-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
حمّى المشاهدات وربح الأموال تجتاح عائلات جزائرية في الآونة الأخيرة

.. أطفال ضحايا “التيك توك” !

وهيبة. س
  • 6053
  • 0
.. أطفال ضحايا “التيك توك” !
أرشيف

باتت حمى “التيك توك” تجتاح الكثير من العائلات الجزائرية في الآونة الأخيرة، فالكل يبحث عن الشهرة وجلب المال، ما زاد من حدة التنافس نحو من يصنع “محتوى” يحصد الكثير من المشاهدة، وإعجاب المتابعين.. الأطفال هم طعم جديد استغله بعض الأولياء للربح من”التيك التوك”، و”اليوتيوب”، دون المبالاة لحق هذه البراءة في مرحلة ينبغي أن يعيشها الطفل خارج عالم الكبار، تتناسب مع سنه وعقله بلا زيف ولا تصنع ولا لهث وراء الشهرة وأمراضها!
أسماء كثيرة لأطفال بعضهم لا يتعدى 8 سنوات، اشتهروا مؤخرا على “التيك توك”، و”اليوتيوب”، وتفاقم استغلالهم من طرف عائلاتهم، في إضحاك الغير، أو إبهارهم بالكلام وبعض التصرفات، أو بعض المواهب، حيث تطور الأمر عند بعضهم إلى تقمص شخصيات لا تتناسب مع سنهم، كما وصل بهم ذلك إلى التزين بـ”المكياج” وألبسة الكبار.

عصابات تستغل الأطفال على “التيك توك”
وحول هذا الموضوع، أوضح رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل”ندى”، عبد الرحمان عرعار، أن واقع الطفل في الجزائر تسيطر عليه بعض النقاط السوداء، رغم ما تم انجازه من مشاريع قانونية ووقائية لحماية الطفولة، حيث انتشرت حسبه، في الآونة الأخيرة، ظاهرة هروب القصر من عائلاتهم إلى الشارع، وخاصة المراهقات اللواتي يتعرضن للعنف الأسري والتحرش الجنسي واللواتي يعشن في وسط تعاطي المخدرات.
وقال عرعار، إن التكنولوجيا ووسائط التواصل الاجتماعي رغم الإيجابيات التي جاءت بها، إلا أنها باتت وسائل لدى البعض لاستغلال الطفولة، فهروب حوالي 200 مراهقة اغلبهن قاصرات، منذ ال3سنوات الأخيرة، ساعد بعض العصابات في استغلالهن عبر “التيك توك”، أو في الدعارة.
ويعتبر رئيس شبكة “ندى”، أن هذا الاستغلال بمثابة اتجار بالبشر، محملا بعض العائلات تشجيع أطفالهم على الظهور عبر “التيك توك”، من اجل جني الثروة والمال والشهرة، وبالتالي فتح طريق الانحراف والضياع لأبنائهم.
وأكد عرعار أن شبكة “ندى”، أحصت منذ جوان 2022 إلى غاية أمس، قرابة 700 طفل تم استقبالهم ومرافقتهم لإيجاد الحلول الصحية والقانونية، والاجتماعية لهم، نسبة كبيرة منهم استغلوا في ترويج المخدرات أو التشهير على “التيك توك” و”اليوتيوب”.
وحذر رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل”ندى”، عبد الرحمان عرعار، من زيادة العنف ضد الأطفال، ووقوعهم ضحية الانترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، وإهمال عائلاتهم لهم وتركهم محل استقطاب واستغلال من طرف عصابات وشبكات تنشط عبر الوسائط الجديدة.

