-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
من‭ ‬بعيد‭ ‬

إيران‭.. ‬بين‭ ‬ودّ‭ ‬الجزائر‭ ‬وجفاء‭ ‬مصر‭

إيران‭.. ‬بين‭ ‬ودّ‭ ‬الجزائر‭ ‬وجفاء‭ ‬مصر‭

بعد نشر موقع “ويكيليكس” وثائق أمريكية كشفت عن مطالبة بعض القادة العرب الإدارة الأمريكية باستعمال القوة لمنع إيران من التسلح النووي، ذكر النّاطق باسم الخارجية المصرية الدبلوماسي حسام زكي في لقاء خاص -قبل يوم من اجراء انتخابات مجلس الشعب- لقناة الحياة الفضائية “أن هناك تناقضا في العلاقات المصرية – الإيرانية”.

  • وأرجع ذلك إلى كون طهران تستعمل أوراقا عربية لتحقيق مصالحها، في حين اعتبر العلاقة بين مصر وتركيا علاقة تحالف.. فهل يا ترى هناك تناقض بالفعل بين مصر وإيران؟ وهل هذا يخصّها هي فقط أم يعني باقي العرب؟
  •  من الناحية العملية، هناك تناقض بين مصر وإيران يصل إلى درجة العداوة أحيانا، بدأ منذ أن أقدمت جمهورية إيران الإسلامية على اطلاق اسم “خالد الإسلامبوي” قاتل السادات، على أحد شوارع العاصمة طهران، ولا أتصور أن الرفض المصري نابع من اعتبار السادات زعيما، بقدر ما هو خلاف حول النهج المصري لقيادة السلام، ذلك لأنّه في السنة التي خرجت فيها مصر من الصراع العربي -الإسرائيلي، دخلت إيران على حلبة الصراع، وحاربت من خلال الشعارات، واحتلت موقعا بارزا على الأقل على مستوى الخطاب، ثم حوّلته إلى فعل لدعم سوريا، ومن بعدها حزب الله‭ ‬في‭ ‬لبنان‭.‬
  •  وخلال حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران، كانت مصر تقف إلى جانب العراق ومعها كثير من الدول الأخرى، خاصة دول الخليج العربي، ولكل منها حساباتها الخاصة، هذا في الوقت الذي  عملت الجزائر من أجل توقيف الحرب بين الدولتين المسلمتين، انطلاقا من قاعدة “انصر أخاك ظالما أو مظلوما”، ومن ذلك كف أذاه على الناس، حتى أنها دفعت ثمنا لذلك وزير خارجيتها المجاهد والسياسي المحنّك محمد الصديق بن يحيى، وحين أدركت أنه لا جدوى مما تقوم به التزمت الحياد، وإن كان من منطلق مساندتها للثورة الإيرانية، منذ أن كان الإمام الخميني مقيما في‭ ‬باريس،‭ ‬لم‭ ‬تتراجع‭ ‬عن‭ ‬دورها‭.‬
  • ظلّت العلاقة بين الجزائر وإيران نقيضة لعلاقة أغلب الدول العربية، التي أظهرت، وخلال عقد من الزمن، أنها مناصرة للأمن القومي العربي، وعندما وضعت الحرب بين العراق وإيران أوزارها، بدأت تلك الدول تفكر بجدية في التخلص من العراق باعتباره القوة الأكبر والأخطر في المنطقة، خاصة بعد غزو العراق للكويت، والأحداث التي وقعت بعد ذلك معروفة، إلى أن انتهى الأمر بتحالف العرب وأمريكا وبعض الدول الأوروبية، إضافة إلى إيران ضد العراق، بحجة تحريرها من نظام الرئيس صدام حسين، والنتيجة ما نراه اليوم من تدمير شامل وإنهاء للدّولة، وإخراج‭ ‬متعمّد‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭.‬
  • على الجهة المقابلة، اضطربت العلاقات بين الجزائر وإيران، بعد اغتيال الزعيم محمد بوضياف، ومع أن القتل تم بأيد جزائرية وتحت أعين النظام وداخل الجزائر، إلا أن صدور بيان يؤيد جريمة قتل بوضياف من طرف السلطات الإيرانية في ذلك الوقت، أثار غضب الدولة الجزائرية لدرجة‭ ‬دفعت‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للدولة‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭.‬
