-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الثورات العربية وتجارة الذمم

الشروق أونلاين
  • 4277
  • 2
الثورات العربية وتجارة الذمم

بداية محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك وما رافقها من تشنجات أمنية وسياسية واجتماعية وظهور لبقايا البلطجية والموالين بصورة حادة، كشف للملأ أن سقوط أو بقاء الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي مرتبط بشكل عضوي ومباشر بمدى قدرة هذه الأنظمة على شراء الذمم والولاءات ونشر الفساد على النطاق الواسع.

  • فالنظامان المصري والتونسي لم تكن لهما الإمكانات المادية الضرورية من نفط وثروات طبيعية ولا ولاءات قبلية وعشائرية وعروشية وجهوية كافية لممارسة تجارة، ولم يكفهما ما كانا يجندانه من بلطجية وموالين سياسيين وأمنيين من تفادي السقوط المدوخ والسريع. بل إن الإمكانات الهائلة التي تتوفر عليها ليبيا لشراء الذمم هي التي مكنت عصابات بنغازي الآتية مباشرة من رحم نظام القذافي بانقلاب في ثوب ثورة، من تحقيق هذا النجاح وتعيث هذا الفساد وتجند هذا الكم الهائل من المرتزقة وتشتري هذا السلاح وتلقى هذا الدعم الهائل والحماسي من أكبر بلدان العالم التواقة إلى الاستفادة من هذا النوع الفريد من تجارة الذمم.
  • النوع الثاني من العلاقة بين الثورة أو الثورات العربية وتجارة الذمم هو ما يجري في اليمن، وفي سورية بدرجة أقل، وما يمكن أن يجري في المغرب والأردن ولبنان.. فاليمن، الفقير من ناحية النفط والموارد الأخرى ومن ناحية الحماية الغربية، يعتمد في بقائه وثباته أمام عواصف الثورة المتواصلة منذ شهور على ممارسة تجارة الذمم على مستوى الوضع القبلي المعقد للغاية في اليمن، حيث “شرف القبيلة” وجاهها هناك يمر قبل أي شيء آخر، حتى قبل الخبز والماء والحياة، واللعب على هذا الوضع هو الذي مكن النظام اليمني من الصمود حتى الآن.
  • النوع الثالث من هذه العلاقة هو ما يوجد في البلدان العربية النفطية الكبيرة كالجزائر والسعودية وبقية دول الخليج التي تتوفر بالإضافة إلى هذه الثروة المادية، على العوامل القبلية والعشائرية.. وهي البلدان التي فلتت من الثورة حتى الآن لأنها تمكنت بفضل هذه الإمكانات الهائلة مجتمعة من توسيع تجارة شراء الذمم أفقيا في المجتمع ونشر الفساد على نطاق واسع، وخاصة في الجزائر التي تتجه لها أنظار العالم من زاوية الثورة المحتملة والتي تتميز عن البقية بوجود سلاح إضافي فعال وفتاك في يد النظام، وهو سلاح الجهوية الممارس منذ حقب طويلة في إطار سياسة “فرق تسد” التي مكنته من البقاء والاستمرار دون كبير مشاكل.
  • وإنه على المخططين للثورة في هذه المجموعة من البلدان العربية أن يفكروا في تحييد تجارة الذمم هذه وعوامل انتشارها واستفحالها من قبلية وعشائرية وجهوية ووجود للثروات النفطية تحت السيطرة المطلقة لجماعات الأنظمة قبل أن يفكروا في الثورة ذاتها، لأن من يريد أن يثور من أجل تغيير الأوضاع في الجزائر مثلا ويحقق ما حققه المصريون والتونسيون سيجد نفسه حتما في مواجهة أقرب الناس إليه، أمه أو أبيه أو ابنه أو أخيه أو زوجته أو ابن عمه وصديقه.. قبل أن يصل إلى مواجهة النظام، فالكل راش والكل مرتش والكل تحت رحمة تجارة الذمم..!
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • fati

    اتقي الله الجزائر فيها الاغلبية الساحقة مواطنون اما الفئة التى تحدث عنها فهي بعيدة عن ابسلطة لكن تحقق اهدافها عن طريق النوايا و ان كان لابد م الثورت فلتكن علا الرؤوس الكبيرة التي لن تظهر للعيان.

  • بدون اسم

    انتم من و مع النضام