حقوقيون يدقون ناقوس الخطر
وأمام هذا الوضع، دق حقوقيون وجمعيات حماية الطفولة، ناقوس الخطر، حول تفاقم استغلال الطفولة على “التيك توك”، معتبرين ذلك كسر حقيقي لعالم البراءة، وتسول غير مباشر بالأبناء، ودعا هؤلاء إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من هذه الظاهرة، وحماية الأطفال ممثل هذه الممارسات.
وقال الحقوقي والمحامي لخلف شريف، في تصريح لـ”الشروق”، إن القانون الجزائري يمنع مثل هذه التصرفات ويدخلها في خانة استغلال القصر وتحريضهم على الفسق، وذلك بحسب المادة 342 إلى المادة 358 من قانون العقوبات.
واعتبر اللجوء إلى تكوين محتوى عبر “اليوتيوب” و”التيك توك” باستغلال الأطفال، بمثابة تسول غير مباشر عن طريق الأبناء، لأن الهدف في الغالب هو جلب الثروة من عدد المشاهدات والإعجاب، حيث يقوم الطفل بلعب دور المؤثر مبديا موهبته في الكلام أو التفكير والمواهب.
وأكد أن الطفل في هذه المرحلة لا يدرك مسؤولية ما يفعل، وهو يقع تحت سلطة الشخص الذي يستغله لإظهاره عبر وسائط التواصل الاجتماعي، والذي في الغالب يكون الأب أو الأم أو أحد الأقارب، وقد يكون شخصا غريبا.
وقال المحامي لخلف شريف، إن بعض الأشخاص يستغلون أطفالا متسولين في الشارع، ويكونون محتوى على “التيك توك”، يظهرون فيه هؤلاء وهم يتحدثون معهم في شكل تهكمي، معتبرا ذلك، جنحة مشددة ينبغي أن تتحرك لها السلطات.
وأوضح أن صناعة المحتوى بالأطفال على “التيك توك”، هو انتهاز لضعف هذه الشريحة، باعتبارها قاصرا، غير واعية بما تفعل، وقد تندم مستقبلا عن ذلك، الأمر الذي يجعل مثل هذه السلوكيات تندرج في إطار القانون الخاص بحماية الطفولة، واستغلالهم إلى درجة تحريضهم على الفسق.

أطفال يعيشون حياة مزيفة ويحملون معهم عقدة “الشهرة”
وفي ذات السياق، يرى الأستاذ عبد الحليم مادي مختص في علم النفس التربوي والتنمية الاجتماعية، بأن التشهير بالأطفال على “التيك توك”، أمور غير ايجابية تجعل من هؤلاء شخصيات مستقبلية غير طبيعية، وقد يندم هؤلاء بعد بلوغ سن الرشد كما كانوا يقومون به من أجل الشهرة والتأثير على رواد منصات التواصل الاجتماعي.
وقال إن جلب الاهتمام والظهور المتكرر على “التيك توك“، يوقع الطفل في المبالغة للبحث عن التميز وأساليب التأثير القوي، وعندما لا يستطيع بعدها أن يحافظ على عدد المعجبين السابقين، يضطر إلى مجارات ورضاء الشريحة الأوسع من المتابعين، إلى درجة أن يصبحون هم المؤثرين عليه، فينحرف إلى محتو غير أخلاقي أو لا يتناسب مع عمره.
وأكد أن استغلال الأطفال على منصات التواصل الاجتماعي، خطر حقيقي يهدد مستقبل هذه الشريحة من الناحية النفسية والنمو الطبيعي لها، حيث تتولد لهؤلاء عقدة الشهرة، وقد يضيع مستقبله الدراسي، ولا يعيش طفولته.
وما يهدد حسب عبد الحليم مادي، الطفولة المستغلة على “التيك توك”، هو تقليدها للكبار من خلال “المكياج” والألبسة غير لائقة بسنهم، والتي يدخلون من خلالها شخصية متمردة، موضحا أن الحياة الطبيعية للطفل ينبغي أن يكون فيها مدح وذم وفشل ونجاح وخجل ونظرة ايجابية للحياة، و”التيك توك” يسرق منه كل هذه المميزات الطبيعية.

مليكة شيخة: لا تتركوا أطفالكم تحت سيطرة مؤثري مواقع التواصل
وقالت المحامية مليكة شيخة منسقة برنامج “نحن في الاستماع” لشبكة “ندى” إن الكثير من الأولياء يستغلون اليوم أطفالا ورضعا على “التيك توك”، ويرغمونهم على الرقص على وقع أغان صاخبة، وأخرى هابطة، وتقليد الكبار من شخصيات فنية وسياسية ومؤثرين عبر مواقع التواصل ويسلبون بذاك البراءة من أبنائهم.
وأكدت أن الكثير من المراهقين خاصة الفتيات، دخلوا عالم الانحراف بمجرد بلوغهم سن الـ 13سنة، لأنهم كانوا قد استغلوا على منصات التواصل الاجتماعي، أو تركت لهم الحرية التامة في استعمال الهواتف الذكية، والإطلاع على المحتويات الهدامة للأخلاق، وألعاب العنف.
ونبهت مليحة شيخة إلى أن المؤثرين على “التيك توك” و”اليوتيوب”، ساهموا كثيرا في إغراء القصر والمراهقين، وغرس في نفوسهم حب الماديات والشهرة، وهذا الأمر يحتاج إلى مراقبة ومسؤولية صارمة من طرف الأولياء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!