-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

احتفالات ينَّايْر”: بين وعي الوحْدة ومَخاطِر رَسْم “الخَريطة العِرقيّة” ؟!

بومدين بوزيد
  • 1919
  • 10
احتفالات ينَّايْر”: بين وعي الوحْدة ومَخاطِر رَسْم “الخَريطة العِرقيّة” ؟!
أرشيف

كان أمَلي منذ ثلاث سنوات أن يكون الاحتفال الرّسمي بالنّاير كعيد شعبي – وطني خُطوة سِياسية تاريخيّة لافتِكَاك الهُويّة من التّلاعب السّياسي والاستغلال البَشِع من طرف من يَستندون لشرعيّة التّاريخ والعِرق في معارضة السّلطة وخُصومهم السّياسيين، وأن يكون هذا الاحتفال الوطني سِمة إدخال السّرور على العائلات وثراء ثقافتنا الشّعبية وتنّوعها وبُعدها الوطني للأمّة الجزائرية كلِّها كما ورثناها.

ونحن في أجواء التهديدات الخارجيّة التي تحدّث عنها السّيد رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون ومسؤولون في الدّولة قد يكون الخطر الحقيقي في بيتنا، “يُخْرِبُون بُيوتَهم بأيْديهم وأيْدِي المُؤمِنين” (سورة الحشر الآية 2) فنُشتِّت شَملنا بقصد أو بدون قصد برسْم “خريطة عِرقيّة” للجزائر على المستوى الثقافي ووعي المواطِن.

فاختيار مَناطق قصداً من الوطن من طرف مؤسّسات الدّولة ومسؤولين وبعض الجمعيّات للاحتفال الرّسمي بيناير أو ما يسّمّى في الذاكرة الشعبية ب”العَام” أي السّنة، وتختلف الأسماء وبعض تفاصيل العادة ولكن لم نسمع في طفولتنا وفي حكاية الأجداد أنّ هذا خاص بمنطقة دون أخرى أو يُعرِّقونه (من العِرق) أو يؤرّخونه.

إنّ الاحتفال الرّسمي غير مدروس بكيفيّة علميّة واستراتيجية منذ البداية به ببن سنوس (تلمسان) إلى (باتنة وغرداية) هذا العام، ويحرّك فِعلهم العاطِفة والمهرجانية وتصّور لا وطني ولا علمي، وبدل أن نفتكّه من الذين يُوظّفونه سياسياً نَحلُب في إنائهم ونؤدّي نفس الدّور في نشر “الخريطة العِرقيّة”، وقد يَلعب الاعلام في التأثير النّفسي والذّهني والثقافي في إنتاج وعي مزيّف بالخريطة التي يخططها “العِرق والتّاريخ” من خلال متابعته لنشاط بعض المسؤولين والتركيز على احتفال بعض المناطق من الوطن دون أخرى.

ويلتقي هذا “الوعي الشِّقاقي” مع مَن يَفتون بتحريم عادة اجتماعيّة ليست تعبُّديَّة، واعتبارهم الآخرين مُبتدعة ومن الفِرَق الضّالة، كلا الوعيين يعملان على نشْر الكراهيّة والتّفريق والتّمييز العِرقي والدّيني وهو ما تَنبذه وتُجرِّمٌه قوانين الدّولة الجزائرية.

في التَّاريخ نحتاج إلى رُؤية للبدايات الأولى، بِدَاية المُصَاهرة مع “خُبزِ الكَاهِنة”، فالقصّة المرويّة التي تُلخِّص حالة السّلم بين العرب والبربر تقول: أسَرت الكاهنة ثمانين رجلاً من جنود الفاتحين المسلمين وأحسَنت إليهم، واختارت منهم خالد بن يزيد العبسي وعَمِلت دقيق شعير – سمّاه ابن خلدون ّالدّشيشة”- ومزجته بحليب ثديِيها فأكل منه العَربي مع ابنيها الصّغيرين البربريين، وقالت لهم: “قد صِرتُم إخْوَة”، وليس “معركة تهَودة” التي استشهد فيها عقبة بن نافع -رضي الله عنه-، نعود أيضاً إلى بِداية رفض الاستبداد الرّوماني ومقاومة هذه الشّعوب له، وإلى بداية تبنّي “ديانة الدّوناتية” قبل الإسلام في مُواجهة “الكَثلكَة الرّومانية التي تُبرّر الاستعمار”

كانت الأرض تَسع شعوباً عاشت السّلم والحرب، العقل والقلب، الاستكانة والمقاومة، وفرصة هذا الاحتفال أن يكون من أجل إحياء تراثنا ودراسة تَنَوُّعه وغِناه واعتماده ميراثاً وطنياً عالمياً يُوَحِّد المُواطنين ويَفتح آفاقهم ويشيع ثقافة احترام الآخر.

