-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أيها الشروقيون لكم صباحات مترعة بالحب

صالح عوض
  • 7840
  • 1
أيها الشروقيون لكم صباحات مترعة بالحب

أشعر في هذه اللحظات بمعاني في داخلي تحاول أن تفسر نفسها فيشتتني اختيار الكلمات فاشفقوا عليّ من صعوبة الموقف.. بأي منطق أكتب لكم وأنا لم أغادركم إلا لألتقي بكم..

  • أكتب لكم بلغة الكاتب المناضل والباحث المهموم أم بلغة الدبلوماسي الذي دخل القفص، أمس، فقط فأصاب نقاء صوته بعض حشرجة وخفتت نار حروفه.. أكتب إليكم أيها الأحبة وأنا بينكم ومعكم وقد أشرعت القلب على جهاتكم يحتضنكم جميعا فلقد احتضنتم قلقي وألمي وغربتي فشعرت بدفء قلوبكم وهي تزيح عن روحي برودة الموت الذي يصيب مثلي عندما يجد أن الحرف فقط هو صديقه.
  • رحلة طويلة جمعتني مع الصحافة ولكنها بدأت ولازالت برفقة أخي وصديقي علي فضيل.. لقد التقينا في عام 1979 في أول عمل ثقافي لي هنا في الجزائر عندما أنجزنا مسرحية بعنوان “فلسطين الشاهد والشهيد”.. وبعدها فتح لي أخي علي، حيث كان نائب رئيس تحريرها، صفحات جريدة المساء لكتابة مقال أسبوعي، وهكذا كلما انتقل الأخ علي إلى مواقع عمل جديدة كنت رفيقه أكتب فينشر لي بلا تردد أحمله تبعات كتابتي المتمردة على أوضاع العرب الرسمية مشرقا ومغربا.. وكنت في الشروق العربي منذ بداية انطلاقها أكتب الصفحة الدولية.
  • ثم عدت إلى غزة في منتصف التسعينيات و كأني شغلت عن الشروق التي أنجبت وليدها الفتي الشروق اليومي بعد سنين من الكفاح.. كانت لحظة عناقي بالشروق اليومي فارقة كبيرة لي في عالم الكتابة فلقد تجشمت ركوب كتابة العمود اليومي..
  • المهم أن القصة فيما بعد تعرفونها كلها، لكن الذي لا تعرفونه أن الشروق كانت ملاذ روحي وهمي، فهي كما هي لكم خيل لا تعرف الوهن تتحمل شطحاتنا وأحلامنا فنسكنها جموحنا وجنوحنا فيثبت الكثيرون منا فيها ذواتهم.. وكما أن هذه الرحلة عندها الدم بشهداء أعزاء فإنها كذلك تفيض بقوة إرادة شباب رائعين يبدو على الكثير منهم أنهم جنود مجهولون..
  • كانت الشروق هي الأسرة المتجددة الواسعة وإني أصدقكم القول أن الأشهر التي عشتها بينكم كانت من أعظم أشهر حياتي عطاء.. صحيح أنني لم أكن موظفا أو في وضع رسمي، لكنكم أفسحتم لي من الحب والاحترام والتقدير ما كان يغنيني عن أي مسمى.. لن أنسى أحبتي الذين عشت معهم في مكتب واحد الحاج المهذب رشيد فضيل والصديق المثقف الفنان بغالي محمد والمنعش للذاكرة والروح مصطفي فرحات ورفيق الوجع الفلسطيني رشيد ولد بوسيافة والكاتب المثابر جمال لعلامي والصديق الأخ الذي يمتلك حاسية الصحفي السياسي فيما هو منشغل بالرياضة وفنونها ياسين معلومي.. أما الاخ الحبيب محمد يعقوبي رئيس التحرير فإني أشهد أنني كنت أقسو عليه ولكنه تميّز بسعة صدر، كنت أشعر أنه قائد أصيل كما أنه صاحب لغة وأدب وتيقظ ولعمري إن من يستطيع أن يقف على ظهر الشروق المتجددة المغامرة ويظل صامدا طيلة سنوات يستحق بالفعل الى تكريم كبير ولعل أكبر تكريم للاخ الصديق يعقوبي أنه رئيس تحرير الشروق..
