الرأي

البلاد‮ ‬السنية‮.. ‬والتقية

سنّ الإمام الخميني، قبل أن يرحل عن الدنيا، يوما عالميا للقدس، احتفلت به إيران وجماعات شيعية وسنية في مختلف بلدان العالم، ولم يتوقف الاحتفال عند الخطب وكلمات التهديد والوعيد، بل إنتقل إلى بعث وسائل إعلام هدفها الدفاع عن القدس، وإدخال مزيد من البرامج المدرسية المعادية للكيان الصهيوني، وتحبيب أبناء المسلمين في القدس الشريف وتذكيرهم بأنه إسلامي، وشارك في الاحتفالية في طهران كل الرؤساء السابقين الذي فرقتهم السياسة، وجمعتهم القدس الشريف، وعاد الرئيس السابق أحمدي نجاد الذي لن يحكم إيران في السنوات القادمة، ليقول أن إسرائيل ستزول، وأن موعد انهيارها قد قرُب، ويعِد بصحوة إسلامية لا تُبقي لهذا الكيان ولا تذر، وسار على نهجه رفسنجاني وخاتمي، وأنهى حسن روحاني الإحتفالية بمزيد من الوعيد للكيان الإسرائيلي، وبتأكيد أن الاحتفال باليوم العالمي للقدس، سيتواصل إلى أن تسترجع فلسطين قدسها وقدس المسلمين، وظهر السيد حسن نصر الله لأول مرة منذ سنوات بعيدا عن جُحر التلفزيون الذي سكنه، وتكلم عن فلسطين أكثر من لبنان، وبدا فاتحا ذراعيه لحركة حماس للعودة إلى الجهاد ضد الإسرائيليين.

هل يُعقل أن تكون كل هذه الخرجات، سيناريوهات ضمن ما يسمى في فقه الشيعة بالتُقية لأجل مخادعة المسلمين؟ رغم أن إيران بما بلغته من تقدم ومقاومتها للحصار الغربي، لم تعد في حاجة إلى أي دولة أو جماعة؟

 

وهل‮ ‬يعقل‮ ‬أن‮ ‬الشيعة‮ ‬تحالفوا‮ ‬مع‮ ‬الصهاينة‮ ‬لضرب‮ ‬أهل‮ ‬السنة،‮ ‬الذين‮ ‬كانوا‮ ‬في‮ ‬طريق‮ ‬العودة‮ ‬إلى‮ ‬قيادة‮ ‬العالم،‮ ‬وخططوا‮ ‬لكل‮ ‬هاته‮ ‬المهرجانات‮ ‬والصيحات‮ ‬السياسية‮ ‬والإعلامية‮ ‬لأجل‮ ‬إخفاء‮ ‬الوحدة‮ ‬الصهيونية‮ ‬الصفوية؟

سؤال يبدو أقرب إلى البلاهة والخبل، فما بالك بالإجابة عنه، فقد أكدت الأحداث التي نعيشها حاليا أننا أشد الناس عداوة لأنفسنا، لأن المؤكد أن الذين انقلبوا على محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين السنية في مصر، كانوا من المنتمين لأهل السنة في مصر وفي الخليج العربي، كما كان الذين سمحوا للولايات المتحدة الأمريكية بتفكيك العراق وإخراجه من التاريخ ومن الجغرافيا هم المنتمون لأهل السنة، ولم نسمع للأسف على مدار عقود عن ملتقى للاحتفال بالقدس الشريف ولو من باب التباهي والتفاخر أو حتى التُقية، لأن مجرد التقاء عدد من الرؤساء‮ ‬في‮ ‬احتفالية‮ ‬تهدّد‮ ‬إسرائيل‮ ‬بالنار،‮ ‬ونقل‮ ‬الاحتفالية‮ ‬والخطب‮ ‬على‮ ‬الفضائيات،‮ ‬هو‮ ‬تذكير‮ ‬للمسلمين‮ ‬من‮ ‬الجيل‮ ‬القادم،‮ ‬بأن‮ ‬لهم‮ ‬قدسا‮ ‬أسرى‮ ‬إليها‮ ‬الله‮ ‬بعبده‮ ‬ونبيهم،‮ ‬هي‮ ‬بين‮ ‬أنياب‮ ‬الصهاينة‮.‬

لا جدال في أن الشيعة أو على الأقل بعض الشيعة أساءوا لرموز الإسلام، ولزوجتي خاتم الأنبياء، السيدتين حفصة وعائشة رضوان الله عليهما، وأساءوا لكثير من كبار الصحابة، لكن إساءة أهل السنة بانقساماتهم وتحوّلهم إلى ظواهر صوتية تٌرعد ولا تمطر، قد طالت قدسية الإسلام وروحه،‮ ‬الذي‮ ‬جعلهم‮ ‬أعزة‮ ‬وارتضوا‮ ‬الذل،‮ ‬وجعلهم‮ ‬أشداء‮ ‬على‮ ‬الكفار‮ ‬رحماء‮ ‬بينهم،‮ ‬ولكنهم‮ ‬ارتضوا‮ ‬أن‮ ‬يكونوا‮ ‬أشداء‮ ‬بينهم‮ ‬فقط‮.‬

إن كان ما حدث في كل مدن إيران أول أمس، حيث شارك أكثر من سبعين مليون إيراني في الهتاف بعودة القدس والموت لإسرائيل، ضمن ما يسمى بالتُقية التي يفهمها البعض على طريقة تغطية مخازي المذهب والعداء لأهل السنة، فأين هي تقوانا نحن التي ملأنا بها الأسماع؟

مقالات ذات صلة