-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أفٍّ لكم!

أفٍّ لكم!

هي زفرة حارّة، صعّدها منذ قرون، أبو الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السّلام، صعّدها في وجوه أتباع الشيطان، من مهزوزي الفكر، وعبدة الأصنام والأوثان.وهي زفرة أخرى حارّة، أصعّدها اليوم مقتديًا بكلّ الأنبياء، لأنفثها في وجوه كلّ من أشباه العلماء، وأشباه المثقّفين، وأشباه الإعلاميين، وأشباه المجاهدين.

أشباه العلماء لأنّهم يحشرون أنفسهم ظلمًا في زمرة العلماء، ولا زاد لهم في العلم، فلم يأخذوا من العلماء لا علمًا ولا خُلقًا، إنّهم يفسدون كما يقول الإمام ابن تيمية  _رحمه اللهالأناسي والأديان، كما يُفسِد أنصاف الأطباء، العقول والأبدان.

وأنصاف المثقفين لأنّهم يتشّبهون بالمثقفين في الشكل، ولكنّهم فاقدون للمضمون، فلم يفلحوا في أخذ منهج الثقافة أو على الأقل بعض اللّطافة فتراهم يسلكون سلوك الزرافة، فيصيروا في النّاس مدعاة سخرية وسخافة.

ويسألونك عن أشباه الإعلاميين، فتراهم كالفراشة، يطوفون حول النور ليحترقوا، فهم يتصيّدون _باسم قصب السّبق الموهومالعثرات والعورات، ويا ليتهم يأتون بالكلمات أو البيّنات.

أمّا أشباه المجاهدين، وما أكثرهم، فهم أولئك الذين لم يكتووا بنار الثورة، ولم يهتدوا بنور الجهاد، فلم يعرفوا من الجهاد إلاّ مبناه.

وفي الهيجاء ما جرّبت نفسي     ولكنّي فيالغنيمةكالغزال

حتّى إذا أخذت الجزائر زخرفها، وازيّنت، ولاح الفجر الصّادق من الفجر الكاذب، وتبيّن من بكى ممن تباكى، يومها تسّلل إليها أشباه المجاهدين، لا ليجدوا مكانًا لهم في غفلة من أهلها فحسب، وإنّما لينكروا الحقّ على المجاهدين الحقيقيين، ممثلين بمقولة الانتهازيين: “أحسن سياسات الدّفاع الهجوم“.

أفٍّ، لهؤلاء جميعًا، وحسبنا الله ونعمَ الوكيل في ما يصدر عن كل صنف منهم نحونا، فتلك ضريبة الثبات، وثمن النّجاح، وتكلفة الجهاد الصّادق.

لقد كنت أظنّ، وبعض الظنّ ليس بإثم _أنّني شخصيًالن يكون لي أعداء بما حباني الله، فضلاً منه ونعمة، بمزيّة العيش الكريم، ونعمة التفكير السّليم، وفضيلة الخُلق القويم، فأنا عفيف اليد واللسان، ونظيف الذّمة والجنان، ودمث العلاقة والعرفان.. أحاول أن لا أمّد عيني إلى ما عند الغير، وأطلب لي وللنّاس كلّ الخير، وعملت من أجل وطني، حثيث السّير، أعلو عن الخيانة والعمالة، علوّ النّسر والطير.

غير أنّي تذكرت حكمة شاعر المعلّقات:

ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه      يُهدَّم، ومن لا يَظلِم الناسَ يُظلم

عدت إلى صوابي _إذنفأيقنت أنّ الحسد مرضٌ نفسي، ضامر في صغار النّفوس، الذين لم يتمكنوا من النجاح، فهم يحسدون النّاس على ما آتاهم الله من فضله.

وأدركت أنّ المصالح الضيّقة تُعمي النّاس وتصمّهم عن رؤية الحقائق، وسماع الحِكم، خصوصًا عندما يكونون من أنصاف العلماء أو أنصاف المثقفين أو أشباه الإعلاميين أو أشباه المجاهدين.

غير أنّي آمنت _قبل هذا وبعدهأنّ التاريخ صحائف من الرّجال، ومن الجبال، ومن الأعمال. مقتنعًا بعدل الله الذي ينصر الصادقين المخلصين، ويتولى الظالمين الكاذبين المضللين.

إنّ وطننا ملحمة ستظل مستعرة، بين أهل الحقّ وأهل الباطل، وبين الأصلاء، والعملاء، ولكنّها ستنتهي لصالح الحقّ، ولصالح الأصالة، بعد أن يكشف الزمن عن الثابتين على الثوابت منذ بداية الفجر والزاحفين على المكاسب عند نصب موائد النصر.