  •  بعدها بسنوات – تحديدا صيف 2001 – سألت رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك، وقد كان مهندس قطع العلاقات، خاصة وأنه كان وزير الخارجية في ذلك الوقت، كيف للجزائر أن تقطع علاقاتها بإيران وهي حليف طبيعي لها منذ قيام الثورة؟
  • أجابني بالتفصيل حول هذا الموضوع، ويمكن لي اختصار إجابته فيما يأتي “.. لقد كنت سفيرا للجزائر في الولايات المتحدة أيام أزمة الرهائن الأمريكان في طهران، وآنذاك قطعت العلاقة بين إيران والولايات المتحدة، فاختيرت الجزائر من إيران لرعاية مصالحها هناك، وانتخب وقتها ريغان رئيسا، فأرسلت لي دعوة لحضور حفل التنصيب، فاعتذرت عن الحضور، وأرجعت ذلك إلى أن الرئيس الأمريكي قد يتعرض في كلمته إلى نقد إيران، وفي هذه الحالة سأضطر إلى الرّد، غير أن البيت الأبيض رد علي بأن الرئيس ريغان لن يتعرض في كلمته لإيران، وكذلك فعل.. فكيف لي‭ ‬وأنا‭ ‬الذي‭ ‬كنت‭ ‬أحمل‭ ‬الهم‭ ‬الإيراني‭ ‬أن‭ ‬أقبل‭ ‬بتأييد‭ ‬قتل‭ ‬بوضياف‮”‬‭.‬
  •  انتهت سنوات الأزمة الجزائرية وعادت العلاقات الإيرانية -الجزائرية لسابق عهدها، ولم تكن هناك مساءلة من الجزائر عن دور إيران في المنطقة العربية، وخاصة في العراق، وهي في ذلك تسير على خطوات دول عربية أقرب جغرافيا وأكثر اختلافا مع طهران منها، وتلك حالة عربية عامة، يتم فيها الابتعاد أو الاقتراب، الاختلاف أو التأييد، من منطلق المصالح القطرية الضيّقة، بل من منطلق مصالح النظام الحاكم في هذه الدولة أو تلك، ولو أن النظام المصري مثلا رأى أن له مصلحة في إيران -وقد يكون هذا قريبا- ما تردد في التقرب منها أو على الأقل مدّ جسور العلاقة معها، بدليل أنه كان يقف إلى جانب العراق عسكريا وبشريا، وتخلى عنه، حين اختلفت المصالح، ولا يبكى النظام المصري وباقي الأنظمة العربية اليوم على دولة كانت تمثل قوة حقيقية أضاعوها، وأي دولة أضاعوا؟!
  •  لقد بلغت الجزائر في علاقتها مع إيران الذروة خاصة في المجال الاقتصادي بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها الوزير الأول، رئيس الحكومة، أحمد أويحيى إلى طهران، وقد تساءل بعض الجزائريين عن أهمية التعاون مع إيران، وهي نظام مفلس وآيل للسقوط، مهما ادعى القوة أو الثورية،‭ ‬وهو‭ ‬تساؤل‭ ‬مشروع‭.‬
  • بالتأكيد ستتعدد إجابات السؤال، لكن من قال إن النظام الإيراني بقيادة محمود أحمدي نجاد آيل للسقوط رغم الحملة الغربية؟.. إني لا أراه كذلك، ما دام لا يتعدى في نشاطه الصراع الداخلي، أما بخصوص الملف النووي فنتائجه معروفة مسبقا، فماذا فعلت باكستان بسلاحها النووي حين‭ ‬طلب‭ ‬منها‭ ‬تدمير‭ ‬دولة‭ ‬حليفة‭ ‬لها،‭ ‬اسمها‭ ‬أفغانستان‭.‬
  •  مهما تكن الانتقادات لإيران، فعلينا أن نقرّ ونعترف بما تقوم به من دعم للمقاومة اللبنانية وللفلسطينيين، عجز عنه العرب بل تحالفوا ضده، كما نعترف لها بدعمها المتواصل لسوريا من أجل الثبات على مواقفها، لكنها بالمقابل لا تقدم هذا مجانا.. لهذا لا يمكن أن نعتبرها عدوا لأنها صديق – ظاهريا على الأقل- لبعض الدول العربية، لكنها ليست الطرف الذي يعوّل عليه حين يتعلّق الأمر بقوة العرب، ومثلما يشك في تلك العلاقة لجهة توترها حين تختلف المصالح، يشك ايضا في النوايا والمواقف.
