أول امرأة ترأست زاوية في التاريخ  رفعت قضية ضد فرنسا وهزمتها

لا يعرف الكثير منا قصة هذه المرأة البوسعادية المكافحة التي لم ينشر عنها الشيء الكثير، بينما خصتها  جامعة بركلي الأمريكية بدارسة كاملة…من هي لالة زينب ابنة مؤسس زاوية الهامل؟ وكيف هزمت بذكاءها فرنسا؟ وسيرت بيد من حديد أكبر طريقة في زمن الإستعمار.

 حكاية زينب كما نعرفها بدأت من تاريخ ال31 أوت عام 1877 حين وثق والدها المريض وصيته الأخيرة عند القاضي  والذي يوصي بموجبها لابنته الوحيدة زينب بكل أملاكه ومن بينها زاوية الهامل و مشيخة الطريقة الأكثر اتباعا وحشدا للأتباع أنذاك وهي الطريقة الرحمانية.

غير أن فرنسا وعلي رأس حاكم المنطقة كانت لديها خطة أخرى وهي تولية سيدي محمد ابن أخ الشيخ بلقاسم  رئاسة الزاوية كونه كان المرشح الأكثر ليونة والأكثر  إنصياعا لفرنسا … وبعد وفاة الشيخ يوم الأربعاء 2 جوان 1897 ادعى القائد كروشار أنه تلقى نسخة موثقة لوصية جديدة كتبها الشيخ الراحل قبل وفاته، وادعى أن الشيخ الراحل عين ابن اخيه سيدي محمد الحاج محمد على رأس للزاوية، غير أن لالة زينب طعنت في هذه الوصية  التي  تحصلت عليها فرنسا بالقوة وأظهرت وصية والدها الأصلية والتي تم توثيقها قبل عشرين سنة والتي تجعلها الوريثة الوحيدة لوالدها.

كانت مفاجأة سيدي محمد عظيمة فقرر حبس ابنة عمه في بيت عمه الحصين بأبوابه الستة…

امرأة بألف رجل

غير أنها وفي وقت صلاة العصر ظهرت بدون سابق إنذار للعيان كاشفة عن وجهها لأول مرة حسب بعض المصادر….كان عمرها أنذاك 35 سنة وكان الشبه بينها وبين والدها كبيرا مما جعل الجماهير تهتف باسمها…بعيدا عن الواقع تقول بعض الروايات الخيالية أنه في تلك اللحظة سمع صوت الشيخ محمد بلقاسم يقول: إنها ابنتي انها بركتي”.

وانتشر خبر تزكيتها من طرف أتباع الطريقة الرحمانية كالنار في الهشيم واهتز عرش فرنسا لوقعه وعلق القائد الفرنسي كروشار عن الحادثة قائلا” لقد دمرت بنظرة كل ما بنيته “…وابرق الجنرال فورنييه إلى القيادة العسكرية الإستعمارية في العاصمة للسماح له بالتدخل بالقوة لتنحية زينب القاسمية من منصبها غير أن الإجابة كانت التريث وعدم جعل لالة زينب جان دارك الجزائرية.

عذراء بوسعادة

تقول بعض المصادر أن ابن عمها  طلب منها الزواج بعد طلك شرط أن تتنازل له عن نصف ميراث عمه المقدر بمليوني ونصف مليون فرنك…غير  أنها رفضت ليس طمعا في مال أبيها إلا أنها كانت تدرك أن أطماع سيدي محمد كانت ستودي بالزاوية إلى ما لا يحمد عقباه… فقامت بطرده شر طردة.

لم تتزوج لالة زينب رغم رغبتها الشديدة في الأمومة ووهبت عمرها لخدمة زاوية أبيها وتقويتها وجعلها مركز إشعاع ديني وعلمي.

في أوت 1897 رفعت لالة زينت دعوى رسمية لدى محكمة الجزائر ضد الإدارة الفرنسية  وقامت بتعيين محامي مارتينيكي اسمه موريس أدميرال ليدافع عن حقها في خلافة والدها، وقدمت كل الدلائل والوثائق التي تضع كل أملاكه تحت تصرفها على شكل حبس عائلي…ولتجنب حرب ضروس حكمت المحكمة لصالحها بعد أن بايعها كل المفتين والمشايخ أنذاك على رأسهم شيخ الأزهر ابن الحفاف.

زينب أم الصحراء

حرصت السيدة زينب على تعميم تعليم النساء في المنطقة خاصة علوم الدين وأصول اللغة العربية وتصدرت في زمن لم يكن فيه للمرأة دور كبير المشهد الإجتماعي والديني، كيف لا وقد حافظت في زمن الحرب علي مخطوطات زاوية الهامل النادرة من السرقة والإحراق كما كان الحال في معظم الزوايا.

كما كانت لالة زينب عمود الزاوية ومديرة شؤونها بعد وفاة والدها وكانت تقوم على جميع طلبات المعلمين والطلاب والمشايخ وتكرمهم بما يليق بمقامهم وافنت عمرها في أعمال الخير، وواصلت الإشراف على أوقاف الزاوية بالحرمين الشريفين، كما واصلت دفع أجور علماء الحرم المدني التي كان والدها قد رتبها لهم، سعيا إلى عمارة المسجد النبوي.

 وأكملت سليلة الأحرار بناء  المسجد القاسمي بمالها الخاص وجمعت بفضل قوة شكيمتها وجهاء المنطقة علي اختلاف آرائهم فوحدت الموقف ضد الإستعمار الفرنسي.

توفيت لالة زينب عن عمر يناهز الرابعة والخمسين إثر مضاعفات  السل ومرض القلب ذلك في 19 نوفمبر1904