الشروق العربي
لتغليط العوانس..يطلقون اللحى ويلبسون الأقمصة ونصف الساق:

أشباه متدينين يمارسون الفاحشة تحت غطاء “زوجتك نفسي”

الشروق أونلاين
  • 157091
  • 43

تراهم يسدلون لحاهم الطويلة ويرتدون الأقمصة البيضاء، لا يفوتون فرضا ويجيدون اختيار ضحاياهم، فباسم الدين ينصبون على فتيات في عمر الزهور وأخريات راشدات يئسن وقنطن من تأخر زواجهن فاضطررن للرضوخ وقبول الزواج بأي طريقة حتى ولو كان ذلك بعبارة واحدة “زوجتك نفسي” أو “ملكتك نفسي”، عبارة سحرية يزعم صاحبها أنها تنقلهم من ستار العلاقات غير الشرعية فتكسبه صيغة الحلال على حسب اعتقادهم فيصبح العشيق زوجا بعيدا عن أعين الناس، والزنا المحرم زواجا مباركا، غير مدركين أنه سيدخلهم في متاهات زواج سري قد ينتج عنه أطفال غير شرعيين ويغرقهم في دوامة الحرام.

اختلفت صيغ الزواج السري في الفترة الأخيرة، ففي كل مرة يبتدع زواج جديد، فبين الزواج العرفي وزواج المتعة إلى زواج “فراندس”، وغيرها من المصطلحات التي تبيح للرجل ممارسة شهواته المحرمة بأغطية شرعية وهمية تكون ضحيتها بالدرجة الأولى امرأة ساذجة تهاب شبح العنوسة، فتلقي بنفسها في أحضان ذئب لم يستطع جمح شهوته فاتخذ الدين صبغة جديدة لإشباع نزواته.

كان من الصعب جدا الخوض في غمار الحديث مع الطالبات الجامعيات رغم أننا ندرك جيدا أن هذه الظاهرة متفشية بشكل كبير في وسط الطلبة المتدينين، فهم يختارون فتيات محتجبات وملتزمات ليملأوا رؤوسهن ببعض الكلمات مثل “أحبك في الله”، أود أن تكوني لي نعم الزوجة الصالحة فنكمل ديننا سويا وننقذ نفسينا من الفساد والفسق والفجور فتعينينني على أمور الدنيا والدين، وهو ما يجعل قلبها يرقص فرحا لتوافق سريعا، وبتكرر لقاءاتهما يحدثها عن وضعيته الاجتماعية الصعبة وظروفه، ثم يعرض عليها الالتزام بميثاق أمام المولى عز وجل وترديد عبارة “زوجتك نفسي” لتصبح بذلك حليلته، فهذه العبارة كانت السبب في ضياع مئات الفتيات. 

فكرة الموضوع راودتنا من خلال رسالة قصيرة لإحدى الفتيات عبر صفحة خاصة للمشاكل تثير جدلا واسعا على صفحة “الفايسبوك” تسرد فيها فصول معاناتها، فهي في الثلاثينات من العمر، خشيت زحف السنين عليها وتقدمها في العمر وبوارها فعزمت على الزواج، غير أن قلبها لم يكن يخفق سوى لشخص معين، وقد استطاعت التعرف عليه بحكم عمله كبائع للمسك والمصاحف بالقرب من المسجد، وبحكم ترددها على المسجد في كل مرة لأداء الصلاة أو الاستماع لحلقات الذكر، كبر الحب في داخلها ولم يعد بإمكانها السيطرة على مشاعرها، وبعد عدة لقاءات صارحها بظروفه الصعبة جدا ورغبته في وقاية نفسه من الخطيئة والشهوات فأهداها خاتما من الفضة ومصحفا وتزوجها بعبارة “زوجتك نفسي” دون أن يلمسها، ووعدها بالزواج الفعلي عندما تتحسن أحواله المادية، إلا أن هناك شخصا آخر جاهز تقدم لخطبتها وهي تخشى أن ترتبط به وهي على ذمة رجل آخر، وهو ما دفع بجموع المشتركين في الصفحة لمهاجمتها ومحاولة شرح البعد الديني والاجتماعي والأخلاقي للزواج والذي يعد حضور الولي الشرط الأساسي لصحته وجوازه، فالظروف الاجتماعية التي يتحجج الجميع بها ما هي إلا شماعة نعلق عليها خيباتنا وفشلنا على أصعدة أخرى. 

ولأن المساجد هي أكثر الأماكن تعارفا بين هؤلاء الفئة تحكي لنا مرشدة بمسجد شرق العاصمة، أن إحدى الطالبات الجامعيات الملتزمات بالحجاب الشرعي والتي كانت تحرص على حضور حلقات الذكر لاحظت عليها مؤخرا عزلتها وكثرة شرودها وتفكيرها، ومن خلال حديثي إليها صارحتني بأن أحد زملائها المتدينين تعرفت عليه في مصلى الجامعة، استطاع أن يمثل عليها دور العاشق الولهان ويدعي حبه لها ورغبته في إكمال دربهما معا ليتزوجها أمام الله تعالى من دون وثيقة أو عقد ببضع كلمات فقط هي “زوجتك نفسي”، لتصبح بذلك حليلته ووعدها بإعلان زواجهما بعد أن ينهي دراسته، لكنها أصبحت تشعر بتأنيب الضمير وترغب في وضع حد لهذه العلاقة، لتكمل المرشدة حديثها إن البعض يستخدم صبغة دينية محضة للإيقاع بضحاياه، ورغم أننا نعمل على توعية الفتيات في كل حلقات الذكر والتجمعات النسائية، إلا أن هذا لا يجدي نفعا، فأساليب الإيقاع بهن تختلف وتتعدد في كل مرة.


 

وفي هذا الصدد أفاد نسيم بوعافية، إمام مسجد فرجيوة بولاية ميلة، أن هذا لغو من الكلام ولا يصح وصفه بالزواج أصلا، وهو باطل، لأن الأصل في النكاح هو حضور الولي لقوله صلى الله عليه وسلم “لا نكاح إلا بولي”، لذا فأي زواج يغيب عنه الولي أو أحد أركان الزواج التي حددها الإسلام وهي: الولي، شهود عدول، المهر، يصبح نوعا من أنواع الزنا المقنن وهو باطل وغير جائز شرعا، وهذه العبارة لا تمنح للرجل أي صفة دينية لمعاشرتها، وهو بهذه الطريقة مخالف للشرع، العرف والدين. وهناك أشخاص يرتكبون الفاحشة باسم الدين ويستغلونه لتلبية شهوات النفس، لذا فإن التلفظ بهذه العبارات حرام وغير جائز، والمرأة التي وافقت على طلبه وقبلت الزواج منه باللفظ لا تعد زوجته ولا يجوز له لمسها. وكان الأئمة قد اتفقوا على عدم جواز تزويج الفتاة لنفسها فذلك الفعل لا تقدم عليه سوى الزانية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها” رواه ابن ماجه. وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة” رواه الترمذي. فهذا النوع من الزيجات خص به المولى عز وجل نبيه الكريم دون عامة الناس لقوله تعالى: “وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما” الأحزاب الآية 50. 

مقالات ذات صلة