-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أمين الزاوي وأبو هريرة رضي الله عنه..كذب الروائي على الراوي

محمد بوالروايح
  • 6350
  • 11
أمين الزاوي وأبو هريرة رضي الله عنه..كذب الروائي على الراوي

ليس أمين الزاوي هو أول من طعن في سيرة أبي هريرة رضي الله عنه فقد سبقه إلى ذلك بعض الكتاب ممنلا يتسع المقام للحديث عنهم، كما سبقه إلى ذلك الفيلسوف التونسي الأنثروبولوجي “يوسف الصديق” الذي قال في أبي هريرة قولا كبيرا لو مزج بماء البحر لمزجه، ومن ذلك قوله: “..أبو هريرة هو الإنسان الذي ينطق به في العالم الإسلامي أكثر من محمد. من هو أبوهريرة؟ أبوهريرة أسطورة، لا أعرف عنه شيئا، وهو يتدخل في أمور يقول مثلا: إن محمدا كان مع عائشة في بيته من أين له هذا؟ الله سبحانه وتعالى في سورة التحريم حفظ العلاقة الحميمة بين محمد وأزواجه، لم يذكر الأزواج ولم يذكر المشكل ولكن أبا هريرة يذكر أن زينبا صنعت له شيئا وحتى إنها غارت من كذا إلى آخره، الله منع نفسه من أن يذكر التفاصيل . أعتقد أنه (أي: كتاب أبي هريرة) كتاب حضارة وليس كتاب دين، فيه عادات وتقاليد القرن الثالث الهجري”.
إن وصف يوسف الصديق لأبي هريرة بالأسطورة مستمد -من حيث المعطى العام- من نظريته الأنثروبولوجية القائمة على ضرورة تمييز القول القرآني أي تحرير النص القرآني من سلطة التقليد وسلطة الفقهاء، وهذا التمييز والتحرير للقول القرآني –حسب قوله- يقتضي بداهة رفض ما عداه من الأقوال ومنها أقوال الرواة ورفض الرواة يقتضي رفض الرواية ورفض الرواية يقتضي رفض السنة، أي الدعوة إلى “إسلام قرآني” إن صح التعبير ليس فيه شيء من كلام الرواة وكلام الفقهاء وليس فيه بالأحرى كلام آخر غير الكلام الإلهي الوارد في القرآن الكريم.
ليس أمين الزاوي إلا حلقة متأخرة في سلسلة طويلة من أدعياء التنوير الذين يدعون تحرير النص الإسلامي والعقل الإسلامي من أوشاب الخرافة، ومن الطبيعي أن يتركز اهتمامهم لتحقيق هذه الغاية على سيرة أعلام الأمة وفي مقدمتهم رواة السنة الذين نقلوا إلينا من أحاديثها وأحداثها ما شكل منظومة مرجعية انعقد حولها الإجماع، فأمين الزاوي ورشيد أيلال وآخرون كثيرون يمثلون جيلا معاصرا من الكتاب الذين يرون أن سلطة الرواة قد ولت وأنه لا سلطة في عصر “المعرفة الخلاقة” تعلو على سلطة العقل.
استمعت إلى ما قاله الروائي “أمين الزاوي” عن أبي هريرة رضي الله عنه فوجدت فيه كلاما مهلهلا لا تستقيم جمله ولا يستوي نظمه، كلام مبتوت لا يتصل أوله بآخره، ويكتنفه غموض ظاهر ينم عن جهل بسيرة أبي هريرة رضي الله عنه، يقول أمين الزاوي: “..تخيل أن أبا هريرة هذا الذي طرده علي بن أبي طالب ونفاه من المدينة وأرسله إلى البحرين..وقتها كانوا يشكون في أنه يكذب، وهناك كثير من النصوص التي تؤكد بأنه..يعني بعد أربعة عشر أو خمسة عشر قرنا من الآن لا نستطيع بكل ما نملكه من معرفة وما نعرف من تكنولوجيا أن ننتقد أبا هريرة، هذه تحتاج إلى.. وهذا الذي أفسد الدين الإسلامي”.