  • علينا أن نتحدّث بوضوح هنا حول مسألتين تلتقي فيهما إيران مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، أولها: أن العرب يجب أن ينتهوا من التاريخ كأمة فاعلة، ونحن على وشك أن ننتهي بالفعل، وقد عدنا إلى صراع القبائل العربية القديمة، حتى أن كثيرا من القادة السياسيين وأصحاب الرأي منّا يخشى أن يعتبره الآخر عربيا، ويفضّل أن يكون مواطنا في دولته حتى لو كان من مواطني الدرجة العاشرة، لينتهي به المطاف إلى الاحتماء بعدو الأمس واليوم والغد، على أن ينتمي لأمة شرّفها خالقها بالإسلام، وبعث فيها محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا نبيا‭.‬
  •  من هنا يمكن لنا فهم التقسيم القائم في العراق، والهجوم المتواصل على جامعة الدول العربية، والاختلاف حول تسمية الخليج، والأكثر من هذا كله إلغاء اسم الوطن العربي أو العالم العربي، واستبداله بمصطلح “الشرق الأوسط” بحيث يشمل (الدول الخليجية واليمن ومصر والعراق وسوريا ولبنان والسودان -قبل التقسيم- والكيان الإسرائيلي) وهذه التسميّة يقصد منها الاعتراف بالوجود الكامل لإسرائيل، ثم منطقة شمال إفريقيا، التي يقصد بها الدول المغاربية (ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب وموريتانيا).. وهكذا لم يعد اسم العروبة يأتي سهوا إلا حين يذكر‭ ‬الاسم‭ ‬بالكامل‭ ‬للدول‭ ‬التالية‭ ‬‮(‬السعودية،‭ ‬مصر،‭ ‬سوريا،‭ ‬الامارات‮)‬‭ ‬وهذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬تذكر‭ ‬دون‭ ‬اسمها‭ ‬الكامل‭.‬
  •  والمسألة الثانية التي تلتقي فيها إيران مع الغرب، هي لا تخص العرب وحدهم، ولكن تتعداهم إلى بعض دول العالم الإسلامي، التي هي بعيدة في الأساس عن خلافات المركز، وأقصد بها الخلاف المذهبي، الذي تذكي ناره بعض الأطراف الفاعلة على المستوى الشيعي، وهو يشكل قلقا لي، ولكثيرين غيري، بالرّغم من عدم تفريقي بين مذهب وآخر، بل أرى أن قبولنا بالآخرين -من منظور إيماني- رغم اختلاف دينهم وثقافاتهم عنا، يتطلب منا القبول والاعتراف بالآخرين المختلفين عناّ مذهبيا، ما داموا يتحركون معنا في فضاء الدين الواحد.
  •  المسألة إذن تتعلّق بالاختلاف المذهبي، ومن هنا نقرأ دعم إيران المتواصل لفريق على حساب آخر في العراق، ودعمها للمقاومة في لبنان، وتقويتها للحكم في سوريا، والنتيجة النهائية هي: ابعاد القوى المناهضة للغرب، التي تشعل الآن الحرب ضد الجميع.
  •   قد تكون عودة تركيا إلى المنطقة محاولة لتوقيف هذا المد، لكن لنفترض حسن النوايا في الجميع، لذلك ليس لصالح الحكومات العربية اضعاف المعارضة خاصة الإسلامية، وليس من مصالحنا جميعا أن نخرج من فضاء أمتنا، لأنها تعاني من الأمراض والعنف والتراجع، كما أنه ليس من صالح‭ ‬أمّتنا‭ ‬أن‭ ‬تستغل‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرّفة‭ ‬فساد‭ ‬الحكومة‭ ‬فتعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬على‭ ‬جثث‭ ‬الشعوب‭.‬
  • في كل الأحوال علينا أن نعرف أنه “إذا ذّل العرب، ذلّ الإسلام” ..صحيح أنه لن يذل انتشارا بين الأفراد في كل الأمم والشعوب، ولكنه يذل كدعوة تحقق العدالة من خلال الجماعة المؤمنة، التي تسعى لتحقيق العدل، وتعميم سياسة التوحيد في الأرض، وخارج هذه الرؤية لن تكون هناك‭ ‬جدوى‭ ‬من‭ ‬ود‭ ‬الجزائر‭ ‬ولا‭ ‬جفاء‭ ‬مصر‭ ‬لجمهورية‭ ‬إيران‭ ‬الإسلامية‮.‬ 
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • karim

