-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الآبُلي، شيخ ابن خلدون

الآبُلي، شيخ ابن خلدون

ما ظلم أحد تاريخنا كما ظلمناه نحن الجزائريين، حيث لم نهتم إلا ببعض فتراته، ولم نُعن إلا ببعض رجالاته، مقتصرين في ذلك على القضايا السياسية والحوادث العسكرية، مُهملين – جهلا أو تجاهلا – علماءنا ونوابغنا في شتى الميادين إهمالا يكاد يكون تاما.

  • لقد استغلت المدرسة التاريخية الفرنسية هذا الإهمال فراحت تتهم شعبنا – عبر تاريخه – بالعقم الفكري، وسار على درب تلك المدرسة العنصرية بعض التُّبّع منا ومن إخواننا عن يمين وشمال على طول العالم العربي..
  • ويجب علينا أن نعترف أن أسلافنا ساعدوا على تصديق هذا الاتهام إذ لم يتركوا آثارا علمية مكتوبة رغم بلوغ كثير منهم مكانة عالية في مختلف العلوم، كما تشهد بذلك شهادات الفطاحل من معاصريهم .
  • ويبدو لي أن عدم إقبالهم على التأليف راجع إلى تعظيمهم لـ الكلمة واستقلالهم لأنفسهم. وقد حدثت ذات يوم الشيخ محمد الصالح رمصان – رحمه الله – عن فكرة كتابة مذكراته، فقال لي: ومن أنا حتى أكتب مذكراتي.. وقد رددت عليه بشيء من الحدة، وقلت له: إن كنت ترى نفسك صغيرا وقليلا فنحن نراك كبيرا وكثيرا.. وقد عرفنا أُناسا في المشارق والمغارب مبلغهم من العلم قليل، وحظهم من العمل ضئيل ومع ذلك كتبوا مذكراتهم عظموا فيها أنفسهم، وضخموا فيها أعمالهم.. أما أنت فيكفيك فخرا أنك تلميذ الإمام ابن باديس في الجامع الأخضر، ومساعده في مدرسة التربية والتعليم، وخليفة الإمام الإبراهيمي في إدارة مدرسة دار الحديث بتلمسان، ومؤسس التعليم الديني في بداية استرجاع الاستقلال، وغيرها من جليل الأعمال.
  • لقد فرحت كثيرا يوم الخميس الماضي عندما أخبرني الدكتور بومدين بوزيد – وكنا في تلمسان في ندوة عن الشيخ عبد القادر المجاوي – بأن رسالة دكتوراه ستناقش في جامعة تلمسان في ذلك اليوم عن الإمام الآبلي وإسهاماته في الحياة الفكرية للمغرب الكبير، للأستاذ سيدي محمد نڤادي. وما منعني من حضور تلك المناقشة إلا ما نزل بي من زكام حاد أرهقني من أمري عسرا، وألزمني الفراش.. ولكنني قلت في نفسي: إن فاتني حضور المناقشة، فلن تفوتني معرفة ما في الرسالة، فألححت على الأخ الدكتور بومدين بوزيد – وكان عضوا مناقشا – أن يحصل لي على نسخة من الرسالة وهو ما فعله، فشكرا له.
  • لقد أكبرتُ الإمام محمد بن ابراهيم الآبلي التلمساني منذ اطلعت على طرف من أخباره ونبوغه في بعض المصادر التي تحدثت عنه كابن مريم في بستانه والمقري في نفحه وعبد الرحمن ابن خلدون في مقدمته وأخيه يحي ابن خلدون في بغيته.
  • إن مما صعّب مهمة الأستاذ الباحث في دراسته عن الإمام محمد بن ابراهيم الآبلي التلمساني هو أنه لم يترك تأليفا تُعرف من خلاله آراؤه وأفكاره، وله في عدم التأليف رأي غريب، حيث يعتبر كثرة التآليف مفسدة للعلم، وبنيان المدارس ذهابا له، وإن عللّ ذلك تعليلا فيه نوع من الوجاهة.. (انظر ابن مريم : البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان.. ص 216 – 217)..
  • من أجل ذلك كان اعتماد الباحث في دراسته على المبثوث من آراء الآبلي في كتب غيره، وعلى المنثور من أقواله في مصادر معاصريه.. ولا يخلو ذلك من خطأ في نتائج البحث
  • نتيجة تحريف أو تصحيف أو تقوّل
  • لقد استطاع الباحث بما عثر عليه من آراء الآبلي وأقواله القليلة ـ وقليله لا يقال له قليل ـ أن يُعِدّ بحثا من ثلاثة أبواب وستة فصول سبقتها مقدمة، وأنهتها خاتمة وفهارس وقائمة مصادر ومراجع.
  • تناول الباحث في الباب الأول بفصليه الحياة العامة التي طبعت تلمسان إلى عهد الآبلي (سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، وفكريا).
  • وبحث في الباب الثاني بفصليه حياة الآبلي ونشاطه العلمي ( نشأته، تعلّمه، رحلاته، مكانته العلمية، وتعليمه)
  • وأما الباب الثالث فقد خصصه لاستشرافات الآبلي، وبعض صورها من خلال تلاميذه، وما آل إليه فكره.
  • لقد ظهر من هذا البحث أن الآبلي أهل للأوصاف التي وصفه بها تلاميذه كابن خلدون وأخيه والمقري (الجد) وشمس الدين ابن مرزوق، والشريف التلمساني، والشاطبي
  • (تلميذ تلاميذ الآبلي)… فهو “المعلم الأصغر”، وهو “فارس المنقول والمعقول”، و”فخر الدنيا والدين” الذي “ألقت العلوم زمامها إليه.. “، وهذا ما دعا السلطان المريني أبا الحسن أن يؤسس له “مدرسة العبّاد للتدريس بها”، وجعل السلطان المريني العالم أبا عنان يُبوّئُه “رئاسة مجلسه العلمي”.
  • إن شخصية الإمام محمد بن إبراهيم الآبلي تبدو من خلال البيتين المنسوبين إليه، وهما:
  • لا بارك الله فيّ إذا لم
  • وكثّر الله في همومي
  • أصرف النفس في الأهم
  • إن كان غير الخلاص همّي
  • إن تراث علماء الجزائر موزّع عبر مكتبات العالم، وهو في حاجة إلى دراسة وتحقيق ونشر، ولكن المسئولين على شؤون الثقافة هم أجهل الناس بهذا التراث، وأزهد الناس فيه، لأنهم لا يعرفون قيمته، ولا يرون الثقافة إلا رقصا خليعا، وغناء ماجنا، ومهرجانات سخيفة، ومآدب تزهق فيها الفضيلة.
  • إن جميع العقلاء في الجزائر يتساءلون عن جدوى جلب فرق للرقص (من البرتغال والكاميرون، والبنغلادش….) للمشاركة في فعاليات “تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية”، في حين تقوم المؤسسات الثقافية الحقيقية في المغرب وفي العالم العربي بنشر تراث علمائنا التلمسانيين وغيرهم، وكثيرا ما يُنسب هؤلاء العلماء إلى غير الجزائر.
  • (*) هذا العنوان هو للدكتور ناصف نصار باللغة الفرنسية
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • أبو أسيل

