الرأي

أيها الناس.. هذا يوم عظيم؟

حسان زهار
  • 1524
  • 5
ح.م

هذا يوم عظيم من أيام الله المباركات، يخرج فيه الشعب لأول مرة لاختيار رئيسه، وهو لا يعرف من سوف يفوز.

هذا يوم مبارك، يخرج فيه كثيرون ممن مزقوا بطاقات الانتخاب منذ 1991، لكي يسترجعوا حقهم في المواطنة والمشاركة السياسية، بعد غياب دام قرابة الثلاثة عقود من الزمن، ليصافحوا لأول مرة منذ ذلك الزمن وجه الصندوق الانتخابي، ويستشعرون قيمة صوتهم في التغيير.

هذا يوم يخرج فيه الأحرار ليظهروا رفضهم للحقرة والسقوط الأخلاقي، بعد ما استفزت فيهم الرجولة والنخوة، وهم يشاهدون عمليات الاعتداء على الشيوخ والنساء أمام مراكز الاقتراع في فرنسا.

هذا يوم يقطع نهائيا، بين ديمقراطية الصندوق، وبين من يريدونها ديمقراطية الشارع، عبر رفع البطاقات الخضراء والحمراء، في شارع طوله 500 متر، لكي يقرر مصير بلد بأكثر من 2 مليون كلم مربع… ويقطع مع الرغبة في تسليم البلاد لشخصيات بالتعيين، ثبت بالدليل القاطع أنها لا تحظى بالإجماع حتى في محيطها الأسري.

هذا يوم سيسجله التاريخ بأحرف من نور، لأنه سيكون يوما فاصلا بين حكم العصابة التي أكلت البلاد، وبين إرادة الشعب في التغيير، والتي لن تكون هذه الانتخابات سوى خطوتها الأولى، نحو مسار طويل بألف ألف ميل.

ثم أن هذا يوم لا يحبه الدجالون، الذين ألفوا حكم العصابة وكانوا خدما لها، ولا يحبه الفتانون الذين يزعجهم جدا طريق يضمن وحدة الوطن، ويوم أسود قمطرير يندب فيه أذناب الاستعمار، حظهم العاثر في تضييع جنة امتلكوها 132 سنة، ثم ازدادوا بعدها سبعا وخمسين.

حتى المقاطعين الشرفاء لهذه الانتخابات، سيكون هذا اليوم يوما كبيرا بالنسبة لهم، وإن أنكروا أو ادعوا غير ذلك، فهو يوم لتمحيص المسار واختبار الشفافية، وسيتذكرون دائما هذا اليوم، الذي راحوا يراقبون فيه سيرورة العملية الانتخابية، ونتائج التصويت، وكأنهم يفعلون ذلك لأول مرة، بالفضول الكبير والحماس الذي لن يقدروا على اخفائه.

لكن الأهم من هذا وذاك، أن اليوم هو بداية حقيقية لإخراج الشعب من الدائرة السلبية التي عاش فيها خلال ربع قرن تقريبا، فمنذ صدمة إجهاض مسار جانفي 1992، كفر ملايين الجزائريين بالعملية الانتخابية وانسحبوا مرغمين من المشهد، وحتى محاولة استقطاب بعض الشرائح في انتخابات الرئاسة عام 1995، والتي تنافس فيها زروال والشيخ محفوظ نحناح رحمه الله، انتهت إلى نفس المآلات بعد الذي اعتراها من تزوير وتشكيك.

أما ثالثة الأثافي، التي قصمت ظهر الشعب، فهي انتخابات 1999 التي فاز بها بوتفليقة بعد انسحاب الستة، فكانت صدمة من تبقى يؤمن بالانتخابات لا توصف، استغلتها العصابة بعد ذلك شرّ استغلال، عندما قرر الشعب مقاطعة جميع الانتخابات التي أجريت بعد ذلك تقريبا، بينما تشارك قواعد الأفلان والأرندي لتقرر وحدها مصير البلاد.

اليوم يوم عظيم، لأنه سيكسر هذه المعادلة التعيسة، ولو كسرًا جزئيا في انتظار أن يلتحق بقية الشعب بالعملية الانتخابية مستقبلا، بأن يعود الناس بقوة إلى المشاركة السياسية، ومواجهة كل محاولات التزوير في الميدان وإبطالها.

اليوم يوم عظيم، لأن الشعب هذه المرة، لن يترك الأفلان والأرندي وحدهما في الساحة، حتى لا يتم إجهاض ثورته السلمية البيضاء، ومعها الحلم الكبير في التغيير نحو الأفضل، كما لن يسمح للأفافاس مثلا والأرسيدي وغيرهما أن يسحبوه إلى دوائر العدمية والرفض، ففي النهاية الثورة الشعبية التي اندلعت في 22 من فبرار الماضي، كانت ضد كل هذه الكيانات المصطنعة، سواء في الموالاة أو ما يسمى مجازا فقط بالمعارضة.

اليوم يوم عظيم، لأنه موعد لقلب الطاولة على المتآمرين في الداخل والخارج، وتغيير جميع المعادلات التي ظلت تهيمن على الساحة، بأن يكون الشعب هو السيد، ولو بعد حين.

مقالات ذات صلة