-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إجرام باسم “الإله” رام!

محمد بوالروايح
  • 2423
  • 2
إجرام باسم “الإله” رام!
ح.م

كثيرا ما يصف الغربيون ومعهم بعض المستغربين من بني جلدتنا الإسلام بأنه “دين العنف والتطرف”، ويصفون المسلمين بأنهم “عصابة دينية منظمة تحترف القتل ثم تتظاهر بأنها حاملة لقيم السلم”.

والحقيقة أن وصف الإسلام بالتطرف هو التطرف بعينه لأن تعاليم الإسلام، بشهادة كثير من الغربيين المنصفين، تمثل قمة الإنسانية التي ضاعت في الغرب بين حوادث الحربين العالمتين الأولى والثانية والصراعات الاجتماعية والعرقية والمذهبية التي برحت بالمجتمع الغربي ولا يزال شيء منها قائما إلى الآن.

إن الغرب يكيل بمكيالين؛ فهو من جهة لا يغمض له جفنٌ عندما يتعلق الأمر بما يسميه “الاعتداء على الإنسان الغربي”، ولكنه من جهة أخرى يغضّ الطرف عن الاعتداءات الفظيعة التي تُرتكب ضد الإنسان العربي والمسلم من كيانات وجماعات تتغنى بالديمقراطية وهي غاية في الدكتاتورية، وهم يتكتمون على هذه الاعتداءات حتى لا تظهر للعيان وحتى لا يُتَّهمون بمعاداة الإنسان والأديان.

يتعمَّد الإعلام الغربي الربط بين صورة “الإسلام الداعشي التكفيري” الذي لا يمتُّ إلى الإسلام بصلة، والإسلام الحقيقي الذي جاء به النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله رحمة للعالمين، ويتعمد نفس الإعلام في الجانب الآخر السكوت عن الإبادة المنظمة التي تحترفها بعض الجماعات الهندوسية المتطرفة ضد الأقليات المسلمة، مستقوية في ذلك بحماية حكومات موالية وإعلام متواطئ يصور ما يحدث على أنه مجرد “صراع طائفي” و”شأن داخلي”.

اهتمّ العالم كله ومعه العالم الإسلامي بأمر “كورونا” الذي أرعب الدول والحكومات وطفقت عدواه تنتشر في القارات انتشار النار في الهشيم، وهذا أمرٌ مشروع لا غبار عليه، ولكن في عز اشتغال العالم بكورونا، نشطت عصاباتٌ هندوسية تقتل المسلمين المؤمنين الآمنين بالجملة وبالشُّبهة ليلا ونهارا ثم تحرق جثثهم أو تفضل في الغالب الأعمّ إبقاءها في أماكنها لتنهشها الكلاب وذوات الأنياب ثم تنسحب إلى مواقعها وديرها وكأن شيئا لم يحدث.

كل هذا الإجرام يمارسه الهندوس باسم “رام”، ولمن لا يعرف “رام” فهو  أكثر “الآلهة” قُدسية وشعبية في الهند لكونه بطلا لواحدة من أهم الملاحم في التاريخ الهندي وهي ملحمة “الرامايانا” التي تدور أحداثُها  في أرض “أيوديا” المتنازَع عليها إلى الآن، وتصوِّر كيف نجح “رام” في الظفر بقلب الأميرة “سيتا” والزواج منها متفوِّقا على كل خصومه، ولكن زوجة أبيه الرافضة لهذا الزواج تآمرت ضد الزوجين حتى يخلو لابنها “بهارت” وجهُ أبيه ما أدى إلى نفي رام وسيتا إلى جزيرة معزولة، ولكن كما يقال “رب ضارة نافعة” فإن الحب الذي أريد له أن يموت أو يخفت في القفار ازداد وانتعش وعاش رام وسيتا حياة سعيدة نغصتها حادثة خطف سيتا من قبل أحد الملوك، وهو ما جعل رام أكثر إصرارا على التحدي إذ قتل الملكَ واستردّ زوجته، ومنذ ذلك الوقت ازدادت شعبيتُه في الهند وأصبح رمزا أسطوريا.

إن الغرض من سرد هذه الملحمة هو بيان أن “الآلهة” الهندية، رغم أنها آلهة باطلة، لا تتحمل وزر الجرائم التي يرتكبها الهندوس ضد المسلمين لأن “رام” التي تتخذ منه الميلشيات الهندوسية شعارا للانتقام من المسلمين كما يرد ذلك في الأساطير الهندية، كان رمزا للتسامح وخاض ما نسميه في الأدبيات العربية والإسلامية “حرب الدفاع عن الشرف” ضد من تعمدوا التفريق بينه وبين زوجه، عاد رام بنشوة الانتصار ولكن من غير أن تستبد به روح الانتقام ممن شردوه وزوجَه وتآمروا عليهما.