فلا يعرف الشوق إلاّ من يكابده      ولا الصبابة إلا من يعانيها

إنّ الذين اصطلوا بنار الجهاد، وبذلوا النّفس والنّفيس في سبيل تحويل نارها إلى نور حقيقي، هم أوّل من يدرِكون أنّ في عهد الثورة لم يكن هناك إلا اثنان لا ثالث لهما:

الله في السّماء، والثورة في الأرض، فكل من يعبث في الأرض أو يعيث فسادًا، تتولاه الثورة بعيونها الكبيرة، فتُطهّر الأرض منه، وكما يقول أبو القاسم الشابي:

ومن لم يعانقه شوق الحياة     تبخر في جوّها واندثر

هكذا _إذنكانت يومياتنا في الثورة، تُحدِّث أخبارها بصدق ثوارها، ووقائع أوّارها.

ودع عنك حديث الإفك، وقَصَصَ اللّغو، فهي تتهافت كلّها على صخرة الواقع التاريخي الصّلب.

وأتذكر هنا الأسطورة الشعبيّة التي مفادها أنّ أحد الأبناء، قال _ذات يوملأبيه: “تعال يا أبت ندّعي بأنّنا شرفاء!” فأجابه الأب بحكمة رشيدة: “حتّى يموت الذين يعرفوننا يا بني“.

إنّني مازلت مؤمنًا بأنّ الباطل، بالرّغم من بطلانه، قد يجد من يصدقونه على قلّتهم، ولو إلى حين، ولكنّ الحقّ بقوّة أدلّته وصدق محجّته سوف يلتف حوله كلّ الصادقين، وإنّ البقاء سيكون للحق مهما جار الباطل عليه، فتلك سنّة الله في الأنبياء، والعلماء والمصلحين الصلحاء.

وإنّ مما يزيدنا إيمانًا وتصديقًا بهذه السنن هو هذا النّجاح الذي نحققه كلّ يوم بفضل الله وتوفيقه، سواء على الصعيد الشخصي باِلتفافِ النّاس حولنا أو على الصعيد الرّسالي بإقبال النّاس على العاملين المخلصين في جمعية العلماء داخليًا وخارجيًا، ينصرون دعوتها، ويبلّغون كلمتها.

وإنّ أقوى سلاحٍ نتحصّن به ضدّ الحاقدين والمغرِضين، أن ندعو في سجودنا على كلّ من سوّلت له نفسه النّيل من قيم النّبلاءِ والشّرفاءِ، وإنّ الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً،وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَوأفٍّ لهم في البدءِ والخِتام.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • ابو احمد ..

    ذموه و زعموا بزعمهم انه يُفرق و لا يُقرب هكذا قالوا و عتقدوا فكانت المصيبة اعظم، فخلف منهم خلفٌ غمزوا الصحابة وبعضهم طعن فيهم و المبتدعة لم يغيروا ساكنا ظناً منهم ان الإنكار يزيد الفُرقة ،و النبي (صلى)يقول لا تجتمع امتي على ضلالة. و انا هنا لا اتكلم على الروافض قاتلهم الله بل كلامي خاص لمن يدعون الإنتساب للسنة للأسف الشديد،فلا نستغرب إذا ما ابتلين بأمثال هؤلاء الرويبضة،الله المستعان

  • ابو احمد ..

    لقد حذرنا نبينا صلى الله عليه و سلم من اشباه تلك الانصاف التي ذكرها الاستاد قسوم في الحديث المعروف و هو حديث "الرويبضة" قال الصحابة: و ما الرويبضة ؟ قال (صلى):الرجل التافه يتكلم في امر العامة.وجراء هذا كله هو الإنحراف عن الجادة و الإتباع للهوى...السؤال الذي يطرح نفسه كما يُقال من كان السبب في فتح الباب للرويبضة ؟ او كما سماهم الاستاذ قسوم بـ"انصاف العلماء".الجواب :استطيع ان اقول واجزم وبدون تردد بأنّ الذين فتحوا الباب للرويبضة هم كل من اغلقوا باب الجرح و ذموه و زعموا بزعمهم انه يُفرق و لا يُقرب

  • الجزائرية

    " إنّني مازلت مؤمنًا بأنّ الباطل، بالرّغم من بطلانه، قد يجد من يصدقونه على قلّتهم، ولو إلى حين، ولكنّ الحقّ بقوّة أدلّته وصدق محجّته سوف يلتف حوله كلّ الصادقين، وإنّ البقاء سيكون للحق مهما جار الباطل عليه، فتلك سنّة الله في الأنبياء، والعلماء والمصلحين الصلحاءـ"كلمة جميلة و صادقة من أستاذفاضل لا نحفظ له إلا الخير.نطلب لكم الصحة و العافية لمواصلة نهج الإصلاح و تربية النشء ببعث قيم جمعية علماء المسلمين الجزائريين.نتمنى لكم التوفيق

