-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أوقات مهدَرة في شهر المغفرة

سلطان بركاني
  • 1175
  • 0
أوقات مهدَرة في شهر المغفرة

اعتمدت سلسلة متاجر “جومبو”، وهي ثاني أكبر محلات “سوبر ماركت” في هولندا، منذ سنوات، إجراءً فريدا من نوعه تضْمن بموجبه لكلّ زبون ألاّ يجد أمامه في الطّابور عند دفع الحساب أكثر من شخصين، وإذا حصل ووجد ثلاثة وكان هو الرّابع، فمن حقّه أن يأخذ بضاعته وينصرف من دون أن يدفع شيئا.

وأنا أقرأ هذه المعلومة جالت في خاطري تلك المشاهد التي نراها كلّ يوم من أيام رمضان، أمام محلات بيع الحليب، ومحلات الحلوى و”الزلابية”، حيث تمتدّ الطوابير لعشرات الأمتار، وتضيّع السّاعات، وترتفع الأصوات بالمشاحنات والملاسنات، وربّما بالسّباب والشّتائم، في شهر يُفترض أن يكون شهرا للرّحمة والتّراحم، بين التجّار والزّبائن، وبين الزّبائن بعضهم بعضا.. يُفترض في الجهة المسؤولة عن توزيع مادّة الحليب التي لا تستغني عنها الأسر ويزداد عليها الطّلب في هذا الشّهر أن ترفع التحدّي لإيصالها إلى المحلاّت، في الوقت المناسب وبالقدر الكافي، ويُفترض في الموزّعين وأصحاب المحلاّت أن يتحلّوا بالقدر الكافي من المسؤولية لضمان توزيعٍ يحفظ كرامة الصّائمين ويعفيهم من مشقّة الوقوف في هذه الطّوابير التي تأخذ من أوقاتهم ما هم في أمسّ الحاجة إليه في هذا الشّهر الذي لا تعوّض دقائقه ولحظاته فضلا عن ساعاته.. ويفترض في حقّ الزّبائن أن يتحلّوا بالتّراحم ويتخلّوا عن الأنانية والجشع، فيأخذ كلّ واحد منهم كفايته، ويترك الفرصة لإخوانه ليحصلوا على حاجتهم وكفايتهم، والحقّ يقال إنّ الجشع بالإضافة إلى تعمّد قتل الوقت في نهار رمضان استبطاءً لموعد الإفطار، هما أهمّ سببين في هذه المظاهر التي تشوب رونق رمضان كلّ عام.

إنّنا في أمسّ الحاجة إلى هذه الأوقات التي نهدرها في الأسواق وفي الطّوابير لاقتناء ما يمكننا الاستغناء أو الاستعاضة عنه بما هو أنفع.. هذه الأوقات كان يُفترض أن نعمرها بالطّاعات والقربات، وليس يليق بنا أن نُهدرها يوميا في الطّوابير أمام محلات الحلويات والمرطبات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!