-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أمَا لمحنة غرداية من نهاية؟

أمَا لمحنة غرداية من نهاية؟
ح. م

لا أدري، لماذا تتصامم آذاننا، عن سماع الحق المرّ، في هذه القضية، وكأن في أذاننا وقراً من شر البلية؟

ولماذا، تتعامى أبصارنا عن رؤية بؤرة الشر، وكأن في أعيننا قصر نظر من هول خطورة القضية؟

وما سر تبلّد ضمائرنا، عن أدراك كنه بواطن الضر، التي تنسجها خلايا الشر لضرب الوحدة الوطنية، والتعددية المذهبية والطائفية؟

وإلا، فما معنى، تمادي عرض فصول المأساة الدموية، الدائرة على مشرح قطعة غالية من وطننا الجزائري، هي الجنوب العالي والغالي، انطلاقا من عين صالح، وانتهاء بغرداية؟

إن عارنا، في غرداية، بتسليط الأخ على أخيه، بالقتل والحرق، والتكفير والتسفيه، لهو لعنة تاريخية، ستظلّ تلاحقنا، ولن يمحوها غاز عين صالح، أو مجرد الترميز والتنبيه.

لطالما أعلنّا وأذعنا، بأن ما يحدث في الجنوب عموما، وفي غرداية على الخصوص، ليس نزاعا ذا طابع مذهبي، وإنما هو كيدٌ من تنظيم أشعبي غبي، تشابكت فيه أيدي العميل الحزبي بالعدو الحاقد الأجنبي.

إن في الجنوب بطالة، كما في الشمال بطالة، ولكن لماذا تبرز هنا وهناك الحثالة من أهل الضلالة، للتشويش على الوطنيين، من ذوي العدالة والأصالة؟ ولماذا يجند في الشمال، مذبذبو العقيدة، لضرب الوحدة الوطنية، بافتعال الردة الدينية، وانتهاك الحرمة الرمضانية، تحت زعم صيانة الحرية الشخصية؟ ولماذا، يلجأ في الجنوب، وفي غرداية المستقرة بالذات، إلى إبراز النعرة الطائفية، والنزعة المذهبية، لخرم وحدة العقيدة الإسلامية، والهوية الوطنية؟

عندما يُهدم البيت على ساكنيه في القرارة، أو في بريان، أو غرداية، وعندما يُحرق النقل براكبيه، على الطريق العام جهارا، في وضح النهار، وعندما يهجم الملثمون على جنازة إمام في المقبرة ببريان، دون مراعاة لحرمة الميت أو المشيعين، عندما يصل الشر إلى هذا المستوى من الاستفزاز والأذى، فأيقن بأنه قد بلغ السيل الزُّبَى.

وحينما، يصطادوكالو رمضانفي الشمال من المذبذبين في عقيدتهم، قدسية رمضان، وطهارة، وعبادة، وصوم السكان، ليفطروا جهارا نهارا، على شرب الخمر، وأكل الخنزير والديدان، فذلك هو الهوان للأوطان، والعدوانية على حقوق الإنسان.

لقد رسبنا  إذنفي امتحان الحفاظ على قدسية الوحدة الوطنية، وصيانة ثوابتها من لحمة لغوية، وحرمة عقدية. وعلى من تقع المسؤولية في كل هذا؟

نحن جميعا، حكاما، ومحكومين، مسؤولون عن مأساة غرداية الدامية، وعن الروافد المؤدية إليها. لقد فشلنا كمنظومة أمنية، بالدرجة الأولى، في تشخيص الداء، واستئصال جذوره، وكشف الممثلين والمخرجين، والملقنين، للدراما الجنوبية الغرداوية.

ولقد فشلنا أيضا، كمنظومة علمية، ثقافية، تربوية، دينية، في عزل دعاة الفتنة، من الصائدين في الماء العكر، الذين يخوضون بوعي أو بغير وعيمع الخائضين في الثلب، والسلب، والضرب، من رافعي الشعارات الدينية المضللة.. فكل فئة من العلماء، والمثقفين، والمربين، والأئمة، تتحمل مسؤولية في ما آل إليه الأمر الذي طال.

إننا في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، نبعث بنداء ملحّ إلى القائمين على الشأن الوطني في بلادنا، بأن يمكنونا من المساهمة في حل المأساة الجنوبية، التي تقضّ مضاجع الجميع، بإطالة أمدها.

ونعتقد أنه لو تضافرت الجهود الأمنية، والفكرية، والدينية، في تشخيص الداء وجمع الفرقاء، والتعاون جميعا على إيجاد البلسم الناجع من الدواء، سوف نتمكن من تفويت الفرصة على الدخلاء، والعملاء، والأدعياء..

نحن ندعو إلى عقد مؤتمر حوار شامل في مدينة محايدة، بعيداً عن أماكن الضغط المحلي أو الخارجي، لوضع وثيقة عقد أخلاقية دينية وطنية، يلتزم الجميع بتطبيقها. كما ندعو إلى أن يشمل الحوار الشيوخ والشباب معاً، للإلمام بكل مكوّنات الأزمة، ومطالب الأمة، للقضاء على كل الرواسب والمخلفات، لدى كل الفئات، ومن كل الجهات.

