الرأي

ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ

يقول الله تعالى: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن)) (النحل. 125).إنّ عظمة الإسلام ووسطيته في جانبه الأخلاقي والسلوكي يكاد تألّقها وجمالها ليأخذ بالأبصار من خلال منهجه الدعوي بالتأمل في توجيهات هذه الآية الكريمة.

يقول صاحب الظّلال: “إن الدعوة إلى سبيل الله، لا لشخص الداعي ولا لقومه.. والدعوة بالحكمة، والنظر في أحوال المخاطبين وظروفهم، والقدر الذي يبينه لهم في كل مرة حتى لا يثقل عليهم ولا يشق بالتكاليف قبل استعداد النفوس لها، والطريقة التي يخاطبهم بها، والتنويع في هذه الطريقة حسب مقتضياتها، فلا تستبد به الحماسة والاندفاع والغيرة فيتجاوز الحكمة في هذا كله وفي سواه. وبالموعظة الحسنة التي تدخل إلى القلوب برفق، وتتعمّق المشاعر بلطف، لا بالزجر والتأنيب بغير موجب، ولا بفضح الأخطاء التي قد تقع عن جهل أو سوء نية، فإن الرفق في الموعظة كثيرا ما يهدي القلوب الشاردة، ويؤلف القلوب النافرة، ويأتي بخير من الزجر والتأنيب والتوبيخ. وبالجدل بالتي هي أحسن، بلا تحامل على المخالف، ولا ترذيل له ولا تقبيح”.

ومعلوم في واقعنا المعاصر، وفي ظل الحضارة المادية الطاغية أن ميدان الحروب هو ميدان تنعدم فيه القيم والأخلاق أو تكاد، وأن الحق للغالب، وأن المنطق السائد هو منطق القوة وحدها، بيد أن الأمر ليس كذلك في المفهوم الأخلاقي الإسلامي، فحتى في ذلك الميدان وبإزاء ركام الجاهلية الذي يكاد يحجب الأنظار، تلوح للناظر قيم الإسلام، ونظمه الأخلاقية العظيمة، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يبعث البعوث، ويعقد الرايات للجهاد في سبيل الله يتوجه إلى قادة السرايا ومن معهم من جموع المجاهدين بعدم مجاوزة أخلاق الإسلام العظيمة من الرحمة بالضعفاء، والوفاء بالعهود، وعدم التعرّض للمسالمين، فهل عرفت الدنيا مثل هذه القيم، أو شهدها التاريخ في غير الإسلام العظيم؟!.

مقالات ذات صلة