-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أول تفسير لـ”نكتة” في التاريخ؟

أول تفسير لـ”نكتة” في التاريخ؟

عندما تسلّم الرئيس الشاذلي بن جديد، مقاليد الحكم في الجزائر، في أواخر السبعينات، سنّت الرئاسة، ومعها الإعلام الحكومي، تقليد شرح خطب الرئيس القليلة، التي كان يلقيها، بين الفينة والأخرى. وبالرغم من أن الرئيس الراحل كان يقول كلاما بسيطا، ومفهوما من عامة الناس، مليئا بالأخطاء اللغوية، التي لا تزعزع المعنى، إلا أن نشرات الأخبار كانت تستنزف ثلثي وقتها في تغطية نشاطات شرح الخطاب “القيّم”، الذي كان يلقيه فخامته، من طرف أباطرة اللغة العربية واللهجة الدارجة في حزب جبهة التحرير الوطني. وعادت الآن نفس العملية، ولكن هذه المرة لتأويل الكلام الذي قاله الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي قال كلاما بلغة واضحة، فيه الكثير من الماضي والحاضر والمستقبل.. وكلّه من باطن الرجل، الذي أوصل “الرسالة الفرنسية”. ونكاد نجزم، بأن أسفه لم يكن للجزائريين وإنما للفرنسيين الذين لاموه على الحديث المباشر من رجل ديبلوماسي، وهو نفسه تأسّف على تأويل تصريحاته، ولم يتأسف على الكلمات التي خرجت من لسانه صريحة واضحة، خاصة أن المتلقّي الأول لكلامه، كان مجلس المنظمات اليهودية التي تلتقي مع الفرنسيين في الكثير من المصالح المستقبلية، وتلتقي أيضا في موقفها من الجزائر في الماضي والحاضر.

 ولسنا أيضا في حاجة إلى تأويل أقوال زعيم جبهة اليسار، الذي اتهم الرئيس الفرنسي بالطائفية، واعتبر تصريحاته مهدّدة لصحة مستمعها الذي قد يتعرض للغثيان، أو جبهة اليمين التي حذرت الرئيس من زعزعة العلاقات الثنائية بين البلدين، وغيرها من صيحات المطالبة بالاعتذار، لأن الجميع رأى في التحرك الديبلوماسي الفرنسي الأخير نحو المستعمرة الجنوبية استعمارا اقتصاديا جديدا وتثبيت القدم الفرنسية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وإطلاق مزحة هي في حقيقتها تعبير عن مشاعر أو تبادل للمشاعر مع اليهود، قد يعكر هذا الصفو الاقتصادي والسياسي الذي يسود بين فرنسا ومستعمرتها “الدائمة” حسب المنظور أو المأمول الفرنسي.

ومع ذلك، فإن التاريخ سيشهد أن الأحزاب الفرنسية ندّدت بـ”نكتة” الرئيس الفرنسي، أكثر من الأحزاب الجزائرية، وهي التي دفعته إلى إطلاق أسفه، وليس صدى الثورة، الذي لم يهبّ من الجنوب.. وإذا كانت وزارة الخارجية قد أعربت عن ارتياحها تجاه بيان قصر الإليزي الذي نثر ورود الصداقة، التي قال إنه يكنّها للجزائر، فإن بقية الأحزاب الجزائرية، خاصة التي تسمّي نفسها بالكبيرة، والتي تتحدث في كل منعرج عن السيادة الوطنية وعن جذورها الثورية، بدت غير معنية، ويبدو أنها مهتمة بالنكت المحلية، التي يطلقها رؤساؤها أكثر من النكتة المستوردة التي قالها الرئيس الفرنسي وأضحك بها اليهود فتمايلوا حتى كادت “قلنسواتهم” تسقط أرضا.

 

هل قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند نكتة أم بعث برسالة أم تجاذب المشاعر مع أصدقائه اليهود؟ لا تهم الإجابة عن هذه الأسئلة التي طرحها الإعلام الفرنسي، ولكننا سنتفق على أنه لأول مرة في التاريخ نرى تفسيرا وتأويلا لنكتة قيلت وأضحكت الناس!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • نور الين

    هي بالون اختبار ليرى مى غيرة المسؤولين الجزائريين عن وطنهم

  • بشير78

    عبد الناصر دون أدنى شك .... صاحب أحسن عمود صحافي في الجزائر .. وقد لا أبالغ أن يكون من بين الأوائل على المستوى العربي...
    سعة إطلاع ، لغة رشيقة ، إنتماء أصيل ، صحافي مميز...
    أحبك في الله .... مع التمنيات بمزيد من النجاح والإبداع .

  • نورالدين الجزائري

    بعقله و فطرته أن قضية الفساد و منها خليفة و شكيب ستكون من باب الإستهلاك السياسي و ما هؤلاء إلا كبش فداء يمسح فيهما منجنيق الفساد ! فإن نهانا المشرع الحكيم أن يقضي القاضي و هو غضبان فإننا نعيش زمن يحكم في القاضي و هو سكران ! و هي ليست نكة بل واقع كنتة لكع أمام اليهود . فإن كان البرلماني يتكلم بمنطق الذين رفع عنهم القلم و هو في غفلة ، فإن القاضي يحكم بمنطق السكر و هو في غفلة و ضاع حق الشعب بين ضياع العقل في تفسيره للفساد و ضياعه في فهم أن عدونا لم يقل نكتة بل قال قنبلة لم يفجرها أسلافه من قبل !!

  • نورالدين الجزائري

    برلماني على المباشر يتكلم عن الفساد يقول : إن الفساد موجود في كل الدول و في كل الأزمنة ! و لا يوجد مسؤول 1 قال إنني مع الفساد.

  • نورالدين الجزائري

    إنها نكتة دامية مؤلمة قبل أن تكون مضحكة !
    نحن نعيش في بحر الظلمات ، فا لحق أن هذه التصريحات ليست نكتة و إنما تفوه بما كان يبيت إتجاهنا ، و زادت من خفقات القلب حتى و لو لم ينطق بها فهي ساكنة في وجدانه . أقول حالنا لا يحسدنا عليه حتى العدو و كأنني أشعر أن الوقت داهمنا و فاتنا ، فالإصلاحات تأخرت بل تبخرت ضد الفقر / الفضائح / الإختلاسات / الفيضان في الشوارع /و العصى لمن عصى قوانين برلمانينا المهترية ... و ختم هولاند هذه المأسي بكلمته القبيحة التي لا تخرج إلا من مشكاة أمها ! و أنا أسمع بالأمس دويّ