    الشيخ الآ بلي ابن منطقة هنين وثافسوث وتاجرا مسقط رأس عبد المومن بن علي..وإلى اليوم يوجدبناء يدل على مكان تعبده وإقامته يطل على البحر..كفانا استغباء كل شيء تنسبونه لتلمسان المدينة.

  • contre l'oubli

    شيخنا اطال الله في عمركم لكن انتم كذلك لا تحرمون من مذكرتم اءننا عطش من توالي التاريخ المزيف و كاءن الجزائر عقيمة لااصل لها

  • بدون اسم

    هههه ادا حتى محمد اركون انتظروا حتى مات و دفنوه في بلادهم و قالوا انه اوصى بذلك فكيف لا ينشرون اعمال علماؤنا و يدعون انهم منهم ؟ يكفينا فخراً اننا اول من وضع علم فلسفة الاديان على يد سانت اوغسطين زمن كانت هذه الشعوب لا تعرف القراءة و الكتابة نحن لسنا شعب ينبهر بأبسط الاشياء

  • algerien

    baraka allahu fika Ostadhi alaziz

  • المهاجر

    و أنا أقرأ يا شيخ ما كتبت منبها ...خامرت قراءتي قصة سليمان و بلقيس...و بالأخص : إن الملوك ...............................
    فاقد الشيئ لا يعطيه ...فما بالك إذا كان المفقود هو العلم و قبله تقوى و موضوعية يؤطرانه.

  • زوالي

    بارك الله فيك شيخنا

  • بدون اسم

    توفي

  • Kayl

    Barak allahou fik, que Dieu fasse que notre peuple se réveille et passe à l'essentiel. Amin