-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

احذروا “الغول” سيلتهمكم في الطريق السيّار

احذروا “الغول” سيلتهمكم في الطريق السيّار

لم يخطئ السيد عمار غول، وزير النقل الحالي، ووزير الأشغال العمومية السابق، عندما أطلق على مشروعه الكبير، وهو في نشوة “الفرح أو ربما الغرور” مع بدايات إنجاز الطريق السيّار: “مشروع القرن”. فواضح جدا أن هذا المشروع الذي خصّصت له الدولة أكبر ميزانية في تاريخ الجزائر، صار فعلا مشروع القرن، رغم أن الاختلاف كبير، بين معنى كلمة القرن التي قصدها معالي الوزير، والقرن الذي صرنا نشاهده، ونلمسه ونسمعه وهو يقدم لنا تحية العام الجديد، مع أول ساعات سنة 2014 التي كانت بعيدة جدا، ضمن الأجندات التي كان يقدمها معاليه، وهو يعد بتسليم مشروع “القرن” قبل كأس العالم في جنوب إفريقيا.

الطريق السيار في كل أمصار العالم، هو هدية للمواطنين وأيضا للسيارات، ولسنا في حاجة إلى مهندسين أو مختصين أو حتى وزراء، ليقدموا لنا تقريرا عن نجاح هذا المشروع أو فشله، فالخراب الذي طاله في الشلف وبرج بوعريريج والبويرة بالخصوص، صار يجيب ويصدم على المباشر، في الوقت الذي تحوّلت الأنفاق الكثيرة التي شقها الطريق تحت الجبال وعلى تخوم البحريات بعد أن أباد مئات الهكتارات من الغابات، إلى غول حقيقي، يخافه المسافرون الذين عادوا مجبرين إلى الطريق القديم الذي تم إنجازه منذ قرن من الزمن، وقد تكون كارثة نفق جبل الوحش بقسنطينة حلقة جديدة وليست الحلقة الأخيرة، من الأخطاء الكثيرة التي بصمت على أن الطريق السيّار هو فعلا مشروع القرن مصداقا لمقولة وزير الأشغال العمومية السابق.

لم يرتبط الجزائريون أبدا، في حياتهم بمشروع اعتبروه تحديا قوميا، مثل ارتباطهم بالطريق السيّار، فكانوا يتابعون بدهشة، طيران الجسور وشق الجبال ويرون المسافات تتقارب بينهم، ويشعرون أكثر بأن الجزائري لن يلتهم مرة أخرى طرقا استعمارية كانت تفرق بين الجزائري وظله، بعد أن أصبح لهم طريق، جعل المسافة بين ابن تلمسان وابن قسنطينة، أقرب من المسافة التي كانت تفصلنا عن مختلف المدن الفرنسية، ولكنهم الآن أصيبوا بالإحباط، عندما بدأ المشروع يتبخر، قبل أن تكتمل صورته، فما بالك بعد مرور سنوات، سيكون فيها الطريق عرضة لمختلف التقلبات الجوية والتجاوزات البشرية.

 

لقد تمكنت العديد من البلدان من تحويل طرقها السيّارة إلى صروح اقتصادية ومنافع تجارية ومناطق سياحية، فصار الطريق هو عنوان البلد.. فأنفقت أمريكا مائة مليار دولار لأجل ربط كاليفورنيا بالمدن الكبرى. واعتبرت تركيا طريقها السيّار الرابط بين إسطنبول وأنقرة أكبر إنجاز في تاريخ البلد، رغم قوة هاته البلاد بأساطيلها الحديدية والبحرية والجوية. وحاولت الجزائر اللحاق بالركب ولا أحد من المواطنين انتقد ميزانية الطريق السيّار التي فاقت الأربعة عشر مليار دولار، ما دام هو المستفيد الأول، وربما الوحيد، من هذا الإنجاز الكبير الذي أخذ بعدا اجتماعيا مُهمّا قبل بقية الأبعاد، وكما كان الأمل كبير جدا.. فإن الخيبة- حتى لا نقول شيئا آخر- كبيرة جدا؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!