-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أول الغيث…قَطَرْ..

عمار يزلي
  • 822
  • 0
أول الغيث…قَطَرْ..

عندما يغامر بلدٌ عربي صغير ويراهن على ما قد يعجز عنه الكبار، وينجح في كسب الرهان، وفي تحقيق قمة الإعجاب بما تحقق قبل المونديال الكروي من إنجازات ضخمة ومبهرة، وما أبدعه من فن واستعراض يوم الافتتاح ثم ما قدمه من لوحات رياضية على العشب الأخضر لفرق عالمية من كل القارات وكل الأجناس والألوان، فيما كان بعض المتكبرين المكابرين، يعملون ويراهنون على إفشال هذه الدولة، كان هذا الفوز مترجِما قولا وعملا لما قاله شاعر العرب والعروبة أبو الطيب المتنبي في حق سيف الدولة الحمداني:

على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغارُها وتصغر في عين العظيم العظائم

لم تكن التحديات مادية فقط، بل تحديات ثقافية وفكرية ودينية وأخلاقية، كانت قطر تعرف أنها ستكون أصعب عندما يحين الوقت وتتمكن من تخطي حاجز الهياكل والمنشآت التي كان عليها أن تحققها في الوقت المناسب وبالمواصفات المطلوبة. كانت تعلم أن الظفر بتنظيم منافسة دولية بهذه الضخامة وهذه الفخامة، هو بحد ذاته سباق ومسابقة وامتحان على مراحل، قد تنجح في المرحلة الأولى وقد تفشل في مرحلة لاحقة في سباق الحواجز والموانع.

كان المانع الأكبر هو مانع الهياكل والمنشآت، وهذا كان يمثل أول تحدي، لكن القدرة على التحمُّل والرغبة في التحدي دفعت قطر إلى استثمار ما يزيد عن مائتي مليار دولار لتجاوز هذه العقبة. ميزانية ضخمة لم يسبق لها مثيل.

تمكنت قطر من ضخّ المال والأعمال وحققت الهدف وتجاوزت. هذا ما صعَّد من مناورات المرجفين في العواصم الكبرى من أجل إفشال الوصول إلى خط الوصول عبر دسائس من نوع آخر: اللعب على حقوق الإنسان، هذا الإنسان الذي كان المخلوق الاوروبي الاستعماري أول من أهدر دمه وابتلع حقه ودمر إنسانيته وشكك فيها، بل ونفى بشريته وآدميته عندما صوَّر المستعمرون الأوائل لبلانا وبلاد العرب على أننا من جنس غير بشري وأن السكان المحليين في الجزائر كانوا يلبسون السراويل العربية العريضة لإخفاء ذيولهم. نعم، صوّرونا نحمل ذيولا، ونشروها في قصصهم كما يشير إلى ذلك الناقد الفرنسي “جان ديجو”.

اتهموا قطر بانتهاك حقوق العمال قبل أن يتضح أن قطر أول دولة خليجية تمنح حقوقا قصوى للعمالة سواء القطريين أو المقيمين، وأن متوسط الدخل في قطر هو نفسه أو يفوق الدخل المتوسط العمالة في بريطانيا. ثم جاءت مناورة الكذب بشأن مقتل أكثر من ألف عامل أثناء تشييد المنشآت الرياضية تحضيرا للعرس الكروي، اتضح فيما بعد أنه لم يسجل أكثر من حالة وفاة واحدة خلال خمس سنوات. ثم جاءت المطالبة بحق “المثليين” كجزء من “حقوق الإنسان” التي انبرت دوائر النيوليبيرالية ذات الأصول الاستعمارية في التبشير بها ونشرها كدين لمن لا دين له، فكان حزم قطر حاسما عبر “فيفا”، ولا مجال للمسكرات والخمور في الملاعب ولا حولها ولا شارات في الملاعب لقوس قزح رمز الشواذ. ثم كان التحدي بدعوة دعاة مسلمين عالميين وافتتاح المونديال بخطاب أميري عربي بليغ، وبقراءة القرآن الكريم في عرض فني رائع غير مسبوق ولوحة إنسانية كانت زمردة الافتتاح. لوحة الفنان الأمريكي العالمي “مورغان فريمان” والطفل المعجزةغانم المفتاح.

نجحت قطر.. والقطرة بداية القِطْر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!