-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وقفات رمضانيّة

الاستهزاء بالدّين في الشّهر الفضيل!

سلطان بركاني
  • 2958
  • 0
الاستهزاء بالدّين في الشّهر الفضيل!

ربّما يكون مفهوما أن يحتدم التّنافس بين المخرجين والمنتجين وبين القنوات الخاصّة، لكسب أكبر عدد من المشاهدين للبرامج الرمضانية، ويتمّ التّركيز على تصوير الواقع الذي يعيشه المواطن في يومياته بشيء من الإثارة والمبالغة، وربّما يكون مفهوما أيضا أن يكون الإغراق في عرض الواقع من دون تقديم أيّ حلّ لمشاكله هو السّمة الأبرز للأعمال التلفزيونية التي ترصد لشهر رمضان، كما يمكن أن يكون مفهوما تواطؤ مختلف القنوات العامّة والخاصّة في أغلب بلاد المسلمين في السنوات الأخيرة على إقصاء المسلسلات الدينية والتاريخية التي ربّما تكون قد صدرت الأوامر العليا بإحالتها على التقاعد القسريّ حتى لا تساهم في زيادة الجرعة الدينية لدى المشاهد العربيّ، لصالح أعمال يقال إنّها اجتماعيّة! تخلو من أيّ قيمة دينية أو إنسانية، تساهم في تحييد الدّين عن الحياة.

قد يكون كلّ ما سبق ذكره مفهوما بالنّظر إلى التّوصيات التي صدرت من الحكومة العالمية لوزارات الإعلام في الدول العربية والإسلاميّة، لكن أن يصل الأمر إلى إعلان الحرب على الدّين وأهله في بعض الأعمال التي ترصد لشهر رمضان، فذاك ما لا يمكن فهمه أو قبوله؛ لقد ارتأت بعض القنوات العربيّة في رمضان هذا العام أن تبثّ مسلسلات وأعمالا تلفزيونية تحارب الدين والتديّن بشكل مقصود ومتعمّد وبصورة واضحة ومباشرة من دون أيّ مداراة؛ فمسلسل “باب الحارة” مثلا الذي تعرض بعض القنوات جزأه الثامن هذه الأيام، تعمّد مخرجه السّوريّ الكرديّ “بسام الملا” أن يجعل فكرته الأساسية تتمحور حول التّنفير من الرّجل المتدين الذي يصوّره المسلسل– بحسب المتابعين- على أنه شخص مجرم وسيّء الخلق، ذليل منبوذ أينما ذهب يهان ويبصق في وجهه، كما تعمّد المخرج في المقابل تبييض صورة اليهود والنّصارى، وإظهارهم في صورة المواطنين الصالحين المتعاونين والمتفتّحين، وأصحاب الأخلاق العالية!

ولا يختلف الأمر مع مسلسل آخر يعرض في رمضان هذا العام، يؤدّي فيه دور البطولة الممثّل المصريّ “عادل إمام” المعروف بمعاداته للإسلاميين وجرأته على الإسلام، المسلسل عنوانه “مأمون وشركاه”، يقوم هو الآخر على فكرة الاستهزاء بالرّجل المتديّن وإظهاره في صورة شخص متطرّف قبيح بشع سيّئ الخلق.

الاستهزاء بالدّين وأهله لم يعد حكرا على أعمال عادل إمام ومن هم على شاكلته من المخرجين والممثّلين، بل قد انحدرت إلى هذا الدّرك– بقصد أو من دون قصد- بعض الحصص الكوميدية التي تبثّها قنوات جزائرية خاصّة في الشّهر الفضيل، أين وصل الأمر ببعضها إلى التندّر والاستهزاء بمعتقدات وثوابت الشّعب الجزائريّ المسلم بطريقة سوقية مبتذلة، أسقطت مزيدا من الأقنعة عن الزّمرة الفرانكفونية الحاقدة التي تتستّر بعباءة “المعارضة” الجذّابة، لتصل إلى مآربها في إسقاط هيبة الدّين من النّفوس وكسر الطّابوهات واحدا تلو الآخر، وقد أغراها بهذا تساهلُ الجهات المسؤولة في ردع المتطاولين على الدّين، وفي تطبيق القوانين التي تعاقب على المساس بمقدّسات الأمّة، في مقابل إشهار سيف الإرهاب والتشدّد في وجه كلّ يظهر غيرته لدينه ويبدي استنكاره للاستهزاء به وبشعائره وشرائعه.

ربّما لا يكون مستغربا أن تنفث الزّمرة المستغربة سمومها وتتقيّأ أحقادها على الدّين وأهله في عزّ الشّهر الفضيل، لكن أن يقع في مطبّ الاستهزاء بالدّين وأهله بعض الهواة من الشّباب الصّاعد في مجال التّمثيل، ممّن يرى بعضهم أنّ إضحاك المشاهد غاية لا تهمّ الوسيلة الموصلة إليها، فهذا ما ينبغي الوقوف عنده والتّحذير من التّمادي فيه، لأنّ الأمر يتعلّق بالدّين، والدّين خطّ أحمر وليس ساحة للخوض واللّهو واللّعب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!