-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أهمية الحياد والتوازن لنجاح الدور الأمريكي في الصّحراء الغربية

أمحمد البخاري *
  • 2063
  • 0
أهمية الحياد والتوازن لنجاح الدور الأمريكي في الصّحراء الغربية
أرشيف/ح. م

من البديهي التأكيد على أن قرار الولايات المتحدة الأمريكية القيام بلعب دور المحرك أو المنشط للمجهودات الرامية إلى إحلال السلام في منطقة ما من العالم أو للتدخل لإنهاء نزاع معين أنه يبشر باقتراب انفراج أكيد أو بتعقيد عظيم.

القوة العسكرية الهائلة لزعيمة حلف الناتو وقدرتها الاقتصادية العظيمة وامتلاكها لحق الفيتو على مستوى مجلس الأمن بالإضافة إلى توليها للقلم فى موضوع الصحراء الغربية يجعلها، بكل يقين، قادرة على لعب الدور، باسم المجتمع الدولي. والذى كان غائبا منذ عشرات السنين، وذلك لفرض الشرعية الدولية.

مرافقة التحرك الأمريكي الأخير، بمناسبة جولة مساعد نائب كاتب الدولة، جوشوا هاريس، إلى المنطقة بنشاط اعلامي ملحوظ وتصريحات لهذا المبعوث تعلن عن نية أمريكية للعمل فى اتجاه التوصل إلى الحل الذي ينهي “نزاعا عمر طويلا” حسب ما صدر عن المسؤول الأمريكي نفسه.

الزخم الإعلامي المذكور تمت متابعته على أكثر من صعيد لأن وتيرة هذا التحرك الأمريكي والظرفية التي جاء فيها يؤشران على نوع من الاهتمام، غير العادي او المعتاد، والذى يطرح العديد من التساؤلات.

فهل ينتظر أن يكون الدور الأمريكي حاسما لإحلال السلام ؟

يسود الاعتقاد لدى العديد من المراقبين وفي أوساط المهتمين بقضايا المنطقة بأن التطورات الجارية حاليا فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي الساحل والصحراء تشجع الولايات المتحدة على بذل المجهودات الضرورية بهدف الدفع نحو الانفراج لتفادي المزيد من الإنزلاقات والمواجهات.

ما يسهل الدور الأمريكي في موضوع الصحراء الغربية هو أن القضية الصحراوية مصنفة كقضية تصفية استعمار لها إطار محدد وأسس ومبادئ من نوع القواعد الآمرة والملزمة تجعل الطريق معبدا أمام المجهودات التى تهدف إلي التوصل إلى الحل السلمي، العادل والدائم.

ويعزز الدور الأمريكي وجود بعثة الأمم المتحدة للإستفتاء في الصحراء الغربية في عين المكان لها مهمة محددة تم منعها من تنفيذها لسببين إثنين واضحين، وضوح الشمس، لدى الإدارة الأمريكية، هما:

1- عرقلة الطرف المغربي لتنظيم الإستفتاء، بعد قناعته من خسارته، وتملصه من التزاماته الموقع عليها مع الطرف الصحراوي ضمن اتفاق السلام/مخطط التسوية لسنة 1991.

2- تقاعس مجلس الأمن عن القيام بدوره في فرض تنفيذ ذلك الاتفاق الذي أبرم تحت إشرافه وبضمانة منه وهذا بتواطؤ من داخله ومن طرف بعض أعضائه.

الحياد والتوازن الضروريان لتوفير فرص النجاح للدور الأمريكي.

لكي يكتب النجاح للدور الأمريكي لا بد له من التمسك بالحياد وتحقيق التوازن وذلك يتطلب التسليم فى واشنطن بالمبادئ والقواعد القانونية المؤطرة للقضية الصحراوية والتشبث بتطبيق الاتفاق المبرم بين الطرفين بعد 16 سنة من الحرب.

