-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأخطاء.. والخط

الأخطاء.. والخط

لم تتم الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي بسبب أخطائه كما يزعم البعض إنما بسبب الخط الذي اتبعه، بسبب انتمائه إلى مشروع الأمة الحضاري، وليس إلى مشروع الإخوان المسلمين، كما يريد البعض أيضا حصره ضمنه. مئات الآلاف التي تخرج كل يوم إلى الشوارع، وترابط في الساحات، وتدعو له في السر والعلن، لا يمكنها أن تكون جميعها منتمية إلى جماعة تسمى بالإخوان المسلمين، إنما جميعها تحس بأنها تنتمي إلى مشروع مناقض لذلك الذي يدعي معارضو الشرعية أنهم يدافعون عنه، لأنه في الواقع ليس مشروعهم النابع من تراثهم التاريخي التليد، أو من عناصر حضارتهم الضاربة في الأعماق، إنما مما بقي من مشروع الهيمنة الغربي الذي سيطر ذات يوم على أمتنا، وعندما أخرجته القوى الوطنية بالنضال أحيانا وبالثورة أخرى بقي متغلغلا في عقول بعض من اعتنقوه، وما فتئ يتجلى في كل مرة في شكل مجموعة هنا أو فئة هناك، لا تعدم أن تستقوى بالسيد الغالب في الضفة الأخرى للسيطرة على الحكم أو البقاء فيه، أو انتزاعه من أصحابه الشرعيين كلما سنحت الفرصة.

هي ذي كل الحكاية، بعيدا عن كل تلك المزايدات المغلّفة بالديمقراطية أحيانا، أو بالوطنية أحيانا أخرى، أو بالدفاع عن المصالح العليا للوطن، ومع هذه الحكاية السّمجة التي ما فتئت تتكرر في أكثر من بلد عربي، بما فيها بلادنا، بين أبناء الجزائر وأبناء فرنسا، بين أبناء المشروع الحضاري والمشروع الغربي، تبدو حجة الأخطاء في التسيير التي يرتكبها رئيس ينتمي إلى خط الأمة الحضاري، أو فصيل يدافع عن العودة إلى الذات، واهية أمام طبيعة هذا الخط الضارب في عمق التاريخ، خط الأمة المتحركة نحو استعادة المكانة والدور والخروج من هيمنة أبناء فرنسا هنا، أو أبناء أمريكا هناك، أو أبناء الإنجليز والصهاينة في مواقع أخرى الكل يعلمها.

مرسي إذن، لم تجن عليه أخطاؤه ـ وجل من لا يخطئ ـ إنما جنى عليه خطه، وقليل من يبقى متمسكا بالخط  ثابتا عليه، مثله.. وفي كل الحالات، ومهما حاول البعض تصوير ما حدث بأنه هزيمة، ومهما كانت النتائج التي سينتهي إليها الصراع فإن هذا الرجل أثبت للعالم أجمع:

ـ أنه ليس عميلا للأمريكان أو للإنجليز أو للإسرائيليين أو لأتباعهم من المشايخ والأذناب، فلو كان كذلك لبقي على الكرسي إلى الأبد.

ـ أنه ليس دكتاتورا في صفة ملائكة وإلا كان قد كمم الأفواه، وملأ السجون بمعارضيه، وأغلق الفضائيات، وأطاح بأعدائه قبل أن يُطيحوا به، أو دعا اليوم إلى استخدام العنف.

ـ أنه كشف زيف المشروع الغربي الديمقراطي في العالم الإسلامي بأنه ليس سوى ذريعة للإطاحة بمشروع الأمة الحضاري، وإذا ما أنتج العكس، انقلب الجميع عليه…

ويكفي محمد مرسي أن كشف بخطه الثابت النتائج  ليكفر عن نفسه كل ما  أُلصق به حقا أو باطلا من أخطاء..

 

   بل إني أقول إن هذا الرئيس لو ارتكب ما أرادوا من أخطاء، لو خرج عن الخط بالمقدار الذي أرادوا ما أطاحوا به أبدا… لقد جنى عليه خطه الحضاري قبل أن تجني عليه أخطاؤه في التسيير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • بدون اسم

    اصبت يادكتور سليم بان الانقلاب كان بسبب المشروع الحضاري الذي اتبعه مرسي وليس بسبب العجز في السيير

  • بدون اسم

    صدقت ورب الكعبة

  • ابو احمد

    ما زال الاستاد سليم و فيا لمبادئه بالرغم من اختفاءه عن التحليل والكتابه بالصحف مند أن زارة الرمال الدهبية.

  • مشكاة

    أشعلت شموعا بعودتك ياأستاذ متتبعة من الثمانينات

  • علي

    مع الإحترام والتقدير لما تكتب ياأستاذ, أظن أن ما ذهبت إليه مبالغ فيه . "الخطأ من الأخر". هذا لا يحل المشكلة ويصبح التحليل عاطفيا إتهزاميا تبريريا. شرعنا يأمرنا بإتقان كل أعمالنا . فإذا أحسن أتباع فرنسا , أو أمريكا أو بريطانيا العمل فغلبونا...فالذنب ذنبنا وعلينا إحسان العمل...لا أن نبكي أو نتباكى على أن المشروع الحضاري تم التامر عليه. وهذا في طني عذر أقبح من ذنب. فالمشروع الحظارى...أعني مشروع الأمة الإسلامي لا يقوم على النفاق أو الرداءة...بل على أتقان كل شيء...من الزلابية إلى السياسة. مع التحية

  • زكريا

    لا فض فوك يا أستاذ ،لطال ما كنت أحترمك وأحبك من خلال صدق طرحك ،وها أنت ذا تؤكد ذلك ولم تجار أشباه الاساتذة الذين يحسبون على أساتذة العلوم السياسية وهم والله أبعد ما يكونون عن ذلك ،كثر الله أمثالك أستاذنا ودمت فخرا للبلاد .
    أنشري يا شروق هذه الشهادة لله