يلحظ القارئ أن عبارة أمين الزاوي تتضمن جملا متقطعة وغير مفيدة وقد نقلتها كما هي من غير تصرف وهذا يدل على عبثية وارتجالية في القول يميزها على وجه الخصوص ذكر أشياء عن سيرة أبي هريرة رضي الله عنه تؤشر -بما لا يدع مجالا للشك- بأن أمين الزاوي يكتب عن رجل لا يعرفه وإن عرف شيئا من ذلك فإنه يعدو أن يكون معرفة مغشوشة أساء نقلها فأساء الضبط فوقع في الخلط، ومن ذلك قوله إن علي بن أبي طالب قد طرد أبا هريرة رضي الله عنه ونفاه من المدينة وأرسله إلى البحرين، وهذا لعمري منتهى الجهل لم نقرأه لا في “سيرة أعلام النبلاء” للحافظ الذهبي ولا في “الإصابة في تمييز الصحابة” للحافظ ابن حجر ولا في “الاستيعاب في معرفة الأصحاب” لابن عبد البر ولا في “الطبقات الكبرى” لابن سعد ولا في “فضائل الصحابة” للإمام أحمد بن حنبل ولا في “فضائل الصحابة” للنسائي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الثابت تاريخيا – وهي المعلومة التي يستوي في علمها الولدان وأهل العرفان- أنه لا علاقة لأبي هريرة بعلي بن أبي طالب كما أن قصة نفيه من المدينة إلى البحرين هي قصة مفتعلة وموضوعة والصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الذي أرسله إلى البحرين واليا عليها، فحديث أمين الزاوي عن نفي أبي هريرة إلى البحرين هو حديث إفك بيقين لا يوافقه عليه حتى أشياعه في المذهب والمشرب.
ومن كذب أمين الزاوي على أبي هريرةرضي الله عنه قوله إنهم كانوا حينها – والمقصود بهم الصحابة رضوان الله عليهم- يشكون في أنه يكذب وهناك كثير من النصوص التي تؤكد هذا، وأتحدى أمين الزاوي أن يذكر لنا مصدرا واحدا أو نصا واحدا -يغني عن هذه الكثرة التي يتحدث عنها- يؤكد أن الصحابة رضوان الله عليهم قد رموا أبا هريرة بالكذب أو غلب على ظنهم ذلك أو راود عقولهم أصلا، لا يملك أمين الزاوي أن يثبت هذا الادعاء لأن المصادر الإسلامية لا تذكر شيئا من هذا بل تذكر ما يخالفه من أن أبا هريرة رضي الله عنه وعاء من أوعية العلم وكيف لا يكون كذلك وهو الذي امتدحه النبي صلى الله عليه وسلم، ربما كان كتاب “شيخ المضيرة أبو هريرة” لمحمود أبورية من المصادر التي استهوت أمين الزاوي فأخذ عنها على علاتها فجاء كلامه عن أبي هريرة رضي الله عنه معلولا مبتوتا.
لم يشأ أمين الزاوي وربما لم يسعفه ذكر المصادر الكثيرة التي تؤكد أن الصحابة كانوا يشكون في كذب أبي هريرة رضي الله، والحقيقة أننا لا نجد في المصادر السنية شيئا من هذا وإنما نجد هذا في المصادر الشيعية التي نقرأ فيها قدحا معيبا وطعنا صريحا في سيرة هذا الصحابي، ومن ذلك ما ورد في كتاب: “أبو هريرة” لشرف الدين الموسوي قوله: “اشترك أبو هريرة وسمرة بن جندب الفزاري وأبو محذورة الجمحي إذ أنذرهم صلى الله عليه وآله وسلم فقال لهم ذات يوم آخركم موتا في النار. وهذا أسلوب حكيم من أساليبه في إقصاء المنافقين عن التصرف في شؤون الإسلام والمسلمين، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لما كان عالما بسوء بواطن هؤلاء الثلاثة أراد أن يشرب في قلوب أمته الريب فيهم والنفرة منهم إشفاقا عليها أن تركن إلى واحد منهم في شيء مما يناط بعدول المؤمنين وثقاتهم”.
من الغريب أن يقول أمين الزاوي: “..يعني بعد أربعة عشر أو خمسة عشر قرنا من الآن لا نستطيع بكل ما نملكه من معرفة وما نعرف من تكنولوجيا أن ننتقد أبا هريرة “يقول أمين الزاوي هذا مفندا الأخبار التي تتحدث عن كثرة مرويات أبي هريرة وهو يعلم ولا يمكنه أن ينكر بأن التكنولوجياقد كشفت لنا المخبوء والمغمور من النوابغ الذين تفوق بعضهم في الحساب على الآلة الحاسبة ودخل بعضهم كتاب “جينس” في الحفظ، فإذا كان أمين الزاوي لا يشك ولا يستطيع أن يشك في هذه الحقيقة ولو أراد فكيف يشك في قدرة أبي هريرة على الحفظ والاستيعاب؟.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • رضا