    bravo rachid

  • جميلة

    اولا: شكرا يا استاذ خالد على هذا الموضوع القيم بالرغم من ان قراءة المواضيع التي تخص العلاقات العربيةـ العربية و العلاقات العربية ـ الاسلامية ، كمن يدر الملح على الجرح .
    ثانيا : ما رأي السادة الكرام في الموقف الذي يوضع فيه اساتذة التاريخ امام الاسئلة العديدة للتلاميذ عن : القومية العربية ـــ دور الجامعة العربية فيما يحدث اليوم في الوطن العربي و عن وعن ........الخ طبعا اصبحنا اليوم من اكبر المراوغين لتجنب الخوض في مثل هذه المواضيع خاصة امام تلاميذ العولمة.................الله يحمي الجميع .

  • نوح

    يا سي راشيد نوافق ولكن اذا كان جارك خائن وين تروح؟

  • عبد الباقي

    بل يوجد فرق بين الحكومات والشعوب

  • بدون اسم

    bravo rachid

  • رشيد

    متي ستبقي الدول العربية رهينة زواج المتعة ؟مرة الرجل الروسي ومرة الرجل الفارسي......................
    عندما يحتمي الجار بجاره ويعرف ان قوته من قوته والعكس صحيح.

  • sans

    pour justifier l'injustifiable vous vous permetter de dire des betises .jamais l'iran ne sera allie des arabes. l'algerie la syrie et le qatar jouent avec le feu d'une part ils font persister les divergences entre arabes et d'autre part soutiennent un regime qui ne porte que la haine a toute arabe .oui il soutien le hizballah c'est pas pour liberer la palestine mais comme avant garde et une carte de pression contre les arabes en premier lieu.l'algerie etait terre chiite sous le regne des fatimides avoir des relations avec l'iran n'est qu'une simple recherche d'origine .mais tot ou tard l'iran finira par chuter .

  • مسلم مصري

    لعلي لا أبالغ إذا ما قلت إن الأمة الإسلامية إذا كان انفرط عقدها في بدايات القرن العشرين، بإلغاء الخلافة وسقوط فكرة الجامعة الإسلامية، ومن ثم بروز فكرة الجامعة العربية والدعوة إلى القومية العربية، فإن القرن لم يكد ينتهي حتى تم تفكيك الرابطة العربية بدورها . وإذا بنا ندخل إلى القرن الواحد والعشرين وقد انحلت تلك الرابطة وانهارت فكرة الجامعة العربية وتبخر معها حلم الوحدة العربية .

    وفي العشرية الأولى من القرن الجديد وجدنا أنفسنا أسرى فكرة القطرية، التي رفعت شعار “أنا أولاً” في أغلب عواصم العرب، ووصلنا في التردي إلى درجة جعلتنا نحاول جاهدين الحفاظ على وحدة الأوطان ذاتها، التي صارت كياناتها في خطر كما سنرى بعد قليل .

    ومن مفارقات الأقدار وسخرياتها أننا ونحن نمر بمرحلة ما بعد تحلل الجامعة العربية (أرجو أن تلاحظ أنني أقصد الرابطة العربية وليس المنظمة القائمة في مصر) نكرر مشاهد ما بعد سقوط الجامعة الإسلامية، رغم أن هناك خلافا في الشكل والتفاصيل بين الحالتين . ذلك أن صفحة الجامعة الإسلامية كانت قد طويت من الناحية السياسية حين ألغيت الخلافة الإسلامية التي كانت رمزاً لتلك الجامعة بقرار معلن من الحكومة التركية في عام 1924 أما في الوقت الراهن فلا تزال الجامعة العربية قائمة، لكنها تحولت من رابطة تجمع شعوب الأمة، إلى منظمة قائمة تحمل الاسم ومعطلة الوظيفة .

    و منذ استقالت مصر عملياً من موقع القيادة في العالم العربي حين عقدت صلحها المنفرد مع إسرائيل في كامب ديفيد عام ،1979 الأمر الذي أدى إلى انفراط العقد العربي وتعطيل مؤسسة القمة العربية . وبمضي الوقت لم يعد العرب أمة واحدة . وإنما صاروا أمماً شتى . في المشرق أصبح لدينا متصالحون مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وممانعون ومحتلون في العراق وغيرها.

    وفي المغرب آثر بعضهم الانعزال كما في المغرب وتونس، والهروب إلى الإطار الإفريقي كما في ليبيا . وكانت النتيجة أننا حافظنا في الشكل على هيئة الأمة التي حاصرناها في مقر الجامعة بالقاهرة . ولم نسمح لها بالخروج إلى الشارع العربي . الذي مزقته القطرية حتى أصبح شوارع عدة . متقاطعة فيما بينها ومتعاركة أحيانا .

    مع دخول القرن الواحد والعشرين سقط مصطلح “العمل المشترك” من قاموس الخطاب السياسي العربي . وتحولت كل صياغاته إلى أضغاث أحلام غير قابلة للتحقيق، من السوق العربية المشتركة إلى الدفاع المشترك .

