-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
حملات توعية وتحذير عبر المساجد والمؤسّسات والشوارع

اختناقات الغاز ترعب العائلات وتحرّك الوزارات

كريمة خلاص
  • 1099
  • 0
اختناقات الغاز ترعب العائلات وتحرّك الوزارات

يتجدّد مع كل موسم برد سيناريو الحوادث المأساوية لاختناقات غاز أحادي أكسيد الكربون.. هذا القاتل الصامت الذي يتسلل إلى بيوتنا في غفلة منا فيخطف منا الأب والأم والأخ والأخت والصديق والجار ولا يكتفي بشخص أو شخصين فقط، بل يقضي على دفاتر عائلية بأكملها.

ومن هنا، تبرز الحاجة الملحة لتعزيز حملات الوعي والتحسيس بمخاطر اختناقات الغاز والتنبيه إلى أهمية صيانة أجهزة التدفئة وتسخين الماء من قبل مهنيين أكفاء ومراقبة منافذ التهوية في البيوت وتزويد هذه الأخيرة بكواشف للغاز، خاصة إذا علمنا أنّ العواقب الصحية وخيمة حتى بالنسبة للناجين من الموت، وقد تصل بهم حد إكمال ما تبقّى من حياتهم على كرسي متحرك…

وتتجنّد في الآونة الأخيرة مختلف الوزارات والمؤسسات وأطياف المجتمع المدني من أجل وضع حد للزحف اللامتناهي لهذا الاختناقات، منها بالأخص مصالح الحماية المدنية وسونلغاز ووزارة الشؤون الدينية وجمعيات الأحياء وجمعية المرصصين..

جهود مكثّفة لمحاربة التسرّبات

وتخوض في هذا الإطار مصالح الحماية المدنية وجمعيات ناشطة في مجال حماية المستهلك وكذا مؤسسة “سونلغاز” وجمعية المرصّصين وحتى الأئمة في المساجد “حربا” شرسة ضد تسرّبات هذا الغاز القاتل لرفع مستوى اليقظة والحرص في كل البيوت ولدى جميع المواطنين كبارا وصغارا لتفادي مآسي “تحفر” في الذاكرة.

وإلى جانب الخرجات الميدانية اليومية التي تقوم بها مصالح الحماية المدنية المتدخل الأوّل لإنقاذ الضحايا نجد أنّ كثيرا من الجمعيات الناشطة جواريا ووطنيا تكثف جهودها أيضا بالتعاون مع مؤسسات مختصة وجمعيات مهنية للتعريف بأساسيات الصيانة والمراقبة الصّحيحة.

وحتى مساجد مختلف الولايات باتت منبرا لمختلف المختصين والخبراء والأطباء الذين يتداولون عليها من أجل غرس الوعي والتنبيه إلى خطورة ما يحدث في المجتمع من حوادث أليمة بالإمكان تفاديها بقليل من اليقظة والحرص على توفير التهوية، وعادة ما تكون مثل هذه الدروس والخطب في يوم الجمعة الذي يعرف إقبالا كبيرا من المصلين وبالتالي تصل الرسالة إلى أكبر عدد من المواطنين.

خطبة موحّدة عبر 18 ألف مسجد وأئمة ينزلون إلى الشارع

وفي هذا السّياق أفاد محمد عزّوق مدير التوجيه الديني بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف بأنّ هذه الأخيرة تشارك في حملات التوعية بمخاطر الغاز ضمن قسمين الأول يتعلق بمبادرات خاصة بالقطاع والثانية تتعلق بالمشاركة إلى جانب قطاعات أخرى.

وفصّل عزّوق في المبادرة الأولى التي تمثّلت في الحملة الوطنية التي أشرف على انطلاقها وزير القطاع يوسف بلمهدي منذ فترة ونظّم على إثرها يوما دراسيا بدار الإمام أشركت فيه مصالح الحماية المدنية والمديرية العامة للأمن الوطني.

وأعقب ذلك حملات ودروس مسجدية وأخرى في المراكز الثقافية بادرت إليها مديريات الشؤون الدينية عبر 58 ولاية يشارك فيها الأئمة وأعوان الحماية المدنية ومصالح سونلغاز لتقديم الشروحات الوافية للوقاية من هذه المخاطر القاتلة.

