-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قطرة من كأس العالم

أفراح ما بعد الإستقلال

أفراح ما بعد الإستقلال

لو عدّ أي جزائري رقم الأفراح الشعبية، التي عشناها منذ الاستقلال، لوجدها دون أصابع اليد، ولو ذكرها بصورها المؤثرة، لوجدها جميعا مرتبطة بمباريات الكرة على مدار عقود، من الفوز على منتخب فرنسا في مباراة ضمن ألعاب البحر المتوسط في سنة 1975 في زمن الرئيس هواري بومدين، إلى التأهل للدور الثاني من كأس العالم في سنة 2014 في زمن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
فقد كانت الكرة ومازالت ونظنها ستبقى وحدها، التي تصنع الفرح الجزائري إلى درجة الهذيان.. بل إلى درجة الموت.
هروب من الهموم، إدمان يسكر قليله قبل كثيره، وسيلة لربح السِلم الاجتماعي.. سَمّها ما شئت، اعتبرها سبب كل المشاكل، لكن في الأخير سترى أنها الوحيدة التي لم تعلن عن حزبها، لم تطلب العضوية في تشكيلتها، لم تقِم أي تجمّع تأسيسي أو حملة دعائية، ولكنها مع ذلك فازت بكل الانتخابات التي خاضتها وفي الدور الأول وبالنسبة المئوية الكاملة.. عفوا هي الوحيدة التي تفوز من دون تزوير.
قبل مباراة أم درمان الشهيرة، كان العجائز يحكون عنها مثل قضايا وأساطير الزمن الغابر، وكان الأطفال يتنفسونها مثل الأوكسجين ويتعاطونها مثل الحلوى، في صائفة 1975 عندما فاز المنتخب الجزائري أمام المنتخب الأولمبي الفرنسي بثلاثية مقابل هدفين بعد الوقت الإضافي، قال كل الذين جابوا الشوارع فرحا وغبطة- ولم يكن حينها التلفزيون في بيوت كل الجزائريين- إن فرحة 1962 استنسخت نفسها، وتكررت الأفراح فارتبطت كلها بكرة القدم وانتصارات المنتخب الوطني.
ولكن الفرحة توقفت على ضفاف 2014، وتركت الجزائريين يتابعون أفراح بقية البلدان، وهم يكظمون غيظا أسهم في صناعته من أعلنوا أنفسهم أباطرة لكرة القدم، ينفخون من أنفاسهم النتنة في مطاطها ويكسرون الكأس على رؤوس الجزائريين ويزرعون الفتنة بين الجزائريين الذين سافروا إلى إسبانيا والمكسيك وجنوب إفريقيا والبرازيل وحرموا من السفر إلى روسيا.
أما آن للذين خبؤوا الكأس في خزائنهم، أن يتركوا الناس ترتوي.. تفرح، مادامت بقية كؤوس الفرح قد كسرت منذ زمن طويل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!