إن لكل أزمة حل، بشرط تضافر الجهود وخلوص النوايا، ومحنة غرداية سهلة الحل، إذا تم عزل تجار النعرات، والمخدرات، والعصبيات، وإسناد الأمر إلى المرجعيات الدينية، والطائفية، والقبلية، لاتخاذ التدابير الردعية، ضد كل من تسوّل له نفسه المساس بالوحدة الوطنية، أو التمرد على المرجعية الدينية، أو التواطؤ مع طوابير الفتنة الخارجية.

نعتقد أن محنة غرداية، قد طالت، بما لا مبرر له، وأن امتدادها، وتركها من دون حل جذري، سيلقي بظلاله وعواقبه على كل من مكونات الوطن، وعندها سيتسع الخرق على الراقع، ويومها يعضّ كل منا على يديه، فيقلّب كفيه على ما أنفق فيها، ولات حين مناص.

فيا بني وطني.. لقد بات حراماً عليكم السكوت أمام ما يحدث لوطنكم، من دماء غزيرة تسفك، وأرواح بريئة تزهق، وكرامة شريفة تنتهك.

فإن النار بالعودين تذكى **** وإن الحرب أولها كلام

نعتقد أنه قد آن الأوان، لوضع حد لهذه المحنة التي طالت، في غفلة، أو تواطؤ، أو تبلد، أو لامبالاة من بعضنا.

عندما يحترق وطني، فلن يصيب جزءاً واحداً، أو فئة معينة من الناس، بل إن النار ستحرق الجميع، ولات حين مناص. إننا نبعث بنداء استغاثة: حذار فإن السفينة تغرق!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • med

    خير الكلام " الله يهدينا " لقد وصل بنا الحال أن نقتل بعضنا البعض و نستبيح بعضنا البعض ، بينما كنّا في الأمس القريب إخوة و أصحاب ، و لكن الشيطان الرّجيم وجد مكانًا بيننا وفعل ما فعل ، و الله إنّه إبتلاء من العليُّ العظيم لهذه الولاية ليراجعوا أنفسهم و ليرجعوا إلى صوابهم من جديد ، و المنكرات و الكبائر إستفحلت فيها حتى أصبحت نهارًا جهارًا دون أيّ ناهي بل أنضر و التزم الصمت ، و ضرب الله فيما بيننا ليبتلينا و ليرينا بعض غضبه لعلّى و عسى نرجع و نتوب ، و إلاّ لن ينفع الندم ، الله يهدينا

  • عبدو

    الهجوم المزعوم على الجنازة الذي تحدث عنه يا سيدي كذبة ملفقة تضاف إلى مجموعة إفتراءات الإعلام الفاسد الغير مسؤول الذي يتاجر في الأزمة بغية استرزاق دريهمات معدودة بل هي جمرات تأكل بطنه يوم القيامة

  • محمد

    " وعندما يهجم الملثمون على جنازة إمام في المقبرة ببريان، دون مراعاة لحرمة الميت أو المشيعين، عندما يصل الشر إلى هذا المستوى من الاستفزاز والأذى "
    إعلم يا من تنشر هذه الأكاذيب دون معرفة الحقيقة من أهلها أنك تساعد في إشعال ماتسمه بالنعرة الطائفية
    لأن في القيقة المتوفي ليس بإمام بل هو شخص لا يربطه بالإمامة شيء، و احترام الميت حق، ولكن الذي حصل أن مجموعة من الشباب المرافقين للجنازة قامو برمي زجاجات حارقة من وسط المقبرة على البيوت المجاورة غير مراعين بحرمة ميتهم ولا حرمة السكان المجاورن

  • بدون اسم

    وهل بحثت في التاريخ عن أصل إسم الخليل إنه إسم عثماني بإمتياز وبالتالي فأنت كرغولي دون شك وبالتالي فقدوم اجدادك الى هذه الارض يعود الى فترة وجيزة اي بين القرنين 16 و 19 فكيف لك ان تطلب مني المغادرة وجذوري عمرها 3000 سنة راجع دروسك جيدا وحسن مستواك قبل فوات الآوان

  • معتصم

    السلام عليكم ، أشكر الدكتور قسوم على هذه الجراة التي لم نسمعها مند أمد، وعلى مقولة الحق التي لو يستطع أن يتفوه بها أحد، نسال الله أن يجعلكم سببا في رأب الصدع ولم الشمل، نحن مع كل اقتراح أو حل لهذه الأزمة، ولتعلم يا دكتور وليعلم الجزائريون كلهم أن أطرافا حكومية داخلية شريرة كانت تزيد للطين بلة وللنار الوقود، والدليل قد جاء علماء الى المنطقة ولم يستطيعوا ان يفعلوا شيئا ، لعن الله من أيقض هذه الفتنة ، ونسال الله أن يهدينا الى مافيه الخير والصلاح، إن وعد الله حق ، والحمد لله رب العالمين

  • بدون اسم

    ما دخلك في من يريد اكل لحم الخنازير او شرب الخمور او عدم الصيام اليست حريات شخصية كفلها الدستور الجزائري وكل التشريعات العالمية وهل تعلم بأن تدخل امثالك فيما لا يعنيهم ورغبتكم في فرض سلوكاتكم على غيركم ... هي اسباب نفور بعض الجزائريين عن الاسلام و إعتناقهم لديانات اخرى او تحولهم الى ملحدين وهل تعلم ان امثالك وخطاباتهم هم من زرع الحقد والعنصرية والجهوية بين ابناء نفس الوطن وهل تعلم بأن اكبر خدمة تقدمها للجزائر هي ان تصمت وتصمت ثم تصمت