وكشف المتحدّث عن برنامج يتضمّن خرجات للأئمة في مختلف الولايات مع المجتمع المدني ومصالح مؤسسة سونلغاز عبر الفضاءات العامة والأحياء لتنبيه المواطنين إلى ضرورة حفظ النفس وسلامة البدن واتباع إجراءات وقائية تؤمّنهم جميعا، إلى جانب إلقاء خطبة موحدة عبر 18 ألف مسجد لتوعية المواطنين بمخاطر الاختناق بالغاز وتوجيه المواطنين نحو الإرشادات الصحيحة.

وستعمل وزارة الشؤون الدينية على نشر جميع المواضيع التي ألقيت في المساجد والمراكز الثقافية بهذا الخصوص في مجلة “رسالة المسجد” و”الثقافة الإسلامية”.

وإلى جانب البرنامج الخاص بوزارة الشؤون الدينية، تشارك هذه الأخيرة مع قطاعات أخرى مثل الحماية المدنية ووزارة الداخلية التي نظمت هي الأخرى حملة في هذا السياق وقد تجند جميع الأئمة للمشاركة في العملية بالإضافة إلى الحملات الأخرى التي دعت إليها منظمات وهيئات المجتمع المدني ومصالح سونلغاز.

الناجون من اختناقات الغاز مهدّدون بالإعاقة مدى الحياة

وفي هذا السياق، حذّر البروفيسور نافتي سليم، المختص في الأمراض الصّدرية والتنفسية، في تصريح لـ”الشروق”، من مخاطر استنشاق غاز أحادي أكسيد الكربون الذي يهدد الجزائريين بالموت في حال استنشاق كميات كبيرة غير أنّه أيضا يهدد الناجين من الموت بإعاقة مدى الحياة بسبب ما تتعرض له خلايا المخ من تلف وتدمير باعتبار المخ أكثر الأعضاء حساسية لهذا الغاز الفحمي.

ولفت المختص في الأمراض التنفسية إلى أنّ الاختناق بأحادي أكسيد الكربون يتم في دقائق معدودة لا تتعدى 10 دقائق حيث يسبق بأعراض فقدان الوعي والنّعاس والنّوم الذي لا يستفيق الشخص بعده أبدا.

وقال البروفيسور نافتي، إنّ تراكم غاز أحادي الكربون يتسبب في تلوّث الدم الذي يعد المسؤول الرئيسي عن نقل الأوكسجين لمختلف أعضاء الجسم وفي حال انعدام الأوكسجين يحل محله غاز أحادي أكسيد الكربون فتموت جميع الخلايا ويفقد الشخص الحياة.

وتحدّث المختص عن آثار صحّية وخيمة غير قابلة للعلاج بالنسبة للناجين من الوفاة اختناقا بالغاز تستمر معهم طويلا وأحيانا تكون صادمة تتمثل أساسا في أمراض عصبية تحدث شللا نصفيا أو خفيفا مع فقدان بعض الوظائف الحركية أو الحسّية ومنها السمع أو الرؤية أو الذوق بسبب موت خلايا المخ التي لا تتجدد.

وأوضح المختص أنّ هذا الحالات الصحية الحرجة ولا يوجد لها أي علاج أو أدوية قد تنفع للشفاء التام والكامل منها، لذا فإن المصاب بها يبقى تحت رحمة العلاج التأهيلي أو التخفيف من النوبات التي قد يتعرض لها.

وأردف نافتي بالقول: “اختناقات غاز أحادي أكسيد الكربون تمثّل خطرا حقيقيا على الصحة والدليل على ذلك عدد الوفيات المرتفعة والمتزايدة والاختناقات والأمراض الثقيلة المسجلة سنويا بسبب حوادث يمكن تفاديها بقليل من الوعي واليقظة، فالبرد صعب لكنه لا يقتل، كما يمكن الحصول على التدفئة من خلال أجهزة أخرى أكثر أمانا”.

وقدّم المختص في الأمراض الصدرية والتنفسية نصائح وصفها بالبسيطة وغير المكلفة لكنها ذات فعالية كبيرة في الحفاظ على أرواح العائلات الجزائرية ومنها بالأساس التأكد من مطابقة الأجهزة لمقاييس السلامة والصيانة والمراقبة الدورية مرة إلى مرّتين في العام لأجهزة التدفئة والتسخين مع توفير التهوية في المنزل والاستعانة بجهاز كاشف الغاز الذي ينذر بوقوع الحادث في حال وجود تسرب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!