لا أؤمن بـ”رام” وليذهب هو وكل معبود من غير الله الواحد الأحد إلى الجحيم، ولكنني أؤمن بأن “رام” بريء مما يفعله الهندوس باسمه تماما مثل ما هو بريء “بوذا” مما يفعله البوذيون فكلنا -متخصصين وغير متخصصين في الأديان- قرأنا الوصايا العشر لبوذا التي لا نملك من باب الإنصاف الذي تعلمناه من الإسلام إلا أن نقول عنها إنها ميثاقٌّ أخلاقي جم مفعم بالقيم لا يختلف في ذلك اثنان، فالهندوس الذي يقتلون المسلمين الموحدين في الهند ويخرّبون المساجد على رؤوس الركع السجود، هم جماعات همجية طائفية ديدنها الإجرام ولا يليق نسبتها أو انتسابها إلى “رام”.

قرأت مقالا في موقع “ساسة بوست” للكاتبة “أميرة حسن” بعنوان: “من هو “الإله رام” الهندوسي الذي يُقتَل المسلمون في الهند باسمه؟”، ووقفت على عبارة بليغة أوردتها الكاتبة للرسام الكاريكاتوري ساتيش أشاريا ينتقد فيه العمل الوحشي الهمجي الذي تمارسه الميلشيات الهندوسية باسم الإله رام: “.. (أرجوكم لا تقتلوا المسلمين باسمي)، هي جملة استخدمها رسام الكاريكاتير ساتيش أشاريا في عمل فني انتقد من خلاله أعمال العنف والقتل المرتكَبة في حق المسلمين بالهند باسم “الإله رام”، والذي جسد فيه مجموعة من (حراس الأبقار) يضربون رجلا مسلما مطالبين إياه بترديد شعار (يحيا الإله رام)، بينما يقف -في الرسم- الإله رام باكيا مردِّدا تلك الجملة، لتعبِّر تلك الصورة عن مدى تناقض التعاليم المرتبطة بالإله رام في الديانة الهندوسية، بما يفعله هؤلاء الهندوس من عنف وتدمير”.

أوجِّه في النهاية رسالة إلى العالم المتدين والمتمدن الذي وجّه كل اهتمامه لفيروس كورونا ولم يهتمّ بالفيروسات البشرية التي تسعى إلى إقحام العالم في أتون الإجرام في الوقت الذي تسعى فيه كل الأمم ومعها هيئة الأمم على استحياء من أجل استئصال شأفة الكراهية ونشر تعاليم الحب والسلام في ربوع العالم.

رسالتي إلى كل هؤلاء مفادها أن الغارة على القيم الإنسانية واتساع رقعة العنف والتطرف في العالم ليست من صنع الأديان بل هي من صنع الإنسان، وهذا يحمِّل العالم مسؤولية أخلاقية وقانونية وهي تعقب وعقاب المتدينين المعتدين باسم الأديان بدءا من بورما وما يفعله البوذيون ضد أقلية “الروهينغا” ومرورا بالصين وما يفعله الصينيون ضد أقلية “الإيغور”، ووصولا أخيرا وليس آخرا إلى ما يفعله الهندوس من إجرام باسم الإله “رام”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • يوبا الاول

    سادتي الكرام الناس اقصد البشر يرتكبون الكبائر والمناكر والكوارث ضد بعضهم البعض ثم ينسبونه للدين سواء اكان الدين هو الاسلام او اليهودية او المسيحية او غيره من الملل والنحل .
    فهاهي داعش الوهابية السلفية الماسونية -من اتباع المحفل الماسوني المقدس بلوزان سويسرا الفرع 539- وجبهة النصرة وكل المجرمين والقتلة الماجورين باموال ملوك الخليج الدمويين السفاحين المستبدين تقتل باسم الدين لكن الدين منها بريئ برائة الذئب من دم يوسف-الاسلام ليس دين قتل علي الاطلاق بل دين رحمة وعدل واحسان-
    فالوهابية مذهب يدعي خدة الاسلام والدفاع عنه لكنه في حقيقة الامر ينتمي للصهيونية والصليبية العالمية

  • محمد قذيفه

    ولكن اعلام بعض المسلمين الذي يشيع محاربة الحكومات للارهاب المحتمل هو الذي شجعهم على ارهاب المسلمين