-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“إسرائيل”.. بداية النهاية

حسين لقرع
  • 2174
  • 0
“إسرائيل”.. بداية النهاية

يتّفق الكثير من القادة والأكاديميين والمثقفين الصهاينة على أنّ كيانهم يمرّ بأخطر مرحلةٍ في “تاريخه” كلّه، الذي يمتدّ على مدار 75 سنة، وطالما سمعنا قادة كبارا أمثال الرئيس هرتسوغ ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وغيرهما يحذّرون من أنّ “دولتهم” لن تُكمل عقدها الثامن وسيكون المصير هو ذاته مصير “الدول اليهودية” السابقة، التي لم تكمل أيٌّ منها ثمانين سنة من عمرها.

اليوم تتزايد هذه التحذيرات والمخاوف إزاء الانقسامات المجتمعية والسياسية والإيديولوجية العميقة التي تضرب الكيان منذ أشهر ولا تزال شروخُها تتّسع وتُضعف الاحتلال، حتى أن تنظيما دينيا متطرفا دعا إلى تقسيم “إسرائيل” إلى دولتين: واحدة للعلمانيين الديمقراطيين، والأخرى للمتديّنين الذين يسِيرون بالكيان، بخطوات ثابتة، نحو الديكتاتورية الحتمية ما دام المتطرّفون الدينيون أمثال الوزيرين بن غفير وسموتريتش وغيرهما هم الذين يسيّرونه.

والواقع أنّ كيان الاحتلال يعاني، فعلا، انقساماتٍ حادّة على خلفية قانون التعديلات القضائية الذي يُلغي، عمليا، السلطة القضائية ويمنح السلطةَ التنفيذية، أي الحكومة، الحكمَ الفعلي للكيان، لكنّنا لا نعتقد أنّ هذه الانقسامات، ستكون هي العامل الرئيس في تفكّكه ونهايته من تلقاء نفسه في فلسطين، ومن ثمّ، هروب الصهاينة جميعا إلى الدول التي جاؤوا منها، وكفى الفلسطينيين شرّ القتال!

مثل هذا التصوّر الذي بدأنا نلاحظ ترديدَه في الساحة الثقافية والإعلامية العربية والترويجَ له، هو في الواقع تصوّرٌ قاصر ينمّ عن العجز والسطحية؛ صحيحٌ أنّ هناك هجرةً مضادّة، وهروبا لمستثمرين من الكيان باتجاه دول غربية عديدة، ورفضا متزايدا للخدمة العسكرية من مئات الضباط والطيارين وجنود الاحتياط، واتّساعا في دائرة الانقسامات بين المتديّنين والعلمانيين، لكنّ ذلك كلّه لا يكفي للقول إنّها علاماتُ انهيار ذاتيّ ومريع للكيان ومؤشّرٌ لنهاية احتلاله لفلسطين تلقائيًّا.

إذا انهار الاحتلالُ يوما في فلسطين، فسيكون ذلك بفعل المقاومة الفلسطينية وليس بفعل الصراعات الصهيونية الداخلية التي قد تنتهي يوما بتوافقات بين الفرقاء السياسيين، أو عبر انتخابات جديدة تصل فيها المعارضة إلى الحكم وتلغي قانون التعديلات القضائية الذي أثار هذه العاصفة كلها. ينبغي أن لا نراهن على الانقسامات الداخلية الصهيونية، بل يجب وضعُ إستراتيجية عمل لدعم المقاومة الفلسطينية حتى يشتدّ عودُها وتتمكّن، مستقبلا، من تحرير الضفة الغربية كما حرَّرت غزة في أوت 2005، ثم تتفرّغ بعدها لاستعادة قرى أراضي 1948 وبلداتها الواحدة تلو الأخرى إلى أن تتمكّن من تحرير فلسطين برمّتها من النهر إلى البحر وتُرغم الصهاينة على تركها والعودة إلى الدول التي جاؤوا منها، تماما مثلما أرغمت الثورةُ الجزائرية الاستعمار الفرنسي على سحب جنوده ومستوطنيه والرحيل من الجزائر في 5 جويلية 1962، ومثلما أجبر الفيتناميون أمريكا على سحب جنودها والمغادرة في 1975، وكذلك فعلت طالبان والمقاومة العراقية وغيرها من الثورات على الاستعمار الحديث بعد تقديم تضحيات جسيمة.

ولعلّ معركة “جنين”، قبل أسابيع قليلة، تمنحنا الأملَ في تحرير قرى الضفة الغربية وبلداتها قريبا وبالتدريج؛ فلقد حاول الجيش الصهيونيّ “تطهيرها” من المقاومين، لكنهم واجهوه بما لم يكن يتوقّعه وأجبروه على الانسحاب ذليلا مُهانا. واليوم، تكشف المقاومة أنها بدأت تطوِّر قدراتها في الضفة الغربية وتشقّ الأنفاق وتصنِّع الصواريخ… صحيحٌ أنها أنفاق وصواريخ بدائية كما تُظهر الصور القليلة المسرَّبة، لكنّها تذكّرنا بغزة التي بدأت بالطريقة نفسها واليوم تملك شبكة أنفاق ضخمة، وصواريخ يصل مداها إلى 150 كيلومترا وتصل إلى تل أبيب وما بعد تل أبيب.

الاحتلالُ أثبت فشله أمام المقاومة في جنين وحدها، والخوفُ لا يأتي منه، بل يأتي من السلطة الفلسطينية التي ترفضها وتتمسّك بما تسميه “المقاومة السلمية الشعبية”، مع أنّ هذا النوع من “المقاومة” المزعومة لم يُثمر طيلة 30 سنة من أوسلو، سوى تغوّل الاستيطان، وضياع الضفة والقدس حتى أصبح قيام “الدولة الفلسطينية” شبه مستحيل فيها، ومع ذلك، لا ترعوي هذه السلطة، ولا تقبل بالعودة إلى خيار شعبها في المقاومة المسلّحة للاحتلال.

وخلاصة القول، إنّ نهاية الاحتلال ستتحقّق حتمًا ومهما طال الزمن، ولكن بسواعد المقاومة الفلسطينية، وليس بالانهيار الذاتي كما يردّد الحالمون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!