-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

..إنهم أناس يتطهَّرون..

عمار يزلي
  • 1450
  • 9
..إنهم أناس يتطهَّرون..

قرار وزيرة التربية، الذي تدافع عنه باستماتة منقطعة النظير، من أجل طرد الصلاة من المدرسة بعد أن تم طرد بقية “المنكَرات” الدينية من البرامج أو تقليصها أو حذفها أو تعويمها، يأتي في سياق مبرمَج سلفا، يبدو ظاهرُه ضد السلفية والإسلاميين، الشيء الذي يفسره موقف جمعية الزوايا والأشراف من المسألة، لكن باطنه غير ذلك. الباطن يوحي بما يبديه الظاهر، والظاهر في ظاهره الرحمة وباطنه من قبله العذاب.
المسألة مرتبطة بمنهج واضح يدخل ضمن إستراتيجية لنسخةٍ فرنسية هي علمنة التعليم على الطريقة الفرنسية، أي تحييد الأخلاق والدين والمقومات الهوياتية التي يقوم عليها التماسك الهوياتي الاجتماعي، من المدرسة، بما يجعل التلميذ مجرد آلة تلقين لا يشوِّش عليه ملقن لا من العائلة ولا من المسجد أو المحيط الاجتماعي.
هذا التحييد، جعل المدرسة تهوي إلى الحضيض، بعد ما فقدنا البوصلة وصرنا في المرتبة 185 عالميا بعد اليمن المدمَّر وسوريا المفتتة: لا تعليم ولا تربية.
فقهُ الأولويات أو ما يسمى بـ”الأجوندا”، تحتم علينا أولا طرد المدنس لا المقدس من المدرسة: تنظيف المدرسة من المخدرات والسجائر والممارسات غير الأخلاقية بين البنين والبنات وهذا قبل التفكير في منع الصلاة داخل المدارس، لكن ترتيب الأولويات عند التوجه العلماني الفرنسي المعروف بمعاداته للدين ولكل أشكال التدين لعقدة تاريخية مع الكنيسة منذ القرن السابع عشر والثورة الفرنسية ودخول اليهود في ترسيخ عقيدة كراهية الأديان كلها المسيحية والإسلام على الخصوص، ينبني عندنا على أن إستراتيجية إخراج الدين أولا وأخيرا، لأن إخراج الدين من المدرسة أولى عندهم من إخراج المخدرات، والانحلال رمزٌ للتفتح ومناهضة التدين.
هذا التوجه، ليس وليد المدرسة مع الوزيرة أو حتى ما قبلها، بل إنها وليدة إستراتيجية أوسع وأبعد بدأها التيار الاستئصالي منذ التسعينيات عندما شرع في ضرب الحركة الإسلامية الراديكالية بفرض بيع الخمور ونشر كل أشكال المجون، الهدف منه كان التشويش على هذا التيار المشاكس المتنامي والذي كان بالتأكيد يخيف الجميع بتشدده، حتى أننا لاحظنا كيف أن عدة ولاة أرسلوا لكلِّ من أغلق حانته في التسعينيات خوفا من التهديد الإرهابي، أن يعيدوا فتحها تحت طائلة الغلق وسحب السجل التجاري، بل أن “الإضارة” سارعت لتسهيل فتح محلات بيع الخمور وشربها حتى في قرى بعيدة ومحافِظة، ما أدى أحيانا إلى مظاهرات حرقٍ وتخريب لأوكار الفسوق هذه، لأن الخمر يجلب الرذيلة حتى داخل القرى المحافظة. وهو تماما ما كانت فرنسا قد قامت به في بداية الاحتلال، وقد قرأتُ كتابا فرنسيا في هذا الصدد يعترف صاحبُه وهو من الكولون القدماء كيف أنهم كانوا يعملون على تدنيس كل ما هو مقدس وضرب المعتقدات الدينية من أجل “تحرير العقل والفكر”، كما كان يُسمى، من هذه “الذهنية البالية” تمهيدا لفرْنسة المجتمع دينيا وثقافيا وفكريا وأخلاقيا.
هذا المسعى التربوي، كما نلاحظ إنما هو امتدادٌ لهذه الإستراتيجية التي تتجاوز الوزيرة نفسها، باعتبارها مجرد عريف حامل للّواء، الغرض منه تكملة ما عجزت فرنسا عن تنفيذه طيلة احتلالها وإلى اليوم.
العيب ليس في الخمر ولا في المخدرات وفي العري والمجون ولا في انهيار القيم والمستوى التعليمي، بل في الصلاة والدين.. وهذا ما تحاول الوزيرة أن تغرسه رغما عن الجميع في عقولنا جميعا.. على اعتبار أن الجميع “غاشي” وأن المجموعة “الفاهمة” هي التي تفهم ولها الحق في الاستفهام.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • شاوي

