-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التربة والتربية

التربة والتربية

يعرف أكثر الجزائريين محمد العيد آل خليفة (1904-1979) شاعرا كبيرا، وهو ليس من الشعراء الذين في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون مالا يفعلون، ولكنه شاعر رساليّ استعمل ما وهبه الله – عز وجل- من مواهب في فعل الخير، والدعوة إليه، وفي مقدمة هذا الخير هو تخليص الجزائر من شر الشرور، وتطهيرها من أفجر الفجور وهو فرنسا التي دنّست هذه الأرض الطاهرة، وعملت طيلة قرن وثلث قرن لتنسخ حكم الله، وهو أن الجزائر أرض مسلمة، وأنها كافرة بالتثليث ولا تبغي بديلا عن التوحيد..

ولكن أكثر الناس في الجزائر لا يعلمون أن محمد العيد ناثر أيضا، وإن كان فيه مقلا، وفي نثره مثل ما في شعره من أفكار جليلة، معاني سامية، وحكم بالغة، كل ذلك في أسلوب يطرب الأذن، ويبهج النفس، وينير العقول.. وكيف لا يكون نثره جميلا وهو “الابن الروحي”، لمن دانت له أفصح لغة وأجملها، أعني الإمام محمد البشير الإبراهيمي – وأدعو شبان الجزائر في الجامعات والمدارس العليا للأساتذة أن يعملوا على جمع هذه الآثار النثرية لمحمد العيد آل خليفة كما جمع شعره.

ومن نثر محمد العيد مقال نشره في جريدة البصائر في (10/1/1936.ص3) عنوانه هو: “التربية المدرسية وأثرها في المجتمع”.

لقد لفت انتباهي في هذا المقال القصير مقارنة محمد العيد بين التربية والتربة فقال:

“إن بين التربية والتربة لوجه شبه لا يخفى على البصير”.

والمراد من هذا الكلام أنه على من يريد الحصول على ثمرة جيدة مظهرا ومخبرا عليه أن يعتني بالتربة التي يريد أن يستنبتها تلك الثمرة، ويتعهدها بالأجود من الأسمدة، ويسقيها من المياه غير الآسنة، وكذلك لمن أراد أن يعمر بلاده، بالرجال الصالحين والنساء الصالحات أن يربيهم ويربيهن تربية صالحة، وأن لا يكتفي بـ”تعليهم وتعليمهن” تعليما “ميكانيكيا” كما تعلم الحيوانات المفترسة وغير المفترسة.

تذكرت هذه المعاني الجليلة وأنا أشارك طلبة في “نادي المعالي” المدرسة العليا للأستاذة – مبارك الميلي- في بوزريعة أول نشاط فكري لهم تحت عنوان “صناعة المربي”، وذلك في يوم الإثنين 30/1/2023.

أمر آخر لفت نظري هو أن كل الأستاذات الحاضرات كن ملتزمات باللباس الشرعي، وغير متبرجات بزينة، وكذلك الطالبات، ولم يكن المدرج على سعته يضم إلا عددا قليلا جدا من الطلاب.. فقلت ما قاله شاعر في مدينة آفلو: “القادم أحلى”، لأن هؤلاء الطالبات ليصبحن عما قريب أستاذات وأمهات وسينشئن أبناءهن وبناتهن وطلبتهن وطالباتهن على الأخلاق الكريمة، لأنهن يعلمن قول الشاعر:

لا تحسبن العلم ينفع وحده             مالم يتوّج ربه بخلاق

فشكرا لطلبة “نادي المعالي” على هذا النشاط المتميز، وشكرا على دعوتي لمشاركتهم فيه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!