‬‮»‬اقتصاد‭ ‬الرفاه‮«‬‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬أساسيات‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬متوسط‭ ‬إنتاج‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬الثروة‭ ‬القومية‭.‬
  •  ربما ستؤدي الأزمة المالية الأمريكية القادمة الى إعادة النظر في نظرية الاقتصاد السياسي وفي أدبيات توازن الأسواق التي تروج لها حاليا المدرسة »النقدوية« ومقرها في شيكاغو، أي في الداخل الأمريكي، وربما عاد »ساركوزي« الرئيس الفرنسي إلى طرح فكرته عن نظام نقدي‭ ‬عالمي‭ ‬جديد‭ ‬يحمي‭ ‬الاقتصاديات‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬السقوط،‮ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬السقوط‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬الحضارات‭ ‬يبدأ‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬يتخلى‭ ‬فيها‭ ‬الانسان‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬وسنن‭ ‬الله‮. ‬
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
14
  • علال أبو هلال

    يا أستاذنا، اشتقنا لمقالاتك التنويرية
    فمتى نرى منك الجديد؟
    لا تغب عنا

  • anis

    le début de la fin

  • ahmed

    السلام عليكم مبارك عليكم عيد الفطر اعاده الله علينا باليمن والبركة تقبل الله منكم صيامكم وقيامكم وعقبال 6 ايام شوال دكتور وعيدك مبارك مرة ثانية

  • حسين

    قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" . " لا خير في قوم لا يتناصحون ولا يقبلون النصيح "
    فالحل في العمل والعلم

  • mouloud

    هذا نتيجة لدعوات المضلومين والمسلمين منهم خاصة مما نالهم من شر أمريكا وربيبتهم إسرائيل ,والنصيحة المهمة في مقالك يا دكتور هي (إخشوشنوا فإن الحضارة لا تدوم) وكذلك (عش في حدود يومك) حيث يجب الأ خذ بالحيطة من مرحلة ربما الإنهيار وخضوع أكبر إقتصاديات العالم في يد الصهاينة المجرمين.
    ولكن لا ننسى قوله تعالى ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).

  • ADNAN

    اريد ان اسأل الدكتور
    هل هده الازمة الجديدة تعجل في سقوط الاورو وتفكيك الاتحاد الاوروبي

  • علال أبو هلال

    شكرا لك دكتور على مواضيعك التنويرية
    إن شاء الله نرى منك المزيد

  • mohamed w.ghardaia

    هي حرب استحواد على الثروات

  • SALIM

    لماذا تذهبو بعيدا..نحن مشكلتنا في ودائعنا لدى امريكا...هل ننتظر لنرى اموالنا و هي تختفي بفعل سقوط الدولار...الا يجب محاسبة المسؤل عن وضع هذه الاموال لدى امريكا...وحسب معلوماتي فهو شكيب خليل ..صاحب الفكرة..
    و الادهى و الامر ان الحكومة مازالت تتفرج بغباء و كأنها غير معنية....

  • أبو إسلام

    شكرا جزيلا و لكل بداية نهاية على ما يبدو، فانتهاج أمريكا لسياسة الإعتماد على أموال الغير في تسيير أمورها من منطلق الكل في خدمة الأقوى يجعلها تفقد تلك الخدمة مع الظهور المتزايد للصين، و الرأسمالية الشرسة للشركات الأمريكية المحلية التي لا تؤمن بالوطنية و مصالح الوطن الأمريكي أمام تحقيق أرباحها، حسب ما يبدو الحمار سيقف في العقبة، و سيعاني شعب هذه الدولة و سنشاهد حربا شرسة بين الشركات الكبرى للإستمرار و سيكون لأقواها السلطة في الدولة و على الأغلب هي الصهيونية منها، مما سيجعل أمريكا طيعة في يد اليهود

  • gaoui adnan

    hada film jedid fi houlioud u.s.a raha m3awla 3la haja 3la hadik galou rana fl keridi

  • فيصل

    كانت بريطانيا هي مركز القوة الاقتصادية العالمية وانتقلت إلى الولايات المتحدة بعد ذلك وستنتقل هذه القوة إلى إسرائيل ...

  • العربي

    سلام عليكم
    هذه هي نتائج ونهايات الأنظمة الربوية الاقتصادية المعتمدة على الربا المحرم في ديننا الاسلامي،وربما هي العودة والفكير جديا في تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي حتى من قبل الدول التي تقول أنها إسلامية..

  • عبد القادر

    ربما امريكا تخطط لهدف ووجدت طريقة الديون للوصول لهدفها