الرأي

إضلال وإذلال

فئتان في الأمة إذا صلحتا صلحت، وإذا فسدتا فسدت، وهما العلماء والأمراء، وهم جميعا هم “أولو الأمر”، الذي أمر الله – عز وجل – بطاعتهما في قوله تعالى: “وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم”.

وما أروع هذه الجملة “وأولي الأمر منكم”، حيث أفادت معنيين هما:

*) أن يكون “أولو الأمر” من جنسكم، أي ليسوا من المستعمرين لكم، المعتدين على مقدساتكم، المستغلين لخيراتكم، وقد حاول المستعمرون – عن طريق مستشرقيهم – أن يلبّسوا على الأمة الإسلامية، بإيهامها بأنها مأمورة “شرعا” بطاعة حكامها ولو لم يكونوا من أبنائها، وأشهر ما يذكر هنا تلك “الفتوى” الكاذبة المصنوعة في مخابر الاستشراق الفرنسي، وكلّف بحملها إلى المشرق العربي ذلك المجرم “ليون روش”.

*) أن يكون “أولو الأمر” هم أنفسهم مطيعين لله ورسوله فيما أمرا به ونهيا عنه، فإن كانوا عاصين لله، معتدين على حدوده فلا طاعة لهم، ولو ادّعوا بألسنتهم الإسلام، وأول حاكم مسلم دعا إلى تطبيق هذا هو سيدنا أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، في أول خطبة ارتجلها بعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حيث خاطب المسلمين قائلا: “أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيت فلا طاعة لي عليكم”.

وعاش المسلمون منذ ذلك الوقت إلى يومهم هذا متقلبين بين السعادة والشقاء، وبين الخير والشر، وبين الحق والباطل، وبين العدل والظلم، تبعا لصلاح هذين الفئتين أو فسادهما، وكان أكثر عهودهم شرا، وظلما وشقاء..

وقد استعلن الفساد في المسلمين في هذا العصر الذي نحن شهداءه، وظهر هذا الفساد في البر والبحر وجاهر به كثير من الحكام، ومالأهم عليه كثير من “العلماء”، الذين زيّنوا للحكام مظالمهم، وأصبحت الأمة الإسلامية “كما” لا قيمة له، ولا رأي له، والذي يبوء بإثم ما تعانيه هذه الأمة هم هؤلاء “العلماء” والحكام فـ”أولئك يضلّونها، وهؤلاء يذلّونها، وجميعهم يستغلونها”. (آثار الإبراهيمي 5/141).

فيا أيها “العلماء” لا تشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، ولا تعينوا الشيطان على هؤلاء الحكام.. فكل ذلك إلى زوال وستقفون أمام الله – عز وجل – وسيسألكم ماذا عملتم فيما علمتم. ونخشى أن لا يكون عندكم جواب.

مقالات ذات صلة