الحل العادل والدائم للنزاع الصحراوي- المغربي، مرهون بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية  في موضوع الصحراء الغربية والتي ترتكز على عدة أبعاد منها:

1- أن للشعب الصحراوي الحق في تقرير المصير والإستقلال وأن كفاحه فى هذا الإطار ولتحقيق ذلك، كفاح تحريري وطني مشروع يمنحه الحق في الدفاع عن النفس ضد العدوان الأجنبي.

2- أنه ليس للمغرب الحق في تغيير الحدود الدولية المعترف بها ولا في ضم أراضي الصحراء الغربية بالقوة وحيازتها فى انتهاك صارخ للقانون الدولي.

3- أن المجتمع الدولى (المنظمات و المحاكم الدولية والقارية) لا تعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية.

4- أن مخطط التسوية لسنة 1991 هو الحل الذى وقع عليه الطرفان وصادق عليه مجلس الأمن بالإجماع باعتباره الحل العادل التوافقى والعملى كما جاء، بدون لبس، في فقرته الخامسة.

5- وأن جميع أعضاء الأمم المتحدة ملزمون بمساندة الشعب الصحراوي بكل الوسائل لتحرير وطنه من الإستعمار والإحتلال الأجنبي.

يتضح من كل ما سبق أن الخيارات الواقعية والتوافقية الممكنة، والتي تفرض نفسها، إذا كان الأمر يتعلق بالبحث الجدي وذي مصداقية عن الحل العادل والدائم هي :

أ- إما أن تتوفر الإرادة لتنظيم إستفتاء تقرير المصير باعتباره الإتفاق المبرم بين الطرفين تحت إشراف منظمتي الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية/ الإتحاد الأفريقي.

ب- أو إما أن تحصل القناعة، لدى واشنطن وباريس خاصة، بأن الحل يتطلب أن يقف المغرب عند حدوده وأن ينهي احتلاله اللاشرعي وسياسة فرض الأمر الواقع والضم وحيازة الأراضي بالقوة وأن يعترف بالحدود الدولية لكل جيرانه بمن فيهم الجمهورية الصحراوية التى يجلس إلى جانبها في قمم الإتحاد الأفريقي ومؤتمرات الشراكة مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة والمنظمات الإقليمية والقارية.

إنهاء الإحتلال المغربي اللاشرعي يفتح الباب واسعا أمام تعاون مثمر وشراكة حقيقية ليس فقط بين الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية وإنما كذلك على المستوى المغاربي وبينهما مع الشركاء في الميادين الإقتصادية والتجارية والعلمية وفي ميادين مكافحة الإرهاب واستتباب الأمن في ربوع المنطقة.

إن الحلول التى تبتعد عن مقتضيات الشرعية الدولية وأحكامها وقراراتها ليس لها أي مستقبل ولن يكتب لها النجاح ولا تنتج سوى الإحتقان والتعفن اللذين يولدان الإنفجار.

إن إحدى مميزات النزاع في الصحراء الغربية، بالمقارنة مع النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، تكمن في أن لكل من الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية إقليما محددا وحدودا دولية معترفا بها معززة بقرارات المحاكم الدولية والقارية التي لا تعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية وبتأكيد جميع المنظمات الدولية لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والإستقلال.

لا بد أن تحضر القناعة بالمبادئ الإنسانية والتمسك بالقيم المشتركة وإحترام قواعد وأسس العلاقات الدولية وهي الشروط الضرورية التى يجب أن تتوفر عندما تتوفر نية حقيقة وإرادة ملموسة للفصل بين الظالم والمظلوم.

إن مضمون الحياد المطلوب من الولايات المتحدة الأمريكية يعني احترام القانون والشرعية الدوليين فيما يتعلق بالصحراء الغربية، بغض النظر عن نوع العلاقة مع كل واحد من طرفي النزاع الصحراوي- المغربي على حدة وهو الذي يضمن التوازن الذي يشترط في الدور الأمريكي لكي يجمع كل أسباب النجاح.

*كاتب صحراوي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!