-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الاحتفال بالكوليرا والبوحمرون!

جمال لعلامي
  • 301
  • 1
الاحتفال بالكوليرا والبوحمرون!
ح.م

من “أروع” ما سمعت عبر أمواج الراديو، أن “الجزائر تحتفل باليوم العالمي لداء السكري”(..)، المصادف لتاريخ 14 نوفمبر من كلّ سنة، والأكيد أن هذا “الخطأ” هو مجرّد زلة لسان كان المقصود منها “تحيي”، لكن هذه الهفوة الفلكلورية الجميلة، تعبر فعلا وقولا وعملا على واقع مرّ يعيشها الجزائريون خلال الآونة الأخيرة!
لا فرق بين الإحياء والاحتفال، فالجزائريون “يحتفلون” بعودة الكوليرا والبوحمرون والتيفوئيد والطاعون، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم، وتصوّروا كيف تـُحيي هذه الأوبئة والأمراض التي يعود تاريخها للأزمنة الغابرة، “عملياتها القتالية” في حقّ أطفال ونساء ورجال، سقطوا ضحايا بحجة الإهمال واللامبالاة أو تحت مبرّر عدم التلقيح!
داء السكّري كغيره من الأمراض المزمنة، دفع شرائح واسعة من الجزائريين إلى التعايش مع أعراضه، والتكيّف مع أضراره، ولذلك لم تصنع الكوليرا والبوحمرون “الحدث” بشكل مبالغ فيه، ببساطة، لأن الجزائري “والف” كلّ شيء، “والف” الأمراض، “والف” الاحتراق بنار الأسعار، “والف” التهميش و”الحقرة” عبر الإدارات، “والف” محن اجتماعية أصبحت في الكثير من المجتمعات الحديثة من الماضي الذي أكل عليه الدهر وشرب!
لسان حال المتضررين من “أوبئة الفقر” والمستهدفين به، يردّد بلا تردّد: صدقت أيتها المذيعة، إننا نحتفل ونحيي، ولا فرق بين الأولى والثانية، ولا حتى الأخيرة، طالما أن النهاية واحدة موحّدة، وهي الإصابة بالداء الذي يبقى بلا “دواء” يشفي القلوب قبل الجراح!
زلة اللسان هي في الأصل تعبير ضمني عن واقع مرير، ولذلك فإن تنامي حالات استثنائية في وضعية موبوءة بالمشاكل والنقائص والسلبيات، أصبحت وباء ينافس الأوبئة المتنقلة عبر الحشرات الزاحفة والطائرة، وعبر المياه الراكدة والمتحرّكة وعبر المواد الاستهلاكية أيضا، وبالتالي لا ضرر ولا ضرار في انتقال العدوى بهذه الطريقة السريعة والمتسارعة بما يجعل المرضى يحتفلون بالأعياد الوطنية والعالمية للأمراض التي تنخرهم وتهدّدهم أحيانا بالموت!
مصيبة الكثير من الأطباء والخبراء والمختصين، وغيرهم، أنهم لا يخففون آلام المريض والمهدد بالمرض، بقدر ما ينقلون الرعب ويتفننون في ترويع الناس، وإن كان من واجبهم التحذير والإخطار، لكن مثلما يقول المثل الشعبي الشهير “بالرزانة تنباع الصوف”، ولعلّ “اللسان الحلو” وفن الإقناع وحتى “الاستدراج”، هو السبيل لتبديد المخاوف وتحجيم الأضرار!
المطلوب تغيير الذهنيات في التعاطي مع المآسي وتجاوز الآلام ومخاطبة القلوب والعقول معا، حتى لا ينقلب السحر على الساحر، ولا يتساوى الضحية مع الجلاد، والمحرم مع المجرم!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ALGER

    ONT DIT PAS BOUHAMROUN.. ON DIT BOUZUGAGH