-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أمريكا وروسيا في سوريا

عمار يزلي
  • 1501
  • 1
أمريكا وروسيا في سوريا
ح.م

تدهور الوضع في سوريا يبدو وكأنه بداية لمرحلة جدية قد تنذر باتساع الحرب لتتحول إلى حرب دولية ثالثة. اللعب صار مكشوفا والتدخل الأمريكي في سوريا صار مبرمجا بشكل سافر.
إلى غاية مساء الجمعة، قبل كتابة هذا المقال، لم تكن الضربة الأمريكية قد وقعت، ولكنها آتيه لا محالة! ليست الضربة هي التي تخيف، وإنما ردة الفعل هي المخيفة. فروسيا اليوم ليست هي روسيا الأمس، وقد فهمت وهضمت الدرس جيدا من العراق، وهي تعرف أن المستهدف في آخر المطاف ليس حتى إيران بل روسيا! إنه الزحف الغربي لتقويض الدب وإضعافه قبل الإجهاز عليه لتبقى أمريكا والغرب القوة الوحيدة في المنطقة اقتصاديا وعسكريا. تحالف روسيا مع إيران وحتى تركيا لحماية سوريا، ليس حبا لا في الأسد ولا في النمر! وكما كان يقول ماو تسي تونغ “الامبريالية الأمريكية نمر من كرتون، والاتحاد السوفياتي نمر في كرتون”، فإن أمريكا ترى في الصين وروسيا الخصمين اللدودين اللذين عليها أن تحتويهما باحتواء حلفائهما.
هذا لن يكون سهلا بالنظر إلى طبيعة شخصية بوتين نفسه والعقيدة الذهنية الشيوعية وتربية الكاجيبي التي شاب عليها بها بوتين القيصر الجديد، وبين ترامب الذي يسير البلد والعالم كما يسير شركة، بكل عنجهية وغطرسة.
كل الحروب الكبرى بدأت بفعلة صغرى! اغتيال سياسي، صدام بين قطع بحرية، عدوان حدودي محدود، لتدخل بعدها التحالفات والفعل ورد الفعل.
لهذا، نقول أن الخطر ليس دائما في الفعل، بل في رد الفعل وما ينجر عنه من فعل رد الفعل على رد الفعل..!
في سوريا، كل الشروط متوفرة لتفجير برميل بارود في المنطقة كلها. أمريكا المؤسسات تعي هذا، وإسرائيل أكثر من يعي المسألة. إنها لا تريد حربا شاملة في سوريا، بل فقط ضربات وقصفا “تأديبيا” قد ينهك القوة العسكرية السورية لتبدو الضربة وكأنها انتقاما للكيمياوي! روسيا هي أيضا حريصة على أن ترد وإلا تجبر على الرد، لكن هذا مرتبط بعدم الاعتداء على الحليف في المنطقة من باب معادلة “الاعتداء على الصديق اعتداء علي”، وأمريكا والغرب (فرنسا وبريطانيا) يعرفون هذا الأمر، ثم إن القوات في سوريا متداخلة جدا، والمجال الجوي يتقاسمه الحلفاء والحنفاء! أرض سوريا صارت مخبرا بريا وجويا وبحريا للقوات الدولية، وأي خطأ أو استهداف عمدي لقطعة بحرية أو إسقاط طائرة للخصم، قد تنذر برد فعل يتطور ككرة ثلج فيما بعد.
روسيا بدأت منذ سقوط جدار برلين في معرفة أن الحرب الباردة لم تكن إيديولوجية وصراعا بين المعسكر الشيوعي والرأسمالي، بل فهمت أن الصراع هو صراع مصالح ونفوذ، وأنه حتى بعد زوال النظام الشيوعي العالمي ككتلة وكمعسر (الصين ليست شيوعية، فهي رأسمالية الاقتصاد فقط نظامها السياسي شموليا، وروسيا صارت دولة رأسمالية بعقلية شمولية)، فإن الصراع سيبقى طالما أن أمريكا تريد أن تكون المهيمن الأوحد على العالم: فهي القوى الرأسمالية العظمى، تسير بذهنية الدكتاتورية العالمية والواحدية المطلقة! وهذا كل ما في القضية: المصالح الأنانية الضيقة للبد، وداخل البلد، أنانيات اقتصادية تدفع باتجاه تطوير صناعتها وتجارتها وعلى رأس ذلك: تجارة السلاح.
روسيا فهمت اللعبة، وسارعت إلى تغيير مواقفها وتعديل وضعها بعد تعافي اقتصادها، وتريد هي الأخرى أن تجرب ترسانتها على الأرض السورية، فـأي سيناريو سيختار نفسه؟ لأن الحرب قد نعرف كيف تبدأ، ولكن لا أحد يعرف كيف ولا متى ستنهي.. في منطقة هي أشبه بحقل ألغام منذ سيكس بيكو.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جلال

    المشكل في العربان الذين لم يفهموا بعد أنهم مقبلون على الإنتحار والدمار يحاربون( عن طريق الوكلاء طبعا ) أسدا صغيرا لايصيبهم منه ربما الا بعض الأذى ويقعون فريسة لمن يلتهمهم وهذه لعمري لغباوة وجهل لا يمكن وصفهما
    والشاعر يقول:
    من يستنصح الأعادي يردونه بالغش والفساد
    لقد حباهم الله بخيرات لم يحسنوا التصرف فيها فاليأخذها من يعرف قيمتها