أغرب حرب في التّاريخ!
من أغرب ما يحدث في الحرب التي يقوم بها التّحالف الدّولي ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشّام “داعش”، أنّ الطّائرات الأمريكية البريطانية التي تحوم في سماء سوريا لا تجد أهدافا تضربها، فبعضها يعود أدراجه دون أن يلقي بحمولته المتفجرة، أمّا البعض الآخر فيُلقي بها على أهداف متنوعة، قد تكون منشآت نفطية أو صوامع حبوب أو مقار مهجورة!!
هذه الحرب التي تمّ التّحضير لها بعناية من قبل أجهزة استخباراتية وأنظمة شمولية في المنطقة، بدأت بإعداد الأرضية المناسبة لها، من خلال دعم المتطرفين بالسّلاح والمال وتسهيل طرق الدّعاية والتجنيد لهذا التنظيم الإرهابي الذي يصرّ الكثير في العالم العربي على تسميته بالدّولة الإسلامية، والإسلام براء من إيديولوجيته التكفيرية وأعماله البشعة، وبعد أن تضخّم التنظيم وتعاظم خطره، قدّم الغرب نفسه منقذا للأقليات الدينية في العراق، ثم جاءت هذه الضربات ضد التنظيم في سوريا والتي خرجت عن طابعها الدّفاعي وطالت أهدافا عشوائية بشكل عمّق مأساة السّوريين.
فإذا كان عنوان التدخل في العراق واضحا وهو حماية الأقلية اليزيدية في البداية ووقف تقدم مقاتلي داعش إلى بغداد وأربيل، فإن ضرب التنظيم في سوريا اتّسم بالعديد من التّناقضات، على رأسها خدمة النّظام السّوري الذي كان يمثّل مركز محور الشّر بالنّسبة للغرب قبل عام فقط، كما أنّ استهداف الطّائرات الأمريكية لأعداء تنظيم داعش من فصائل المعارضة السورية يثير الاستغراب، لأن ضرب جبهة النّصرة وأحرار الشّام يصب بشكل مباشر في مصلحة تنظيم داعش والنّظام السوري على السواء!!!
هي إذا حرب غريبة الأطوار، البعض يراها حربا ضد الإرهاب والتّطرف، والبعض الآخر يضعها ضمن خانة الحروب الصّليبية على الإسلام، ولا يوجد في التّاريخ شبيه لهذه الحرب التي اختلطت أطرافها والمشاركون فيها، وغابت فيها معالم الحرب التقليدية، كما اختفت معالم الحرب على الإرهاب، وفق ما حدث بعد هجمات 11 سبتمبر، لأنه لم يسبق لتنظيم إرهابي أن أنشأ شبه دولة بحدود جديدة، مقتطعا مساحات واسعة من دول لازالت قائمة.
إنّ القادم على المنطقة العربية خطير في ظل هذه الفوضى التي زرعها الغرب، مستغلا هشاشة المجتمعات العربية وسخطها على الحكام، الذين اندمجوا في التحالف الدولي، وباتت الطائرة العربية تحسن التحليق والتصويب فوق سوريا والعراق، لكن بوصلتها تعطلت عندما كانت إسرائيل تدك غزة على رؤوس أطفال فلسطين.