    كم عدد القتلى جراء التدخين سنويا ومنذ الإستقلال ؟ والمخدرات؟ والإختلاط بين البنين والبنات؟
    وكم عدد القتلى جراء دين عباسي مدني والسديسي والقرضاوي وعبدالله أنس ؟
    هل إسلام عباسي مدني مقدس ؟ تصفحوا اليوتوب لتتعرفوا عن قدسية دينه أثناء تخريب ليبيا من طرف ساركوزي والعرب
    أظن أن إصلاحات الوزيرة لاتعني أحفاد العرب لأن هؤلاء ثقافتهم ودينهم وسلوكهم وأصولهم هويتهم ..عربيه إبن خلدون يشرح أكثر

  • عروبتاه كونتري

    بارك الله فيك يا استاذا عمار لاهمية الموضوع وخطورته تخليت عن طريقة طرحك الساخرة والهزلية المليئة بالرموز والايحاءات لمواضيع سابقة واستعملت لغة الخبير بقضايا امته والمبين لسموم هؤلاء اللبراليين احفادعدو الامس واليوم والغد من الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا والذين يريدون حياة من دون دين ولا شريعة تحكم مثلما اراد دوركهايم الذي قال بملئ فمه " يجب ان نزيل الله من الحياة " تعالي الله عما يقولون علوا كبيرا وكان من تتلمذ علي يديه هم من ازالوا كل ماله علاقة بالدين في المدارس الفرنسية والمناهج التعليمية أنذاك ... وهذه الشرذمة من المهزومين داخليا ............. تري هل تصلي بن غبريط في مكتبها ؟

  • خالد

    أستطيع أن أقول أن الرياضة مقرها الملعب و الفن مقره دار الثقافة إلخ.... فلماذا الصلاة مقره البيت رغم أنها تقام في أي مكان ما لا تستطيع الرياضة فعله أو الفن.

  • كمال

    الامارات العربية المتحدة تفتح سفارة جديدة للصهاينة بابو دبي من> 6 اشهر والبحرين تستقبل الوفود الاسرائيلية الثقافية والرياضية علي ارضها وتقيم علاقات امنية وعسكرية واقتصادية مع الكيان الصهيوني علي حساب اخواننا بفلسطين الحبيبة وسلطنة عمان تستقبل نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال بارضها بحفاوة بالغة -نتنياهو قتل من اخواننا المحاصرين العرب السنة بغزة العزة 1200 عربي مسلم -

  • كمال

    هل يعلم المسلمون ان الوهابية الماسونية قامت مؤخرا بتدنيس الحرمين الشريفين امام كل العالم لقد جاء السلفيون الوهابيون بالمغنيين الفاسقون الي المدينة المنورة للغناء والرقص فيها وشرب الخمر -ماري كاري اليهودية الصهيونية وماجدة الرومي المسيحية وغيرهم من الكفار .....-
    لكن علماء السلفية السديس وال الشيخ لم يعلقوا وقالوا ان ه>ا يوافق الشرع الاسلامي يا للعار والشنار يا عرب يا مسلمين

  • مجمد

    لقد سمعت الأمس من قناة عربية سؤالا وجيها يبرز مستوى وعي نقابات المعلمين التي تقرر بكل مناسبة وغيرها إعلانا مدويا لانطلاق فترات احتجاجية متواصلة أساسها الإضرابات المتلاحقة مطالبة برفع أجور عمالها بالمدراس مدعية أنها تدافع عن حقوق المعلمين لمصلحة التلاميذ.كم خسر الطلبة من أيام للراحة حتى تعددت أوقات الفراغ فاكتظت الشوارع بالمضربين لا لسبب إلا لأنهم يطالبون برفع أجورهم.وكم خدعنا بأنهم يدافعون عن كرامتهم.وعندما يطعن في دين أمتهم ويمنعون هم وتلاميذهم من القيام بالصلاة داخل المدرسة فلا كرامة تذكر ولا هم يحزنون.أية تربية هذه التي يقومون بها؟وأية كرامة يدافعون عنها؟هؤلاء عملاء لهذه الوزيرة وأدوات لها

  • ismain

    je ne partage pas votre avis

  • bamour

    أصبت أستاذ ...

  • فاروق

    لا داعي لاستعراض التقوى, انتم مؤمنون وصحابة وكل العالم يتربص بكم ،