فالكَراهية والعنف الّذي تَدعو إليه أيضاً ما أسميته “كَتائب الجَهل” في الفَضاء الأزرق قد يُوجَّه لأغراض ليست نظيفة، كما أنّ تبديع العادات والتقاليد باسم الدّين، وهي ليست طبعاً عبادة يدلّ على سوء إدراك للتّاريخ وطبيعة السّلوك الاجتماعي الّذي يحتاج للتعبير رمزياً ولغوياً وحركياً وطُقسياً، ولا يمكن نَزع ذلك، طبعاً قد يزول أو يتغيّر السّلوك “العَادة الاجتماعية” ولكن دوماً نكون مع سُلوك جديدٍ، أما ما يأخذه من مَعانٍ دينية أو اجتماعية فتلك مسألة لا تُقرّر بقرار أو بفَتوى ممّن يَسجن نفسه في مذهبيّة فقهيّة وآلية قياس عَقيمة ولا يستطع الخروج من ذلك.

كما أنّ الحكواتية من أشباه المؤرِّخين والأنثروبولوجيين في سَرد “قصص النّاير الشّعبية” عليهم أن يعتبروا ذلك وعياً شعبياً أو أحداثاً تاريخية قد وقعت فعلاً أضاف لها الخيال الشّعبي حسب حاجاته الاجتماعية والاقتصادية كما أضاف في سَرديّات الكرامة الصّوفية وليست حقائق تاريخيّة قطعيّة متواترة، وما بين الخيال والواقع مسافة يحتلّها الوعي الشّعبي وأفراحُه وآلامُه وأمالُه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • عبد القادر بن مبروك إليزي

    هذه المناسبة الشعبية فيها ما هو متفق عليه وفيها ما هو مختلف عليه المتفق عليه علاقتها بالأرض والفلاح والمحصول الزراعي ، والمختلف فيه ربطها بانتصار تاريخي لزعيم أمازيغي على أحد الفراعنة ، والمتفق عليه بالنسبة للنقطة الثانية أن الإستيلاء حصل ولكن ليس كما هو متداول عند بعض الناس أن شيشناق إنتصر على الفرعون في الديار ثم استولى على عرش مصر إنطلاقا من هذا الإنتصار ، فهذا لا يستقيم فمنذ أن دون الإنسان الأحداث لم ينقل أن مدافعا إستولى على ديار مهاجم وانظر إلى الفتوحات الإسلامية وإلى الإستعمار الحديث فدائما الذي يستولي على عرش دولة أخرى هو المهاجم وليس المدافع وشيشناق كان مدافعا ولم يكن مهاجما ، والله

  • رزاق

    ليس العيب في السنة الفلاحية ..الناير..فقد أثثت طفولتنا ..ونزين بها ،الآن،زماننا مع ابنائنا..
    كانت في وظيفيتها شكرا لله على المنتوج والمحصول وتقاسم وتشارك مع الاخرين.
    احتفل بها الفلاح البربري كما العربي تراحما بينهم..
    العيب فيمن جعلها دعوة عرقية وسلاحا إيديولوجي و خطابا للتفرقة...