  • لقد كان رئيس التحرير محمد يعقوبي يبحث دائما عن الجديد والمثير.. ولا أنسى عندما تحول مكتبه طيلة أشهر غرفة عمليات لمتابعة وتحليل ثورة مصر وتونس.. لقد تحول مكتبه إلى نبص للثورات العربية.. ولا أريد أن أغفل عن أحد من الأحبة الكتاب القريبين للروح والقلب لخضر رزاي ومسلم محمد ومولود وفريد وعزيز ومصطفى وزين الدين والمصورين المبدعين الجاهزين دوما والأخوات الرائعات الصحفيات المثابرات آسيا وزهية ونوارة وفريدة ودلولة وكل الأخريات المحترمات اللواتي يغيب عني أسماؤهن ولا يغيب عني أدبهن واحترامهن وحيويتهن.
  • في الشروق تقاليد وطقوس للإبداع والعطاء يأتيك أحيانا من حيث لا تشعر، كما يفيض قلم ياسين فضيل وتفاني الإداري المنضبط والأمين محمد زلاقي وطاقم الإدارة الرائع.. أما مكاتب المخرجين الفنانين الرائعين الذين يمتعوننا يوميا بما يليق بالشروق، فلهم في قلبي حب خالص.. وفي الشروق أحبة كثيرون من السائقين المجدين ومدير مصلحتهم إلى كل ما له علاقة بالشروق.
  • من بوابة الشروق إلى غرفة رئيس التحرير لا مكان إلا للاحترام والاهتمام والمحبة بكل زائر.. أليس في ذلك دليلا على أنني كنت في نعمة كبيرة.
  • ثم إن الشروق لمن يحظى بالعمل فيها نافذة على التاريخ، فهي دعوة مستمرة لإعادة الاعتبار للأمة من خلال تكريم العلماء والمجاهدين وهي جسر تواصل مع العالم، ففي أروقتها كان الزوار الكرام من مصر وفلسطين والوطن العربي والعالم كله يفيضون في إناء الشروق ببوحهم العميق..
  • ثم إن الشروق ليست فقط صحيفة تقدم الخدمات الصحفية؛ إنها تتقدم في اللحظات الصعبة والخطرة للدفاع عن الأمة وتقدم بكل فرح لفلسطين والعرب والمسلمين ما يجعلها بحق ضمانة من ضمانات التواصل مع الأمة
  • ولئن كان توفيقا يرافق مسيرتها فهي تدفع باللحظة إلى أن تصبح إضاءة جديدة في مستقبل العرب ومجد الجزائر.
  • أيها الأحبة في الشروق، هل أدركتم لِمَ كل هذا الحب لكم؟ هل أدركتم شوقي لكم وأنا بينكم.. سأواصل معكم رحلة الكتابة، لأن الدقائق التي أقضيها في كتاب مقالي أو عمودي تستدعي مني أن أدخل في زمن استشعار لحياتي بينكم فأعيش لحظات فرح وانتشاء تخرجني من زمن الحسابات والمراوغات.
  • مابين الكتابة والعمل الدبلوماسي مسافة طويلة كما تعلمون وهما ينتميان لعالمين مختلفين حتى كأني أتهم نفسي بالتآمر على نفسي عندما استكنت ووجهتها للعمل الدبلوماسي.. ولكن ما أستطيع قوله الآن لكم إنني سأظل مناضلا كما عرفتموني ولن تخبو في جذوة الثورة وإنني أشهدكم ان تغير المكان لن يغير جوهر المهمة فأنا موقوف لفلسطين وللعروبة والاسلام.. من حبكم واحترامكم استمد قوة كبيرة وأتحرك وأنا مسنود إلى أيام مشرقة.
  • أحبتي في الشروق وأحبتي أيها الشروقيون الرائعون من خلالكم أفتح قلبي على جهات الجزائر كلها حبا واعتزازا وفرحا وفخرا بكم. سلمتم وسلمت الجزائر.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • salah bba

    بارك الله فيك نقول لك واصل معنا الكتابة وسنواصل معك القراءة