    لكل داء دواء يستطب به ... إلا الحماقة أعيت من يداويها
    لا يجرؤ أشباه المثقفين في إعادة النظر في مصادرهم لو كان لهم مصدرا أصلا لكنهم بالمقابل هم في إجلال و تعظيم أمام les coureurs de jupons الذين يقتبسون منهم ..... ما يحكرهم سوى الغل و الحقد

  • مواطن

    ابو هريرة كانت له مهمة اداها باتقان والاشخاص الذين يتكلمون في الفراغ دافعهم هو كرههم للسنة الشريفة لانها لم تترك لهم اي فراغ يستطيعون المناورة به.

  • لمبا

    لمن تقرأ زابورك يا الزاوي فالخزعبلات التي سكنت عقولنا ومنذ 15 قرنا لن تغادرها بين عشية وضحاها

  • صالح محمد

    وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا
    كثرت علي الكذابة و ابو هريرة ممن قالت فيه ام المؤمنين عائشة
    وقد قالت له عائشة رضي الله عنها: أكثرت الحديث، فقال إني والله ما كانت تشغلني عنه المكحلة و الخضاب، ولكني أرى ذلك شغلك عما استكثرت من حديثي،

  • جزائر العجائب

    كل الشعوب والأمم تتحدث عن منجزاتها وإبتكاراتها ... والجزائري لا يزال يتحدث عن خزعبلات عمرها 15 قرنا ثم نتسائل : لماذا نحن متخلفين ? ولماذا يهرب شبابنا عبر قوارب الموت نحو أروبا ? ولماذا تعشعش الجهل في عقولنا ? ولماذا كثرت المصائب والكوارث ? ولماذا أنجبت الجزائر أعدائها ? ... شعب يزرع الأشواك وينتظر أن تثمر عنبا !!

  • هنا الجزائر

    المدة التي بقي فيها أبو هريرة مع الرسول أي مدة مصاحبته وملازمته للرسول تتراوح بين 2 الى 3 سنوات وفي صحيح البخاري الجزء الثالث ص 126 نقرأ ... قال أبي هريرة صحبت رسول الله ثلاث سنين ... وهذه المدة أيضا إتفق حولها العلماء والمؤرخين فكيف تمكن هذا الرجل من كتابة 5374 حديثا وهو عدد ضخم لم يكتبه الخلفاء الراشدين الأربعة مجتمعين ???

  • هشام

    اتساءل هل يستحق هذا المخلوق كل هذه السطور كتابةة وقراءة
    كتب الصحاح طبق فيها منهاج علمي دقيق في نقل الاحاديث و الاخبار لم تصل اليه اي حضارة من الحضارات قبل الاسلام الا و هو علم الجرح و التعديل
    كان على هذا المخلوق الا يجز بنفسه فما لا يفقه و يذر القضية لاصحاب الاختصاص
    فكاني بالبخاري يتحدث عن علم جراحة القلب و الاعصاب او حتى يجري عملية قيصرية لحامل بثلاثة توائم تصور معي النتيجة

  • عروبتاه

    جاء في الاثر : اميتوا الباطل بالسكوت عنه
    اهل الباطل والمنافقون هم عدو المسلمين الاول لانهم يعلنون اسلامهم للناس ويبطنون كفرهم ونفاقهم وكرهم للدين واهل التدين ويلمزون الصحابة والمسلمين ويصفونهم ويرمونهم بالجهل والتخلف ويصفون انفسهم انهم يريدون اصلاح الاسلام من الداخل وان اسلامهم هو الاسلام الصحيح اما اسلام الاخرين فهو اسلام وهابي او بربري او بدوي وهذا من اعظم الفرية علي الله ورسوله والمسلمين ...
    - سيماهم في لحن القول يدعون العلم والشهادات تجد احدهم يملك الدكتوراه الفخرية او بروفيسور او عالم ولكنه صفر في العقيدة .

  • الإلهام

    ذلك ما يفعله الجميع من يعبدون التاريخ
    بإستثناء الإسلاميين الذيين لعبوا دور الببغاء إلى حد الإدمان
    فهم لا يعبدون التاريخ فقط بل يزرعونه في عثقول الأطفال

  • franchise

    - أمثال هذا الإنسان، يظنّون أنهم سيكونون للإسلام ما كان أسيادهم VOLTAIRE, HUME, DE LA METTRIE.. ، للمسيحية ، لكن الإشكال هو أن سلوكهم ليس سلوك مفكرين كما كان أسيادهم، بل هو سلوك ببغاء ، يقلّد الآخرين حرفيًا و لا يأتي بالجديد ، آفاقهم محدودة بما حفظوه من أساتذتهم التنويريين.
    - قد نقول الكثير عن التنويريين المسيحيين، و لكنهم جاءوا بأفكار أصيلة و إبداع، أما أمين الزاوي و المهرج التونسي و أزلامهم فكل ما يفعلونه هو تكرار ما قاله أو كتبه أسيادهم الفرنكوش، فهم يثيرون قليلًا من الشفقة و كثيرًا من الإشمئزاز و القرف، لأنهم يعوّضون نقصهم الفكري الفاضح بالسّب و الشتم و الإهانة

  • simberk

    أبا هريرة :_ روى أكثر من 5000 .. أو بالإصح ..(5374) ..حديث عن رسول الله .. فالطعن في مثله طعن في جزءٍ كبير من مذهب أهل السنة والجماعة .. ويقولون ان عمر بن الخطاب قد ضربه وقال انه حرامى؟ وقد اختلف الناس في اسم أبى هريرة ؟!

    فتارة له تسعة وثلاثين قولاً ..وتارة أخري أربعة وأربعون قولاً؟ إي إسماء كثيرة ومتنوعة .. ومن العجيب أنه لم يختلف الناس في اسم أحد في الجاهلية والاسلام مثل ما أختلفوا فى إسم أبو هريرة ..

    وقال النووي: اختلف في اسمه واسم أبيه على نحو من ثلاثين قولا... وقال القطب الحلبي: اجتمع في اسمه واسم أبيه أربعة وأربعون قولا مذكورة الكنى للحاكم وقد ذكر ذلك ابن حجر في الاصابة (99 ج7).