    أستثنى من ذلك ميداناً واحداً هو الأمن، الذي أصبح التعاون العربي فيه من ضرورات تأمين الأنظمة . بمعنى أن الدول العربية اضطرت إلى التنسيق فيه حيث لم يكن أمامها خيار آخر .

    حين غاب المشترك فإن “الانكفاء” صار سيد الموقف وعنواناً رئيسياً لمرحلة ما بعد التفكيك التي كرست الظاهرة القطرية وأدت إلى إضعاف الجميع .

    ومن ثم استصحبت الفواجع التي نشهدها الآن، جراء الاستفراد بكل قطر على حده . وكانت النتيجة التي يراها كل ذي عينين الآن . أن الكلمة العليا في العالم العربي بل والأخيرة أيضاً أصبحت للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. صحيح أن موازين القوى الدولية تغيرت بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة، ما مكن الولايات المتحدة من الاستقواء وبسط هيمنتها على عالم الضعفاء بوجه أخص . لكن العامل الذي لا يقل أهمية عن ذلك أننا بدورنا تغيرنا، ومن ثم أتحنا فرصة التمكين لقوى الهيمنة والاستعلاء.

    المدهش أن ذلك حدث متزامناً مع تنامي القوة الاقتصادية للعالم العربي، الأمر الذي إذا لم يوفر لقياداته القدرة على الضغط لتحصيل الحقوق، فإنه يمكنها على الأقل من الثبات والصمود أمام رياح التفكيك والاقتلاع . وهو ما لم يتحقق على هذا الصعيد أو ذلك.

    في ختام السنوات العشر الأولى من القرن الجديد برزت في خريطة العالم العربي المعالم الآتية:

    - الغياب التام للمشروع العربي مع تنامي حضور المشروعين التركي والإيراني .

    - تراجع أولوية القضية الفلسطينية التي سلم ملفها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي أطلق يد إسرائيل في الاستيطان والتهويد.

    - التهوين من شأن الخطر الإسرائيلي والدفع باتجاه ترشيح إيران لتنصيبها عدوا للعرب وخطرا أول يهدده.

    اتساع نطاق الخصومات بين بعض الأنظمة العربية: فمصر أصبحت في خصومة مع سوريا ومع الجزائر مؤخراً . والقطيعة مستمرة بين الجزائر والمغرب بسبب قضية الصحراء . والاشتباك قائم بين سوريا والعراق. والتوتر يسود العلاقات الكويتية العراقية بسبب قضية التعويضات. وثمة توتر مكتوم بين دولة الإمارات والسعودية بسبب الحدود.

    الصومال شاعت فيه الفوضى وانهارت الدولة. وهناك أقطار عربية أخرى مهددة بالانفراط . فالحديث جاد عن استقلال جنوب السودان عن شماله والأكراد استقلوا عملياً عن العراق ولم يتبق غير الإشهار القانوني . واليمن في مأزق، بسبب الاضطرابات الداعية إلى الانفصال في الجنوب، وقتال الحوثيين المستمر منذ خمس سنوات في الشمال، حتى أصبح البعض يتحدث عن “صوملة” اليمن وانفراطه إلى عدة دويلات .

    إرهاصات الفتنة تلوح بين الحين والآخر، بين الأقباط والمسلمين في مصر، وبين الشيعة والسنة في أكثر من قطر عربي، وبين العرب والبربر في الجزائر والمغرب .

    منذ صار العالم العربي سفينة بلا ربان، فإنه ضل طريقه وراح يتخبط

  • طارق

    العلاقة بين الجزائر و إيران ماهي إلا تحالفا يوازي تحالف السعودية مع المغرب و بما أن التوازنات الإقليمية تفرض ذلك فإنه من الضروري أن يكون لك حليف بحجم السعودية إقتصادا و ندية .

  • نوح

    لا يوجد صديق دائم ولكن توجد مصالح مشتركة.
    ولكن في المقابل سؤال الا تقيم كثير من الدولة العربية علاقة رسمية مع الكيان الصهيوني؟.
    ومتي نبقي نحن العرب نعول علي قوة اخري نستند اليها؟
    الامس كان الاتحاد السفياتي قوة عظمة فوقعنا له ساجدين ماذا استفدنا ؟
    واليوم طلقنا الاتحاد السفياتي بالثلاث فماذا سنتفيد يادكتور؟
    متي ستبقي الدول العربية رهينة زواج المتعة ؟مرة الرجل الروسي ومرة الرجل الفارسي ومرة الرجل الامريكي.والعشيق القادم الله اعلم من يكون؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