-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التطبيع قبل قيام جامعة الدول العربية العِبرية

حبيب راشدين
  • 1517
  • 6
التطبيع قبل قيام جامعة الدول العربية العِبرية
ح.م

مكالمة هاتفية للرئيس الأمريكي ترامب كانت كافية لتحفيز محمد بن زايد على إخراج حالة التطبيع القائمة بين الإمارات العربية المتحدة والكيان الصهيوني من السرية إلى العلن، وترسيم آفاق العلاقات الطبيعية السياسية والاقتصادية والأمنية بنص “تغريدة” من ولي العهد لأبو ظبي، فيما تولى الرئيس الأمريكي رفقة فريق كوشنر التوظيف السريع لهذا القرار في حملته الانتخابية كإنجازٍ دبلوماسيي تاريخي لإدارته.

القرار لم يُفاجِئ من كان يتابع خطوات التطبيع التي دشَّنها أبناء المرحوم الشيخ زايد قبل بداية عهدة ترامب الأولى، وحتى قبل ولاية أوباما، تماما كما لن نفاجَأ غدا بالتحاق دول خليجية وعربية أخرى بقطار التطبيع، برضاها أو بأدوات الإكراه التي تمتلكها الإدارة الأمريكية، وتحرِّكها عند الحاجة وفي التوقيت المناسب.

مشاعر الغضب والحزن المشروعة تجاه هذا القرار ينبغي أن لا تحجب عنا واجب التدقيق في خلفياته من جهة التوقيت، كما من جهة تبعاته على موقف بقيّة دول الخليج، لحملها على الالتحاق السريع بقائمة الدول العربية المطبِّعة، الجاهزة اليوم لاحتضان الكيان الصهيوني، وإقبار القضية الفلسطينية بلا رجعة.

 وقبل أن تستجيب دبي لدعوة التطبيع القائمة منذ معاهدة “كامب دافيد” و”وادي عربة”، كانت الإمارات العربية المتحدة تتقاسم مع قطر وظيفة تخريب الجسد العربي السياسي المتفكك، بتمويل وإدارة المتشابه من “ربيع الشعوب” تولتها في المقدمة إمارة قطر، فيما حملت الإمارات العربية مؤونة تنظيم وتمويل “الثورات المضادَّة” في مصر، وتونس، واليمن، والسودان، وكان للإماراتين النصيبُ الأوفر من الدماء العربية التي أريقت منذ الاجتياح الأمريكي للعراق.

قرار التطبيع لن يقدم الكثير للعرّاب ترامب، وقد يقلص هامش المناورة أمام الإمارات العربية التي سوف يعرى دورها في الحرب الظالمة على الشعب اليمني وفي ليبيا، وأغلب الاعتقاد أنه لو لم يكن الرئيس الأمريكي بحاجة إلى هكذا انجاز دبلوماسي سريع، لما كان أجبر الإمارة على قرار سوف يُلحق أضرارا بليغة بنشاطها المحموم في اليمن، وليبيا، والسودان، وقد يحرج كثيرا حليفتها السعودية.

الكلمة الأولى والأخيرة في قرار التطبيع كانت بلا شك للرئيس الأمريكي، الذي حضَّر للمشهد بتحريك ملف التدقيق في الأسلحة الأمريكية التي تستعملها الإمارات في اليمن وفي ليبيا، وفي إطلاق يد أردوغان ليختصّ الإمارات من بين خصومه في الملف الليبي بتهديد صريح، شكَّل رسالة غير مشفَّرة لقيادة الإمارات التي لم تكن بحاجة لا للتشجيع ولا للتهديد للدخول مبكرا في مسار التطبيع الشامل مع الكيان الصهيوني.

ولأن قرار ترسيم التطبيع كان أمريكيًّا، فقد يعزز في الشهرين القادمين، قبيل موعد الانتخابات الأمريكية، بتتابع إعلانات التطبيع العربي مع ترشيح دول مثل البحرين، سلطنة عُمان، قطر، المغرب، السودان، كهديّة للرئيس ترامب المتراجع في استطلاعات الرأي، مع ما سيترتّب عنها من ضغوط على السلطة الفلسطينية للعودة إلى بيت الطاعة.

أخطر ما في قرار التطبيع الإماراتي، أنه جاء بعد انهيار مسار أوسلو، ونهاية مشروع حلّ الدولتين، وإطلاق ترامب يد الكيان للتوسُّع باعترافه بالقدس عاصمةً للكيان وبقرار ضمِّ الجولان، وأخيرا تفهُّمه لقرار ضمِّ غور الأردن من الضفة، ليكون أي تطبيع عربي سابق أو لاحق مع الكيان، اعترافا صريحا من الدول المطبِّعة بالأمر الواقع على الأرض، حتى وإن كانت دولة الإمارات تعِد بـ”فتح السفارة بتل أبيب وليس بالقدس” وسوَّق قرار التطبيع كخدمة إماراتية لحلِّ الدولتين.