  • أحمد عليان

    خطاب فصيح , شعبوي مريح .. لكنه غير منتج لثقافة التنوير التي تتطلب تسمية الأشياء بأسمائها , و تناول القضايا بدقة و وضوح حتى يكون الحكم المعياري مؤسسا على الموضوعية التي تنتهي بتأكيد هذا الرأي و تفنيد الرأي المفالف , بعيدا عن مِؤثرات النعوت الفضفاضة خصوصا تلك المغذية لواحدية الرؤية و لروح العداء و الاقصاء الفكريين .

  • خليفة

    بسم الله الرحمن الرحيم ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا) بارك الله فيك يا أستاذنا المحترم ، يجب علينا جميعا من علماء و مثقفين و مجاهدين و مسؤولين في مختلف المواقع و المناصب ، أن نصدع بكلمة الحق أمام جور الباطال ، و أن نذود عن حياظ هذا الوطن ، و أن نحاول محاربة الرذيلة بكل أنواعها لنفسح المجال لنشر الفضيلة بكل أنواعها و ألوانها، ينبغي أن نخلص مجتمعنا مما أصابه من وهن و من انحطاط للأخلاق من خلال تفعيل منظومة القيم الاسلامية في الأسرة و المدرسة .

  • فوزي

    جميل. لكن خطابك سي قسوم، لم يخلُ ممّا تعيبه على غيرك.. حوحو يشكر روحو..ولم تعمل بمضمون بقوله تعالى "فلا تُزكّوا انفسكم هو اعلم بمن اتّقى" وقوله: "وما أبرِّئ نفسي إن ألنفس لأمّارة بالسوء".. على كلّ، كلُّ غناء بما فيه ينضح.. وتواضعْ للّه يرفعْك..و...رحم اللهُ أيام باريس.

  • أبو ابراهيم

    حفظكم الله يا أستاذ و أف لمن مس الوطن أو مسكم بسوء من فعل أو لفظ القول

  • شهبندر-التجار-

    نحن في حاجة .ماسة لمثل هؤلاء الرجال امخلصين .لدينهم ووطنهم. بارك الله فيك .وجزاك عنا خيرا. في زمن قلت فيه العقول الراجحة .

  • Sedik

    السلام عليكم يا شيخنا و بارك الله فيك
    و لكن ماذا فعلنا أمام كل هذا الإنهيار للقيم ، أين كلمة الحق بدون فتنة، أين نشأ الرجاء، نشأ إبن باديس مثلكم يرفع الأمة على أكتافه و يصونها من مستدمر الأمس و الغد.
    عفوا سيدي و لكنها حروف صادقة من إبنكم

  • الياس

    قوله تعالى : ( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ) (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) هذه دار الجهاد حتى نلقى الله فالهم ثبتنا و اعنا ، عليك توكلنا و اليك المصير

  • ن-خ

    بارك الله فيك شيخنا انها و اله لكلمة تثلج الصدور و تبعث الأمل في رفع الهمم. جازاك الله كل خير و دمت و من معك في الجمعية دخرا لهذا الوطن.

  • محمود

    سجل للمفسدين في الأرض فالعتاب دواءهم فلا تبخل بعلمك ونصحك فأنت من الأعلام الذين تنفذ كلماتك صدور المغرضين فشكرا للأستاذ الكريم فللموضوع الحق أن يعلق على أبواب مؤسسات الشهداء لتأنيب المغرضين وما أكثرهم

  • algerien

    إنه الزمن الرديء من تاريخ وطني الجزائر يا أستاذ.

  • عياش - سطيف

    شكرا يا أستاذ على وفائك لهذا الوطن ولهذه الأمة ، وإخلاصك وتفانيك في إرساء ثوابت الأمة وإحياء روح الوطنية في نفوس الشباب ، وأريد أن أضيف يا أستاذنا الفاضل إلى ما نوهت إليه أن أعداء الله والوطن كثر ويترصدون بكل الدوائر ، فهم أناس من جلدتنا ، أغواهم الشيطان فتراهم لا ينكرون منكر ولا يأمرون بمعروف ، فهم حاقدون إلى كل رجل وطني مخلص يدافع عن وطنه ويدافع عن الحق ، إنهم شرذمة مفسدون في الأرض يحشرون أنوفهم ليعكروا صفوا الحياة وأكثر من هذا يتبجحون أنهم أوفياء ومخلصين.ولكن تبقى الأسود أسودا والكلاب كلابا.