  • التعايش

    الوجده عندما تعترفون بوجود الاخر يريد ان يعيش ثقافته جهرا ويوميا..وليس من يطالب بدالك بقولون عليه يريدون تقسيم البلد الوحده التي تقصون بها الثقافه واللغه الامازيغيه نرفضها بشده نجن لسنا اقصائيين للدين يدعون انهم عرب وفي الحقيقه هم امازيغ معربون فلهم كل الحق ان يعيشوا عروبيتهم ولكن نرفض ان يضعونا في نفس القفه وهدا الرفض ليس معناه اننا ضد العرب ولكن نحن ضد الفكره اننا عرب

  • سليم خيراني أستاذ- أنشروا من فضلكم

    الرد على " من الحراك "
    ثالثا: النصيحة التي أقدمها لك حاول أن تعلق باسم هوية واحدة، فمرة تعلق باسم " tadaz tabraz "، ومرة باسم " ملاحظ " ومرة باسم " ساعيود " ومرة باسم " ثمورث " وهذه المرة " من الحراك " حاول أن تكون صاحب هوية واحدة ووجه واحد وليس بوجوه كثيرة لإيهام القراء بأن هناك معلقين يؤيدون ما تطرح من أفكار، لقد عرفتك من أسلوبك وأخطائك الإملائية المتكررة، وقديما قالوا " من عاش بوجهين مات بلا وجه " ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه

  • سليم خيراني أستاذ-أنشروا من فضلكم

    الرد على " من الحراك "
    أولا: قلت لك في صفحة أخرى أن المواد الصماء قد تتغير أو تحذف إذا قرر غالبية الشعب الجزائري ذلك وقت ما شاء فلا تفرح كثيرا ولا تتعلق بقشة الغريق
    ثانيا: ليس من حقك أن تكتب مغالطات تاريخية، إن شيشناق ليس جزائريا، فـ"شيشنق (شاشانق أو شيشاق أو شوشنق) (950 ـ 929 ق.م) ملك مصري ترجع أصوله إلى أسرة ليبية من مدينة إهناسيا وأحيلك إلى كتاب د/ سليم حسن بعنوان " مصر القديمة – الجزء التاسع، الصفحة 105 وما بعدها " والكتاب موجود في الأنترنيت يمكنك تحميله
    يتبع

  • البشير

    لا علاقة لشيشنق الفرعون الليبس المصري لا بتيزيوزو ولا بالجزائر. كفانا خرطي وبلادة.

  • مشاشي

    للمعلق 3 ناجي بن العيد الطريفي :
    تقول : الماضي لا يسمن ولا يغني من جوع ..........أولا : لا يمكن بناء المستقبل دون البناء على الماضي ولا يمكن السير نحو الأمام دون المرأة العاكسة للماضي ودون التعلم منه ومن دروسه
    ثانيا : علمنا الأجداد أن من تنكر لأصله لا ثقة فيه ومن خان هويته يعيش مذلولا خانعا منبطحا
    ثالثا : وبما أن لا أحد منا ولد قبل أبيه وأمه فأعلم أن الأمازيغية هي الأم والتاريخ هو الأب . وبعدهما الطوفان
    رابعا : لا يمكن أن نسمي قطع الرؤوس والتجارة بالجواري والسبايا بطولات بل هي جرائم شنيعة لا يتباهى بها الا من فقد بوصلته وخان أجداده

  • ناجي بن العيد الطريفي

    الماضي لا يسمن ولا يغني من جوع باستثناء الهوية الاسلامية وما يندرج تحتها من بطولات الرجال من عقبة الى بن مهيدي ثم العلم .............العلم

  • ISORANES

    الخريطة العرقية لا يرسمها أحتفال بالناير لدى بني سنوس أو بني مزاب أو في الأوراس أو في جرجرة وتنكر بعض الفئات له رفم رسميته ، بل يرسمها التحليل الجيني لكل أفراد هذا الشعب الذي خرج من بين ظاهرينهم من يتنكر لأصوله و ينتحل نسب غيره و يجتهد في محاربة تاريخه المجيد الذي سطره قادة عظام من بينهم الأقليد شيشناق الذي نحتفل اليوم بذكرى جلوسه على عرش الفراعنة ...

  • من الحراك

    لم تهظموا بعد البعد الامازيغي لهده الامه..الامازيغيه اصبحت رسميه ووطنيه ومن المواد الصماء..لابد ان تتقبلوا هدا الواقع انتم مازلتم بعقليه الاقصاء...شاشناق في تيزي وزو..ماسينيسا في قسنطينه والكاهنه في الاوراس والبقيه ستاتي..ارفعوا ولاءكم علي الاحرار