ومع هذا التطبيع الإماراتي الكامل، وما سيتبعه من عدوى تشمل بقية المتخلفين من الدول العربية، سوف يكتمل قريبا النصاب داخل الجامعة العربية، وقد تفاجئنا في قمتها القادمة بقرار قبول عضوية الكيان كعضوٍ ملاحظ، ثم كعضو كامل العضوية، ولن يكون وقتها أمام الثلة القليلة من الدول العربية الممانعة للتطبيع سوى الانصياع أو إخلاء السبيل أمام قيام “جامعة الدول العبرية”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • شوية عقل

    هل نتكلم بالعقل أم بالحسد والبغض والعاطفة؟
    هل تظنون آل زايد ونهيان وسلمان يمولون مرتزقة الفاغنر الروس ويقصفون اليمن ويدعمون الجماعات في صفهم وأمريكا تتفرج ولا تتكلم؟
    كما قال المختصون: هؤلاء مجرد أنظمة وظيفية، تؤتمر فتجيب، ومن يرفض يُصفَع ويُسجَن.
    في هذه الفترة سواء نتانياهو أو ترامب يعانيان أمام انتخابات فاصلة، فمن ينقدهم؟ محمد بن زايد، بمعاهدة التطبيع أنقد الرجلين، ولربما ضمن عهدة جديدة لترامب ليشعل حربا، فترامب يصر على الحرب لانقاد اقتصاد أمريكا، وما كورونا إلا البداية.
    لا تسبوا شعبا الامارات والسعودية، لا يفعل ذلك إلا أعداء الدين والعربية الذين يبحثون عن الفرص لسب دين الأمة ولغتها

  • إلى جلال

    ما تبعش بزاف عدنان ابراهيم، قاعد يخرط عليكم في الأحاديث
    شوف "عمر الباحث" كشفه وفضحه في عشرات الفيديوهات
    دينك موجود في القرآن والحديث الصحيح الذي يرفضه معلمك، فاحذر أن يوردك الهلاك بسخريتك مما ورد في السنة الصحيحة.

  • elarabi ahmed

    كل بلدان (سايكس بيكو )عقود ميلادها فى سجل واحد بباريس ولندن . ما يفرق بينهم هو الأعلام الدى يشتغل بايديلوجية وعقلية قديمة وهي سبب تخلف البعض . انظر الى الجامعة العربية والتى تشتغل بأطر متقاعدة وظيفتها هي الفرمة لكل ماهو جديد ومتطور انتهى عهد الوصاية باسم العروبة وايديلوجية وحان وقت البحث عن مصلح الشعوب .لأن أكثر الانظمةأصبحث متهالك ولا تبحث الاعن مصالحها لكي تامن الاستمرار بطرق غير دمقراطية

  • مومو

    التطبيع قبل قيام جامعة الدول العربية العِبرية .. وهل يقبل العبريون بجامعة تجمع بينهم وبين العربيون ؟ . لا أظن ذلك .

  • جلال

    ولماذا كل هذا التهويل والتخويف ؟ نحن في انتظار الإمام المهدي,ألم يقولوا أنه سيأتي ليخلصنا مما نحن فيه ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا لا تدخر الأرض من بذرها شيئا إلا أخرجته ، ولا السماء من قطرها شيئا إلا صبه الله عليهم مدرارا,فلنطمئن إذن ونرتاح فالفرج قريب

  • جزائري

    قبل عقود قال شريف مساعدية في اجتماع لجبهة التحرير الوطني لا فلسفة الا فلسفة جبهة . التحرير الوطني ردا على أصوات معارضة . قبل ذلك قال فرعون لا اريكم الا ما أرى . اليوم الصهاينة هم من يقولون لا فلسفة الا الفلسفة الصهيونية في هذا العالم ويقولون لا نريكم الا ما نرى . عندما ينجر المسلمون لهكذا تسويق فالسلام على الإنسانية برمتها . الصراع الفكري انتصر فيه الصهاينة وانهزم المسلمون شر هزيمة . ليس فقط الامارات وغير الامارات بل كل غثاء السيل البالغ عدده مليار ونصف نسمة . لكن هل هم مسلمون حقا . العلم عند الله لكن لا شيء يدل على ذلك لأن المسلم لا ينهزم فكريا ابدا حتى عندما ينهزم عسكريا يعني لا يطبع!